« الإتحاد الآسيوي » واتحادات كل الدول العربية، باستثناء مصر، تنفق الأموال بدون رقابة وبدون حسابات
في تقرير مخصّص لـ »الفيفا »، كشفت منظمة « الشفافية الدولية » أن إتحادات كرة القدم الوطنية والإقليمية، باستثناء الإتحادات الأوروبية، لا تنشر أي معلومات حول كيفية إنفاق ملايين الدولارات التي تتلقّاها من « الفيفا »! ومن أصل 209 إتحادات تحصل على تمويل من « الفيفا »، فإن 16 فقط تملك حسابات مدققة ومعلنة. وعلى مستوى الإتحادات العربية، فإن الإتحاد المصري هو الوحيد الذي يوفّر حسابات مالية.
وجدير بالذكر أن موضوع الرقابة على كيفية إنفاق الأموال العامة التي تقدّمها الدول للإتحادات الوطنية كان المسألة الرئيسية في خلافات « اللجنة الأولمبية الدولية » و »الفيفا » مع عدد من الدول، أبرزها الكويت التي علّقت «اللجنة الأولمبية » و »الفيفا »
مشاركتها في الألعاب الدولية، والمكسيك التي وجّه رئيس إتحادها الوطني تهديداً لحكومته بأنها ستتعرض لعقوبات «مثل الكويت »!
وحيث أن « الفيفا » (و »الأولمبية الدولية ») ترفض أية رقابة حكومية على الإنفاق، وطالما أنها لا تقوم بأية مراقبة للإنفاق على مستوى الإتحادات، فذلك يعني أن « الإتحادات » تحصل على « شيكات على بياض » تتصرّف بها كما تشاء. وقد عبّر رئيس هيئة الرياضة المكسيكية عن امتعاضه من هذا الوضع قبل يومين حينما أعلن أن « لدينا مدراء إتحادات أثرياء، ورياضيون فقراء »!
ماذا يقول تقرير « الشفافية الدولية »؟
تحت عنوان « إتحادات كرة القدم لا تنشر أية معلومات، أو تنشر القليل من المعلومات، حول ملايين الدولارات التي تتلقاها من الفيفا » يبرز تقرير « الشفافية الدولية »، الذي صدر في 22 نوفمبر (بالإنكيزية والإسبانية) غياب المعلومات والشفافية في لعبة كرة القدم ويسلّط الضوء على « مخاطر الفساد » في اللعبة.
وجاء في التقرير أن ما دفع « الشفافية الدولية » للإهتمام بالموضوع هو « أزمة الفساد التي تغمر الفيفا الآن ». وقد صدر التقرير قبل اقتراح « حظر ميشال بلاتيني مدى الحياة من « الفيفا » لقبوله رشوة من قطر بعد اجتماع في قصر الإليزيه مع أمير قطر السابق والرئيس الفرنسي السابق نيقولا ساركوزي.
ويكشف تقرير « الشفافية الدولية » أن:
* 81 بالمئة من إتحادات كرة القدم لا تملك حسابات مالية معلنة
* 21 بالمئة من إتحادات كرة القدم لا تملك مواقع على الإنترنيت
* 85 بالمئة من إتحادات كرة القدم لا تنشر أية جردات بالنشاطات التي تقوم بها
إن 14 إتحاداً لكرة القدم فقط- تمثل كندا، والدانمارك، وإنكلترا، وهنغاريا، وأيسلندا، وإيطاليا، واليابان، ولاتفيا، ونيوزيلندا، وإيرلندا الشمالية، والنروج، والبرتغال، وجمهورية إيرلندا، والسويد- تنشر الحدّ الأدنى الضروري من المعلومات التي تتيح للجمهور معرفة ما تقوم به، وكيف تنفق ما تحصل عليه من أموال، وما هي القِيَم التي تؤمن بها.
ويضيف التقرير أن « خطر الفساد مرتفع في عدد كبير جداً في إتحادات كرة القدم في كل أنحاء العالم. وتزداد حدة المشكلة بسبب عدم وجود حسابات مالية مدقّقة في العديد من الإتحادات ». ويضيف الناطق بلسان « الشفافية الدولية » أن « على الفيفا أن تقرض « حوكمة » أفضل على أعضائها وعلى نفسها. إن الخير الذي يمكن لكرة القدم أن يصبح ملطّخاً حينما يُسمح بانتشار الفساد ».
ويضيف: « ينبغي على أي رئيس مقبل للفيفا (بعد «بلاتر » المتّهم بالفساد) أن يعطي الاولوية لخلق حوكمة قابلة للمراقبة في كل المنظمات التابعة له من القواعد إلى القمة.
بالنسبة للإتحادات الإقليمية، وهي ليست عضواً في « الفيفا » ولكنها تنظم نشاطات كرة القدم الإقليمية مثل « الأورو 2016 »، أو «كأس أميركا »، فإن 2 فقط منها هي « الإتحاد الأوروبي » و »الإتحاد الإفريقي » تنشر بيانات مالية، في حين لا تنشر 4 إتحادات الباقية أية حسابات!
ويعني ذلك أن « الإتحاد الآسيوي »، الذي يشمل دولاً عربية وخليجية، واتحادات أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية لا تنشر أية حسابات، ولا يعرف أحد كيف تنفق أموالها.
ماذا عن إتحادات كرة القدم الوطنية في الدول العربية؟
يكشف التقرير غياب أية تقارير مالية أو غيرها في إتحادات جميع الدول العربية، وهي الجزائر والبحرين والكويت وقطر والعراق والأردن والمغرب وعُمان.. في حين أن الإتحاد المصري هو الوحيد الذي ينشر حسابات مالية.
ولا تقتصر « عدم الشفافية » في الإتحادات العربية على غياب المحاسبة المالية، بل وليس لديها نظم أساسية معلنة، أو تقارير نشاطات سنوية، أو ميثاق سلوك أو « ميثاق أخلاقي ». »
ماذا تقترح « الشفافية » الدولية لمعالجة « خطر الفساد » المرتفع في « الفيفا »؟
أولا- أن تفرض « الفيفا » على أعضائها، وكشرط للعضوية فيها وللحصول على مساعدة مالية منها، أن تقدم بيانات حسابات مدققة، وتقارير نشاطات سنوية، و »ميثاق سلوك » ونظام أساسي.
ثانياً- أن يضع موقع « الفيفا » على الإنترنيت كل هذه المعلومات على صفحته الرئيسية.
ثالثاً- ينبغي أن تلتزم الإتحادات الإقليمية الستة بنشر كل المعلومات على مواقعها، بما فيها التقارير المالية المدققة والميثاق الأخلاقي.
« الميثاق الأولمبي » يحظر رقابة الحكومات على الإتحادات!
وثمة نقطة أخرى ملفتة للنظر في تقرير « الشفافية الدولية » التي تكشف أن « عدداً من الإتحادات الرياضية أجابت على تساؤلاتنا بأن القوانين السائدة في بلدها لا تفرض عليها تقديم حسابات مالية أو غيرها »!!
والواقع هو أن « الفيفا » و »اللجنة الأولمبية الدولية »هي التي تحظر أن تقوم الدول المعنية بإصدار قوانين لـ »مراقبة كيفية إنفاق المالي العام المخصص للإتحادات » وذلك « تحت طائلة منع رياضييها من المشاركة في الالعاب الدولية »! ولكنها تستخدم هذا « الحظر » للتهرّب من تقديم حسابات!
وطالما لم يتم الخروج من هذه الحلقة المفرغة فسيظل « الفساد » واستخدام الإتحادات « لأغراض سياسية » هو السائد في الرياضة الدولية.