اختلف المسلمون لقرون على من كان أحق بالخلافة قبل 14 قرنا، وفي غمرة ذلك نسوا عمن يحق له حكمهم اليوم!!
*
عقدت منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي وحتى الأمس القريب عشرات المؤتمرات الإسلامية الإسلامية والإسلامية المسيحية بهدف تقريب المذاهب لبعضها البعض وإذابة الفوارق بينها، وخاصة بين أتباع المذهب الشيعي من جهة والمذاهب السنية الأربعة الأخرى، وبين مذاهب المسلمين الخمسة الرئيسية وبين المسيحية، وأحيانا اليهودية!! ويمكن القول بدون تردد أو تلعثم أن لا شيء، لا شيء مطلقا، تمخض عن أي من هذه المؤتمرات، والتي كانت في مجموعها كلاما في كلام ومجاملات وتبادل قبلات ومصافحات وعناق وطبطبة كل طرف على ظهر الطرف الآخر وتوزيع ابتسامات، لتنتهي هذه الاجتماعات ومؤتمرات الحوار وكل فريق باق على موقفه لا يريد الزحزحة منه قيد أنملة. فلو كان هناك مجال أو أمل، ولو ضئيل، في تقارب أتباع المذاهب والديانات المختلفة لما كانت هذه الفروق والاختلافات أصلا. فما خلقها، وتسبب في وجودها في المقام الأول هو الذي يضمن بقاءها ضمن حدودها دون تغيير يذكر، ولقرون طويلة قادمة.
ما يحتاج له أتباع المذاهب السنية الأربعة وما يحتاج له أتباع فرع الشيعة، لكي لا ندخل في مواضيع أكثر تعقيدا كتقارب الإسلام مع أتباع الديانات الأخرى، هو أن يقبل السني أخاه السني الآخر، وأن يقبل الشيعي أخاه الشيعي الآخر، وأن يقبل كل فريق أتباع الفرق الأخرى ويتفهموا مواقفهم وآرائهم ومعتقداتهم وأن يرضوا بها، قبل أن يفكروا مجرد تفكير في التقارب مع الخارجي من مسيحي أو بوذي أو هندوسي، فالإنسان غير المنصف والمتسامح مع أهل بيته لا يستطيع أن يكون منصفا ومتسامحا مع أصحاب البيوت الأخرى.
وبهذا السياق أجرى السيد “أبو القاسم الديباجي”، وهو رجل دين معروف وأمين عام “الهيئة العالمية للفقه الإسلامي”، وهي هيئة شيعية لا أعرف الجهة التي تنتمي لها، أجرى في منتصف يوليو الماضي لقاءا صحفيا في الكويت تطرق فيه لقضايا عدة تتعلق بالتقارب بين المذاهب الإسلامية من جهة وبين المسلمين والمسيحيين من جهة أخرى. تبين من تصريح الديباجي مدى ما نمارسه من لغو في مواضيع التقارب المذهبي بين بعضنا البعض وبيننا وبين الآخر. فقد ذكر أن الهيئة التي يتولى أمانتها ستختار احد “علماء” السنة الكويتيين ليكون عضوا فيها، وسيعلن عن ذلك قريبا! ولكن بعد مرور أكثر من خمسة أشهر لم يتم اختيار أحد، ولا نعتقد أن من في رأسه عقل سيقبل بهذا “التشريف”!! فما الذي سيفعله رجل دين سني في محيط شيعي معاد لفكره ومواقفه لأقصى حد، وهل سيستمع له أحد لو فتح فمه برأي أو اعترض على أمر؟ وقال الديباجي في مؤتمره أن الهيئة تلقت دعوة من “أمين عام رابطة العالم الإسلامي للمشاركة في المؤتمر العالمي للحوار الذي سيعقد تحت رعاية العاهلين السعودي والإسباني في يوليو (الماضي)، ومشاركة 200 شخصية إسلامية من كافة المذاهب من ذوي المنصب والجاه(!!!) ونكتشف اليوم أن المؤتمر عقد وعقد مؤتمر آخر بعده في أروقة ألأمم المتحدة وحضره عدد من كبار زعماء العالمين ألإسلامي والمسيحي، ويمكن القول أن شيئا لم يتمخض عن أي من المؤتمرين غير تبادل التمنيات واكتفاء المشاركين بهز الرؤوس بالموافقة على كل كلمة قالها ممثلو الأطراف الأخرى.
وورد في لقاء الديباجي الصحفي أن هيئته تبذل “قصارى” جهدها من أجل تذويب الفوارق بين الأديان والمذاهب، والحيلولة دون اتساع الهوة بينها!! ونحن نؤكد هنا أن الفوارق بقيت كما هي إن لم تتسع. فـ”علماء” كل طرف، ممن لهم باع طويل في الإنترنت، وهم النخبة القائدة في الساحة الدينية صعّدوا كثير من لهجاتهم ضد الطرف الآخر، والإنترنت بقنواته الدينية التي لا تحصى تزخر بكم هائل من الأحقاد والرفض والكراهية التي يكنها كل طرف لمعتقدات ومواقف الطرف الآخر. من بين هؤلاء بعض من شارك في مؤتمرات التقارب المذهبية هذه وغيرها. ونكون حقا مسرورين لو أخبرنا السيد الديباجي عن النتائج التي تحققت من قيام هيئته ببذل قصارى جهدها في الأشهر الستة الماضية مثلا!!
وحول موضوع حقوق البشر، قال الديباجي أن تلك الحقوق موجودة لدى المسلمين قبل سنّها بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية!! ولا أدري من أين جاء الديباجي بكلامه هذا، علما بأن مجرد إصرارنا على طرح مثل هذه الأقوال واعتبارها من المسلمات كاف لنسف أية محاولة للتقارب مع أي طرف آخر، فلا حوار بشروط ومواقف مسبقة!!
نعود للبداية ونقول بأننا لسنا ضد الحوار ولا ضد التلاقي ولا ضد التفاهم، فهذا من أساسيات أي تفكير علماني مستنير. ولكننا ضد القيام بأية خطوات كبيرة وضخمة ما لم يسبق ذلك خطوات أصغر وأكثر أهمية وخطورة ونعني هنا خطوات التقارب بين المسلمين بعضهم ببعض. فكيف يمكن أن نقنع الآخر بمبدأ التقارب معه في الوقت الذي يرفض فيه غالبية رجال دين الحوزات الدينية مواقف زملائهم رجال الدين السنة، والوهابيين والسلفيين منهم بالذات؟ وكيف يمكن أن نطلب من الآخر المسيحي أو اليهودي وحتى البوذي التقارب معنا، وغالبية غلاة رجال السنة في الكويت والسعودية ومصر وغيرها يكفّرون كل ما له علاقة بالشيعة ومعتقداتهم؟
هذا هو الواقع وهذه هي الحقيقة، وأدبيات كل طرف أكثر من كافية لأن تشي وتدل على حقيقة مواقفهم. وفي الاعتراف بالمشكلة نكون قد خطونا الخطوة الأولى في طريق الحل، ولكن ما أطوله من طريق، فليس من السهل الاعتراف بوجود مشكلة، دع عنك وضع حل لها.
ملاحظة: ورد في الوطن 15/12، على لسان السيد الديباجي نفسه، تعليقا على موضوع الاختلاف على تحديد يوم عيد الأضحى الأخير، أن لدى الشيعة عموما قناعة حول شرعية رؤية الهلال، ولكن (!!) بالرغم من أن جميع المتواجدين في المشعر الحرام مأمورون بمتابعة قرار تحديد يوم عرفة (وكأن هناك خياراً آخر)، إلا أن الاختلاف على يوم العيد كان خارج نطاق الحج، فقرار تحديد اليوم يرجع لرأي المراجع العظام في بلادهم!!
وهكذا نجد أننا في الوقت الذي نعجز فيه حتى على الاتفاق على تحديد يوم عيد الأضحى، نصر على التقارب مع المسيحيين واليهود!!
habibi.enta1@gmail.com
* رجل أعمال وكاتب كويتي
اللهُ لا يحتاجُ نُصرتنااللهُ لا يحتاجُ نُصرتنا للكفرِ نابٌ و للإرهابِ أنيابُ ما عمّ خيرٌ إذا ما سادَ إرهابُ. يا سادةَ القومِ يا أربابَ تجربةٍ يا صاحبَ الفَهمِ ما المعنى و إعرابُ؟ فالرّبُّ كوّنَ ذا الإنسانَ زيّنَهُ بالعقلِ نوراً و قالَ: الحكمةُ البابُ. كيفَ تُعلّى بنودُ الجهلِ رايتُهُ يغتالُ خيراً و وجهَ اللهِ كذّابُ. مَنْ قالَ يوماً بأنّ الحقدَ مِنْ صفةٍ للّهِ كانت و أنّ اللهَ نصابُ؟ مَنْ قالَ يوماً بأنّ اللهَ يحكمُهُ عجزٌ ليأتي بهذا القولِ سَبّابُ؟ اللّهُ ينصرُ لا يحتاجُ نُصرتَنا و اللهُ يرحمُ لا سيفٌ لهُ نابُ! قُلْ لي أيُعقلُ أنْ تأتي لتقتلني كوني خلافك في ديني؟… قراءة المزيد ..