قرأناً مؤخراً (في موقع الشبكة الليبرالية السعودية –منتدياتنا)* عن نهوض (مجموعة من شباب القطيف الغيارى على شعبهم ووطنهم… تطالب رجال الدين في المنطقة بالكشف عن مصير الأخماس والحقوق الشرعية التي يدفعها سكان المنطقة منذ عشرات السنين لوكلاء المراجع الدينية البالغ عددهم أكثر من 200 وكيل.)*.. سائلين متسائلين عن مئال زكاة الخمس في ديرتهم التي يستلمها الملالي على مختلف رتبهم و تراتبيتهم (مع حفظ الألقاب طيلة مقالي هنا)؛ و كأن هؤلاء الشباب يذكـّروننا -بطريقتهم- بقصيدة محمد صالح بحرالعلوم، رائعته: “أين حقي؟!ا
من لطائف ما صادفــْـتـُه اثناء حياتي في البحرين، ومن الأشياء التي وجدتها (بصعقة) كانت لمحة خاطفة لكنها ذات دلالة، حيال “خــُمس” الزكاة الجعفري (الجناح لشيعي الأعم في مملكة البحرين). ولمن لا يدري عن اصل و فصل مفردة “الخـُمس”(20%) بمعناها الزكواتي هنا، فلقد كان قد جاء ذلك أصلاً في القرآن بعد تتالي الغنائم من الغزوات و السرايا و الفتوحات؛ وورد ذلك في “الذكر” تشريعاً لاقتطاع الحاكم (في وقتها كان الرسول-ص)”خـُمسَ” المبالغ و المغتنمات و منها الأنفال (فضائل و أفاضل ما تم اغتنامه.).
ومن بعد الرسول، أخذ الشيعة تفسير ذلك عبر هيكلية ما لـ”بيت المال” لكنه بإشراف مباشر من قائد عادل ثقة يمثل الرسول ويقارب منزلته ونزاهته، ولو تباعد وتنوع مدى حدوث ذلك؛ وحرصوا على حصر ذلك في (آل البيت) و تبني ذلك الشرط كـمُسلـّمـَة من المسلمات الأساسية لتحقق أهلية تولي الحكم والادارة العامة. وتبنت الأوساط الشيعية بعامة ان يستخرج المرء 20 في المئة من ايراده الربحي فيسلمها لأحد الملالي الموثوق فيهم ليتصرف دينياَ بها كيفما يرى.
ولما قد ندر تبوء سدة الحكم من قبل ذوي القربي الرسولية الا في حالات قصيرة أو استثنائية، ولشك الشيعة الدائب في توافر حكام يرتجى فيهم ما يرتجون توافره من صلاحية وأهلية للحكم و الإدارة،.. فلقد دأبوا فيما يخص العقيديات، وما ينبثق منها لأمور الحكم ايضاً.. على تبني و اتباع -بل “تقليد”- شخص يعرف عنه الورع و تظهر عليه ممارساته، بما يشمل الانخراط بالعمل المحلي والاهتمام بالشأن العام والانشغال في نواحِ المجتمع المدني بمختلف الاعمال الخيرية والتعليمية والتدريبية والرعاية الاجتماعية للفقراء والأرامل و المعوزين بأنواعهم.
ولما تعددت -واحيانا تناثرت- مواقع التجمعات الشيعية، فلقد برز بين حين و أخر من يحمل الرأية ويسعى لملء الفراغ القيادي (على اعتبار عدم الاعتراف بالحكام في انحاء الأمة بعامة إذا لم يكونوا من نسل آل البيت / نسل الرسول، وخاصة من اسباطه من نسل علي بن ابي طالب، وخاصة من نسل الامام الثالث (الحسين).. الابن الثاني من بين ذرية علي الذين يربون على العشرين. ففي غياب القائد، و مع “انتظاره”، فلقد أخذ الشيعة يتوسمون تولي القيادة فيمن يتوافر فيه عدد من الصفات والمواصفات، ليحل (مؤقتاُ) محل “الإمام”، وليقوم بإدارة مختلف مهام الحكم والادارة.. ومنها استيفاء الخـُمس وتصريفه.
ثم بحكم الطبيعة، فقد تعدد اولئك المراجع، وتعدد ايضاً معلنو سيادتهم (بأنهم “سادة”، من نسل الرسول.. من جهة الحسين عموماً او حصراً)؛ لكن، ومع تعدد المراجع.. فلقد تمسك الشيعة بتوثيق صلاتهم بمن يرون فيهم الاهلية و المصداقية)، وطفقوا يقدّمون الأموال و يد العون لذلك المرجع/ السيد؛ و”عان” (=أعان) الله من عان السيد!”
ويواصل في ذلك “المرجع” / السيد/أو المُلاّ بخدمة “الرعية”-بمعنى-في دوامه العادي وبين اسبوع وآخر بما في ذلك صلوات الجمع. (بالمناسبة، فإنه ليس صحيحاً ما يشاع عادة بين الأوساط السُنية عندنا من تهمة بأن الشيعة لا يقيمون صلاة الجمعة، فلقد شاهدتـُها تؤدى -بمملكة البحرين مثلا -باستثاء بعض المناطق- في اكثر من جامع.
ومن جملة النشاطات التحصيلية، فيما وراء تجميع “الخُمس”، يقوم معاونو الامام او المرجع بـُعيد صلاة الجمعة -مثلاً، وفي الحسينيات.. بشكل مباشر او غير مباشر.. بجمع الأموال والتبرعات العينية من المواطن الشيعي العادي ومن ذوي النفوذ ايضاَ، خلال وحوالي المناسبات الاسلامية الشيعية طيلة العام، مثل “الموالد” .. بما يشمل مولد الرسول و زوجه خديجة وابنته ام الحسنين وعدد من الأقارب و الذريات؛ و بالطبع ايضا موالد “الأئمة” المحددين لغرض الامامة/ الزعامة: إثنا عشر عند الفئة الشيعية الاعم –الاثنا عشرية، الجعفرية، بدءاً بأبي الحسنين علي ثم ابنه البٍِــِكر الحسن، ثم بقية الأئمة الاثني عشر.. لكن حصراً من نسل الحسين بن علي. كما تشمل فاعليات الحسينيات مناسبات العزاء بالوفيات، وهن إحدى عشرة.. على اعتبار أن الامام الثاني عشر لم يتوفَ بعد.
ويسري مبدأ الخُمس وتطبيقاته بين الشيعة في اوساطهم وأسواقهم، وأيضاً في المرسلات من المبالغ الى خارج المنطقة (مثلاَ: شرقاً، إلى قم، ايران و ما حولها؛ و غرباً، جبل عامل في لبنان/وجنوب بيروت مؤخراً، خاصة بعد حرب 2006م، و بالطبع شمالاً، الى العراق.) و في خضم القيادة يتنافس المتنافسون؛ وصارت عبر السنين في مركز الشيعة الأهم، النجف، بيوتات بارزة، مثلاً: آل الحكيم، آل الصدر، آل الخوئي؛ وحالياً يعتلي علي السيستاني سدة المرجعية العليا هناك (وهو المرجع الأشهر منذ وفاة محمد الخوئي) .
ويشمل نفوذ وسلطة ومقام تلك البيوتات القيام بعناصر الدور الروحي الذي يديرونه بمتعدد طقوسه ونشاطاته وأيضاً فتاواه؛ وكذلك الجانب المالي منه المتصل بتلقى وتجميع “الخـُمس” والتصرف به.
أما في الجانب “السُني”، فإنه رغم مضى ألفية و قرابة النصف، ومع تداول مبدأ الزكاة عندهم بأنه (فقط) رٌبع العشر(2.5%) .. وأن أوجهها ثمانية، الخ)، فإني اتصور وألاحظ بأن المعلن قد لا يطابق المنفــّذ، بل اتصور انه يعجز عن ذلك بأكثر الكثير.. وإلا لـَما بقى فقيرٌ ولا معوز ولا مستجدٍ لعلاج او لمجرد مأوى.. لا عند السنة- (ولا بالـتأكيد عند الشيعة حيث نسبة الزكاة (20%) تفوق نسبة ما عند السنة (2.5%) بقرابة عشرة اضعاف. وهنا تتجلى شكوى شباب القطيف.)
وفي المجال المؤسساتي “السـُّـني”، مثلاً،.. نجد انه حينما تحاول الدولة ان “تصيد” التجار.. بما فيهم ما نعتهم الرسول بالفجار.. عند تسجيل سجلاتهم و إبّان اصدار التراخيص لهم.. فإذا بهم هم يصيدونها، فيذكرون ويسجلون فقط جزءاً بل جزيئاً من رأس المال (الحقيقي) تحاشياَ للزكاة بنسبتها الحقيقية الواجب جمعها.. رغم الانخفاض الواضح لنسبة الزكاة بالمفهوم السني (مقارنة بالمفهوم الشيعي)، كما أتصور أن تجار المواضع الشيعية يؤدون نفس الدور؛ وان الملالي أيضاً -مثلهم مثل الدولة- يسايرون التجار (والأفراد) بشيء من “الواقعية”.
وعودة الى البحرين.. وما صعقني هناك ذات مرة حيال مفهوم “الخـُمس”، أن اعتراني تساؤل وصل الى الشك بعد أن سمعت من احد الاخوان هناك اشارته الى الخمس بمعني ما كنت لأتصورته ابداً: لقد كان زميلاً حميماً وممن التقي بهم بانتظام، وهو كاتب مقتدر ومتخصص في أمور التاريخ والثقافة القديمة الخ؛ فسألته ذات مرة، فأجابني (وهنا كانت الصعقة) بأن الخمس معناه5%(!) فشعرت عندها أن هناك خلطاً حيال مفهوم (ناهيك تنفيذ) موضوع الأخماس.
صحيح ان هذا الصديق هو من خلفية “عُجـْمية” (=ايرانية) يتقن العربية، ولكنه من مواليد البحرين من الفئة البحرينية من الخلفية الايرانية التي تسعى جاهدة(!) الى التحدث بالفارسية – وإلى دفع اطفالها ايضاً الى التحدث بها في البيت؛ فلعلي اتخيل ان ذلك كان أحد المصادر والأسباب وراء اللبس بين الخـُمس والخمسة في المئة.. على الأقل هناك!
وسواء أكان الموضع متصلاً بالشيعة او بالسنة.. فلقد تكوّنَ عندي شعور تعمق عبر السنين بأن في الغالب الأعم قد لا يتم دفع لا هذا و لا ذاك، أصلاً! وأن ما يدفع فعلاً كزكاة (عند الفئتين!) ما هو إلا جزيء فقط من المطلوب. وبالتالي الفجوة بين الفريضة والتطبيق؛ .. وانا أول المعترفين!
ورجعة الى النهوض الشبابي في القطيف،..فإنهم ربما اكتشفوا ما لمستــُه، ولعلهم سمعوا من الخلط والخيال أكثر مما سمعته؛ والأهم من ذلك انهم ربما أحسوا بان الخُمس -بأي تفسير- لا يصل حتى قرب الكفاية الى جيب فئات الناس المقصودة الذي تمضي عاطلة أو محدودة الدخل.. مقرودة الحظ!
نداء إلى المتصرفين بأموال الخمس في القطيف
“سهم الإمام يجب أن يصرف.. على ما فيه خير البلاد والعباد”
*موقع الشبكة
*http://www.montdiatna.com:8686/forum/showthread.php?t=57772
doctor.natto@yahoo.com
*عميد سابق في جامعة البترول- السعودية
تصيحي اخطاء الكاتب عزيزي الكاتب يبدو انك كتبت مقالك بناء على ما قرأت من مقالات طائفية مبغضة للشيعة ! , فالخمس لا يجمع لا في الحسينيات ولا في المناسبات ! انما الخمس يقوم بدفعه من لديه اموال زائدة عن الحاجة في نهاية السنة فيقوم باخراج الخمس منها اي بما يعادل 20% من المبلغ الفائض , فهل فهمت حكم الخمس يا استاذ نـــتــــو ؟! يا استاذ فتو العتب عليك كبير واصبت نفسك بالعائبة كونك تكلمت بما لا تعلم , وم منطلع منصبك السابق كعميد جامعة راقية وعريقة كجامعة الملك فهد , فيفترض ان تتحقق من الامر قبل التفوه بخرافات وهاية لا… قراءة المزيد ..
خُمسُ الشيعة.. ورُبْعـُشْرُ الــُسّنة
يا عزيزي الدكتور:خمس إيه؟وربع عشر إيه(اللي انت جاي بتقول عليه).
قيل لاعرابي كان في جماعة: مالك لا تتكلم يا أخ العرب؟قال:
اسمع فأعلم و اسكت فأسلم!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!