Hنشر « الشفاف » هذا المقال في ٢٠ مارس ٢٠١٦! ونعيد نشره اليوم لأن « ما يتصوّره أحد وقع »! فقد سحبت الكويت (أقرب دولة خليجية للبنان، تاريخياً) سفيرها، وطالبت سفير لبنان لديها بالرحيل! هل لبنان دولة مستقلة أم مستعمرة يحكمها الإيراني حسن نصرالله؟
*
بين لبنان ودول الخليج، او ما يعرف اليوم بـ”دول مجلس التعاون الخليجي »، علاقات وروابط صداقة وتبادل سارت منذ عقود في اتجاهين. وترسخت على مر هذه العقود اواصر صداقة وشبكة مصالح ربطت الشعب اللبناني بدول تلك المنطقة، التي اصبحت قبلة اللبنانيين الطامحين الى فرص عمل وفرص استثمارية، حتى بلغ عدد اللبنانيين الذين يعملون ويستثمرون في دول مجلس التعاون الخليجي قرابة خمسمئة الف لبناني. اي ما يوازي 12.5% من الشعب اللبناني، يتراوح مجمل ما يرسلونه الى لبنان اكثر من 6 مليارات دولار اميركي، تشكل مع تحويلات المغتربين في سائر دول الانتشار اللبناني الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد اللبناني. إذ أن هذه المليارات تضخ في شرايين الاقتصاد اللبناني من دون أكلاف من اي نوع.
لا يستطيع اي لبناني ان يميز بين دولة خليجية وأخرى، لجهة الفرص الاستثمارية وفرص العمل. إلا أن ما بين لبنان والكويت يمثل خصوصية ربما هي نابعة من طبيعة البلدين الجيوسياسية، حيث ان الكويت عانت على مدى عقود من طمع الجار الاقوى العراق، وعدم اعتراف بغداد بالكويت ككيان مستقل. بل لطالما اعتبرت بغداد الكويت جزءا من اراضيها، ولم تعترف باستقلالها يوما، الامر الذي عاناه لبنان وما زال يعاني، من الجار السوري الذي لم يعترف يوما باستقلال لبنان. ولطالما اعتبر نظام البعث السوري لبنان “كيانا مصطنعا” اوجده “الاستعمار شوكة في خاصرة سوريا ». وتناست كل من دمشق وبغداد ان الحدود التي رسمها الاستعمار لكل من دولتي العراق وسوريا هي نفسها التي رسمت للبنان والكويت.
حكومة لبنان أوّل من أدان غزو صدام للكويت
ولعل ابلغ تعبير عن الهواجس المشتركة للبلدين الصغيرين، الموقف اللبناني، بإدانة إجتياح نظام صدام حسين لدولة الكويت، عام 1990، حيث بادرت الحكومة اللبنانية الى إصدار بيان استنكار وإدانة، من دون استئذان سلطات الوصاية السورية حينها. وفي يقين الحكومة اللبنانية ان تشريع إحتلال دولة الكويت من قبل نظام حسين وإزالتها من الوجود سيعني حتما تسهيل مهمة نظام البعث السوري في ابتلاع لبنان وإزالته من الوجود. ومن هنا كان الحرص اللبناني على التعاطف مع الاشقاء الكويتيين، إنطلاقا من تعاطف اللبنانيين مع أنفسهم.
بعد تحرير الكويت، بادرت السلطات الكويتية الى مبادلة اللبنانيين بالمثل. فكانت خير نصير لقضية لبنان، ولم تألُ السلطات الكويتية جهدا في دعم لبنان حكومة وشعبا. وبعد حرب “لو كنت أعلم » المشؤومة في ٢٠٠٦، كانت الكويت وسائر دول مجلس التعاون الخليجي في طليعة الدول التي هبت لمساعدة اللبنانيين على إزالة آثار العدوان الاسرائيلي، من دون تمييز بين حي وآخر، ومنطقة وأخرى وبلدة وأخرى. فقد وضعت الكويت وديعة بقيمة 500 مليون دولار في مصرف لبنان، وتعهدت (عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية) تقديم هبة تبلغ 300 مليون دولار. وحولت 15 مليونا (اضافيا) نقدا كما تبنت الحكومة الكويتية إعادة إعمار 21 قرية، وقدمت الكويت ايضا 936 طناُ من المساعدات، و290 مولدا كهربائياُ.
بعد الانتهاء من إعادة اعمار ما دمره العدو الاسرائيلي لم يتوقف الصندوق الكويتي للتنمية عن إطلاق المشاريع التنموية في جميع المناطق اللبنانية حتى بلغ مجمل هذه المشاريع أكثر من 53 مشروعا، تتنوع في كل القطاعات من مستشفيات ومدارس وطرقات وكهرباء ومياه شرب وصرف صحي، كل انواع البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية.
هل تستحق دول مجلس التعاون والكويت من بينها هذا الجحود من قبل فريق لبناني ارغم حكومة الكويت على الاعلان عن نيتها عدم تجديد إقامات اكثر من 1100 مقيم في معظمهم من اللبنانيين الذين يتعاطفون مع حزب الله؟
هل استحقت الكويت إنشاء خلايا نائمة على اراضيها وجعل اراضيها مستودعات للاسلحة ومقرا لاطلاق عمليات ارهابية سواء داخل الكويت او خارجها؟
هل إيقاظ غرائز ومشاعر الاستكبار والغلبة التي فاضت قوتها لدى الشيعة اللبنانيين (لظروف لا تمت الى الشيعة اللبنانيين بصلة، بل لاتفاق حافظ الاسد والمرشد الاعلى للثورة الايرانية علي خامنئي) عند شيعة الكويت يمثل خدمة للاستقرار في دولة الكويت؟
وللأمانة، ما يصح على الكويت ينطبق على المملكة العربية والسعودية والبحرين وسائر دول مجلس التعاون.
فهل ننتظر في لبنان، بعد ان بنينا معا على مر عقود جسور الثقة والتعاون مع دول التعاون، ان تسمح هذه الدول لحزب الله العبث بامنها واستقرارها؟
آن الأوآن لنضع، نحن ودول مجلس التعاون معاُ، حدا لشذاذ الآفاق بيننا ونعيد رسم مستقبلنا المشترك معا.
ما عندكم غير سالفة حزب الله , كل هاد الحكي بس لتختموا بحزب الله