(الصورة: البطريرك الراعي مع وزير خارجية الفاتيكان ريتشارد غالاغير. الكاردينال غالاغير إنكيزي من مواليد ليفربول في ١٩٥٤، تم تعيينه وزيراً لخارجية الفاتيكان في نوفمبر ٢٠١٤)
نقلت مصادر ديبلوماسية عن “أوساط فاتيكانية” خشيتها من اتفاق ما سمي بالمصالحة في “معراب” بين “القوات اللبنانية” و”التيار العوني”، ليس من باب المصالحة المسيحية-المسيحية، والتي هي مطلب فاتيكاني، وسعى لتحقيقه العديد من السفراء البابويين والكرادلة والمطارنة، بل من باب ان تكون هذه المصالحة مستندة إلى اتفاق خفي مع حزب الله لتعديل “اتفاق الطائف”، من باب تحصين الوضع المسيحي، ولو على حساب الشأن الوطني والدولة المركزية.
وأشارت الى ان الفاتيكان يبدي حرصا شديدا على تنفيذ اتفاق الطائف في لبنان، وانتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، لما لهذا الموقع المسيحي الوحيد في الشرق الاوسط من اهمية استراتيجية للوجود المسيحي في الشرق.
وتضيف ان الفاتيكان متمسك اليوم اكثر من اي يوم مضى باتفاق الطائف، الذي “أوقف العد” بين اللبنانيين على قاعدة الانتماء الديني. وتعتبر انه يشكل نموذجاً يُحتذى به ويمكن ان يطبق في اكثر من 80 دولة حول العالم تشهد نزاعات إثنية وعرقية وطائفية ومذهبية، إنطلاقا من التجربة اللبنانية التي كرسها “اتفاق الطائف” بمشاركة المسيحيين والمسلمين بشقيهم السني والشيعي، إضافة الى الدروز والعلويين والمكونات المسيحية الاخرى، في إدارة شؤون الدولة.
وتضيف الاوساط الفاتيكانية أن بلدانا أفريقية عدة تشهد نزاعات عرقية وطائفية، وكذلك دول اوروبا الشرقية، او ما كان يعرف سابقا بدول المنظومة الاشتراكية، وهذه الدول يمكن لتجربة اتفاق الطائف ان تكون بالنسبة لها نموذجا لادارة شؤونها.
وتشير الى ان اي تعديل في اتفاق الطائف او المساس به سيشكل ضربة ليس لصيغة العيش المشترك في لبنان فحسب، بل لما يكون ان تكون عليه الحلول للنزاعات التي تقض مضلجع الدوائر الفاتيكانية.
ضد “حلف الأقليات”
وتضيف ان لبنان مثّل طوال تاريخيه، نموذجا للعيش المشترك، بين الطوائف والمذاهب والاديان. وجاء “اتفاق الطائف”، بعد معاناة طويلة من الحروب، ليكرس هذه التجربة ويضعها في سياقها الصحيح. وإن كان الاتفاق تعرض للتشويه خلال تنفيذه من قبل سلطة الوصاية السورية، إلا أنه ما زال يشكل الاساس الصالح لنموذج الحكم في لبنان وفي العالم الذي يشهد نزاعات مشابهة. وتاليا، فإن القاتيكان متمسك بتطبيق هذا الاتفاق بنسخته اللبنانية، من دون تكريس غلبة اي فريق على آخر، وانتخاب رئيس للجمهورية بموجب هذا الاتفاق.
وهو سيقف في وجه كل المقولات الاخرى خصوصا ما يسمى “حلف الاقليات” الذي يعتبره الفاتيكان مدمرا للشرق الاوسط عموما ولبنان خصوصا، ويقضي على ما تبقى من الوجود المسيحي في الشرق.