في ذكرى الثورة التي أثارها مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، فور قدومها الى طهران، لأن غطاء رأسها لم يعجب شرطة الاخلاق. ثورة لا تزال تداعياتها تتفاعل حتى الآن.
ولا تزال السلطات الإيرانية تبذل جهودا مستميتة للقضاء عليها، وتستمر في قمعها الوحشي ومحاولاتها بفرض القوانين التي تمكنها من استعادة سيطرتها وارجاع الوضع الى ما كان عليه قبل مقتل مهسا أميني.
سجلّ النظام الإيراني في ارتكاب الفظائع طويل ودامٍ منذ العام 1979.
تشير شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل، في كتابها “إيران تستيقظ”، الذي صدر في العام 2010، الى أن الحكومة اعترفت في العام 2000، لأول مرة بعد 20 عاماً، بأنها متواطئة جزئيا في مجموعة كبيرة من عمليات القتل المتعمد التي وقعت في أواخر التسعينات وقضت على حياة العشرات من المثقفين. خُنق بعضهم بينما كان يقضي بعض شؤونه، وآخرين قطّعوا إرباً إربا في بيوتهم.
عندما سُمح للجسم القضائي بالوصول الى الملفات الكاملة، وجدوها اكواما ترتفع الى ما فوق رؤوسهم، وعليهم قراءتها في وقت محدود. طالعتها جملة في أحد الملفات ستظل تلاحقها لسنوات عديدة: “التالي الذي سيقتل هو شيرين عبادي”.
وهي كانت من القضاة المتميزين في طهران ولا تنتمي الى أي تنظيم، مع ذلك تم منعها من ترؤس المحكمة وأحيلت الى وظيفة أدنى من مؤهلاتها لأنها امرأة. فالنظام الجديد لم يهضم وجود النساء في الإدارات الحكومية، الى درجة التفكير باغتيالها.
وتكتب انها لم تفكر بوعي من قبل كيف ان الشاه كان يقود إيران الى حيث تمكنت من ان تصبح قاضية، تماما كما سيحدث في أيام الثورة حين لم تتخيل ان يبشّر آية الله الخميني بإيران لا تتمكن فيها من أن تكون قاضية.
في العام 1979 لم تميّز كغيرها، الخطوط العريضة للمشهد المتكون، ان الثورة تتطور تحت راية الإسلام.
وعندما شاركت في محاولة طرد وزير العدل من زمن الشاه من مكتبه، خصّها أحد أقدم القضاة بدهشة، واستغرب وجودها، وسألها حائرا متجهما:” أنت! أنت من بين جميع الناس، لمَ انت هنا؟ ألا تعلمين أنك تدعمين أناسا ينتزعون منك وظيفتك إذا وصلوا الى السلطة؟”.
اجابت بجسارة من أعماقها:” افضّل ان أكون إيرانية حرة على ان أكون محامية مستعبدة”. ظل القاضي بعدها يذكّرها بهذه الملاحظة القدرية.
انتفضت النساء في العام الماضي، بعد 44 عاماً على استعبادهن وجعل حياة المرأة تعادل نصف حياة الرجل. وانتفض معهن الشعب الإيراني الذي عاين انجراف الثورة وخيانتها له وإطلاقها لشهية العنف النهمة للقتل.
فالصحف كانت تغصّ يومياً بأسماء ضحايا الاعدامات وصور لجثثهم. وكان سجن إيفين الكالح مسرحاً لآلاف الاعدامات منذ وقوع الثورة.
ففي الجمهورية الإسلامية لم يعد ثمة قانون. صارت حياة الناس رخيصة جدا. والمقبرة عبارة عن كيلومترات من شواهد القبور الحجرية تمتد في المسافة نحو الأفق.
لقد بعثرت قبور من تم إعدامهم على امتداد المقبرة الشاسعة لمنع الزائر من محاولة تقدير عدد الضحايا.
وقيل ان السجينات، ويقدرن ب 10% من المسجونين، تعرّضن للاغتصاب قبل إعدامهن، لأن العذراوات ينتقلن مباشرة الى الجنة.
لكن الأحداث مستمرة والوضع مفتوح على كل الاحتمالات..