لماذا يتعامل المواطن المسيحي الغربي الذي لا يمارس طقوس دينه (إلا في ما ندر)، والمواطن الغربي “الملحد”، بقدر من “الإحترام” مع تصريحات رجال الدين الكاثوليك والبروتستانت؟
لأنه يعتبر أن أصحابها ينطلقون من “موقع أخلاقي ومعنوي” ولا يكنّون مشروعات لـ”السيطرة” السياسية أو الإجتماعية. فقد تعلّمت “الكنيسة”، وخاصّة في فرنسا، أن “المواطن” يؤمن بـ”مبادئ الجمهورية” في السياسة، وحتى في الحياة الإجتماعية (مثلاً، يحظر القانون الفرنسي على الكاهن “عَقد زواج ديني” قبل إجراء “عقد الزواج المدني”!)
وأيضاً، لأن أي أسقف في الكنيسة لا يملك إصدار “فتاوى قتل” (كما يفعل الشيخ “الزنداني” في اليمن مثلاً، بعد أن “يحنّي” ذقنه بالأحمر..)، وإلا عرّض نفسه للتوقيف على يد “شرطي عادي” بتهمة “التحريض على القتل”!
في لبنان، اتّبع البطريرك صفير هذا المفهوم “الأوروبي” لدور الكنيسة، فحفظ “مكانته وقَدره”، ولم يكن يصرّح في السياسة إلا بعد إلحاح “الملحّين” عليه، وبكلمات من نوع “ما قلّ ودلّ”. لأنه يدرك أن “الشعب الماروني” (حتى قبل “جبران خليل جبران”، وكتبه الحاقدة على “الكهنوت”!) لا يطيق الخنوع للكهنوت.
مشكلة البطريرك الراعي، والمطران مظلوم، أنهما ربما ربما “يحسدان” الشيخ حسن نصرالله..! شيخ تضخّ عليه آبار النفط الإيرانية مالاً وفيراً، ويملك صواريخ و”طائرات بلا طيار”، وفرق اغتيالات، ويحتل “بيروت” كلما عنّ له!! و”كلمته تهزّ البلد”!
يجدر بالبطريرك والمطران “المتقاعد” مظلوم ملاحظة أن حسن نصرالله لا يمثّل “مرجعية أخلاقية”، لأنه اختار “مرجعية الصاروخ والمسدّس”! والأفضل للكنيسة المارونية أن تظلّ “مرجعية أخلاقية” (و”مرجعية وطنية” لجميع اللبنانيين حينما تدعو الحاجة)، لأن “بطركها”، إذا تنطّح للعب دور سياسي، فسيكون له “المواطنون” الموارنة (قبل غيرهم) بالمرصاد!
الشفاف
*
أثار حديث المطران المتقاعد سمير مظلوم امام ديوانية من الصحفيين المقربين من الصرح البطريركي جدلا في الاوساط المسيحية، خصوصا ان الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كان حظر التحدث في السياسة من الصرح والغى اعتماد الصحفيين ومنع السياسيين من زيارة بكركي والتحدث من منبرها.
الاوساط المسيحية تساءلت اولا عن معنى وسبب وجود المطران المتقاعد سمير مظلوم في الصرح البطريركي، خصوصا ان هناك اكثر من مطران متقاعد لا يقيمون في الصرح، بل في منازله، او في ابرشيته السابقة. (المطران مظلوم من قرية “القعقور” المتنية التي “ضاع” (!) “قلم اقتراعها” في انتخابات ٢٠٠٢، ربما لأن النتائج لم تكن في صالح الوزير السابق ميشال المر!).
وتضيف الاوساط المسيحية ان المطران مظلوم يضطلع بدور ملتبس منذ عهد الرئيس السابق اميل لحود وحين كان راعيا لابرشية زغرتا المارونية، حيث أحاط نفسه بعدد من السياسيين والاعلاميين الموالين لنظام الوصاية السورية على لبنان، من امثال يوسف سلامة وحارث شهاب، وكريم بقرادوني، ومصطفى الحسيني الذي عمل على نسج علاقة بين “مظلوم” والضابط السوري “محمد ناصيف”، الذي يتودّد له السياسيون اللبنانيون من فئة الأتباع بلقب “أبو وائل”!
المطران مظلوم لعب ايضا دورا سلبيا داخل مجلس المطارنة الموارنة، حيث كان يتصدى للبطريرك الكاردينال مار نصرالله صفير، وأجبر المجلس على إعتماد صيغة التصويت مرتين خصوصا عندما كان الامر يتعلق ببيان يطالب الرئيس السابق اميل لحود بالتنحي والاستقالة فورا! فكان ان طلب “مظلوم” التصويت على صيغة البيان، فانقسم المجلس ما حال دون اعتماد صيغة الفورية للمطالبة بتنحي لحود.
مطران “حلف الأقليات”!
المطران المتقاعد مظلوم، يبشر في الآونة الاخيرة بحلف الاقليات الى جانب نيافة “الراعي”، وهو يعمل على تكريس ما يعتبرونه “زعامة الكنيسة المارونية” على حساب السياسيين الموارنة، انطلاقا من ان زعامة الجنرال عون الى تراجع، وان زعامة “القوات اللبنانية” الى نمو مضطرد! لذلك يلجأ الثنائي الراعي – مظلوم الى مسايرة التيار العوني على اعتبار انه لن يشكل خطرا على زعامة الكنيسة، ويصوّب سهامه على “القوات اللبنانية”، من خلال رعاية تجمع ما يسمى بـ”قدامى القوات” في “دار سيدة الجبل” في “أدما” وفي “بيت عنيا” بـ”حريصا”.
وفات المطران ونيافة الراعي ان رعاية “قدامى القوات” واحتضانهم هو استفزاز لعموم ابناء الطائفة خصوصا ان من بينهم من ارتكب أكثر المجازر دموية في حق ابناء الطائفة المارونية، على غرار “مجزرة الصفرا، التي اضطلع بتنفيذها، كل من مسعود الاشقر وجوزيف الزايك وجو إدّه!
والى من سبق تضم ديوانية المظلوم جورج ابوعراج، المعروف ب “كوجاك”، وكان يشغل منصب رئيس اركان حزب الوطنيين الاحرار، خلال فترة الحرب وعبدالله عزام، وكابي جبرايل منسق العلاقة بين التيار العوني والبطريركية.
اما آخر إبداعات المطران مظلوم، فكانت ما أعلن عنه[ لصحيفة “الاخبار”->http://www.al-akhbar.com/node/170337
] من مواقف سياسية
نُسِبَ بعضها الى “مصادر كنسية”، والبعض الآخر نقلا عن لسان المطران مظلوم، الذي أدلى بدلوه في شؤون الانتخابات النيابية وقانون الانتخابات، وإسقاط الحكومة، متحدثا عن ما أسماه “الخروج طوعا من رعاية بكركي وإرادتها”!! ويحمل حديث المطران مظلوم صيغة التهديد والتنبيه والتحذير من شل عمل المؤسسات ومقاطعتها، مشيرا الى هول جريمة اغتيال الواء وسام الحسن، ومطالباً في الوقت نفسه بضرورة القفز فوق الجريمة ومفاعيلها السياسية والامنية من اجل تسيير عجلة الحكومة والدولة وسوى ذلك (من الأقوال المنسوبة للمطران مظلوم في جريدة “الاخبار”: “لاءات كثيرة يتمسك بها أهل الصرح. لا للاغتيالات، لا للاتهام السياسي، لا لاستقالة الحكومة، لا لمقاطعة المجلس النيابي، لا لقانون الستين، لا لتأجيل الانتخابات، ولا لأي مبررات.”! ثم “«ما هي معلومات جعجع عن تورط الحزب؟ فليقدمها للقضاء. لا يجوز التعامل مع احداث خطيرة بهذه الخفة! الاتهامات السياسية تسمم الجو. المصاب أليم والاتهامات المفاجئة المستعجلة لا مبرر لها»!)
المصادر الكنسية سألت إذا ما كان البطريرك الكاردينال مار بشارة الراعي موافق على إنشاء ديوانية سياسية وإعلامية في بكركي، وما إذا كانت هذه الديوانية مخولة بإعلان مواقف سياسية ترخي بظلالها على الحياة السياسية في لبنان! خصوصا انها تمثل خروجا على شرعة العمل السياسي التي اقرتها الكنيسة المارونية وكتب نصها المطران بشارة الراعي! كما سألت المصادر الكنسية عن موقف “مجلس المطارنة الموارنة” من “ديوانية المطران المتقاعد سمير مظلوم”، وما إذا كانت آراء ومواقف “المظلوم” السياسية تمثل تعبيرا عن مواقف “مجلس المطارنة الموارنة” الذي يجتمع دوريا كل شهر ويصدر بيانا يحدد فيه توجهات الكنيسة المارونية من الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد!
الخوري كسم: البطريرك صفير لن يصبح “بابا”!
ولمناسبة حديث المطران مظلوم، لفتت مصادر كنسية إلى تصريحات “سخيفة”، و”حاقدة”، أدلى بها “الخوري أبو كسم” (مسؤول ما يسمّى الإعلام الكاثوليكي، وهو “خوري” بسيط و”على قد حاله”!) بعد تعيين البطريرك الراعي “كاردينالاً”. وجاء فيها أن البطريرك-الكاردينال الراعي يمكن أن يشارك بانتخاب البابا المقبل ويمكن أن ينتخب انتخابه “بابا الكنيسة الكاثوليكية”، في حين أن البطريرك صفير يحق له المشاركة في انتخاب “البابا” ولكن لا يحق له ترشيح نفسه لمنصب “البابا”!
“ديوانية” المطران “مظلوم”: نموذج نصرالله “لا يمشي” عند الموارنة!الكاتب في موقع “التيار” (العوني) السيد جاد أبو جودة يستيقظ باكراً! فقد نشر “الشفاف” موضوع المطران مظلوم في منتصف ليل السبت-الأحد، فجاء الردّ على موقع “التيّار” صباح الأحد باكراً. ولكن يبدو أن السيد “أبو جودة” كتب موضوعه قبل “الترويقة”، فأخطأ في القراءة، وفي التقييم! “الشفاف” لم يقل أن “الراعي ومظلوم وابو كسم سوريون- إيرانيون”، كما ورد في عنوان مقاله! بل حدّد موقف المطران مظلوم بأنه من دعاة “حلف الأقليات”! وهذه ليست شتيمة، بل تعريف لموقف سياسي. ببساطة. وببساطة، فلم نفهم أين هو “السمّ” في هذا التعريف! إلا إذا كان المقصود أن السيد… قراءة المزيد ..