وردني امس بيان من “مؤسسة سماحة المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله” يشير الى تعرّض الموقع الرسمي للمؤسسة، وعنوانه “بيّنات”، على صفحة “الفايسبوك”، لعملية قرصنة واختراق من قِبَل جهات تقصّدت الإساءة إلى الرمز الإسلامي الكبير الفقيه المجدد، بطريقة رخيصة تنمّ عن حقدٍ وجهلٍ وضيق أفق..”. وأورد البيان أنّ “قرصنة الموقع تأتي في إطار حملات مريبة”، داعيا الى “التنبه من اهدافها، مؤكدا على “وحدة الامة” وعلى ضرورة “اشاعة منطق الحوار العقلاني والابتعاد عن العصبية والغرائزية والاساليب الرخيصة..”.
لم يشر البيان الى جهة محددة تقف وراء هذه القرصنة. لكنّ بيانا آخر وردني وانتشر بشكل واسع نسبيا في بعض قنوات التواصل، لا سيما من قبل ناشطين مؤيدين لمنهج وفكر السيد فضل الله، مذيل بتوقيع “جمع من مثقفي الشيعة”.
البيان هذا ما هو الا رد على ما كتب في مجلة “شعائر”، التي يشرف عليها ويكتب فيها مجموعة من رجال الدين الشيعة من ابرزهم السيد جعفر مرتضى والشيخ حسين كوراني. والسيد مرتضى معروف عنه هجومه اللاذع على الراحل السيد فضل الله قبل وفاته، وكان أصدر العديد من المؤلفات التي تشكك بمرجعية فضل الله وعقيدته الشيعية. ولا يخفى على المتابعين ان المذكورَين، كما الصحيفة، ينضويان تحت مظلة ولاية الفقيه وحزب الله.
وبعدما تناولت “شعائر” في عددها الاخير السيد فضل الله وعقيدته محذّرة من حملة سوف تخوضها ضد منهجه، يردّ بيان “جمع من مثقفي الشيعة” بالقول: يا عبيد الصفوية وعملائها إننا نؤمن بإيران التشيع الإسلامي. ولا نؤمن بإيران الصفوية كما تفعلون، أعمت عيونكم أموالهم وإنا علينا واجب تنقية التشيع من حشوهم إتماماً لمسيرة العامليين من علمائنا الذين قاموا بزرع بذرة الولاء لأهل البيت فيهم. فلن نداهن على حساب قناعاتنا وإيماننا بأهل البيت عليهم السلام ومحبتنا وولائنا لهم ولكن هيهات أن نسمح من تحويلهم إلى خرافة تمنع نورهم من أن يضيء الدنيا كما تفعلون وهم الحق والحقيقة والعقل والنور والعلم والحياة”.
وبالعودة الى ما ورد في “شعائر” (ص38 عدد ايار 2012) تحذير الى من أسمتهم
المقالة: “بعض المبتدئين بحملة (ضد اهل البيت) تضر ولا تنفع…”، وورد في مكان آخر من العدد نفسه: “… وان لم يسكتوا فإن الواجب يقضي بمعاودة الكرة مجددا، وبطريقة مختلفة هذه المرة تعتمد منهجية التحليل العلمي للمنطلقات الفكرية للرمز الذي يظن هؤلاء أنّهم يمثلون استمرارا لموقعه الاصلاحي التجدييدي الكبير(السيد فضل الله)…مع من لا ننكر دوره الريادي في دعم المقاومة الاسلامية اعزها الله تعالى..”.
وهذا التطور المستجد يرتبط في جانب اساسي منه بعلاقة مؤسسة السيد فضل الله وحزب الله. وفي المعلومات التي يتم تداولها لدى اوساط متابعة أنّ تحذيرات وردت الى المؤسسة بضرورة وقف احد البرامج الدينية المباشرة التي تبث عبر التلفزيون والاذاعة التابعتين للمؤسسة، وتحديدا استبعاد الضيف الدائم (الشيخ ياسر عودة) على هذه المحطة وهو احد رجال الدين الذي يعيد تقديم آراء وافكار السيد فضل الله من خلال الاجابة على اسئلة المستمعين والمشاهدين. وعندما قام وفد من المؤسسة بطلب لقاء أحد قياديي حزب الله لتبيان حقيقة هذه التحذيرات، نصح القيادي أن تبادر مؤسسة السيد فضل الله الى اقالة الشيخ ووقف برنامجه، وكانت ذريعته ان “أحدا لا يستطيع ان يضمن عدم قيام بعض المتهورين بالاعتداء على الشيخ المعني في الشارع او اي مكان آخر”.
الاستياء كان رد فعل اوساط مؤسسة السيد فضل الله، وإدارتها فوجئت بالرد، لكنّ ذلك، على ما ينقل مقربون من الإدارة، لم يدفعها إلى الاستجابة لهذه النصيحة، لا بل ثمة اصرار على صدّ ما يعتبرونه “محاولات لكم الافواه لحساب الترويج لوجهة ومنطق يذهب نحو مزيد من الانغلاق والانزواء، والترويج لخطاب فقهي وديني واحد تحت ذريعة وسلاح المس بالمذهب والعقيدة”.
هو واحد من تهديدات كثيرة يتلقّاها كثيرون يوميا من قيادات ومسؤولين في حزب الله، لوقف ملفّ هنا أو استبعاد ضيف هناك أو التوقف عن الحديث عن هذا الموضوع في هذا الصالون أو ذاك، وذلك لقتل أيّ رؤية جدّية، فقهية أو سياسية أو حزبية، واليوم وصل الموسى إلى رقبات عالية، رقبة السيد فضل الله.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد
إقرأ أيضاً في “الشفاف”:
[”حزب الله” منع السنيورة ونواب “المستقبل” من الصلاة في الضاحية الجنوبية
->http://www.metransparent.com/spip.php?page=article&id_article=17703&lang=ar
]