تبسّمك في وجه أخيك صدقة!

0

لا أطيق أي شخص يتصنّع الإبتسامة والإحترام. لكن حينما يكون هذا الشخص رجل دين، ترتفع عندي درجة عدم التحمّل، فأحس بأن مستوى النفاق يزداد وبشكل مثير للسخرية، في حين لا يطرح رجل الدين نفسه إلا كأنموذج صوتي لمواجهة النفاق.

ومثل رجل الدين، فإنني لا أطيق أيضا الطائفي حينما يتكلم عن “الإنسانية”، فالإحساس الذي يتملكني حينها هو أنه غير إنساني. وكذلك المرأة، فلا أطيقها حينما تزيد عندها جرعة الحياء لتتصنع “الوقار”، فالإحساس الصادر تجاهها هو أنها كاذبة بصورة لا مفر منها. كذلك المثقف، فحينما يفقد بوصلته الثقافية الناقدة، لن يصبح إلا بوقا مميزاً للآخرين.

بمناسبة الكلام عن ابتسامة رجال الدين، أصبحت الابتسامة علامة فارقة، ففرّق المبتسم من خلالها المذهب أو التيار الديني الذي يتّبعه.

مثلا، ابتسامة راشد الغنوشي تختلف عن ابتسامة علي الجفري. فقبل أكثر من عشرين عاما كنت أكره ابتسامة الغنوشي، لأنها كانت تفزعني، ولأنها انعكاس لمشروعه العنيف، فتمنيت باستمرار ألّا يبتسم حتى لو ظل غنوشياً إلى نهاية حياته. وحسب تطورات أحداث الربيع العربي، بات الغنوشي اليوم مختلفا فكريا وفي مواقفه عن غنوشي الأمس، فهل هذا التغيير له تأثير في نظرتنا إلى ابتسامته؟ ربما. أما الجفري، فكلما أرى ابتسامته، أحس بأن وتيرة السلفيين في شتمه بازدياد.

هناك رجال دين لم أر الابتسامة في وجوههم بتاتا!  منهم مرشد الثورة الإيرانية الراحل روح الله الخميني. وهو بعكس الكثير من المتصدّين لأمور الجمهورية الإسلامية اليوم، إذ كثرة ابتساماتهم دليل على زيادة لونها الأصفر.

من رجال الدين الذين اعتبر ابتساماتهم كريهة وتحتوي على كم كبير من التصنّع، ابتسامات السلفي عبدالرحمن عبد الخالق، والتي تبعد عنه كل “صدقة” يحتاجها المؤمن حين النظر في وجه أخيه المؤمن.

يجب ألاّ ننسى هنا الابتسامات المشهورة للزعيم الإسلامي السوداني حسن الترابي، والتي كانت تنهمر علينا من كل حدب وصوب حين ظهوره في وسائل الإعلام، أكان ناقدا أو غاضبا أو معتقلا أو مسرورا. ورغم الصعوبة التي كنت أعاني منها في فهم ما يقوله وهو غاضب، فإن النظر إلى وجهه المبتسم “الغاضب” يزيد الأمر صعوبة.

رجل الدين الشيعي محمد باقر الفالي، الذي أبعد من الكويت بسبب محاضراته التي لا يتخللها أي ابتسامة، يتميز بابتسامة قلما رأيت أحدا لا يكرهها أو لا يذمّها، وبالذات من قبل العنصر النسائي.

للتفرقة بين الابتسامة الكاذبة والحقيقية، نلاحظ أن الابتسامة الطبيعية تتسبب بتجعدات مميزة حول العينيين، بينما الابتسامة الكاذبة تتسبب في انسحاب زوايا الشفاه إلى الأعلى وتكون مدتها الزمنية أطول. خير مثال على الابتسامة الكاذبة، ابتسامات بعض الأخوة من الإخوان المسلمين.

يبدو لي أن الدين يحث على الابتسامة الكاذبة. فكما في الحديث “تبسمك في وجه أخيك صدقة”..

 

“كاتب كويتي

Leave a Reply

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
Share.

Discover more from Middle East Transparent

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading