البحرين- 17 مارس 2007
تلقى مركز البحرين لحقوق الإنسان بقلق شكوى من الناشطة غادة جمشير رئيسة لجنة العريضة النسائية بشأن تلقيها تهديدا بالقتل وكشفها محاولة لزرع جهاز تجسس في منزلها. وكانت جمشير قد أبلغت المركز في وقت سابق بأن سيارتان بهما أشخاص بملابس مدنية إحداهما من نوع “متسيبيشي” و أخرى من نوع “تيوتا” تلازمان المنزل منذ عودتها من لندن في ديسمبر الماضي حيث شاركت في ندوة بمجلس اللوردات انتقدت فيها ما أسمته بالإصلاحات الشكلية في البحرين وتهميش المرأة. وقبل ذلك كانت جمشير قد تعرضت للمضايقات بسبب انتقاداتها للقضاء البحريني وفساد القضاة مما أدى إلى ملاحقتها قضائيا بسبع تهم تم تبرئتها منها بعد حملة دولية للتضامن معها.
وقد جاء في الشكوى التي تسلمها المركز أمس من الناشطة جمشير بأن صحافيا قريبا من الحكومة حذرها هاتفيا بأنها قد تتعرض للقتل إن لم تتوقف عن استفزاز الحكومة. كما جاء في الشكوى بأن ضابطا رفيع الرتبة – أردني الجنسية يعمل بجهاز الأمن الوطني- قد استدعى بمكتبه في وزارة الداخلية بالمنامة، رجلا من منطقة المحرق يعمل في تركيب الصحون اللاقطة -كانت جمشير إحدى زبائنه منذ فترة طويلة- وطلب منه أن يصطحب معه أحد رجال الأمن السري إلى منزل جمشير وأن يدعي بأنه مساعده ليتم بدون علم صاحبة المنزل تركيب جهاز خاص في غرفة النوم، ووصف الضابط المهمة بأنها خدمة وطنية. وكان بيد الضابط رزمة من المال من فئة عشرين دينارا وشريط شفاف يبدو انه ذو علاقة بالجهاز المذكور. كما عرض الضابط صورا لجمشير نفسها وللمنزل الذي تسكن فيه من اتجاهات مختلفة. ولأن الرجل كان على معرفة سابقة بالناشطة جمشير من قبل فقد اتصل بها وكشف لها الأمر وابلغها بأنه تملص بصعوبة من إلحاح الضابط بحجة أنه يخاف ولا يريد التدخل في هذه الأمور.
وقد سبق لأجهزة الأمن في البحرين استخدام التهديد والابتزاز لردع الناشطين. فقد تم العام الماضي اختطاف الناشط بلجنة العاطلين موسى عبدعلي وتم الاعتداء عليه جنسيا وتهديده بأن الشيء نفسه سيحدث لعائلته، وطلب منه إبلاغ زملائه بالشيء نفسه، وقد تمكن مركز البحرين لحقوق الإنسان من إقناع الضحية بالإعلان عما حدث لحماية الآخرين، وبتقديم شكوى للنيابة التي قامت بالتحقيق ولكنها للأسف حققت مع الضحية كمتهم. كما تم استدراج أخيه عباس عبدعلي والاعتداء عليه جسديا ثم حبسه بتهمة تقديم معلومات غير صحيحة عن الجهة التي نفذت الاعتداء، ومساومته فيما بعد للتنازل عن القضية. وتم اتهام رئيس لجنة ضحايا التعذيب عبدالرؤوف الشايب بدخول منزل عنوة ومحاولة مواقعه خادمة المنزل جنسيا، وحين لم تستطع النيابة تقديم أية إثباتات تم تبرئته، ولكن فيما بعد تم توجيه تهمة أخرى له بالمتاجرة الجنسية والحكم عليه غيابيا بالسجن لمدة عامين مما دفع السلطات البريطانية لمنحه اللجوء السياسي .
وفي قضية سابقة أيضا ابلغ أحد الناشطين مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن 3 رجال أمن أخذوه في سيارة خاصة وعرضوا عليه مبلغا شهريا في مقابل الإدلاء بمعلومات عما يدور في اللجنة الشعبية التي ينشط بها، وحين رفض، تم تهديده بإفشاء أسرار شخصية تتعلق به قبل عدة سنوات، فقرر التوقف تماما عن النشاط الذي يقوم به. كما تلقى المركز الاسبوع الماضي شكوى من الناشط بجمعية شباب حقوق الإنسان حسين جواد عن اعتراض سيارة مدنية له في الطريق وتهديده في شرفه وشرف عائلته إن لم يتوقف عن نشاطه. كما تتوفر إثباتات كثيرة عن مراقبة خطوط الهاتف والبريد الإلكتروني لعدد كبير من الناشطين. وقد كشفت الوثائق التي نشرها الدكتور صلاح البندر المستشار السابق بمجلس الوزراء، بأن الرسائل النصية SMS التي كانت تتعرض لسمعة العديد من الشخصيات الدينية المعارضة والناشطين الحقوقيين كان يتم إرسالها عبر شركة في جنوب أفريقيا والدفع لها من قبل وزير شئون مجلس الوزراء. ولم تقم النيابة بأي إجراء بذلك الخصوص رغم تلقيها شكاوى ومعلومات.
ويخشى مركز البحرين لحقوق الإنسان أن تكون القضايا المذكورة ليست سوى جانبا من سياسة عامة تتبعها السلطة في البحرين للطعن في أخلاقيات النشطاء وتشويه سمعتهم ولاختراق مؤسسات المجتمع المدني وتخويف وابتزاز الشخصيات السياسية والناشطين. والجدير بالذكر بأن أجهزة الأمن الحالية هي نفسها التي كانت تعمل في ملاحقة واعتقال النشطاء وقتلهم تحت التعذيب في عهد أمن الدولة الماضي. وقد تم ترقية الكثير من مسئولي وعناصر الأمن أولئك بعد أن تم إصدار قانون يحميهم من ملاحقة ضحاياهم. وقد تم تطوير أجهزة الأمن بشكل كبير وتغيير أساليب عملها، وقد جاء في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية – وهي المطلعة بخفايا الأمور في البحرين بسبب علاقتها الوثيقة بالحكومة: “.. واصلت الحكومة انتهاك حقوق المواطنين في الخصوصية. وواصلت القيام بإجراء بعض أعمال التفتيش غير القانوني. وظلت المكالمات الهاتفية والمراسلات الشخصية خاضعة للرقابة. وان شبكات مخبري الشرطة واسعة ومتطورة في مداها وحجمها”
وتنص المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه “لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمس شرفه وسمعته، ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات” وفي حين تقوم الدول المتحضرة بتكريم النشطاء، يتم هنا في البحرين وضع أجهزة للتصوير أو التصنت في غرف نومهم وابتزازهم أو الاعتداء عليهم جنسيا.
إن مركز البحرين لحقوق الإنسان، يحمل السلطات في البحرين مسؤولية سلامة الناشطة النسائية غادة جمشير وأفراد أسرتها . ويطالب بوقف أساليب أجهزة الأمن غير القانونية وغير الأخلاقية في التجسس والضغط والابتزاز والتهديد. ويطالب كل من يتعرض للتهديد أو الابتزاز من الشخصيات والناشطين بالكشف عن ذلك فورا، وعدم الخضوع للابتزاز بما يعرض سلامة الآخرين وقضايا المجتمع للخطر. ويطالب المركز مؤسسات الدولة مثل القضاء والنيابة العامة والمجلس الوطني إثبات استقلاليتها ونزاهتها والتحقيق فيما تقوم به أجهزة الأمن، ويطالب الجهات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان بالتدخل لتوفير الحماية للناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين.