” ومنهم (الفقهاء) من أوجب الخروج على الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله (…) فإن طاعته غير لازمة وعلى كل فرد في الأمّة أن يعمل للخلاص منه لأن وجوده على رئاسة الدولة يؤدي بحد ذاته إلى الفتنة حتى لو كان ذلك عن طريق الاستعراض أي القتل غيلة، قد يدعم هؤلاء (الفقهاء) وجهة نظرهم (في وجوب اغتيال الحاكم) بأحداث السيرة النبوية مثل إيعاز الرسول (ص) باغتيال بعض زعماء اليهود مثل يحيى بن أخطب وشواهد من الواقع (المعاصر) مثل اغتيال الإسلامبولي للسادات” المصدر: راشد الغنوشي، الحريات العامّة في الدولة الإسلامية، ص 184 بيروت 1993)
وهكذا جعل الغنوشي كل حاكم “يحكم بغير ما أنزل الله ” هدفا مباشرا للاغتيال: أي كل حاكم لا يطبق العقوبات البدنية: جلد شارب الخمرة 80 جلدة، جلد الزانييْن غير المحصنيْن [= غير المتزوجين] 100 جلدة، قطع يد السارق والسارقة رجم الزاني والزانية المحصنين حتى الموت، دق عنق المرتد ، قطع يد ورجل المحارب من خِلاف. وهو الحد الذي طالب عميد سجناء النهضة وأحد قيادييها ونوابها في البرلمان، الطبيب الصادق شورو، بتطبيقه على من يقطعون الطريق بمنع العربات والسيارات من دخول بعض المدن …
أما الحدود [= العقوبات] التعزيرية الموكول تجريمها وتحديد العقاب الملائم لها لسلطة القاضي الاستنسابية[ = المطلقة] فلا تُحصى ولا يُحصى عقابها. مثلا ذكر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية في 2008 ان القاضي السعودي حكم على رجُليْن مارسا اللواط ب 7 الآف جلدة! الموت قد يكون أقل عذابا!
في مقالات عدة نشرتُها في “إيلاف” ألقيتُ الأضواء على التحريض مباشرة او مداورة على العنف والإرهاب. استشهدتُ بهذا النص وبنصوص أخرى من كتابه المذكور الذي وصفه الغنوشي في 2009، دون ان يرف له جفن بأنه “نشيد للحرية”. حرية القتل طبعا !
عبثا تبحثون عن هذا النص والنصوص الأخرى التي شجبتُها. فقد حذفها الغنوشي من الطبعات اللاحقة لكتابه. دون ان يمارس نقده الذاتي ويعتذر لأسرة السادات والأمّة المصرية كما اقترحتُ عليه ذلك. قائلا له إعمل مثل مفتي الجماعة الإسلامية الذي أفتى بقتل السادات. ومنذ سنة 2000 راجعت الجماعة فقهها وفعلها الإرهابييْن. واعترف مفتيها، كما اعترفت الجماعة نفسها بأن “قتل السادات كان مفسدة” واعتذر مفتيها لعائلة السادات ووعد بدفع الدية عنه وعن عشرات ضحايا فتاواه الذين سقطوا برصاص القتلة! هيهات ان يعتذر الغنوشي أو يمارس نقده الذاتي. نرجسيته المتورمة وجنون عظمته !
وعناده العصابي وموت ضميره الأخلاقي تمنعه جميعا من ذلك .
حَذْفُهُ لهذه الفتوى، بصمتٍ، كما لو أنها لم تكن في كتابه، هي محاولة لإخفاء آثار الجريمة. التي قد يحاول لاحقا “الإيعاز” بمثلها او بأشنع منها على حين غرة. فتواه الإجرامية هذه وغيرها تُعتبر سياسيا وأخلاقيا وقانونيا كأنها لم تُرفع من الكتاب طالما لم يعترف الغنوشي برفعها ويتعهد بعدم العودة اليها. وهذا معنى “التوبة النصوح” أي الصادقة التوبة الوحيدة المقبولة في الإسلام..
من هو الإرهابي الإسلامي؟ هو من ينفّذ فتوى بالقتل أصدرها فقيه موثوق في نظره. الجريمة الإرهابية تحتاج، لكي تتحقق إلى فاعليْن لا غنى لأحدهما عن الآخر: إلى جلاد يغتال و”شيخ مجاهد” “يوعز” له بالاغتيال بفتوى تجفِّف ما تبقى من ضميره الأخلاقي، بتحويل جريمة الاغتيال إلى مجرد تنفيذ لحَدٍ شرعي. ثم يأتي دور الإخصائيين في فقه غسل الأدمغة وحشوها بالأوهام الدينية عن جزاء الإرهابي في جنة الرضوان بحور العين وبالغلمان المخلدين وبأنهار من خمر لذةً للشاربين وبأنهار من عسل مصفى. لدفع الشباب الإسلامي الحزين الذي حُرم او حرّم على نفسه هذه اللذائذ وهو حي يُرزَق!
ليفوز بها بعد ان يصبح ترابا في التراب !
صحيح ان فقيه الإرهاب، الغنوشي في هذه الحالة، لا يقوم بدور منفذ الجريمة الإرهابية. بل بدور المفتي الذي “أوعز” بتنفيذها بما هي حد شرعي يُثاب عليه فاعله ويُأثم تاركه عند القدرة عليه !
في 2005 طالبتُ ، في بيان مشترك وقعه 4 الآف قارئ، الأمينَ العام للأمم المتحدة، بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة فقهاء الإرهاب بما هم متواطئون نشطون على تنفيذ الجريمة الإرهابية. اذ من دون فتوى الإرهاب لن تقع الجريمة. فالفتوى ركن ركين فيها، وكان بين فقهاء الإرهاب الذين طالبنا بمحاكمتهم راشد الغنوشي. رد لي “الشيخ المجاهد” التحية بأحسن منها، مدعيا كذباً ، كعادته، بأنني مؤلف الكراس الغبي “المجهول في حياة الرسول” الذي يقول ، بين غباوات أخرى: “محمد لا يمكن ان يكون نبيا. لأن النبوة محصورة في ذرية إسحق.” تخيلوا أنني أنا المفكر الحر من رأسي إلى أخمص قدمي أتفوّه
بهذه الهراء الديني.. الغنوشي يعرف الكاهن الذي كتبه وسجله بصوته على ” تلفزيون الحياة” . ولكنه كذّاب أَشِِرْ : أي شرير ومؤشَّر عليه. أبى عليه سعار الثأر الجاهلي إلا أن يلصقه بي “إيعازا” للقتلة باغتيالي .
لِنَعِد قراءة فتوى الغنوشي ، التي طمسها خلسة في كتابه، بشرعية اغتيال الإسلامبولي للسادات بما هو حاكم “لا يحكم بما أنزل الله”: “قد يدعم هؤلاء [الفقهاء] وجهة نظرهم بأحداث من سيرة النبي مثل إيعاز الرسول (ص) باغتيال بعض زعماء اليهود مثل يحيى بن أخطب، وشواهد الواقع المعاصر مثل اغتيال الإسلامبولي للسادات” ، فهو يقدم لأي إسلامي متعصب وصفة مستوفية الشروط لاغتيال الحاكم ـ وغير الحاكم ـ الذي تنطبق عليه هذه المواصفات!
في نظري دور فقيه الإرهاب في جرائم الإرهاب أكثر حسما من دور أداة التنفيذ البائسة الذي هو كالصاروخ الموجَّه يصيب الهدف الذي برمجه موجِّهوه. أراهن بأن أُسَر الإرهابيين قد يكسبون الدعوى ضد فقهاء الإرهاب الذين “أوعزوا ” لأبنائهم بتنفيذ الجريمة الإرهابية. لمزيد توضيح دور فقيه الارهاب في تنفيذ الجريمة الارهابية، إليكم هذه الفتوى المجهولة التي نشرتها اليومية التونسية “الصباح” فستتأكدون منها بأن دور فقيه الإرهاب في اقتراف الجريمة حاسم ودور أداة النفيذ، أي الإرهابي، ثانوي.
” أنت صحفي، اذن أنت كافر او زنديق، ان هذا الصحفي يشرّع إلى الفسق والكفر وكأني في زمن الجاهلية، وإذ استغرب من وجود هذا الكافر في جريدة وطنية كجريدة “الصباح” التي استبشرنا بها خيرا بعد الثورة وأثبتت ولاءها للإسلام ولأمّة محمد فأني مستغرِب وقلِق من وجود كفار في هذه الجريدة، فلا أعتقد ان موته خسارة للإعلام المتصهين في بقية المؤسسات الصحفية، واذا ما سُمح لي بالإفتاء فإن هدر دمك أيها القبيح حلال حلال حلال”.
هذه عيّنة من مجموعة تعاليق ترد يوميا على الموقع الرسمي لجريدة “الصباح” كتبها صاحبها ردا على تغطية أحد الزملاء للوقفة الاحتجاجية التي انتظمت أمام مقر المجلس التأسيسي عقب أحداث ” منّوبة” [= احتجاجا على عدوان ” السلفيين” على حُرمة الكلية] والواقع ان هذا التعليق ليس الوحيد الذي يكيل فيه بعض المعترضين على بعض المقالات الواردة في الصحيفة اتهامات لكتّابها بالكفر والفسق والزندقة وسواها من الألفاظ التي تتجاوز في بعض الأحيان خطوط الحياء “.
” فإن هدر دمك أيها القبيح حلال حلال حلال، أي شاب، أكل التعصب شوية العقل المترسبة في دماغه، تجفّف هذه الفتوي شوية الضمير الأخلاقي المترسبة في رأسه ، وتدفعه لإهدار هذا الدم ( الحلال ، الحلال ، الحلال ) .
مؤسسة المخابرات الغربية تساهم بحصة الأسد في صناعة السياسة، خاصة الخارجية، لحكوماتها. تصنيفها لفاعل في المشهد السياسي في بلاده هو حكم نهائي له او عليه . فإليكم تصنيفها للغنوشي بما هو فقيه إرهاب .
يقول أحد أهم خبراء الإرهاب في العالم ، ومستشار الدول ال5 الدائمة العضوية في مجلس الأمن ، ومدير المرصد الدولي للإرهاب، رولان جاكارد: “الإسلاميون المتطرفون يتجمعون اليوم حول مجموعة من الدعاة الدينيين. هؤلاء الملالي أصبحوا، عبر دعواتهم، يوعزون بأفعال أتباعهم بما في ذلك الأفعال الإرهابية. لكن هؤلاء الدعاة ليسوا هم قادة الإرهابيين العسكريين. بل انهم يتبرؤن من ذلك ويتظاهرون غالبا نفاقا بأنهم يجهلون العنف الذي حرضوا عليه، متخفين ببراعة خلف الضرورة او التبرير الفقهي للجهاد (…) هذا الانضمام لشيخ هو سبب للبنى المتناثرة لمجموع الاتجاهات التي !
تتعرف على نفسها في تفسير عام لمواعظ مرشد روحي بدلا من تلقي التعليمات الدقيقة. هذا الغموض المقصود هو سبب انقياد وطاعة المتطرفين الإسلاميين لهم.
حسب غالبية مصالح الاستخبارات الغربية ، هؤلاء الدعاة، الذين يوعزون للسديم الإسلامي بتصرفاته ويرفضون الاعتراف بقيادتهم لهذا السديم، عددهم اليوم 6 : عمر عبد الرحمان ، محمد حسين فضل الله، راشد الغنوشي، قلب الدين حكمتيار، حسن الترابي ، والملا عمر (..). أشهر هؤلاء المرشدين الروحيين هو الشيخ عمر عبد الرحمان (..) الذي أُدين في الولايات المتحدة بقتله لأمريكيين في الإعتداء على المركز التجاري العالمي والمتهم بالتحريض على اغتيال السادات (…) ” (المصدر : رولان جاكارد ، في كتابه ” باسم بن لادن. ص ص 186ـ 188 باريس 1991) هذا الكتاب المهم اليوم للقراء في تونس،!
المرشّحة لتكون ساحة إرهاب، لا يُباع فيها على ما قيل لي ! توريده ضروري .
الجدير بالملاحظة ان الاستخبارات الغربية وصفت فقهاء الإرهاب ال6ـ بانهم “يوعزون” بأفعال أتباعهم و”يوعزون” للسديم الإسلامي بتصرفاته … استخدمتُ ” الإيعاز” بالفرنسية ” انسبيراسيون” [لم أكتبها بالأحرف اللاتينية لأن انتقال هذه الرسالة من موقع إلى آخر كفيل بإدخال اضطراب خطير على النص] خلال سنوات 1980 والحال ان كتاب الغنوشي الذي نشر فيه فتواه ، التي استخدمت ” إيعاز الرسول” صدرت طبعته الأولى في 1993
في الأسبوعية المغربية ” الراية” طالب الغنوشي في 1994 بـ” حق الأمّة” ( 5٧ دولة) في امتلاك السلاح النووي وفي 2010 في موقع الجزيرة آخَذَ برويز مشرف على عدم “ترك السلاح النووي يؤدي وظيفته” بمنع الجيوش الأمريكية والحليفة المأذونة من الأمم المتحدة، من المرور إلى افغانستان، عبر باكستان. وهكذا بكل لامسؤولية مجنونة يُطالِب باستخدام باكستان للسلاح النووي ضد جيوش الدول الغربية. كما لو كانت هذه الأخيرة ستبقى مكتوفة اليدين .. ولا تدع هذه الأخرى السلاح النووي” يودي وظيفته” لتندلع الحرب النووية العالمية الثالثة وربما الأخيرة. الحرب العالمية فلتكن! ربما كان هذا
ما يريده الغنوشي!
الاستشهادان أعلاه مذكوران في “رسائل تونسية ( رسالة إلى مانديلا) فليعُد اليهما من شاء، وأخشى ان يكون الغنوشي قد غيّر ، كالعادة، الفقرة التي تحدث فيها عن استخدام السلاح النووي في” الجزيرة” موقفه الخاص الذي يفعل فيه ما يريد !
تونس في حاجة ماسة إلى زعامة ذات مصداقية تقدم لمواطنيها الأمن والاستقرار. الغنوشي هو الموديل النقيض لهذه الزعامة. لافتقاده لركنيْها: المصداقية الداخلية والمصداقية الدولية. فهو في الداخل والخارج معروف بأنه خبير في “اللغة المزدوجة” والكذب، وبأنه فقيه إرهاب “يوعز” للمتطرفين باغتيال خصومه كما فعل في فتوى السادات التي حدفها سرا! وبأنه مُطَالِب متحمس بامتلاك “الأمّة” للسلاح النووي واستخدامه .ضد الجيش الاميركي وحلفائه !.
في 2010 سأله مراسل “الوطن العربي” عن رأيه في مذبحة انتفاضة 2009 الإيرانية ضد تزوير أحمدي نجادي للانتخابات فأجاب: ذلك دليل على وجود “حكومة حقيقية ومعارضة حقيقية” في إيران الديمقراطية! عند الغنوشي المعارضة الحقيقية هي التي تتظاهر سلميا ضد الحكومة الإسلامية و”الحكومة الحقيقية” هي التي تطلق النار في اللحم الحي على المتظاهرين سلميا ضدها فتقتل ، كما في ايران 100 شاب في أسبوع واحد!
هذا ما ينتظركم يا شباب تونس إذا تركتم “الشيخ المجاهد” متحكما في أرزاقكم ورقابكم !
رسائل تونسية: هل الغنوشي إرهابي؟
الحقيقة انك شجاع ايها العفيف نسأل لك السلامة من فتاوي الارهاب.