أمل رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط الوصول إلى مسودة اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران بعد المعلومات التي توفرت له عن موافقة ايران على المحكمة الدولية “باعتبار ان هذه القضية هي المدخل للحل، ولمنع قيام حرب سنّية ـ شيعية”، لكنه اعتبر ان الجواب الايراني عبر سوريا لم يأت بعد، متخوّفاً من “مناورة خبيثة”.
ولاحظ قيام “اقاليم” جديدة ولاسيما في الضاحية وبعلبك والجنوب، بوجود “لينين الهي” وفق “نظرية تثويرية” تعمل على إفقار الناس وتهجيرهم للإمساك بالسلطة والانقضاض على البلد. كما لاحظ “وجود خطر يجري لالغاء الهوية اللبنانية للطائفة الشيعية، وإلغاء التنوّع وضرب الاقتصاد الممنهج، إلى جانب تحريض مبرمج للأهالي في الجنوب على القوة الدولية ولاسيما القوتين الفرنسية والاسبانية لتحجيمهما ليعود الجنوب ساحة سورية ـ ايرانية، لتحسين شروط التفاوض مع أميركا وإسرائيل”.
وإذ كشف عن اختفاء أحد المطلوبين للدولة بعد استرداد مجموعة من سويسرا في المطار طالب بتطهير الأجهزة الأمنية، وبوجود قوة دولية بين لبنان وسوريا لضبط الحدود مشيراً إلى مضايقات سورية للعراقيين لدفعهم إلى اللجوء إلى لبنان حيث يدخل بعضهم بطرق غير شرعية.
وفي حديث مساء أمس إلى برنامج “كلام الناس” عبر “المؤسسة اللبنانية للإرسال”، أكد النائب جنبلاط “أننا مستمرون في الطريق الذي اخترناه من أجل السيادة والاستقلال مهما كانت الخسارة غالية”، معتبراً ان “ثلثي الشعب اللبناني يؤمنون بذلك بينما توجد أقلية وحزب شمولي لا يؤمن بها، وأقلية مكبوتة ومنهم مفكرون شيعة وليبراليون ورجال أعمال لا دور لهم بسبب ترهيبهم وتخويفهم باسم الإرادة الالهية، وهو وكيل خامنئي (الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله) بانتظار “المهدي” من خلال جيش ومال ومشروع سياسي في الشرق العربي والإسلامي واحدى قواعده نصرالله، ورأينا ذلك عندما قرأنا كتابي حازم صاغية ونعيم قاسم بما يُظهر أيضاً استحالة التلاقي، لأنهم يريدون إلغاء لبنان كدولة وككيان لقيام دولة حزب الله على حساب التنوّع والاقتصاد والصيغة اللبنانية التي ارتضيناها في الطائف تعددية وليست عددية”.
المحكمة هي الخلاف الاساسي
وأكد ان المحكمة الدولية “هي لأجل تحصين الدولة والقانون في مواجهة نظام استفحل إجراماً بقادة وسياسيين وأدباء ومفكرين وصحافيين وقوافل الأبرياء الذين قُتلوا أو اختطفوا إلى عنجر وغيرها”، وقال: “ربما المحكمة تردع النظام السوري وحلفاءه عن استباحة الوطن ومفكريه ومنهم جبران تويني لقتل الجريدة الأولى للعالم العربي، وكذلك سمير قصير، ضمن حلقة الدم عندما تجرّأنا وقلنا لا للتمديد”.
واعتبر ان موضوع المحكمة “هو نقطة الخلاف الأساسية مع حزب الله رغم كل التطمينات و”تذويب” بعض البنود وخصوصاً لحصانتي (اميل) لحود وبشار (الأسد)”، رافضاً البحث في “أي صيغة للحل تُفرغ المحكمة من جوهرها”.
ولفت إلى أنه “توجد نقاط خلافية أخرى حول التمسك بالطائف والعلاقات اللبنانية ـ السورية واتفاقية الهدنة وتحييد لبنان في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وتساءل: “بعد 30 سنة من الحروب والخراب والدمار ولا سيما في الجنوب ألا يحق لنا القول كفى؟”.
ولاحظ وجود “تحريض مبرمج للأهالي ضد القوات الدولية العاملة في الجنوب، ولا سيما ضد الفرنسيين والاسبان لكونهما القوتين الضاربتين من أجل تحجيمهما كي يعود الجنوب ساحة سورية ـ ايرانية لتحسين شروط التفاوض مع إسرائيل والولايات المتحدة الاميركية على حساب لبنان والجنوب”.
أقاليم “حزب السلاح”
وتحدث جنبلاط عن تراجع يظهر أيضاً حيال القرار 1701، مشيراً إلى انه “فوق أرض الجنوب القوات الدولية والجيش، اما تحتها يوجد توزع اقاليم لـ”حزب السلاح” وسلطة مطلقة للدولة ذات الأمر الواقع والجهوزية الكبيرة والسلاح والثقافة والتمويل الذي كله ايراني”.
وقال: “بعدما كان السلاح مقدساً بات إلهياً، ونرى على مداخل مكان الاعتصام (ساحة الشهداء) قسما مع الدولة والآخر مع حزب الله. وآخر موضوع هو ضبط شاحنة السلاح في الحازمية ويقولون ان السلاح الهي، فليسمح لي نصر الله، ان مدافع الـ60 ملم والتي لا تعطي أقصى مدى سوى 500 متر، هذه لحرب الشوارع وليست لحيفا أو ما بعد بعد حيفا، والشاحنتان المتبقيتان الأولى ذات حمولة طن ت.ان.ت دخلت مع انتهاء الحرب والثانية ذات حمولة الصواريخ، قالها (نصر الله) في حفلة الانتصار الالهي اننا كنا نملك 12 ألف صاروخ استخدمنا أربعة آلاف والآن أصبحت 20 ألفاً! إلى أين؟! قرار الحرب والسلم معه، مناطق مقفلة له، ينزعج من القرار 1701، حدود مشرعة له وفلتانة، ثم نتيجة الاعتصام وبدل أن يكون الجيش منتشرا على الحدود بوجه العدو الاسرائيلي وضابطا للحدود مع سوريا يأتي إلى بيروت وكاد أن يضيع في أزقة بيروت، إضافة إلى ملكه (حزب الله) لعدد من الأجهزة الأمنية كأمن المطار، والأمن العام”.
وفي هذا الاطار، كشف جنبلاط انه “عندما طلب لبنان استرداد ستة مواطنين من سويسرا تسلمت السلطات اللبنانية خمسة منهم في المطار في حين اختفى السادس المدعو حسين عبد الحميد مراد!!”، واستطرد: ” كل الجهاز (أمن المطار) من لون سياسي واحد، وكذلك نقطة الجمارك في البقاع، وآخر “خبرية” أتت انه ونتيجة المضايقات السورية للمواطنين العراقيين بدأ هؤلاء يتوجهون إلى لبنان والكثير منهم يدخل بطريقة غير شرعية”، مبديا قناعته بان الأجهزة الأمنية بحاجة إلى “حفلة تطهير”.
أفلام هتلر
وأشار النائب جنبلاط الى التجربة القتالية البارعة لمقاتلي “حزب الله” في مواجهة العدو الاسرائيلي “لكن مع الأسف تم تشريع هذا الجيش في البيان الوزاري تحت شعار مزارع شبعا، وهنا لا ننسى جواب نصر الله عندما أحرجناه في موضوع الاستيعاب بقوله “ننسق مع الدولة” وكأن دولته ذات المال والعقيدة والثقافة والسلاح والفلسفة أمر واقع”.
ورأى “خطراً كبيراً يجري العمل عليه وهو إلغاء الهوية اللبنانية للطائفة الشيعية، وبالتالي إلغاء تراث الامام موسى الصدر، والامام محمد مهدي شمس الدين ووصاياه وحتى كلام الرئيس نبيه برّي في خطاب في ذكرى غياب الامام الصدر عن لبنان والعروبة”.
وانتقد بعض الأساليب التي تعتمد في بعض المهرجانات والتلويح بالقبضات الذي يذكر بألافلام التي صورت لآدولف هتلر عندما كان يخطب ، شخص وجمهور لكنه يتحدث مع نفسه”.
وعما اذا كان نادماً على ماقاله في خطابه في 14 شباط الماضي، قال: “لا، انما وصلتني رسالة من جمعية الرفق بالحيوان ترفض تشبيه القرود والافاعي والوحوش ببشار، لذا اعتذر من الجمعية، اما الباقي فلا، هناك مواجهة مع الطاغية، ولا سلاح لنا سوى الكلمة.. قلنا لا للتمديد، قال هو نعم للدم، مهما كان الثمن سنكمل رسالتنا”.
واعتبر النائب جنبلاط “ان كل مواطن لبناني يملك اليوم سلاحاً فردياً وهو ما استخدم من الجهتين في الخميس الاسود. وليس صحيحا ما قيل عن قناصة”. وأشار الى اننا سلمنا مطلق النار في وطى المصيطبة والتحقيقات أظهرت وجود مسلح بمواجهة مسلحين آخرين، والشخص الذي قتل من آل شمص كان مسلحا وقد جرى تسليم بندقيته الى المعنيين ويوجد الآن نحو 15 شخصاً من المنطقة في السجن. وهنا اسأل هل نفس الاجراء حصل مع الذين قتلوا مواطنين في الناعمة والبقاع والشمال؟ وهل الباصات المليئة بالمسلحين كانت للدولة؟، وهل الذين كانوا يلبسون الخوذات كانوا من الاجهزة الامنية؟”.
ولفت جنبلاط الى مناورات تمهيدية قام بها “حزب الله حصلت الأولى بعد الرسم الكاريكاتوري (برنامج بسمات وطن)، والثانية عبر محاولة تطويق السرايا (الحكومية)، والثالثة اقفال وسط بيروت في اطار أيضاً التحطيم الممنهج للاقتصاد”. وقال: “ان جيش حزب الله غير شرعي، ومطلب الثلث المعطل هو للامساك بالسلطة وكل مفاصل الدولة، ورفض الكيان اللبناني”. وأضاف: “في الماضي طلعت نظرية حافظ الأسد “شعب واحد في دولتين”. الآن نظرية جديدة لأحمدي نجاد “جسم واحد” مَن الذي قال له ذلك؟ اليوم خامنئي، ونجاد ونصرالله يعملون على تغيير الهوية، معتبراً ان الجيش السوري انسحب انما بقي له جيش ثاني…
زيارة واشنطن
ورداً على سؤال حول الهدف من زيارته الى واشنطن قال جنبلاط: “سأذهب الى كل اصقاع العالم كي أحافظ على وحدة وسيادة لبنان بمواجهة أطماع النظام السوري والجمهورية الاسلامية، ولشكر واشنطن على دعمها مع فرنسا عبر الرئيس شيراك لباريس ـ3 وأيضاً لكيفية مساعدة الجيش وهناك دعم خجول بدأ، وأيضاً للبحث بشأن المحكمة، والطائف، والنقطة الخلافية مع أميركا ازاء سياستها حيال فلسطين، وتحصين وانجاح اتفاق مكة”.
أضاف: “قبل ان يولد حسن نصر الله لنا تاريخنا السياسي والفكري والتاريخي مع فلسطين، رغم كل محاولات التشويش عليها، وليسمح لي، كمال جنبلاط استشهد لأجل القضية الفلسطينية..، قديماً قالوا طريق القدس تمرّ من جونية فهل تمرّ اليوم من السراي وسوليدير؟ اقفال هذه والمطاعم والفنادق والتعبئة مربوطة باسم الشهيد رفيق الحريري، وسمعتها من رستم غزالي “بدي أحرق قلب رفيق الحريري بحرق سوليدير” هكذا بدأ الحقد على الحريري ولهذا فهمنا لماذا قتلوه، وماذا يجري الان؟، نصر الله هاجم المصارف والاقتصاد وباريس ـ3، حتى ماله أصبح إلهياً بعدما كان نظيفاً”.
وإذ أشار إلى ” أن نظرية التثوير تقول كلما أفقرت الشعب كله خلقت حركة ثورية للانقضاض على السلطة”، قال: “لدينا الآن لينين إلهي يفقر الناس ويهجر النخب والأدمغة والمثقفين فمن يبقى؟ لا يبقى سوى الفقير والذي لا يملك أي شهادة للخروج ولبنان فيملك (نصرالله) الفقير ويمسكه”.
وأكد أن “المبادرة الجديّة الوحيدة التي طرحت هو ما قاده الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وتقوم على اقرار المحكمة وتشكيل حكومة وفق معادلة 19101 تدعو لانتخابات رئاسية مبكرة وتعمل على انجاز قانون انتخابي جديد”، مضيفا ان “كل ما يشاع غير ذلك لم أسمع به”.
واعتبر ان الاتصالات السعودية ـ الايرانية “تدور حول نقطة مركزية هي اقناع طهران بأهمية المحكمة الدولية، وهو ما أثمر ادراكا ايرانيا لخطورة الوضع في لبنان، وانعكاس ذلك على احتمالات فتنة مذهبية وأهمية المحكمة الدولية بالنسبة للبنانيين”.
وكشف عن موافقة ايرانية على المحكمة بحسب مصادر سعودية ومصادر من النائب سعد الحريري والوزير غازي العريضي، لكنه استدرك “ربما تكون مناورة، انما الاتفاق كما علمت هو أن ايران والسعودية يحرصان على عدم ادخال لبنان في حرب سنية ـ شيعية، وهذا يؤدي الى قيام المحكمة والخروج من المأزق، انما طبعاً ليساً بالحساب السوري الذي هو أمر ثان”.
واذ رفض اي مس بجوهر المحكمة، أكد اتفاق قوى 14 آذار والنائب الحريري على التوجه العام مشيراً الى اجتماع لهذه القوى للبحث بكل الأمور، وكشف ان الاتفاق على الوزير الملك الاشتراك بموافقته على المحكمة، كما كشف عن محاولة للرئيس بري في مسعى معين عرض على السعودية ثم ألغي ولا أدري لماذا.
وذكّر بقول بري ان النظام السوري لا يريد سماع كلمة المحكمة ـ وقال “يبدو ان الايرانيين أدركوا خطورة الوضع لهذا ربما وافقوا على المحكمة”.
واعتبر “اننا أمام مشروع انقلابي وقالها نصرالله لسعد الدين ابراهيم ـ مشروع استلام السلطة واقليم الضاحية وبعلبك ـ وغيرهما”. وشدد على الدور السعودي الضامن، مؤكدا أنه “عندما تقول المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله أنا مع لبنان، فلا خوف أبدا، فذلك خير ضمانة”. وسأل: “لماذا لا يكون اتفاق رياض أو غيره برعاية المملكة السعودية والملك عبد الله لإنهاء المشكلة في لبنان كما حصل في الطائف؟!.