وجدي ضاهر – الشفاف – خاص
قالت حركة حماس إن استمرار قصف إسرائيل من قبل المسلحين الفلسطينيين أمر في غير أوانه نافية أي مسؤولية لها عن الهجمات الصاروخية الاخيرة على اسرائيل متعهدة بالعمل على منعها.
أما وزارة الداخلية المقالة التابعة للحركة في غزة فقالت في بيان لها ان اطلاق الصواريخ في الوقت الحالي “ليس له علاقة باي من جماعات المقاومة ونؤكد انها في غير وقتها وستلاحق الاجهزة من يقف وراء اطلاق هذه الصواريخ”.
وياتي الموقف الحمساوي المستجد بالتزامن مع مساعي الوساطة المصرية لترتيب وقف اطلاق نار طويل الامد بين الحركة واسرائيل يتضمن رفع الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة وفتح المعابر مقابل وقف “حماس” اطلاق الصواريخ وتشترط اسرائيل ايضا ان يشمل هذا الاتفاق اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليط المحتجز لدى “حماس” وهو ما ترفضه الاخيرة وتقول ان تبادل السجناء يجب ان يكون في اتفاق منفصل.
خضر حبيب، أحد قادة حركة “الجهاد” الإسلامي قال إن قوات الأمن التابعة لـ”حماس” قد اعتقلت عددا من أعضاء الحركة لقيامهم بهجمات صاروخية مضيفاً إن للجهاد الإسلامي “الحق في المُقاومة”، وإنها ستواصل ردها على كل عدوان إسرائيلي، حسب تعبيره، في الوقت الذي اشار فيه مسؤول آخر في الحركة الى ان قوات الامن التابعة لحماس اعتقلت 10 من عناصرها المسؤولين عن اطلاق الصواريخ واطلقت سراحهم بعد تعهدهم بالتوقف عن ذلك مستقبلا.
“حماس” كانت اطلقت آلاف القذائف والصواريخ على جنوبي اسرائيل خلال السنوات الثماني الماضية. وتشير التقديرات إلى أن عشرين مدنيا إسرائيليا قد لقوا مصرعهم جراء هذه الهجمات كما جرح عشرات.
وكانت هذه العمليات ذريعة للهجوم العسكري الأخير على غزة الذي أودى بحياة 1300 فلسطيني على الأقل.
ومع الاعتذار على الاطالة والاسهاب في موقف الحركتين (حماس) و(الجهاد الاسلامي) يتبادر الى ذهن اي مواطن عربي سؤال متعدد الاتجاهات.
السؤال الاول: لماذا قررت حماس وقف اطلاق الصواريخ، وتاليا عندما طلبت السلطة الفلسطينية من “حماس” وقف اطلاق الصواريخ إفساحا قي المحال للتفاوض مع اسرائيل ورفع الحصار عن غزة والضفة الغربية ورفع الحواجز ووقف الاستيطان والسير قدما في خطة خارطة الطريق، رشقت “حماس” السلطة بشتى الاتهامات التي ليس اقلها العمالة والاستسلام والخيانة العظمى والخنوع امام الاحتلال الاسرائيلي والتخلي عن الثوابت الفلسطينية وبيع القضية الى ما سوى ذلك… في سياق تصاعدي ادى الى سيطرة “حماس” على قطاع غزة في عملية جراحية تشبه ما قام به نسيبها حزب الله اللبناني مع تسجيل ان كلفة الانقلاب الحمساوي من دماء الفلسطينيين كانت اكبر بكثير.
السؤال الثاني اين تقف حركة الجهاد الاسلامي من قرار حماس؟ ولماذا ساهمت “الجهاد” في التعمية على الانقضاض على مقاتلي فتح وعناصر السلطة وتعاطت مع الموضوع كالعنقاء التي تدفن رأسها في الرمال حتى وصلت موسى “حماس” الى رقاب مقاتليها؟
وها هي حركة الجهاد الاسلامي تدفع ثمن وقوفها موقف المتفرج على الانقلاب. ويبدو انه لولا الحصانة الايرانية والوصاية السورية على حماس والجهاد لكان مصير الجهاد متطابقا مع مصير السلطة الفلسطينية في غزة.
ولكن الى متى يستمر مفعول الحصانة والوصاية في زمن التحولات الجديدة والمفاوضات التي فتحتها الادارة الاميركية في شتى الاتجاهات؟
السؤال الثالث: وهو عود على بدء، لمناقشة الاجندة الحمساوية في السياسة الفلسطينية والعربية، وما الذي تغير في سياسة اسرائيل كي تقرر حماس وقف اطلاق الصواريخ وملاحقة مطلقيها؟ وهذا يستدرج، ببساطة، جوابا ساذجا في ضوء عدم تسجيل اي معطى جديد على السياسة الاسرائيلية سوى التشدد الذي يعد به رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو والذي يعود بالقضية الفلسطينية الى ما قبل اوسلو ومدريد وربما الى ما قبل الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.
والجواب هو ان “حماس” تنفذ اجندة سورية ايرانية لا علاقة بالشأن الفلسطيني ولا بالشعب الفلسطيني وتضحياته التاريخية. وهي تضع، عن سابق تصور وتصميم، وبارادة حرة وواعية مدعومة بالمال والسلاح الايراني، القضية الفلسطينية برمتها على مذبح طاولات التفاوض السورية العربية والسورية الاميركية والايرانية الاميركية.
السؤال الرابع: هلى استطاعت حماس ان تستدرج اسرائل الى ساحة الصراع الفلسطيني الفلسطيني؟
يبدو في هذا السياق ان الحركة استطاعت، بوعي منها، ان تستدرج اسرائيل الى هذا الميدان واستمرت تطلق الصواريخ، على الرغم من التحذيرات العربية من من وصفهم احد رعاة حماس بـ(انصاف الرجال)، تحت طائلة استدراج عروض اسرائيلية لتدمير غزة. إلا ان الحركة وببساطة ، يبدو ان زمام امورها اسقط من يدها سلفا ، امتنعت عن الاستجابة لنداءات (انصاف الرجال) واستمرت في اطلاق الصواريخ وكان ما كان في غزة من قتل وتهجير وتدمير لتعود اليوم للتفاوض غير المباشر مع اسرائيل بوساطة من رجال (انصاف الرجال) المصريين لتضمن استقرار سيطرتها على غزة في وجه السلطة ورئيسها الذي هو اليوم محمود عباس والتي يبدو ان حماس قررت استخدام اسرائيل لمصادرتها لحساب الرعاة السوريين والايرانيين.
خامسا وأخيرا: يحق لاي مواطن عربي ان يسأل حماس عن سبب اختصار القضية الفلسطينية الى التفاوض على معابر غزة فقط؟ وماذا عن الضفة الغربية ام ان الضفة لا تدخل في حسابات الحركة ، اقله في الوقت الراهن، وهل اصبحت القضية الفلسطينية اليوم تتلخض في سماح اسرائيل بادخال مواد البناء الى غزة؟ ولأجل ذلك تمنع حماس اطلاق الصواريخ على اسرائيل كي تفاوض وسط اجواء من الهدوء، حرّمته على السلطة الفلسطينية الشرعية؟
وإزاء هذه التساؤلات لا بد من استذكار ابو القضية الفلسطينية الراحل ياسر عرفات الذي قضى وهو يحاول تجنيب تحويل الفلسطينيين الى اوراق مساومة في يد اي دولة عربية وفي مقدمها سوريا إلا أن حماس قضت على حلم الفلسطينيين ووضعت قضيتهم في “ناطنز” ودمشق.
حماس تتعهد “بالتصدي” لمطلقي الصواريخ!
والله غلبنا يا بخره من فين نبوسك؟