خاص بـ”الشفاف”
شهدت مدبنة ريحانلي التركية أمس السبت 11 مايو / أيار تفجيرين إرهابيين أسفرا في حصيلة أولية عن مقتل 43 شخصاً وإصابة 100 آخرين بجروح. وتشير التقارير الإخبارية إلى وجود مواطنين سوريين نازحين بين الضحايا، إذ أن التفجيرين استهدفا منطقتين مزدحمتين في المدينة تقع إحداهما أمام مؤسسة البريد والأخرى أمام مقر البلدية.
ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها المدينة التركية هجمات إرهابية مشابهة، ومن المتوقع ألا تكون الأخيرة في ظل تردي العلاقات التركية – السورية منذ الأشهر الأولى لاندلاع الثورة السورية ضد النظام الحاكم.
تناول كبار كتاب الأعمدة الأتراك في الصحف التركية الصادرة اليوم الأحد 12 مايو / أيار حدث ريحانلي، وسلطوا الأضواء على الحدث وأخضعوه لقراءاتهم وتحليلاتهم.
فتّش عن إيران أيضاً!
يلفت عبد الرحمن ديليباك (صحيفة يني آكيت Yeni Akit ) الانتباه إلى أن التفجيرين ” وقعا قبل الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى واشنطن، حيث من المزمع تباحثه مع الإدارة الأمريكية حول ملف الأزمة السورية” ومع إشارته إلى إدعاءات باستخدام “سيارات تحمل لوحات سورية” في تنفيذ التفجيرين، إلا أنه يدعو إلى فتح تحقيق جدي وشامل في اللموضوع وعدم الاكتفاء باعتقال المنفذين ومعاقبتهم، لاعتقاده بضلوع جهات استخباراتية دولية أو تنظيمات أخرى في التفجيرين لإثارة القلاقل والاضطرابات في تركيا، مشيراً إلى احتمال ضلوع إيران أو إسرائيل أو حزب الله اللبناني في العمل الإرهابي الذي استهدف ريحانلي. يقول ديليباك : “حين الحديث عن مستقبل سوريا، لا يجري الحديث عن مستقبل الأسد فقط، بل يتم الحديث عن مستقبل سوريا، ومستقبل سوريا متعلق بمستقبل إيران أيضاً، وينبغي قراءة تفجير ريحانلي في ضوء هذه المعطيات “.
جبهة النصرة أم توابع إستخبارات سوريا؟
فيما يمضي مراد يتكين (صحيفة راديكال Radikal ) إلى أبعد من ذلك، بطرحه عدة فرضيات منها افتراضه ضلوع جبهة النصرة في التفجير الإرهابي نظراً لارتباطها بتنظيم القاعدة, مستدلاً على ذلك بامتعاض جبهة النصرة من التأثير التركي على الجيش السوري الحر الذي استبعد جبهة النصرة. وكذلك الأمر شكوكها بإسهام تركي في وضع الولايات المتحدة الجبهة على قائمة الإرهاب. الفرضية الثانية لدى الكاتب هي احتمال تنفيذ التفجيرين من قبل المخابرات السورية أو من قبل تنظيم تابع لجهة استخباراتية ولكن بتقليد التفجيرات الإرهابية التي ينفذها تنظيم القاعدة عادة للإيحاء بأن جبهة النصرة السورية تقف وراءه. ولا يستبعد الكاتب فرضية تنفيذ تفجيري ريحانلي من قبل أجهزة استخبارات سورية أو حليفة لها إذا كان الموضوع متعلقاً بالقضية الكوردية في تركيا “فالعنصر الأساس في السياسة السورية مع الجوار هو استخدام مجموعات مسلحة فعالة هناك، وسوريا من أصحاب السوابق في هذا السياق “.
يعمد الكاتب فهمي كورو (صحيفة ستار Star ) إلى حصر منفذي تفجيري ريحانلي في احتمالين: احتمال قيام مجموعة من حزب العمال الكوردستاني بتنفيذ الانفجارين كتعبير عن امتعاضها وإحباطها من العملية السلمية الأخيرة بين الحزب والحكومة التركية, ونتيجة لعدم تمكنهم من المعارضة العلنية لزعيم الحزب أوجلان، وهو احتمال يعدّه الكاتب ضعيفاً، بل يميل إلى ترجيح احتمال ضلوع “النظام البعثي” في تنفيذ هجمات ريحانلي رداً على إثارة تركيا موضوع استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية. ويمكن – بحسب الكاتب – عد التفجيرات (يتحدث عن 4 هجمات متفرقة في ريحانلي) رسالة موجهة من نظام الأسد إلى رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان قبل زيارته إلى واشنطن وتصريحاته حول أن الملف السوري سيكون له الأولوية في مباحثاته مع أوباما.
منشقون عن حزب العمال الكردستاني؟
الكاتبة روهات منغي (صحيفة وطن Vatan) تحمل الحكومة التركية ورئيسها أردوغان مسؤولية ما جرى في ريحانلي يوم أمس السبت, وتعلل ذلك بالتدخل التركي في الشأن الداخلي السوري ما أثار حفيظة النظام الذي يعمد إلى الانتقام من المواطنين الأتراك رداً على حكومتهم, وتستهجن الكاتبة منغي أن تحاول حكومة بلادها طي صفحة الصراع مع حزب العمال الكوردستاني لتفتح صفحة صراع آخر وهذه المرة مع نظام الأسد, وتذكر حكومة بلادها بالموقف المراقب لغالبية بلدان الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة من الوضع السوري, وكان من الأجدى لحكومة أردوغان – برأيها – أن تكتفي بمراقبة المشهد السوري وعدم التدخل فيه.
نفس الذين ارتكبوا مجزرة “بانياس”
يشبه الكاتب إبراهيم قره غول (صحيفة يني شفق Yeni Şafak) ما جرى في ريحانلي التركية بالمجزرة التي ارتكبها النظام في بانياس قبل فترة وجيزة إلى درجة القول أن “مرتكبي مجزرة بانياس هم أنفسهم مرتكبو مجزرة ريحانلي” ويتهم النظام السوري (مخابراته أو تنظيمات حليفة له) بالضلوع في تنفيذ تفجيري ريحانلي, ولا يستبعد ضلوع مواطنين أتراك عملاء للنظام السوري في تنفيذها. ويعد الكاتب تفجيرات ريحانلي إشارة إلى محاولات النظام السوري تقويض الاستقرار في تركيا عبر مخططه في نقل الصراع الداخلي السوري إلى دول الجوار: تركيا، لبنان، الأردن. وبرأي الكاتب فإن شعار النظام السوري هو “أنا وبعدي الطوفان, إذا كنت سأموت فليمت الكل “.
يحصر الكاتب محمود أوفور (صحيفة صباح Sabah) حدث ريحانلي بتداعيات متوقعة لعملية السلام بين الحكومة وحزب العمل الكوردستاني نتيجة عدم ارتياح بعض القوى الدولية والإقليمية من العملية، ويستدل على ذلك بوقوع هذه التفجيرات بعد 3 أيام من بدء انسحاب مقاتلي حزب العمال بحسب اتفاق التسوية بين الطرفين. ويورد تأكيداً على رأيه ما قاله الرئيس المشترك لحزب السلام والديمقراطية (يعد الجناح السياسي لحزب العمال في تركيا) صلاح الدين دميرتاش حول ترجيح احتمال قيام جهات خارجية بأعمال تخريبية في تركيا لتقويض العملية السلمية.
خلق فتنة بين السنة والعلويين في تركيا؟
أما الكاتب مصطفى أونال (صحيفة زمان Zaman ) فيشير بأصابع الاتهام إلى النظام السوري في تفجيري ريحانلي, ويعدها محاولة من نظام الأسد لخلق فتنة داخلية في تركيا بين السنة والعلويين، نظراً لحساسية ريحانلي الجغرافية التي تقع على مقربة من الحدود مع سوريا, سيما بعد بدء حزب العمال الكوردستاني بسحب مقاتليه من أراضي تركيا وطوي صفحة صراع عمره ثلاثون سنة.