هل بدأت الاتصالات بين الادارة الاميركية وحزب الله؟ الجواب نقلاً عن مصادر في وزارة الدفاع الاميركية “البنتاغون”: الاتصالات بدأت مع الجناح السياسي في حزب الله. وان كان تقسيم حزب الله بين جناح سياسي وجناح عسكري هو تقسيم اعتمدته الدول الاوروبية في تبرير نظام عقوباتها على حزب الله، إلا أنّ الاخير رفض هذا التصنيف واعتبر على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله في اكثر من مناسبة أنّه تقسيم غير واقعي ولا وجود له داخل حزب الله.
لكنّ الادارة الاميركية وسياسة الرئيس الأميركي باراك اوباما، تبدو وفية جداً للمسار الدبلوماسي لحل الازمات. والعقل البراغماتي الاميركي الذي يمثله اوباما يعيد الاعتبار الى سياسة الاحتواء في السياسة الخارجية. فمجرد اعلان ايران استعدادها الدخول في الحظيرة الدولية معناه انّ ايران خرجت من اسر “الشيطان الاكبر” في علاقاتها الخارجية، وتجاوزت مقولة “لا شرقية لاغربية….”. فيما السياسة الخارجية الاميركية، المستندة الى فلسفة العقل الاميركي، تبني قناعاتها السياسية مستندة الى اهداف واقعية، وتتبنى استراتيجيات تنطوي في داخلها على ديناميات تعديل ذاتية. والبراغماتية هذه تتميز عن العقل الالماني على سبيل المثال لا الحصر، لأنها تستند وتقوم على انّ قيمة الشيء في نفعه، وليس في منطقيته او في تعاليه والهيته. ودائما طالما يخدم نظام مصالح الدولة.
ايران بهذا المعنى هي التي جاءت الى الولايات المتحدة وليس العكس. والادارة الاميركية، التي رحبت بالانعطافة الايرانية الدولية، سترحب بانعطافة حزب الله، ضمن سياسة الاحتواء. قال السيد حسن نصرالله في تبرير قتال حزبه في سورية ان حزبه يحارب دفاعا عن وجوده وليس عن مصالح له في هذا البلد. ولأنّ المعركة وجودية في سورية، فإنّ اسرائيل لم تعد تشكل مادة خصبة للتعبئة الداخلية، ولا الولايات المتحدة التي دخلت مع ايران في مرحلة اختبار جدي للتعاون، وبات ما هو جائز على مستوى الاصل (ايران) جائز ايضا على مستوى الفرع (حزب الله).
المصادر في واشنطن لا تتحدث عن عناوين البحث وموضوعاته، بين الادارة الاميركية وحزب الله، لكنها تدرجها في سياق بحث ملحقات “الملف النووي الايراني”. على أنّ بعض المراقبين، وهم يشيرون الى موضوعية هذه الخطوة المترقبة لديهم، يرجحون انّ جوهر مسار تواصل اميركا – حزب الله يقع ضمن ترتيب مرحلة ما بعد الرئيس بشار الاسد، خصوصًا ان حزب الله يتعامل حتى الآن مع بقاء الاسد على انّه خيار وجودي بالنسبة اليه. مع ادراكه انّ مرحلة جديدة يجري رسمها دوليا لما بعد نظام الاسد، ولأنّ محور الممانعة نحو مزيد من التفكك – طبعاً خارج الشعارات الفضفاضة – فإنّ البحث يتم الآن في اتجاه تقديم الضمانات المتبادلة لتسهيل انعقاد مؤتمر جنيف 2، وما يمكن ان ينتج منه.
أيضا لأنّ حزب الله جزء من هذه الشبكة، التي تتفكك، بات معنيا بالتفكير والبحث في شروط المرحلة المقبلة، والوظيفة التي يمكن من عبرها الحدّ من تداعيات هذا التفكك على بنيته وفي بيئته. ويدرك الاميركيون هذه الحقيقة الجانب حقيقة انّ حزب الله يمثل بيئة اجتماعية وازنة في لبنان. لذا لا ينظرون بكثير من القلق الى جهود حزب الله المنصبّة على خلق عدو جديد له، في اطار الحفاظ على تماسك بنيته الداخلية، وما توجيه المعركة نحو التكفيريين، وبدرجة اقل نحو السعودية، الا محاولة تعويض لتراجع التعبئة ضد اسرائيل والولايات المتحدة، بعدما افقدتهما الحرب السورية الخصوبة والتأثير لدى البيئة التي يحضنها حزب الله وتحضنه.
alyalamine@gmail.com
البلد