عدد – 25 –
4 أيار 2010
أوّلاً: في عدد من العناوين اللبنانية الرئيسية:
1. بالعودة إلى نتائج الانتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان، مما ينبغي إضافته إلى رسالة يوم أمس:
• عندما أشرنا – في رسالة أمس – إلى ما سميناه “الحيوية الأهلية”، كان واضحاً أننا نقصد المشاركة الشعبية المرتفعة في الاقتراع.
• غير أن ما ينبغي أن يستوقفنا – في المحصلة العامة للانتخابات البلدية في جبل لبنان – هو الإصطفافات الجديدة داخل الطوائف، أو الحراك الـ14 آذاري داخل الطوائف.
• تحدثنا في رسالة أمس عن “المسار الانحداري العوني” مسيحياً، ويمكننا أن نضيف اليوم الشروخ داخل الصفوف العونية نفسها في العديد من البلدات المسيحية.
• لكن ما يقتضي الجزم به هو غلبة المزاج الـ14 آذاري بنسبة راجحة جداً داخل البيئة المسيحية.
• ولدى التدقيق في المعطيات الانتخابية ضمن البيئة الدرزية نستطيع أن نسجّل حقيقتين رئيسيتين. الأولى هي أن رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط لم يُثبت قدرة على السيطرة على العملية الانتخابية البلدية في القرى والبلدات الدرزية، فتجلى عدم السيطرة تارة بالتواجه بين الحزب وبين العائلات وتارة أخرى بعدم الانصياع التام لقرارات وليد جنبلاط. والثانية، في ضوء خسارة جنبلاط لعدد من البلديات، هي أن “الحزب التقدمي الاشتراكي” نفسه لم يعُد في موقع “التطابق” مع الطائفة أي مع أكثريتها الساحقة كما كان حتى الآن.
• وإذا أضفنا هذه “المعطيات الدرزية” إلى النتيجتين السياسيتين المعبّرتين، تلك التي رد بها مسيحيو 14 آذار على انقلاب جنبلاط عليهم بتحالفه مع التيار العوني (في دير القمر) من ناحية وتلك التي رد بها “تيار المستقبل” في إقليم الخروب رداً على “لعب” جنبلاط مع “الجماعة الإسلامية” في وجه “المستقبل” من ناحية ثانية، لأمكن القول إن كل ذلك من نتائج الخيارات السياسية الجديدة التي اعتمدها جنبلاط، مما لا يبقيه متطابقاً مع أكثرية درزية ساحقة + يضعه في اشتباك سياسي مع الأكثريات السياسية للطوائف الأخرى.
• وأخذاً في الاعتبار ما جرى في إقليم الخروب السني في قضاء الشوف، فإن الطائفة السنية تؤكد أن سعد الحريري و”المستقبل” يمثلان قيادتها، وتؤكد في الوقت نفسه أن خيارها 14 آذاري صافي، في معركة مع “الجماعة الإسلامية” أو مع “الحزب التقدمي الإشتراكي”. أي أن السنة من ضمن مزاج 14 آذاري عام ويجددون الولاء لـ”المستقبل” على خط 14 آذار.
• وأخذاً في الاعتبار النتائج الشيعية في مدينة جبيل وفي برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت (على صعيد المخاتير)، يمكن القول إن الشيعة عندما تتوافر ظروف معيّنة لا يصوتون “بلوك”. لم يكن ثمة ضغط عال من “حزب الله” في مدينة جبيل، والمناسبة انتخابات بلدية، و”شيعة أمل” مختلفون عن “شيعة حزب الله”، فكان أن أعطى الشيعة بنسبة الثلثين في مدينة جبيل لائحة 14 آذار البلدية. أما في برج البراجنة في الضاحية، فثمة حضور لشيعية سياسية خارج “الثنائية”، وضربت ضربة مباغتة في انتخابات المخاتير. مؤشر إذاً إلى إمكان حراك شيعي 14 آذاري.
• في المقابل، حيث يستطيع “حزب الله” ليس فقط أن يضغط وأن يأتي بمن يريد، فهو لا يتردد ولو أدى ذلك إلى إطاحة معيار العيش المشترك. وهذا ما حصل مثلاً في بلدتي “مشان” و”الحصون” في قضاء جبيل حيث شكل الحزب مجلسين بلديين شيعيين بالكامل مستبعداً أي مشاركة مسيحية لأن مسيحيي البلدتين رفضوا أن يقرر لهم الحزب من يمثلهم.
• باختصار إن ما تريد “رسالة 14” قوله هو الآتي: حراكات داخل الطوائف + مزاج شعبي 14 آذاري متجذر + أزمات داخل العونيين وبينهم وبين بيئتهم، وبين “الاشتراكي” وبيئته والبيئات المجاورة لأسباب لها علاقة بالخيار السياسي.
• كما تريد “رسالة 14” أن تقول أنّ كلّ ذلك يؤكّد حقيقة أنّ 14 آذار فكرة وأنّ 14 آذار خيار ومشروع وأنّ 14 آذار رأي عام عابر للطوائف وليست مجرد ائتلاف حزبيّ أو مجرّد “إطار قيادي ما”.
• وفي ختام هذه المقدمات لا يسع “رسالة 14” إلا أن تلفت إلى أمر مهمّ.
• قيل في العديد من التحليلات السياسيّة والإعلاميّة إنّ رئيس الجمهورية استطاع في مسقط رأسه وفي مدينة جبيل وقضائها أن يعيد اعتباره في وجه ميشال عون.
• هذا جانبٌ من الحقيقة. أمّا الجانب الثاني فهو أنّ ذلك كان ممكناً بالتحالف مع 14 آذار لمصلحتها في هذا التحالف ولمصلحة الرئيس فيه أكثر.
2. في الانتخابات البلدية في العاصمة بيروت الأحد المقبل:
• باتت الانتخابات حتميّة بعد فشل ما يسمّى “التوافق”.
• اللائحة الرئيسيّة هي لائحة 14 آذاريّة، لائحة تحالف “المستقبل” ومسيحيي 14 آذار وقد أعلنت اليوم من قريطم.
• من الواضح أنّ “حزب الله” لن يستمرّ في المعركة بمرشّحه، في حين وافقت “أمل” على ضمّ مرشحها إلى لائحة بلال حمد عن أحد المقاعد الشيعيّة.
• أي أن “رافعة “حزب الله” لن تكون في خدمة عون في بيروت.
• لأنّ “حزب الله” احتسب الأمر جيداً: من جهة أنّ ترشيح أحد منه سيشحن أهل العاصمة ومن جهة ثانية لا يريد هو حصول هذا الشحن في وجهه بشكل مباشر.
• وعلى ما يبدو أيضاً فإن الحزب لم يعد “موهوماً” بالتصويت المسيحيّ لعون، أي يعرف أن عون تراجع جداً.
• ولن يستطيع عون خوض المعركة في بيروت، لأنّ الإختبار سيكشفه أكثر .. من جبل لبنان.
• ولذلك، فإنّ “التيار العوني” قرر الدعوة إلى المقاطعة بعد أن انسحب “حزب الله”، ظنّاً من “التيّار العوني” أنّ “المقاطعة” تستر حجمه الفعليّ، مراهناً على أنّ عدم وجود لائحة منافسة لـ14 آذار سيؤدي إلى انخفاض نسبة المشاركة. لكنّ الحقيقة أن عون يهرب من بيروت أيضاً.
3 . الانتخابات البلدية في زحلة الأحد المقبل:
• إن نتائج جبل لبنان يجب أنّ تعزز 14 آذار في زحلة.
• علماً أن “العونيّ” غير موجود في المعركة في زحلة.
• بعد أن استبعده حليفه الياس سكاف. (بموافقة “حزب الله” ودعمه وتمويله).
ملاحظة: “حزب الله” لا يخوض معركة عون في قضاء جبيل ولا يدعمه في زحلة و”يقطعه” في بيروت. ماذا يحصل؟ الأمر لضرورة التفكّر.
4 – الانتخابات البلدية في صيدا في 23 الجاري:
• بعد إعلان “لائحة التوافق” التي يدعمها “المستقبل” وتدعمها العائلات والفاعليّات.
• لوحظ أن أسامة سعد الذي كان وافق على حصول تزكية تراجع.
• لا يهمّنا ما ساقه من ذرائع. المهمّ أنه أعجز من أن يخوض معركة، وفي الأصل حاول الهروب من معركة، خاصة في ضوء نتائج الانتخابات النيابية في 7 حزيران 2009.
• لكن “قد” يكون مدفوعاً سورياً وإيرانياً من أجل “تسجيل موقف”، للقول لاحقاً أن ليس قمّة أكثريّة سياسية “مستقبليّة” و14 آذاريّة ضمن سنّة صيدا.
• علماً أنّ الناس يصوتون سياسياً حتّى ولو لم تكن اللائحة معلنة على أنها لائحة 14 آذار رسمياً.
ثانياً: في آخر تطورات التوتر الإقليمي:
1. اعتباراً من غد يدير المبعوث الأميركي جورج ميتشل المفاوضات غير المباشرة الفلسطينية – الإسرائيلية:
• وذلك وسط إعلان من واشنطن عن تصميمها على اتخاذ “إجراءات صارمة” ضد من يفشل المفاوضات.
• ووسط ضغط يهودي أوروبي وغربي متصاعد بعنوان “نداء العقل”، على إسرائيل.
• نداء وقعه 3000 يهودي أوروبي يطالب إسرائيل بالجنوح سلماً.
• وهذه الظاهرة ينبغي عدم الاستخفاف بها، لأنها من عوامل الضغط الغربي الرئيسي على إسرائيل.
2. يتزامن هذا الأمر مع الآتي:
• إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما في رسالة إلى الكونغرس تمديد العقوبات على سوريا عاماً إضافياً.
• كون سوريا “تدعم منظمات إرهابية وتسعى إلى امتلاك أسلحة دمار شامل” ولأن “سوريا لا تزال تشكل تهديداً استثنائياً للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة”.
• هذا فيما كان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يعلن “عدم تعاون سوريا مع التفتيش عن المواقع النووية السورية”.
• وفيما كان المدير العام نفسه يشكك في “النوايا النووية” لإيران.
3. في هذه الأثناء أعطى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إشارات لافتة في حديثه إلى صحيفة “الحياة” الصادرة اليوم:
• كلامه عن احتمال توتر في المنطقة.
• قوله إنه “قد يكون هناك نوع من المخاطر المحتملة”.
• ومع إصراره على الحلول الديبلوماسية، طالب إيران بـ”تقديم ضمانات” وبأن تكون شفّافة مع الوكالة الدولية.
• وأعلن – بالنسبة إلى لبنان – “توقعه من الجميع أن يدعموا القرار 1701 وأن يحترموا السيادة اللبنانية ووحدة الأراضي اللبنانية”.
• وكشف أن تركيا لعبت دوراً وسيطاً بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس سعد الحريري.
• واعتبر أن “الانقسام السني – الشيعي لا يزال خطراً موجوداً خصوصاً في العراق ولبنان”.
رسالة 14 (عدد 24): جنبلاط تلقّى رداً قاسياً في “برجا” و”دير القمر” وعون يواصل إنحداره