كشفت جريدة “لوموند” في عددها الصادر اليوم الإثنين أن الرئاسة الفرنسية طلبت من مختلف أجهزة الإستخبارات الفرنسية خلاصاتها حول الترسانة الكيميائية السورية وحول استخدامها ضد المواطنين السوريين قبل أيام.
وتتضمن الوثيقة التي رفعتها أجهزة الإستخبارات الفرنسية، ولأول مرة، تحليلاً بالأرقام للهجوم الذي تعرّضت له مدينة “سراقب” في يوم ٢٩ أبريل. وحسب الأجهزة الفرنسية، قامت هليكوبترات الجيش السوري بإطلاق مقذوفات ضد المدينة التي يتمركز فيها الثوار.
وحسب الأجهزة الفرنسية، أوقع الهجوم، بالحد الأدنى، ما بين ٢٨٠ إلى٣٠٠ قتيلاً. ولكن هذا الرقم لا يشمل النساء والأطفال القتلى. وقد تم الإحصاء، إلى حد كبير، إنطلاقاً من فيديوهات حصلت عليها الأجهزة الفرنسية ولا تشمل سوى الرجال.
يعني ذلك أن الحصلية الإجمالية لهجوم “سراقب” وحدها تصل إلى عدة مئات من القتلى لأن الهجوم وقع في منطقة مكتظة بالسكان. ولم تكشف أجهزة المخابرات الفرنسية عن الوسائط الأخرى، عدا الفيديوهات، التي سمحت لها بالحصول على هذه المعلومات الدقيقة.
(حسب الويكيبيديا: سراقب ناحية ومدينة سورية في محافظة إدلب. تقع إلى الجنوب الشرقي من إدلب، وتعد نقطة مهمة على الطريق بين دمشق وحلب، يبلغ عدد السكان فيها 40.000 نسمة، وتمتد على مساحة 17 ألف هكتار، وتبعد 50 كم عن حلب و 135 كم عن حمص و 297 كم عن دمشق.)
قصف “جوبر”
وتتطرّق الوثيقة بإيجاز إلى الهجوم الذي تعرّضت له ضاحية “جوبر” بين ١٢ و١٤ نيسان/أبريل، والذي قام مراسلو جريدة “لوموند”، في حينه،
بنقل إثباتات تثبت وقوعه. كما تتطرق بإيجاز إلى الهجوم الذي تعرّضت ضواحي دمشق في ٢١ نيسان/أبريل، والذي كشفت الإدارة الأميركية تفاصيله في يوم ٣٠ نيسان/أبريل، وقد أدى إلى وقوع ١٤٢٩ قتيلاً حسب الأميركيين.
“تطهير” مواقع القصف
وتطرح الأجهزة الفرنسية في تقريرها فرضية استخدام “مزيج” يحتوي على غاز “السارين” وعلى غاز أعصاب فوسفوري عضوي. ويؤكد التقرير الفرنسي صحّة تسلسل الأحداث الذي عرضه الأميركيون. كما يفيد أنه، بعد القصف الكيميائي، قام الجيش السوري بـ”تطهير” المواقع المقصوفة بواسطة قنابل تقليدية بهدف الحؤول دون تجميع إثباتات تؤكد ضلوعه في العملية.
وأخيراً، فإن ما جمعته الأجهزة الفرنسية من مكالمات تمّ التنصّت عليها يثبت أن قيادة الجيش السوري النظامي متوّرطة في القصف.
أحد أكبر المخزونات الكيميائية في العالم
حسب التقرير الذي رفعته الأجهزة الفرنسية للرئاسة، فإن الترسانة الكيميائية السورية تعود إلى سنوات السبعينات. وقد استفادت من دعم خارجي في البداية، ثم وصلت إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي في سنوات الثمانينات. ويقول مسؤول يعمل في رئاسة الحكومة الفرنسية أن “البرنامج الكيميائي السوري هو أحد أكبر البرامج في العالم”!
ويمتلك نظام دمشق عدة مئات من أطنان “غاز الخردل” (“إيبريت”)، ومئات الأطنان من غاز “السارين”، وعشرات الأطنان من غاز “في إكس”.
إن هذه المنتجات الكيميائية التي تم تجميعها استعداداً لحرب مع إسرائيل قابلة للتكييف لكي يتم حملها بمختلف أنواع الأسلحة: سواء صواريخ “سكود” التي يصل مداها إلى ٥٠٠ كلم، أو صواريخ “إم-٦٠٠” ومدها ٢٠٠ إلى ٣٠٠ كلم، وصواريخ “إس إس-٢١” التي تُستَخدَم لمسافات تقل عن ١٠٠ كلم.
كذلك، يمكن استخدام تلك الغازات بواسطة قنابل تُطلق من الجو أو بصواريخ المدفعية.
أخيراً، يخلص التقرير الفرنسي إلى أن المعارضة السورية لا تمتلك لا المعارف والخبرات ولا الوسائط التي تسمح لها بتجهيز أسلحة كيميائية أو استخدامها لشن هجمات.