دفاعاً عن نائبنا “الصعلوك”
مسلم واللئام.. ونحن وأربعينية صدام
خالد عيد العنزي*
فظيعٌ جهل ما يجري
وأفظع منه أن تدري
وهل تدرين يا صنعا
من المستعمر السري
غزاة لا أشاهدهم
وسيف الغدر في صدري
عبدالله البردوني
– 1 –
مسلم البراك.. طب ليه؟
استشاط إخواننا اليمنيون غيظاً من احتجاج بعض الكويتيين على إحياء أربعينية صدام في صنعاء، وتركز هجومهم على النائب مسلم البراك لا لسبب إلا لكون صوته هو الصوت الوحيد الذي وصلهم كونه نائباً في مجلس الأمة وممثلاً للشعب الكويتي من جهة، ولكون الصحف أبرزت تصريحاته الاحتجاجية من جهة أخرى.
لكن الحقيقة التي غابت عن الإخوة في اليمن أن أغلب الكويتيين مستاؤون مما جرى في صنعاء، لكن أصوات احتجاجاتهم لم يصل صداها لمسامع الإخوة اليمنيين، لذلك فإن الهجوم اليمني الكاسح على مسلم البراك هو هجوم على الأصوات المحتجة، وتركيز التهجم على البراك هو خطأ يمني لا يتحمل هو مسؤوليته، ويمكن إدراجه ضمن خانة الجهل بسواه ومواقفهم أو قصور النظر، رغم أن الحكومة العراقية نفسها احتجت بشكل رسمي عبر سفيرها لدى الحكومة اليمنية على إحياء الأربعينية واعتبرته مثيراً للفتنة، فلِمَ تم إهمال ذلك الاحتجاج الرسمي العراقي والشعبي الكويتي والتركيز على الناطق باسم العمل الشعبي؟
الجواب البسيط والمنطقي لذلك أن لا تأثير للاحتجاج الحكومي العراقي على المساعدات المنتظرة يمنياً، ولا انعكاس للاستياء الشعبي الكويتي على الدعم المنتظر من الحكومة الكويتية، هذا بتقدير الإخوة اليمنيين الذين فاتهم أن استياء الشارع الكويتي هو من جعل “مسلم” وغيره يتكلم، وما أدراكم ما سيكون تأثير هذا الكلام إن تطرق لمرحلة الفعل في مجلس الأمة المتحفظ أساساً على السياسات اليمنية منذ مرحلة الغزو العراقي للكويت، ذلك الموقف المخزي الذي لم يمتلكوا شجاعة الاعتذار عنه كما لم تمتلك حكومتنا وللأسف شجاعة الإصرار عليه!
-2-
صعاليك ولكن نواب
وصلت ردود الفعل اليمنية الرسمية على كلام البراك حداً من البذاءة والسوقية لم نكن نتصوره، فتم وصفه بالصعلوك تارةً واستدعاء مواقفه السابقة من اليمن تارة أخرى وإدراج تجاهلها يمنياً ضمن بيت الشعر القديم:
إذا بليت بشخص لا أخلاق له
فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
وأورد في رد المصدر الرسمي في الحزب اليمني الحاكم أمثالاً وحكماً من وزن “ذل قوم ليس فيهم سفيه” وصولاً إلى الحرص على أن لا يسئ للعلاقات مع الكويت ومستقبل الأمة “عاوٍ يعوي”·
كما تضمن الكلام الرسمي اللغة السوقية: “كانت ديدن البراك منذ صباه أو هي السائدة في تعاملاته مع شلة أنسه”، وكأن النائب البراك تربى في حواري صنعاء ليعلم إخواننا اليمنيون بصباه وشلة أنسه المزعومة·
لقد تعمدنا إيراد بعض ما ورد في رد المصدر في الحزب اليمني الحاكم على كلام النائب البراك رغم بذاءته وانحطاط مستواه من باب أن يعرف الكويتيون مع من يتعاملون، وإن كنا نكرم أسماعهم عن أن يسمعوا أو يقرؤوا كلاماً من قبيل ما قيل وكتب·
ولأن الرد على الكلام التافه والمنحط في مستواه سيجرنا الى المستوى نفسه في الحديث، فإننا نتجاهل ما قيل عملاً بالبيت الشعري نفسه الذي أورده الحزب اليمني الحاكم، ونكتفي بالقول إن البراك نائب يمثل الشعب الكويتي ويمكنه التعبير عن رأيه بكل صراحة وأن يطالب حكومته باستدعاء السفير اليمني أو قطع العلاقات وتعليق المساعدات بالحرية نفسها المتوفرة لإخواننا في اليمن الذين نحسدهم عليها رغم أن جرعة حريتنا “المتواضعة” لا تكفل لنا أن نقول ما قالوه ولا تحمي مصدراً رسمياً الكويتي إن تفوه ببعض تفوه به المصدر الحزبي اليمني الحاكم!
-3-
الرموز والبرلمان والدولة كمان
اعتقدنا في البداية أن رد المصدر الحزبي اليمني الحاكم هو قمة جبل الجليد في الردود اليمنية على كلام النائب البراك، لكننا فوجئنا فيما بعد بأن المصدر اليمني كان دبلوماسياً جداً وفي منتهى اللياقة والأدب مقارنة بما كتبه بعض “الكتبة” اليمنيين في الصحف والمواقع الالكترونية اليمنية، والذي وصل لحد التعرض للكويت “الدويلة” كما أسموها وتشبيهها بإسرائيل من جهة، مقابل كيل المدح للبطل القومي صدام، كما تم التهجم على مجلس الأمة ورموز البلاد بشكل مستفز ووقح من جهة أخرى، كما تم اتهامنا بالعمالة لأمريكا وإسرائيل، وبكون الكويت “التي تقع أكثر من ثلثي أراضيها تحت الإحتلال” ظاهرة صوتية تمتلك فحولة نفطية تمارسها على اليمن دون غيرها من الدول العربية، وكأن ما يغضب الكاتب هو حصر ممارسة الكويت لما أسماه “فحولة نفطية” تجاه اليمن دون سواها على مبدأ “حشر مع الناس عيد”!
– 4 –
وفي الخلاصة
لم ندعِ أو نمارس يوماً تلك الفحولة النفطية التي إدعاها علينا بعض اليمنيين ونسبوها إلينا، كما أن كل ما قدمناه ونقدمه للإخوة العرب والأصدقاء نقدمه إيماناً منا بدور الكويت وواجباتها العربية والإنسانية وليس “جزية” ندفعها أو رشوة نقدمها ابتزازاً، رغم إحساسنا أحياناً بأن بعضاً ممن نقدم له ما زال يعض اليد التي تمتد له بالخير كما فعل حين ساهم مع من ظلمنا وشردنا حين تم احتلال وطننا، لكننا رغم كل ذلك ما زلنا متمسكين بقناعاتنا ورؤيتنا ودورنا مهما حاول بعض المسكونين بالخطاب الصدامي تشويهه·
فالبعض وللأسف يعيش في بلاد محكومة بالعسكر والديكتاتورية والقات السياسي وبنفس الطريقة التي كان صدام يحكم بها، لذا فإننا نعذرهم ونطلب لهم الهداية رغم كل إساءاتهم التي تسيء لهم قبل أن تسيء لنا، ونصيحتنا للكويتيين عامة وللنائب مسلم البراك خاصة أن لا تتحدى إنساناً ليس لديه ما يخسره!
al-malaas@yahoo.com