يقترب الحرص على سيادة الدولة من العمالة للعدو الإسرائيلي، فيما يقارب تأييد مشروع “حزب الله”، تدمير الإرادة الوطنية في قيامة الدولة.
الشق الأول هو ما يحاول الحزب تغذيته في المخيلة العامة، بينما الشق الثاني هو الواقع الذي يراه أي ناظر إلى حال لبنان. والمشهد يستعاد مع “مبادرات” الحزب في إطار ما يسميه نهج “الممانعة والمقاومة”، من شبكة الإتصالات إلى طائرة “أيوب” التي تكرر قصتها القول إن في لبنان دولتين، للحزب منهما الأعلى قدرة وقرارا، ولها عقد التحالفات الدولية، وقرار استفزاز العدو، ورصد حشوده، والاصطفاف الدولي والاقليمي. أما الدولة الأخرى، فلها هم منع زراعة المخدرات في البقاع، إذا سمح لها، وأحيانا منع شبكات الإتجار بها، حين يصدر القرار، من الأولى، بأن “القانون من الإيمان”، كما كتب الحزب يوما على لوحات نصبها في الضاحية.
لا تعجز القوى السياسية المتعطشة إلى قيام الدولة عن لمس الخط الفاصل بين الوطنية، أي الذود عن سيادة الدولة، داخلياً وخارجياً، والخيانة، أي التفريط بهذه السيادة. لكن، فيما للوطنية وجوه واضحة، فإن للخيانة أوجهاً تُحاِلف الإلتباس، وعن عمد، منها طائرة “أيوب” معنى ومبنى: التجسس على اسرائيل عمل بطولي، شرط أن يكون لمصلحة لبنان والقضية الفلسطينية والصراع العربي-الاسرائيلي. لكن أين ذلك فيما العرب، جميعا، ومنهم “نظام الممانعة” الأسدي، يريدون التفاوض للصلح والسلام مقابل الأرض؟ وأين ذلك فيما “تحط” “أيوب” في سلة التحدي الإيراني لاسرائيل، ومعها الولايات المتحدة الأميركية، وطموح طهران أن يعترفا بها ندا إقليميا، وشريكا في حفظ أمن العالم، من قبل أن يرتفع صوت الاتحاد الروسي والصين لاسقاط الآحادية الأميركية. ألم يكن الاستعداد لـ”التعاون” بشرط الإقرار بدور أمني – إقليمي مضمون إحدى رسائل المرشد النادرة إلى الرئيس الأميركي أوباما، مطلع ولايته الرئاسية؟
نعم. أيوب الطائر نقلة نوعية في رقعة المواجهة مع اسرائيل، لكنها المواجهة الإيرانية مع تل أبيب، التي لا تعدو القضية الفلسطينية بيدقا على رقعة شطرنجها مع واشنطن. وما تكرار “الأمين العام” أنه جندي في ولاية الفقيه إلا ترجمة لكون لبنان بيدقا آخر. وما كلام وزير الدفاع الايراني، وقبله قائد الحرس الثوري، وبينهما المستشار العسكري للمرشد خامنئي، إلا تأكيد لوصاية ايرانية على القرار الوطني.
يحاول بعض الأصوات تعزيز ربط السيادة بالعمالة، بتصوير ترك الدولة تواجه الخروق الاسرائيلية بما يناسب من خطوات، ديبلوماسية أو عسكرية، كأنه خيانة وطنية، أو تخل عن العداء لاسرائيل، لكأن الوطنية تَسابُق على إطلاق التصريحات والبيانات، لإعلان دفن الدولة تحت ركام الشعارات، ودعم دافنيها تحت أيقونة “الجيش والشعب والمقاومة” ووطأة فائض قوة السلاح.
في ذلك عين التواطؤ مع الخارج تحت جنح الوطنية.
m2c2.rf@gmail.com
كاتب لبناني
النهار