العريضي يؤكّد انّ التعثّر أساسُه الموقف من المحكمة
وخوري يكشف انّ “المعارضة” لم تردّ ايجاباً على تلازم البنود
مجلس الوزراء يقرّر طلب التمديد سنة للجنة التحقيق والسنيورة يحذّر من تهديد الدولة
على مسافة شهر من موعد بدء العقد العادي لمجلس النواب، وفي وقت تغلف الضبابية ما توصلت اليه حركة الاتصالات الاقليمية المستمرة لإيجاد خرق في جدار الأزمة اللبنانية، وبالرغم من انفتاح قوى 14 آذار الايجابي والمتكرر على حلّ معبره المحكمة الدولية لتعلقها بالاستقرار الوطني عموما، سجّل ارتفاع منسوب المناورات السياسية للفريق الآخر التي تعتمد التهويل بالتصعيد والتهديد بالعصيان والتعطيل منهجاً من دون تقديم بدائل للمخارج سوى السعي لضرب بنية الدولة بعد محاولات استهداف الحكومة، والتضليل بأن ثمة مبادرة جاهزة للحل تقوم الأكثرية بتعطيلها.
وسط هذه الصورة، وافق مجلس الوزراء أمس في جلسة ترأسها الرئيس فؤاد السنيورة على طلب وزارة العدل التمديد لمهمة لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سنة اضافية ابتداء من 15 حزيران المقبل.
من جهته جدد السنيورة خلال الجلسة الدعوة الى الحوار والتلاقي، معتبرا ان “التشنج لا يفيد إلا العدو الاسرائيلي”. وقال “هناك من يهدد بما ينسف أسس الدولة، أي العصيان المدني وأنا شخصياً أربأ أن يقدم على ذلك أي من اللبنانيين”.
و أكد وزير الاعلام غازي العريضي أن “لا جديد على صعيد الاتصالات الاقليمية لحل الأزمة، وما يحكى عن مبادرات ما هو إلا ترويج اخباري”، مضيفا ان “السعودية لم تقدم مبادرة محددة حتى الآن، بل تبدي استعدادا لتقريب وجهات النظر بين اللبنانيين”، لافتا الى أن “أساس التعثر هو المحكمة الدولية”.
وعن تصعيد “المعارضة”، قال انّه “سبق أن أعلنت بعض أطراف المعارضة موافقتها على أفكار عدة للحل، لكن في لحظة معينة جرى ابلاغ رفضها بدعوى أن أطرافا أخرى في المعارضة لم توافق، وبالتالي يمكن استخدام هذا العذر في أي وقت وفي كل الملفات المطروحة”، مذكّرا بأن “من عطّل عودة الأمين العام للجامعة العربية معروف (..) وكل طرف لديه من الاوراق والمعلومات الكافية ليعلن عنها وقت الضرورة (…)”.
وعُلم ان الجلسة شهدت مداخلة حادة لأحد الوزراء على خلفية تجاوزات “حزب الله” المستمرة مع القوات الدولية في الجنوب.
اشارة الى ان نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر استبق الجلسة بتكذيب ما كان تردد عن نيته الاعتكاف عن حضور جلسات الحكومة، مؤكدا دعمه لها واستمراره في تحمل مسؤولياته “بما يعزز عملها خصوصا في هذه الظروف الدقيقة”.
في غضون ذلك، وفي حادث ملتبس يمكن قراءته في غير اتجاه، عثر أمس، في منطقة بئر حسن ـ طريق المطار في بيروت على عبوة ناسفة زنتها 1.2 كلغ من مادة “تي.ان.تي” معدة للتفجير بواسطة ساعة توقيت وموضوعة داخل اطار سيارة، كان بائع خرضوات أحضره الى محل لتغيير الإطارات بدافع بيعه، وأمكن تعطيلها.
وأعلنت قيادة الجيش قيام خبير متفجرات تابع لفوج الهندسة بتعطيل العبوة، وأن الأجهزة المختصة باشرت التحقيق مع المعنيين بالأمر.
المواقف الداخلية
سياسياّ، أكدت المواقف الداخلية على أولوية المحكمة، محمّلة الفريق الآخر مسؤولية تعطيل المبادرات. وفي هذا السياق كشف النائب السابق غطاس خوري الذي يتولى قناة الاتصال بين رئيس “تيار المستقبل” وكتلة رئيس مجلس النواب، في حديث الى “المؤسسة اللبنانية للارسال” ان المبادرة السعودية الايرانية “قائمة على اقرار المحكمة الدولية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، فانتخابات رئاسية مبكرة ومن ثم الانطلاق قدما في حلول لازمات البلد”، معتبرا أن هذه المبادرة “وصلت الى نقطة انتظار جميع الأطراف الرد السوري عليها”، مؤكدا أنه “في حال الموافقة على المحكمة فان جميع الامور تحل تلقائيا بغض النظر عن الارقام، وفي حال رفضها لن نرى سوى المزيد من التوتير (…)”.
واعتبر أمين سر حركة “اليسار الديموقراطي” النائب الياس عطاالله ان تهديد “المعارضة” بالعصيان المدني “تخطى منطق استهداف الحكومة وصار يستهدف الدولة”، وذكّر بأن أول من حث موظفي الدولة على العصيان هو الرئيس الممددة ولايته قسرا إميل لحود، مؤكدا ان مصير هذه الدعوة “لن يكون أفضل من الخطوات السابقة”.
ورأت حركة “التجدد الديموقراطي” أن الاعتصام المفتوح في وسط بيروت “تحوّل تدريجاً من حركة احتجاج سياسي الى استرهان فعلي لقلب العاصمة واستيلاء قسري على ساحاتها وحرمان عدد كبير من اصحاب المصالح والمواطنين من ممارسة اعمالهم”. ودعت الى “وقف خطاب التخوين والتشكيك والتحريض والتهويل وكل التحركات في الشارع وفي الدرجة الاولى قرار جريء بإنهاء الاعتصام”. اما عضو كتلة “المستقبل” النائب عاطف مجدلاني فقد حمّل “حزب الله” وحلفاءه مسؤولية “رفض المبادرة العربية”، واعتبر ان الوضع “مفتوح على التشنج والتطرف”، لافتاً الى “لهجة من يطلب الحوار”، ومجددا التأكيد أن أزمة لبنان أساسها المحكمة الدولية.
التحالف الانقلابي
في المقابل، واصلت قوى التحالف الانقلابي اطلاق مواقف بدت منسقة، محمّلة قوى الأكثرية مسؤولية استمرار الأزمة وتعطيل المبادرات.
عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن رأى ان “رئيس الحكومة وفريقه يحاولان من خلال عقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء الايحاء بأن ليس هناك مشكلة وهو ما يزيد الامور تعقيداً”، وأشار الى ان “تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس والسفير الاميركي جيفري فيلتمان لاقت صداها لدى فريق الغالبية”، محمّلا المسؤولية “لفريقي (رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية) سمير جعجع و(رئيس اللقاء الديموقراطي النائب) وليد جنبلاط وللرئيس السنيورة الذين اجهضوا في الماضي الكثير من المبادرات وكذلك يفعلون اليوم (..)”.
عضو تكتل “التغيير والإصلاح” النائب وليد الخوري اعتبر ان الأزمة “معرضة للانفجار في أي لحظة”، مشيرا الى وجود “من يسعون وفق مصالحهم الشخصية الى عدم تحقيق التلاقي بين كل الأفرقاء”. أما عضو التكتل النائب نبيل نقولا، فأشار الى ان الاتصالات السعودية ـ الايرانية “وصلت الى حل، وهو حل مُرض بالنسبة لنا وللرئيس نبيه بري ايضا”، وقال “من الان وحتى نهاية الاسبوع اذا تجاوب الفريق الاخر مع هذا الحل فستكون هناك بشائر للشعب اللبناني وستكون نهاية للازمة”، لافتا الى ان هذا الحل هو “عبارة عن طروح جديدة وتعديلات، وليس المبادرة العربية”.
أما عضو كتلة “التحرير والتنمية” النائب علي خريس فرأى ان “الأمور ذاهبة في اتجاه التصعيد أكثر لان فريقي الموالاة والسلطة لا يريدان الحل في لبنان (..)”.