بعد جلسته الأولى معها في مقصف اللغات ،جاءه ناصر محذراً الاقتراب منها بصفته الأمنية ،إضافة لإعجابه الشديد بها. يواصل سعد طالب السنة الأولى بكلية الآداب الحديث عن قصته: ” التهديدات المتكررة أرغمتني على الانسحاب ،والإضراب عن دوام الكلية مدة أسبوعين كرهاً بالجامعة ، وحقداً على ضعفي الذي لا يمكنني من دفع خطر ناصر وأمثاله عني”. حكاية ناصر ليست بالاستثنائية ، بل خطت حياة معظم الطلاب أحداثاً لقصص مشابهة، فالأجهزة الأمنية مرتبطة بتفاصيل الحياة الجامعية الكبيرة والصغيرة منها، والسطور التالية تغوص في التفاصيل:
* الكاميرات السرية: تتحدث سميرة”طالبة أدب إنكليزي سنة رابعة “عن قصة عانت الكثير للخروج منها، تبدأ خلف كلية الصيدلة التي يسميها الطلاب “المنطقة المشبوهة ” من مقطع قصير على الموبايل، يصورها تقبّل شاباً تحبه ،صوّرهُ رامي دون علمهما ،مهددها بنشره على “البلوتوث” لتقضي معه عدة ليال على الهاتف، لكن خوفها من ازدياد مطالبه دفعها للسؤال عنه إلى أن اكتشفت أنه سائق لإحدى بنات الضباط ،وليس بطالب أو حتى اسمه رامي. ابنة الضابط أنقذتها منه بعد توسل مثير للشفقة.
* الصمت والمشاكل : المشكلات لا ترتبط فقط بالحب ، إنما تمس الكثير من تفاصيل الحياة الجامعية ، كتجنب منير الخوض في أي حديث يتصل بالسياسة ، إن كن في الكلية او حتى في غرفة المدينة الجامعية التي يسكنها. وكثيرا ما تسمع في الجامعات كما في خارجها ،عبارات”استر علينا- اسكت لا نروح بداهية- غيّر الموضوع فالحيطان بتسمع- …الخ” ،وتوصيات الأهل لطالبهم الجديد منصبة على تحذير الاقتراب من السياسة ، التوصيات لا تقتصر على الأهل ،بل تعد من أهم نصائح الطلاب القدامى.
ويعتبر د.سمير حسن “عميد كلية آداب دمشق” التدخل في الجامعات موجود في جميع أنحاء العالم ؛ حيث توجد بعض المناطق في الجامعات العالمية لا يستطيع اياً كان رؤيتها، والجامعات السورية تحتاج إلى عناصر أمن تابعين لسلطتها وتعليماتها ، وليسوا من الفروع الأمنية.
* حقد طبقي : المسالة تتجاوز الخوف عند بسام لتصبح حقدا طبقيا غريبا ،فأحواله المالية جيدة إلي درجة اقتناء سيارة حديثة، لكن منعهُ من إدخالها على عكس عشرات السيارات ممن يتجولن في ساحة كليته دون صلتهن بالهيئة أو بالموظفين،ولّد لديه هذا الشعور، و غالبا تحمل النمرة الخضراء. يصف د.سمير حسن هذه السيارات بالمتجاوزة إدارة الجامعة فالحارس أو العسكري الموجود على الباب إنسان بسيط يستطيع أيا كان خداعه وإخافته بسلطة ما ، ليسمح له بإدخال سيارته.
*عقدة الأبواب: الأبواب لم تشكل عقدة بسام وحدة، بل بما عليها من حراس أصبحت سلسلة لا متناهية من العقد، فالعقلية الحديدية جعلت الدخول للجامعة كريها_كما يصف البعض، فإن نسي احد الطلاب بطاقته، لن يدخل إلا بعد تحمل عشرات الأسئلة ثم التوسل للدخول. يتحدث احد حراس أبواب كلية الاقتصاد عن إيقاف الطلاب على انه مجرد تسلية أحيانا، فالرقابة عليهم بسيطة كما يقول، أما في حال بقاء البطاقة يوما كاملا على أبواب المدينة الجامعية يتم تحويلها إلي فرع حزب البعث في الجامعة، ليكتب صاحبها تعهدا بعدم تكرار فعلته و إلا عقوبة سوف تصل إلي درجة الفصل المؤقت.
*خصوصية الفتيات: التعامل مع الطالبات له خصوصية تتبدل و تتغير حسب الحارس، فأحيانا لا يسألن عن البطاقة و بالمقابل يسأل عنا الطلاب ، في أي وقت آخر كما يحدث دوما على أبواب المدينة الجامعية ، يُرحم الطلاب من إبراز وصل السكن بينما تسال الطالبات عنه مع إطلاق “تلطيشات” وقحة، و تتسآل وعد التي تسكن المدينة ، عن قيمة كلمات الغزل، و معاكسة الحراس لها في الحفاظ على الأمن و السلامة. و ينفي احد حراس المدينة” ملقب بابو رعد” الكلام ، معتبرا المعاكسات مجرد استجابة لما يرونه من حركات غمز و همس ، وفلولا ذلك ما استطاعوا التفوه بحرف.
* نفي الصحافة: مما علق على النوافذ غرف الحراسة في معظم الكليات، قرار يدفع للوقوف أمامه مع العديد من إشارات الاستفهام و التعجب، و يحمل الرقم”16″صادر عن اللجنة الأمنية بجلستها رقم “2” بتاريخ 24/4/2006 و يتضمن بالحرف: عدم السماح بدخول أي صحفي إلى حرم الجامعة إلا بعد الحصول على موافقة الرفيق أمين الفرع ورئاسة اللجنة الأمنية ، وان يرافقه في مهمته صحفي من دائرة الإعلام في الجامعة.
(نقلاً عن موقع “جدار” http://www.jidar.net)
تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة الجامعية السورية
تحقيق رائع
وشقي
وجريء