بيروت “الشفاف”- خاص
أبدت اوساط لبنانية خشيتها من ان يذهب رئيس اللقاء الديمقراطي النيابي وليد جنبلاط بعيدا في إستعادة مناخات الحرب الاهلية بالتزامن مع إقتراب موعد صدور القرار الظني في محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقيادات ثورة الارز.
وقالت هذه الاوساط ان جنبلاط، ومن خلال ما يطفو الى السطح من مواقفه المعلنة وغير المعلنة، يحاول صرف الانظار عن اتهام مرتقب قيل انه قد يطال حزب الله وسوريا وربما إيران بالتخطيط وتنفيذ الجرائم التي طالت القيادات اللبنانية في ثورة الارز- بدءا من محاولة إغتيال النائب والوزير السابق مروان حماده- عن ما اصطلح اللبنانييون على تسميته فتنة مذهبية شيعية سنية يكون الدروز اول ضحاياها، وذلك بالعودة الى الاشتباك مع المسيحيين لأنهم يمثلون الحلقة الاضعف حاليا في ظل الإنقسام السياسي العامودي الحاد الذي يعيشون في ظله وإفتقارهم الى ميلشيا وسلاح، ما يسهل على جنبلاط إستهدافهم.
المراقبون اللبنانيون اعتبروا ان موقف جنبلاط في هيئة الحوار كان كاريكاتوريا بحيث بدا في مواجهة الرئيس امين الجميل كالفاخوري الذي يستطيع وضع “أذن الجرة حيث يريد”.
في هيئة الحوار رد جنبلاط على الرئيس الجميل الذي طالب بحياد لبنان بالقول ان الحياد نجح مرة واحدة كتجربة فتحول الى حركة “عدم الانحياز” . وأضاف جنبلاط ان هذه الحركة وقفت الى جانب الجزائر في مقاومتها الاحتلال الفرنسي. وقال للرئيس الجميل الجزائر كانت “مقاومة”، “مش هيك”! وتوجه بالسؤال الى الرئيس الجميل ألم يكن الرئيس “تيتو” وحركة عدم الانحياز الى جانب الشعب الفيتنامي “مش هيك” الى جانب هانوي، وهانوي كانت مقاومة! ويستنتج جنبلاط من حقبة الرئيس تيتو ان لا حياد في العالم بل مقاومات ليخلص الى ان لبنان لا يمكنه ان يكون محايدا. فما كان من الرئيس الجميل إلا أن أخرج من بين اوراقه تصريحا لجنبلاط يسأل فيه عن أي دور للبنان نريد؟ “هل نريد هانوي ام هونغ كونغ؟” وتصريح آخر لجنبلاط لم يمض عليه سنة يطالب فيه بحياد لبنان ويقول ان لبنان لم يعد يحتمل مزيدا من الحروب. واعقب الرئيس الجميل مداخلته بإحالة مسألة ترسيم الحدود الدولية بين لبنان وسوريا الى القضاء الدولي ما استدعى تدخل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي بفت نظر الرئيس الجميل الى ان القضاء الدولي يتدخل في قضايا مشابهم بين دول تناصب بعضها العداء وهو ليس الحال بين لبنان وسوريا.
وفي سياق متصل شهدت جلسة الحوار ايضا سلوكاً استفزازياً من قبل قوى 8 آذار، حيث انسحب معظم هؤلاء لدى شروع نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري بتلاوة مداخلته بشأن الاستراتيجية الدفاعية. فكان اول المنسحبين النائب سليمان فرنجية الذي تأبط صديقه المير طلال ارسلان وخرجا للتدخين ليلحق بهما اكثر من ست مشاركين في الجلسة.
بالعودة الى جنبلاط فهو يقيم اليوم السبت إحتفالا في “المختارة” للسفير السوريّ يحشد فيه الطيف السياسيّ السوريّ برّمته، حيث تشير المعلومات ان جنبلاط سيستغل المناسبة لشن هجوم على قوى الرابع عشر من آذار ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع خصوصا وان جنبلاط ابدى امتعاضه واستياءه من الجولة الخارجية التي يقوم بها جعجع.
وتشير المعلومات الى ان مسألة الحقوق المدنية للفلسطينيين ستشكل مقدمة جنبلاط لاستعادة ادبيات ما قبل الحرب الاهلية ومتناسيا انه كان شريكا جميع الحكومات التي لم تتطرق الى مسألة الحقوق المدنية للفلسطينيين أقله في مرحلة سجن رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع وإبعاد رئيس التيار العوني ميشال عون الى فرنسا. وكان حلفاء جنبلاط من المسيحيين “في الخط العربي” الى جانبه في الحكومات وشركاء في السلطة، فلماذا يريد اليوم تحميل مسيحيي قوى 14 آذار مسؤولية إعطاء حقوق مدنية للفلسطينيين مجانا من دون حتى مفاوضتهم على سلاحهم الذي اجمع جنبلاط مع المتحاورين في بعبدا على ضرورة سحبه من خارج المخيمات وتنظيمه في داخلها بإشراف السلطة الفلسطينية الشرعية والحكومة اللبنانية.
قوى 14 آذار من جهتها اكدت ردا على جنبلاط حرصها على السلم الأهليّ، ومن باب تنبيه جنبلاط إلى أنّ لهجماته باستخدام لغة تعود إلى مرحلة غابرة، أثراً سلبيا على السلم الاهلي ولا يجوز له ذلك مشيرة الى ان لتنازلات جنبلاط تجاه “حزب الله” بعد 7 أيّار بذريعة الخوف على السلم الأهلي والسعي إلى حمايته، لا تبرر له تلك الهجمات.
قوى 14 آذار اعتبرت ان جنبلاط الذي كان يثير العواصف السياسية بتصريحاته، وهو الذي اطلق ثورة الارز، اصبح في إعادة تموضعه الحالية مثيرا للريبة اكثر منه إثارة للجدل السياسي في البلاد.