فلسفة دينية لا تضحّي بالمجتمع
وفلسفة اجتماعية لا تضحّي بالدين:
ملخص البحث:
مع صدور كتاب جديد للدكتور أديب صعب في فلسفة الدين بعنوان “وحدة في التنوع: محاور وحوارات في الفكر الديني”، تستعرض الباحثة الدكتورة إيلين دمعة، الاستاذة في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، هذا الكتاب في إطار كتب المؤلف الثلاثة السابقة، من حيث تشكيل هذه الكتب وحدة متكاملة في الدراسات الدينية. وتشير الى تَميُّز فكر المؤلف بالدفاع عن النظرة الدينية وسط الكثير من النظرات العصرية المعادية، وبنَسْج فلسفة للدين قائمة على العناصر المشتركة بين الأديان، التي تخوّلنا الكلام عن “جوهر الدين” أو عن “الدين في الأديان”. كما تشير الى قيام هذه الفلسفة على التناغم بين الدين والمجتمع: فهي فلسفة دينية لا تضحّي بالمجتمع، وفلسفة اجتماعية لا تضحّي بالدين. وتبيِّن الباحثة ريادة المؤلف موضوع الدراسات الدينية وفلسفة الدين في الثقافة العربية المعاصرة، وهي ريادة أجمع عليها مفكرون بارزون يمثلون أدياناً ومذاهب مختلفة. وتركز على فكر المؤلف التوحيدي، مع إبراز المصادر، خصوصاً الاجتماعية، لهذا الخط. وتَخلص الى مراجعة وضع الدراسات الدينية الراهن على الصعيد العربي.
مقدمة
مع صدور كتاب د. أديب صعب الجديد في الفكر الديني من نواحيه الفلسفية والاجتماعية بعنوان “وحدة في التنوع: مَحاوِر وحوارات في الفكر الديني”(1)، نجد من الملائم دراسة أعمال المؤلف في هذا المجال بمجملها. والكتاب المذكور هو الرابع بعد الكتب التالية: “الدين والمجتمع” (1983)(2)، “الأديان الحيّة” (1993)(3)، “المقدمة في فلسفة الدين” (1994)(4). وهي أعمال أثبتت نفسها، وباتت مَراجع في حقلها، وأيَّدها مفكرون دينيون مرموقون ينتمون الى مذاهب مختلفة. فالمطران جورج خضر وَجد فيها “المحاولة الأُولى في دنيا العرب”(5). والسيد محمد حسن الأمين قال إنها “تملأ الفراغ المخيف في مجال التعاطي الفلسفي العربي المعاصر مع مسائل الدين”(6). ورآها الدكتور سامي مكارم متطابقة مع فطرة الانسان الدينية ومع التراث الصوفي في تركيزه على الجوهر(7). ووصفها القاضي طارق زيادة بأنها مرجع لا بد منه “للدارسين والجامعيين والمهتمين”، وأنها “تشكل إضافة أساسية في الفكر الديني اللبناني والعربي، وتمهد الطريق لحوار في العمق بين الأديان”(8). ووَجد فيها الاستاذ محمد السماك تأسيساً “لقواعد فلسفية دينية في الفكر العربي الحديث، ومرجعاً من مراجع الفكر المعاصر”(9). ووصفها الدكتور جورج صبرا بأنها فلسفة “سابقة لأوانها، تطرح أسئلة جريئة وتتعاطى معها بشكل علمي موضوعي رصين، وتملأ فراغاً في مجال التعاطي العربي المعاصر مع مسألة الدين”(10).
انطلاقاً من اعتبار أديب صعب كتابه الجديد “رابِع الثلاثية”(11)، أي تتمة لكتبه الثلاثة السابقة في الدراسات الدينية، ينطلق هذا البحث من وَصْف الكتب الأربعة وكيف يكمل واحدها الآخر. ثم يحلل ماهية الدراسات الدينية، مميزاً بينها وبين اللاهوت أو علم الكلام، ومبيناً فائدتها، ومظهراً مساهمة أديب صعب في هذه الدراسات، ومركزاً على النزعة التوحيدية في فكر المؤلف. وينتقل البحث الى مصادر هذه النزعة، فيجد أنها مستمَدة لا من خط الفكر الفلسفي فحسب، بل من خط الفكر الاجتماعي أيضاً. ويبيّن أثر العلوم الاجتماعية فيها وموقف المؤلف التصحيحي حيال بعض الهفوات التي يمكن أن تقع فيها هذه العلوم عند تناولها الدين. وينتهي البحث الى تقويم عام لوضع هذه الدراسات الراهن على الصعيد العربي.
أوّلاً ـ الكتب الأربعة في تَكامُلها
يقول أديب صعب في حوار عن الثلاثية: “إذ أنظر الى هذه الكتب الثلاثة كعمل متكامل، أرى أن “الدين والمجتمع” يستعرض الدراسات الدينية ويبيّن أهميتها، منتقداً التعليم الديني التقليدي في المدارس العامة وداعياً الى تعليم وصفي للأديان. ثم يأتي كتاب “الأديان الحية”، مقدماً مادة عملية للتعليم الوصفي المقترح، وخالصاً الى ما يسميه “مقارنة وصفية” بين الأديان، تُظهِر العناصر المشتركة بينها. وأخيراً ينطلق الكتاب الثالث، “المقدمة في فلسفة الدين”، من هذه العناصر لينسج فلسفة للدين تشكل دفاعاً عن الايمان الديني في وجه النظرات العصرية المعادية”(12).
وفي التمهيد لكتابه الجديد يقول: “هذا الكتاب، بمعنى، تتمة لكتب المؤلف السابقة في الفكر الديني… ويأتي، في قسمه الأول، ليذكّر بمنهج فلسفة الدين كما يفهمه المؤلف، ثم ليطبِّق هذا المنهج على مسائل أُخرى في الفكر الديني، هي: الأديان الاخرى والحوار، التعصب والتسامح، الدين والدولة، الايمان والالحاد، العلم والدين، نطاق الإعجاز، الانسانية كدين، تعليم الدين، الرعاية، لاهوت التنوع ولاهوت الوحدة… وكأنّ هذه المسائل تشكل فصلاً أخيراً من “المقدمة في فلسفة الدين”. بهذا المعنى، يمكن اعتبار الكتاب الحالي، إنْ جاز التعبير، رابِع الثلاثية”(13).
1- الدين والمجتمع
يستعرض كتاب “الدين والمجتمع” الدراسات الدينية، وأهمها ما يأتي: تاريخ الأديان، فلسفة الدين، علم النفس الديني، علم الاجتماع الديني. وإذا تذكرنا أن الكتاب صدر في طبعته الاولى عام 1983، لأدركنا أنه قد يكون الكتاب العربي الأول الذي يتطرق الى هذه الدراسات، فيميز بينها وبين اللاهوت أو علم الكلام أو العلوم الدينية التقليدية، ويبين أهميتها بالنسبة إلى الفكر الديني النظري والعمل الديني الرعائي(14).
المحور الرئيسي الآخر في الكتاب هو التعليم الديني، خصوصاً ذاك الذي يعطى للأحداث في المدارس، أي في المرحلة السابقة للجامعة(15). ويأخذ المؤلف المدارس اللبنانية قُبَيل الحرب الأهلية (1975) نموذجاً لهذا النوع من التعليم. هذه المدارس كانت تعمد الى فصل تلاميذ الصف الواحد بعضهم عن بعض في ساعة الدين الاسبوعية، وإتاحة دروس دينية تقليدية لكل فئة على يد معلم تنتدبه طائفته لهذا الغرض. هذا التعليم، عدا أخطاره الاجتماعية، وأقساها الفئوية التي تؤدي الى حروب أهلية كما حصل في لبنان وقت تأليف الكتاب، ينطوي على أخطار نفسية تتجلى في إعلاء المادة على المتعلم الذي يتلقاها، أي في إهمال النمو النفسي للتلاميذ في مراحل التعلم المختلفة. كما ينطوي التعليم التقليدي على أخطار ذهنية تتجلى في عدم تحليل لغة الدين والمقارنة بينها وبين الاستعمالات الاخرى للّغة: في العلوم الطبيعية، مثلاً، والعلوم الاجتماعية والتاريخ وبقية حقول المعرفة. هكذا إذ يصطدم المتعلم بنظريات علمية أو فلسفية أو اجتماعية أو سواها قد تهدد الايمان الديني ظاهرياً، فربما عمد ببساطة الى التخلي عن هذا الايمان لأنه لا يستطيع الدفاع عنه دفاعاً عقلياً.
أين يكون الحل؟ هناك تربويّون وجدوا هذا الحل في اعتماد تربية أخلاقية في المدارس تأخذ مكان التعليم الديني العقائدي. لكن أديب صعب يرفض هذا الحل لأن إحلال التعليم الخُلقي محل التعليم الديني قد يقوم على نظرة، أو يؤدي الى نظرة، تتخلى عن ميزة الدين الجوهرية، وهي الايمان بالله وبأنه خلق العالم والانسان وكل شيء لمعنى وهدف معينَين، وتنادي بإحلال الأخلاق محل الدين(16)، أي الاستعاضة عن الدين بالأخلاق. وهذه نظرة إلحادية تتلاقى مع دعوات فلسفية واجتماعية كثيرة، مثل دعوة لودفيغ فويرباخ وكارل ماركس وفردريك نيتشه وبرتراند رصل وجان بول سارتر(17).
أيكون هذا الحل، إذاً، في التخلي كلياً عن تعليم الدين في المدارس؟ هذا الحل هو الآخر، الذي نجد بين دُعاته عدداً من المؤمنين، يرفضه المؤلف، لأن الاهمال، في رأيه، نوع من التعليم: “إنه تلقين سلبي، خصوصاً إذا كان الموضوع المهمَل لا يقل عن الدين… إن المؤسسات التربوية تبقي جزءاً رئيسياً من الحضارة خارج نطاقها إذا أهمَلت الأديان، وكأنها تتخذ موقفاً سلبياً تجاهها. وهي، بهذا، تكون قد أهملت جانباً من مسؤولياتها، تاركةً إياه كلياً بين أيدي جماعة قَلَّ فيهم من سيدرسه دراسة نقدية خلاّقة”(18).
هنا يعود أديب صعب الى الدراسات الدينية ليرسي هذا الحل عليها. فهو ليس فقط مع تعليم الدين في المدارس، بل مع تعزيز هذا التعليم ليغدو “مادة شرعية” تعطى فيها امتحانات وعلامات تقرر نجاح التلميذ ورسوبه كبقيّة المواد، ولا تبقى “مادة ثانوية ملصَقة” كما هي الحال الآن(19). إلا أن التعليم الذي يدعو إليه في المدرسة العامة، أي في جميع المدارس الابتدائية والثانوية سواء أكانت “خاصة” أم “رسمية”، هو تعليم “وصفي” أو “موضوعي” حسب تسميته، وليس تعليماً عقائدياً. فمهمة المدرسة تعليم الأُسس والأساسيات. لكن ما منفعة التعليم التقليدي، المسيحي أو الاسلامي أو سواه، إذا ظل المتعلم جاهلاً معنى الدين وهدفه ومنطقه ونطاقه؟ وكيف يؤمن بأنبياء الله ورسله والوحي الالهي ما لم يؤمن بالله أولاً ويتمكن من الدفاع عن هذا الايمان، فلا يتزعزع عند أدنى خطر؟ بل كيف يستطيع أن يحب الآخر، أي المنتمي الى دين آخر، ما لم يطَّلع على دين هذا الآخر من مصادره الأساسية؟
المؤلف لا يقف عند هذا الحد. فهو يرى أن تعليم العقائد الدينية لكل طائفة وفق تقاليدها وقناعاتها شأن بالغ الأهمية. لكنه مسؤولية تقع على عاتق الاسرة أولاً، أي على عاتق الأهل الذين يجب أن يؤمّنوا انتقال العقائد من جيل الى جيل داخل العائلة. وإلى جانب العائلة، هناك المؤسسات الدينية التابعة لكل طائفة، مثل “مدارس الأحد” عند المسيحيين ومؤسسات “التعليم الديني” عند المسلمين، التي تقع عليها مسؤولية التعليم الديني العقائدي. ولكل الطوائف في لبنان اليوم مؤسسات من هذا النوع. وهي تعتمد، مع التعليم المعتاد في الصفوف، التعليم عبر شبكة الاتصالات الالكترونية (الانترنت)، التي لم تكن شائعة لدى صدور الطبعة الاولى من “الدين والمجتمع”. ويجب أن نفهم أن دعوة المؤلف إلى اعتماد تعليم الدين في المدارس تعليماً وصفياً قائماً على التاريخ والفلسفة والعلوم السلوكية (علم النفس وعلم الاجتماع)، مع إحالة التعليم الديني العقائدي الى العائلة وإلى مؤسسات دينية خاصة، يهدف الى أن يفهم المرء دينه والأديان الاخرى فهماً أفضل، وأن يستطيع الدفاع عن دينه والموقف الديني عموماً دفاعاً أفضل، كما يهدف الى تحقيق وحدة اجتماعية ـ إنسانية هي من أهم الأهداف التي تسعى إليها الأديان.
ويوضح المؤلف دعوته خير إيضاح بالكلام الآتي: “إن تعليم الأديان، كما دعونا إليه، يتيح للتلاميذ أن يخرجوا بمفهوم عام للدين، قائم على العناصر المشتركة ـ وهي غير قليلة ـ بين الأديان. إن مفهوماً كهذا هو من أهم العوامل في تحقيق وحدة اجتماعية ـ إنسانية. إلا أن ما ندعو إليه ليس “ديناً شاملاً”، يكون تأليفاً من الأديان الموجودة ويحل محلها. فالفرد، عادةً، لا يختار دينه أو يصنعه، بل ينشأ فيه، متلقياً إياه من أهله الذين، في الغالب، تلقّوه من أهلهم أيضاً. فالهدف الذي ذكرناه للتعليم الوصفي، وهو تكوين مفهوم عام للدين، لا يرمي الى حثّ الفرد على تغيير دينه، الذي أخذه عن آبائه وأجداده. إنما هو يرمي الى مساعدته في تكوين نظرة نقدية حول دينه والأديان الاخرى، من شأنها تعميقُ قناعاته، وتعديلُ ما يراه خطأ في ممارسات آبائه، وفهمُ الأديان الاخرى واحترامُها على نحو أفضل”(20).
2- الأديان الحيّة
من هذا المفهوم المزدوج: الدراسات الدينية وتعليم الأديان بناءً على مناهجها، يأتي كتاب أديب صعب الثاني في هذه السلسلة، “الأديان الحيّة”، كتاباً عملياً يصف الأديان في نشوئها وعقائدها وتاريخها والظروف الاجتماعية لتطوّرها، ويمكن أن يخدم كمادّة لتعليم الأديان حسب اقتراح “الدين والمجتمع”.
وانسجاماً مع المنهج الوصفي أو الموضوعي الذي تبنّاه في كتابه الأول، يعلن المؤلف أنه يصنّف كتاب “الأديان الحيّة” تحت خانة “تاريخ الأديان”، لا تحت خانة “علم الأديان المقارَن” أو “مقارَنة الأديان” كما كان هذا الموضوع، وما يزال، يسمَّى في بعض الدوائر الجامعية، خصوصاً تلك التي تشرف عليها مؤسسات دينية(21). فمفهوم المقارنة قد يشير الى المفاضلة، بمعنى أن يجعل الدارس من دينه هو المقياس والحكَم لدراسة الأديان الاخرى، فيطبّق عليها معايير الصحة والخطأ التابعة لدينه. أما المنهج السائد اليوم في دراسة الأديان فهو المنهج الوصفي أو الفينومينولوجي، الذي يعني أن ندع كل دين يعبِّر عن نفسه بنفسه، لا كما تنظر الأديان الاخرى إليه. وفي كلامه عن الكتاب يقول المطران جورج خضر: “المعرفة العلمية يجب أن تدخل مناهجنا. حتى الآن نقتصر على إعطاء الدين من أجل الايمان ومن أجل التقوى وابتغاءً للعبادة، في حين أن كل مواطن، بصرف النظر عن توخّيه التقوى والعبادة، يحق له أن يعرف ما في بلده وما في العالم. المعرفة منقذة. وها هو أديب صعب اليوم يسد هذه الحاجة”(22).
يبدأ الكتاب بفصل تمهيدي يتناول أديان الحضارات القديمة: السورية والمصرية والاغريقية والرومانية والاوروبية الشمالية. وهي أديان زالت من الوجود، ولكن تركت بعض الآثار، ولا سيما الطقسية، فـي الأديان الحيّة التـي يقدمها المؤلف ضمن ثلاث منظومات: (1) الأديان الهندية، وهي الهندوسية والجاينية والبوذية والسيـخ. (2) أديان الشرق الأقصى، وهي الطاويّة والكونفوشيوسية في الصين والشينتو في اليابان. (3) أديان الشرق الأدنى، وهي الزردشتية (المجوسية) واليهودية والمسيحية والاسلام.
ومع إيلائه كل الأديان “الحية” عناية يمكن أن نسميها متساوية، يولي أديب صعب الأديان الابراهيمية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والاسلام، عناية خاصة جداً. فهي الأديان الأساسية التي تعني هذه المنطقة من العالم. وقد جاءت الفصول المعقودة على هذه الأديان بمثابة مقدمات أو مداخل ممتازة لها.
ولا يتخلى المؤلف كلياً عن مفهوم المقارنة. فبعد دراسته كل دين من الأديان الرئيسية السائدة في العالم بمفرده، يعقد في الفصل الأخير ما يسميه “مقارَنة وصفيّة” بين الأديان. وهو، بهذا، لا يهجر المنهج الفينومينولوجي، لا بل يعززه، لأن المقارنة التي يخلص إليها ـ وهي مساهمته الخاصة جداً في الكتاب ـ “مقارنة وصفيّة” تمييزاً لها عن “المقارنة القيميّة” التي تعتمد المفاضلة، أي الانطلاق من دين معين باعتباره الدين الصحيح أو الأصح(23). وقد أوضح في حديث صحافي “أن مؤرخين كثيرين لا يجدون أنفسهم مضطرين الى إقامة أي نوع من المقارنة، بل يكتفون بعرض الموضوع الذي يدرسونه عرضاً محضاً. وحده المؤرخ النقدي، أي ذاك الذي يتمتع بروح فلسفية، يعمد الى المقارنة الوصفية من أجل أن يخرج بنتيجة. لكن المؤرخ غير النقدي معرَّض للسقوط في أخطاء كثيرة. ومن الأمثلة على هذه الأخطاء تبنّيه ذلك التمييز الصارم بين أديان “تعددية” وأديان “توحيدية”. ومما تحاول خلاصة الكتاب تصحيحه هذه النظرة بالذات”(24).
هدف المقارنة الوصفية المذكورة هو الخروج بمفهوم عام للدين، أي تحديد ماهيّة الدين. العنصر الأول في تحديد هذه الماهية يسميه أديب صعب الانفصال والاتصال. فالأديان تُجمِع على أن النظام الظاهر، بما فيه الانسان، لا كيان له في ذاته ومن ذاته، بل يستمد كيانيته من حقيقة قصوى مطلقة تغدق عليه المعنى والقيمة. ويتحدد السقوط، الذي يأخذ في بعض الأديان اسم “الخطيئة”، بالانفصال عن هذه الحقيقة، فيما يتحدد الخلاص ـ وهو هدف الأديان ـ بإعادة الاتصال.
العنصر الثاني أن العقائد غير كافية من أجل إعادة الاتصال بهذه الحقيقة. من هنا تلجأ الأديان الى ممارسات عملية تسهِّل الاتصال بالمطلق، هي ما يسمى الشعائر أو الطقوس، ومنها الصلاة والصوم والحج. ولئن اختلفت هذه الممارسات من دين الى آخر، فهدفها يبقى واحداً، وهو وصل المحدود باللامحدود. أما الدين الذي يكتفي بالعقائد فلا يختلف كثيراً عن الفلسفة.
العنصر الثالث أن الأخلاق أو السلوك جزء لا يتجزأ من كل دين. وهي وسيلة للاتصال بالمطلق أو إعادة وصل ما انفصل. فالدين عمل، والعمل تَعامُل ومعاملة. والأديان كلها تجعل من العمل مختَبراً للايمان. وإذا كانت الأخلاق ممكنة بانفصال عن الدين، إذ أن المطلوب من كل إنسان، مهما كان موقفه حيال الدين، أن يدرك واجباته ويؤديها، فلا دين من دون أخلاق. وهذا يعني أن أخلاق المؤمن جزء من إيمانه. لكن الأخلاق الدينية تطلب من المرء مثالاً عالياً جداً. من هنا سُمِّيت “أخلاق أبطال وقديسين”، تقوم على مجاهدة النفس.
العنصر الرابع أن المؤمن يتخذ من مؤسس دينه أعلى قدوة في سعيه الخُلقي، محاولاً محاكاته في سلوكه. ففي المسيحية يسوع المسيح، وفي الاسلام النبي محمد، وفي الطاويّة لاوتسو، وفي البوذية غوتاما… وعلى درجة أدنى من المؤسسين يأتي القديسون أو الأولياء. وهم طبقة من الناس نجحوا الى أبعد حد ممكن في محاكاة المؤسسين. وهذا هو العنصر الخامس من العناصر المشتركة بين الأديان.
أما العنصر السادس الأخير فهو أن مصدر القداسة واحد، وهو الله. هنا يذهب المؤلف الى أن كل الأديان، بمعنى، توحيدية، بالرغم من ظاهر بعضها التعددي. ويقدم عدداً من الحجج دعماً لرأيه هذا، منها أن الأديان القديمة التي تحدثت عن آلهة أشارت، في الوقت نفسه، الى إله فوق الآلهة جميعاً، من مرتبة اخرى مغايرة لمرتبتها، وكأنما “الآلهة” اسم آخر للملائكة، فيما الاله المميز، مثل زفس عند اليونانيين وجوبيتر عند الرومان ومردوخ عند البابليين، هو الله الواحد. ولعل حجته الأقوى في الدفاع عن نظرته “التوحيدية” أن الأديان كلها نادت بالحقيقة المطلقة، ونظرت الى السقوط على أنه انفصال الذات عن هذه الحقيقة وإلى الخلاص على أنه إعادة الاتصال بها. لكن الحقيقة المطلقة أو الكلية أو القصوى التي انفصلت الذات عنها والتي يجب أن تعيد اتصالها بها حقيقة واحدة. وهذه الحقيقة المطلقة هي الله. أما التعددية فتعني ألا يرى المرء في الكون سوى الكثرة، من دون مبدأ يوحِّد هذه الكثرة. والامعان في الالحاد يحصل عندما يجد المرء مبدأ الوحدة في ذاته، فيؤلّه نفسه.
3- المقدمة في فلسفة الدين
من هذه النتائج ينطلق الكتاب الثالث، “المقدمة في فلسفة الدين”، وهو الكتاب الأهم في هذه المجموعة لأنه يؤسس منهجاً أو نظرية معرفة ملائمة للدين والايمان. ولم يقصد أديب صعب، بإطلاقه اسم “المقدّمة” على كتابه، أن يلتزم جانب “الخَفَر” أو الحذَر أو الحيطة لكونه يطلق الكتاب الأول من نوعه في الثقافة العربية المعاصرة(25). لكنه قصد به كتاباً يرسي أُسساً وقواعد لهذا العلم، من نوع ما يسمى فـي اللغات الاوروبية “Prolegomena” أو “Groundwork”(26). من هنا نَوَّه السيد محمد حسن الأمين “بهذا الجهد العقلي الضخم”، واعتبره “إنجازاً كبيراً في إعادة الاعتبار الى العقل وإلى الدين معاً”(27). وأشار القاضي طارق زيادة الى “إدراك المؤلف ووعيه أنه يؤسس ويرسي قواعد أساسية” في مجال فلسفة الدين(28). وجاء كلام المطران جورج خضر ـ وهو الذي وجد في اسم “المقدمة” شيئاً من “الخفَر” ـ في الاطار الآتي: “أقبلتُ على كتاب أديب صعب باستغرابِ مَن يُقبل للمرة الاولى على فاكهة غريبة، وسرعان ما يتحول شعوره الى نَهَم بسببٍ من التذاذ. ذلك أنني تتلمذتُ على ما سمّاه أُستاذنا “مقدّمةً” بخفَر. فللمرة الاولى أغوص على فلسفة الدين”(29).
يميز المؤلف بين معنى ضيّق ومعنى واسع للدين: الأول يحصر الدين في نطاق خبرات محدودة كالذهاب الى أمكنة العبادة خلال أيام أو مناسبات معينة، أو في نطاق ظواهر خاصة جداً من نوع الأصوات والظهورات والرؤى والخوارق. أما المعنى الواسع للدين فيجعل نطاق الدين حياة المؤمن كلها وقد وُضعت في ضوء إيمانه، أي في ضوء الالهيّ أو المقدَّس. وإذ لا ينكر المؤلف الدين بمعناه الأول، إلا أنه يخشى أن يكون هذا المعنى قائماً في ذاته بانفصال عن المعنى الواسع، لأن الدين عندئذ يتقلص الى طقوس أو ممارسات شكلية لا علاقة لها بحياة المؤمن من يوم الى يوم ومن لحظة الى لحظة.
بناءً على هذا المعنى الواسع، الذي يراه المؤلف المعنى الأصلي والأصيل للدين، يعرِّض نظريات المعرفة التقليدية، خصوصاً نظرية المعرفة “التجريبية” المرتبطة بأسماء فلاسفة كبار مثل ديفيد هيوم وأتباع المدارس التحليلية المعاصرة، لنقد عنيف لعجزها عن استيعاب الخبرة الدينية بمعناها الواسع، ولسَعيها وراء “إله” محسوس وملموس من أجل أن تجد تبريراً منطقياً للايمان به.
ومع رفضه نظرية المعرفة هذه، يرفض أديب صعب التمييز الواسع الانتشار الذي تقيمه، والذي يتبناه، مع الأسف، بعض ممثلي الفكر الديني، بين “الموضوعي” و”الذاتي”، محيلةً العلوم والرياضيات على النطاق الموضوعي، والدين والشعر والفن والأخلاق على النطاق الذاتي. لكن إذا كان “الموضوعي” يشير الى موضوع أو كيان موجود في العالم الخارجي باستقلال عن الذات، فلا شك أن الله، بالنسبة الى المؤمن الجادّ، موضوع من هذا النوع. لذلك كان الدين موضوعياً. فهو يدور على موضوع، وإن كان هذا الموضوع غير مادي ومختلفاً عن موضوعات العلوم.
ويذهب المؤلف الى أنه، في ضوء هذا الايضاح، “تغدو الذاتية والموضوعية مفهومين نسبيين، بمعنى أنه ليس هناك ذاتية واحدة ولا موضوعية واحدة. فموضوع المراقبة العلمية مختلف عن موضوع التذوق الفني أو موضوع التأمل الديني، وموقف الذات يختلف بالتالي من موضوع الى آخر. ومما تستتبعه نظرتنا هذه إبطال القول بدرجات لليقين تبدأ، في أعلاها، بالرياضيات وتتحرك نزولاً على خط واحد الى العلوم الطبيعية فالعلوم الاجتماعية، لتنتهي في أسفل الخط نفسه بالدين وبقية الخبرات الشعورية. والأحرى أن يكون لكل موضوع أو نوع من الموضوعات خطه المعرفي المستقل، حيث تتدرج مراتب اليقين في خانة منطقية واحدة ضمن الموضوع الواحد. فشروط اليقين في الرياضيات غيرها في العلوم الطبيعية وغيرها في الدين”(30). ويتابع: “هذا يبين لنا الموقع الخطر الذي يصل إليه اولئك المدافعون الدينيون الذين يقبلون الهجوم المسلح بالموضوعية والطريقة العلمية، فيذعنون لحجب صفة الموضوعية عن الدين، ويحيلونه على مرتبة ذاتية ولكن لها مقدارها الخاص من اليقين في نظرهم. فالقول بأن الحقائق الدينية ذاتية يعني أنها نفسية محض، ولا وجود لها ككيانات موضوعية في العالم الخارجي”(31).
انطلاقاً من نظريته في الوجود والمعرفة، أي من المنهج أو المنطق الذي يرسيه، يعالج أديب صعب في كتابه “المقدمة في فلسفة الدين” مسائل حساسة في الفكر الديني، هي: وجود الله، الخبرة الدينية، المعجزة، مسألة الشر، الدين والأخلاق، الوجه الآخر للحياة. وهو استهلّ كتابه بفصل حول ماهيّة الدين وآخر حول الدين والفلسفة. ولا يترك شاردة أو واردة في فلسفة الدين، بدءاً بالفلسفة القديمة ومروراً بالوسيطة ووصولاً الى الحديثة فالمعاصرة، إلا يوردها على نحو موضوعي ويبدي موقفه منها. من هنا قال الاستاذ محمد السماك: “قبل أن أبدأ قراءة الكتاب، كنت أعتقد أنه يعالج فلسفة معينة وديناً محدداً. ولكن سرعان ما تبين لي أن البحث أعمق وأشمل وأغنى، وأنه يتناول كل المدارس الفلسفية القديمة والحديثة وكل الأديان، بما فيها الأديان غير الابراهيمية، كالبوذية والهندوسية. ذلك أن العناصر المشتركة بين الأديان تجعل من فلسفة الدين فلسفة الأديان جميعها”(32). وقال الدكتور ربيعة أبي فاضل: “اعتمد الكاتب على فلسفة دين مقارنة استعانت بقدرة ثقافية غير عادية على كشف المتناقضات وإبراز الانسجام… واستعان بالمقارنات الغنية وبالصور الأدبية التي قامت في مقامها الجميل، وبالأقاصيص المعبرة عن الفكر، وباستشهادات من غير مصدر ومرجع، ما جعل النص المحلَّل فيه مقارباً الكمال”(33). والحق أن أديب صعب نقل آراء أفلاطون والرواقيين وأُوغسطين والأكويني وديفيد هيوم وجون ستيوارت مل وإيمانويل كانط ولودفيغ فويرباخ وفردريك نيتشه وبرتراند رصل وجان بول سارتر وألبير كامو، وكثيرين سواهم، الى العربية نقلاً أميناً، ولكن بلغته هو، الأمر الذي جعل نصوص هؤلاء تبدو كأنما كُتبت أصلاً بالعربية. وهذه الميزة اللغوية المتألقة تفتقر إليها الكتابة الفلسفية العربية، سواء الموضوعة بالعربية أو المنقولة إليها.
4- وحدة في التنوع
إذا كان الكتاب الثالث في هذه المجموعة يعالج المسائل الجوهرية التي أشرنا إليها، فهو طبعاً لا يستنفد قضايا فلسفة الدين كلها. وتبقى هناك مسائل كثيرة أُخرى يجب التصدي لها، وليس ممكناً ولا مطلوباً أن يحيط بها مؤلِّف واحد. إلا أن أديب صعب، في كتابه الرابع الذي صدر حديثاً بعنوان “وحدة في التنوع: محاور وحوارات في الفكر الديني”، يتصدى لبعض هذه المسائل، مثل: الأديان الاخرى والحوار، التعصب والتسامح، الدين والدولة، الايمان والالحاد، العلم والدين، نطاق الإعجاز، الانسانية كدين، تعليم الدين، الرعاية، أنماط الدفاع الديني. وهي من المسائل الملحة جداً على مختلف الصعد الدينية والفلسفية والاجتماعية.
يستهل المؤلف كتابه الجديد باسترجاع مفهومه للفلسفة عموماً ولفلسفة الدين خصوصاً. فوظيفة الفلسفة عنده هي كشف النطاق والمنطق لكل من النشاطات الانسانية، كالعلم والفن والاجتماع والسياسة والدين. وأهم ما تستطيع فلسفة الدين بلوغه تحديد نطاق الدين ومنطقه باعتماد النقاط الأساسية التي تتلاقى حولها الأديان وتتيح لنا الكلام عن “جوهر الدين”. هذا الجوهر هو، حسب مصطلح المؤلف، “الدين في الأديان”، أو “الوحدة في التنوع”. وهو المفهوم الذي استمد منه عنوان كتابه. ومن هنا يتصدى لبعض مسائل الفكر الديني، بدءاً من الأديان الاخرى والحوار، فيجد نموذجين كبيرين للحوار الديني، يقوم أحدهما على أن ديننا وحده هو الدين الصحيح أو الأصح، فيما يقوم الآخر على الاتفاق الجوهري بين الأديان. ويغدو هدف الحوار الرئيسي، حسب النموذج الأول، إقناع الآخر بوجهة نظرنا وتحويله الى ديننا، وحسب النموذج الثاني تعزيز مبدأ الوحدة في التنوع. من النموذج الأول للحوار يولد التعصب بمعناه السلبي، مع نوع من التسامح هو “غض النظر أو العفو عند المقدرة”. ومع هذا النموذج تنسجم فكرة الدولة الدينية “الاسمية”، تلك “التي طالما أدّت الى حروب أهلية كانت من أقسى الحروب في التاريخ، وخانت أحد مبادئ الدين الأساسية، وهو السلام”(34). ومن النموذج الثاني للحوار “يولد التسامح الحقيقي القائل بأن ما يحاوله واحدنا بواسطة دينه يحاوله الآخر بواسطة دينه هو”(35)، وتنسجم مع هذا النموذج “فكرة الدولة الدينية الفعلية، أي دولة الوحدة في التعدد، القائمة على الجوهر والروح لا على الشكل والاسم”(36).
وينتقل الكاتب الى العلاقة بين العلم والدين، فيحدد نطاق كل من النشاطين ليقول بأن المشادة الطويلة التي نشأت بينهما جاءت، في جانب كبير منها، من إغفال هذا التحديد، وبالتالي هي مشادة غير ضرورية، لا بل ترتكز الى خطأ فادح في إدراك نطاق كل من الدين والعلم. فنطاق العلم هو العالم قائماً في ذاته ومكتفياً بذاته، ومنطقه هو مراقبة السببية “الآليّة” وكشف قوانينها. أما نطاق الدين فهو العالم مخلوقاً، أي تحديده في ضوء الإلهيّ أو المقدّس، ومنطق الدين هو النظر الى العالم من زاوية المعنى والقيمة والهدف. فمن ينتظر من العلم أمراً مثل البرهان عن وجود الله لن يحصل على أي نتيجة عبر منطق سليم، لأن الطريقة العلمية غير صالحة لدراسة الأسباب “الغائيّة”. من هنا، يحدد الكاتب الايمان الديني من حيث هو النظر الى العالم كمخلوق ذي معنى وقيمة وغاية، أي كمعجزة. فالايمان إيمان بمعجز، والدين يدور على معجز، “وإلا لا يكون ثمة دين ولا إيمان على الاطلاق. في غياب المعجز يغدو الدين، في أحسن حالاته، نظاماً من الأخلاق أو الاصلاح الاجتماعي… ويصبح الايمان ضرباً من ضروب الاحتمال أو التوقع العلمي. وحده المعجز يجعل من الدين ديناً أو يعطيه صفته الأساسية”(37). ولئن تلاقت القيم الدينية والقيم الانسانية حول المثل العليا كالعدل والسلام والسعادة واحترام كرامة الانسان، إلا أن ما يميز الدين عن الدعوات والفلسفات الانسانية والاجتماعية والأخلاقية المحض هو ارتباطه بمفهوم الالوهة.
هذه النظرة الى الدين تنتقل الى الناس عن طريق التعليم. وهنا يستعيد أديب صعب موقفه من تعليم الدين الذي طرحه في كتابه الأول “الدين والمجتمع”، ثم يعالج الرعاية، التي يتولاها رجال الدين والقائمون على المؤسسات الدينية، كنوع من أنواع التعليم. وعنده أن هذه الرعاية لا يجوز أن تكتفي بنقل الثقافة الدينية الى المتعلمين، بل يجب أن تربط المعلومات الدينية بالثقافة العامة وحقائق العلوم السلوكية، أي علم النفس وعلم الاجتماع. ويختم المؤلف القسم الأول من كتابه، وهو المتعلق بالمحاور أو المسائل، بفصل حول أنماط الفكر الديني أو الدفاع الديني، مميزاً بين ثلاثة أنواع من الدفاع: (1) الدفاع عن دين معين عبر عرض عقائده ودعاواه على نحو إيجابي، أي من دون تعرض لما يؤمن به الآخرون. (2) الدفاع عن دين معين باعتماد السجال أو الجدل، بمعنى الانطلاق من إعلاء هذا الدين على سواه. (3) الدفاع عن الأساسيات الدينية ـ وفي رأسها مفهوم الالوهة ـ قبل التصدي للدفاع عن هذا الدين أو ذاك. وإذ يرفض المؤلف النمط الثاني، وهو الدفاع السجالي الذي مُنيت به الأدبيات الدينية عبر التاريخ، يدعو الى الانطلاق من النمط الثالث، أي الدفاع الفلسفي العام، وإقامة النمط الأول، وهو الدفاع الايجابي عن دين معين، عليه.
القسمان الثاني والثالث من كتاب “وحدة في التنوع” توثيقيّان، يحوي أحدهما مختارات من الحوارات الصحافية مع المؤلف حول كتبه الثلاثة السابقة أو حول بعض شؤون الفكر الديني، ويقوم كل حوار بمثابة فصل يضاف الى القسم الأول من الكتاب. ويحوي الآخر عدداً من الدراسات والآراء حول الكتب الثلاثة، “وفيها إجماع” ـ كما جاء على غلاف الكتاب ـ “من ممثلين متنورين لأديان ومذاهب مختلفة ومن باحثين في الفكر الديني على تقديم المؤلف موضوعَ الدراسات الدينية وإبراز أهميته، وعلى ريادته فلسفةَ الدين في الثقافة العربية المعاصرة”. ولا شك أن هذه المادة التوثيقية مهمة جداً، لأن مراجعتها بين دفّتَي كتاب أسهل كثيراً من الرجوع إليها في مصادرها الأساسية.
هوامش
1. أديب صعب، وحدة في التنوع: مَحاور وحوارات في الفكر الديني، بيروت: دار النهار، تشرين الثاني 2003.
2. أديب صعب، الدين والمجتمع، بيروت: دار النهار، الطبعة الاولى، 1983، الطبعة الثانية، 1995.
3. أديب صعب، الأديان الحيّة، بيروت: دار النهار، الطبعة الاولى، 1993، الطبعة الثانية، 1995، الطبعة الثالثة، 2004.
4. أديب صعب، المقدمة في فلسفة الدين، بيروت: دار النهار، الطبعة الاولى، 1994، الطبعة الثانية، 1995.
5. المطران جورج خضر، “المحاولة العربية الاولى”، بيروت: دار الندوة، ندوة بتاريخ 13 حزيران 1994 حول المقدمة في فلسفة الدين. انظر: وحدة في التنوع، ص 232 ـ 236.
6. السيد محمد حسن الأمين، “إعادة اعتبار الى العقل والدين”، صحيفة النهار، 20 تموز 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 214 ـ 218.
7. سامي مكارم، “لقاء في العمق مع أعلام التصوف”، الملحق، 3 حزيران 1995. انظر: وحدة في التنوع، ص 219 ـ 231.
8. طارق زيادة، “إضافة أساسية في الفكر العربي”، النهار، 3 أيلول 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 243 ـ 245.
9. محمد السمّاك، النهار، 15 حزيران 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 251.
10. جورج صبرا، “فلسفة سابقة لأوانها”، دار الندوة، 13 حزيران 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 237 ـ 242.
11. أديب صعب، وحدة في التنوع، ص 10.
12. أديب صعب، “اكتشاف الدين في الأديان”، الملحق، 18 آذار 1995، وحدة في التنوع، ص 156 ـ 157.
13. أديب صعب، وحدة في التنوع، ص 9 ـ 10.
14. أديب صعب، الدين والمجتمع، الطبعة الثانية، ص 143 ـ 154. (الطبعة الاولى، ص 163 ـ 178).
15. المرجع السابق، ط 2، الفصل الأول: “التعليم الديني التقليدي”، ص 21 ـ 33. (ط 1، ص 13 ـ 28).
16. المرجع السابق، ط 2، ص 186 ـ 187. (ط 1، ص 216 ـ 218).
17. في كتابه المقدمة في فلسفة الدين، يعرض المؤلف هذه النظرات في الفصل الثاني: “الدين والفلسفة”، وفي الفصل السادس: “مسألة الشرّ”، وفي الفصل السابع: “الدين والأخلاق”. ويمكن الرجوع الى أعمال المفكرين المذكورين، كما الى تواريخ الفلسفة، مثل:
Emile Bréhier, Histoire de la philosophie, Paris: PUF.
18. أديب صعب، الدين والمجتمع، ط 2، ص 163. (ط 1، ص 189).
19. المرجع السابق، ط 2، ص 158. (ط 1، ص 182).
20. المرجع السابق، ط 2، ص 163. (ط 1، ص 188 ـ 189).
21. أديب صعب، الأديان الحيّة، ص 9 ـ 10.
22. المطران جورج خضر، “المعرفة المنقذة”، الحياة، 5 أيلول 1993. انظر: وحدة في التنوع، ص 193.
23. أديب صعب، الأديان الحيّة، الفصل الحادي عشر: “ما هو الدين: مقارَنة وصْفيَّة”، ص 199 ـ 223.
24. أديب صعب، “هويّة دينية في الاتفاق”، النهار، 14 آب 1993. انظر: وحدة في التنوع، ص 129.
25. المطران جورج خضر، “المحاولة العربية الاولى”، دار الندوة، 13 حزيران 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 232.
26. الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، مثلاً، أطلق على بعض كتبه اسم “مقدّمة” بهذا المعنى:
Immanuel Kant, Prolégomènes à toute métaphysique future (1783); Fondements de la métaphysique des mœurs (1785).
27. السيد محمد حسن الأمين، “إعادة اعتبار الى العقل والدين”، النهار، 20 تمـوز 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 214 ـ 218.
28. طارق زيادة، “إضافة أساسية في الفكر العربي”، النهار، 3 أيلول 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 243.
29. المطران جورج خضر، المرجع المذكور.
30. أديب صعب، المقدمة في فلسفة الدين، ص 168 ـ 169.
31. المرجع السابق، ص 169.
32. محمد السمّاك، “ثروة فكرية”، النهار، 15 حزيران 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 251.
33. ربيعة أبي فاضل، “من التأريخ الى الابداع”، النهار، 27 أيار 1994، و البيرق، 9 و10 و11 حزيران 1994. انظر: وحدة في التنوع، ص 249 ـ 250.
34. أديب صعب، وحدة في التنوع، ص 10.
35. المرجع السابق.
36. المرجع السابق. انظر الفصل الرابع في الكتاب: “الدين والدولة”، ص 41 ـ 47، والفصل الخامس: “الدولة الدينية الفعلية”، ص 49 ـ 54.
37. المرجع السابق، ص 72 ـ 73.