حين يقال إن الحرية لا تتجزّأ، يقصد بالحريّة ذاك المحمول الذي لا ينفك عن وجود الإنسان. وهو الذي يتداوله فلاسفة الوجود، وهو الذي يفتتح بإثباته الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لا على أنه حقّ بين حقوق، بل على أنه مناط الحقوق الإنسانية كلّها وفارِقها عن حقوق لكائنات غير الإنسان لا تقوم الحرّية من وجودها هذا المقام. عليه جاء في المادّة الأولى من الإعلان: “يولد البشر أحراراً متساوين”.
هذه الحريّة لا يشرطها ظرف مكان ولا ظرف زمان ولا يبدّل فيها حال ولا تمييز، فلا تكون هي المعنيّة حين تذكر الحريّة في هذه البلاد أو في تلك، في هذه المدينة أو في تلك، في هذا العهد أو في الذي سبقه… لا تكون هي المعنيّة حين نقول مثلاً: “بيروت والحرّية”…
حين نقول: “بيروت والحرّية”، لا ندلّ على حرّية لا تحتمل الجمع ولا القسمة ولا تحتمل الزيادة ولا النقصان. وإنما يساورنا على الفور شعور بأن قولنا “بيروت والحرّية” أولى منه وأدلّ على المقصود قولنا “بيروت والحرّيات”. وذاك أن الحرّية ههنا مضافة إضافة ظاهرة أو مقدّرة إلى مضاف إليه. وهي، بهذه المثابة، تقبل الجمع أو تطلبه لعلّة الكثرة في ما يسعها أن تضاف إليه من معان. فيقال حرّية الرأي ويقال حرّية السفر ويقال الحرّية الجنسيّة أو يقال، بصيغ الجمع والإجمال، الحرّيات المدنيّة والحرّيات السياسيّة والحرّيات الشخصيّة، …إلخ وهذه كلها تتراكب وتتفارق وتزيد وتنقص فيظهر تعلّقها بشرائط شتّى تملي بعضها النواميس الوضعية وبعضها تقاليد المجتمع أو أعرافه وتملي بعضها فوارق في أحوال الأفراد وأوضاعهم تنشئ حدوداً تقبل التوسعة والتضييق لكلّ من حرّياتهم.
بالمعنى الذي رمت إليه المادّة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نحن أحرار بلا قيد ولا شرط، في بيروت أو في غيرها. هذه الحرّية – قلنا – ليست حقّاً يحصى بين الحقوق. هي حال أصليّة تنبثق منها كرامة البشر وفرضيّة المساواة بينهم ومن ثمّ جميع الحقوق. بالمعنى الذي رأينا الحرّية فيه تحتمل الجمع على حرّيات، وهو المعنى الذي نلتقيه في موادّ لاحقة من الإعلان العالميّ نفسه، الحرّيات حقوق، شأنها، مثلاً، شأن الحقّ في الصحّة أو الحقّ في المعرفة أو الحقّ في العمل.
***
في بيروت، حين تستذكر أمجاد التاريخ، يستدعى زمن كانت المدينة فيه تسمّى “أمّ الشرائع”. وحين يفتّش عن أمجاد للحاضر يردّد، أوّل ما يردّد، أن عاصمة لبنان إنما هي عاصمة للحرّيات. وتنصب هذه العبارة الأخيرة في وجه مشهد مغاير يشتمل على أقطار العرب بل هو يتعدّاها مسافات بعيدة ليلفّ أصقاعاً أخرى شاسعة في القارّات الثلاث الحافّة ببلادنا هذه. ذلك على رغم من تراخي قبضة القمع، إلى هذه الدرجة أو تلك، في الأعوام العشرين الأخيرة عن شرق أوروبا وعن بلاد كثيرة في آسيا وإفريقيا. بيروت أم الشرائع إذاً وهي عاصمة للحريّات. ما أراه هو أن المشكل البيروتي كلّه إنما يقع في كون اللقب الأول يرتدّ بنا إلى ماض بعيد مضى وانقضى وأن اللقب الثاني يصف حاضراً استغنى، إلى حدّ مهول، عن نسبة الحرّيات إلى ضمان الشرائع.
ففي بيروت لا تصون الشرائع الأرزاق غداً إذا هي بدت وكأنها تصونها اليوم… لا تصون الشرائع الحياة نفسها فكيف تراها تصون الحرّيات؟ كيف تراها تسوّي الحرّيات حقوقاً مؤكّدة الحصانة، لا محصّلات هشّة لموازين رجراجة نعلم ما هي عليه اليوم ونجهل ما تكون عليه غداً أو بعد غد؟ لا تصون الشرائع الحرّيات في بيروت، لا لنقص أو عيب في الشرائع (وإن يكن النقص والعيب محتملين أو ماثلين ومستوجبي الإصلاح). لا تصون الشرائع الحرّيات لأن الشرائع ضعيفة الحول، في بيروت وفي لبنان، وهي إن كانت فاعلة فبفعل التسامح من خصوم لها قادرين، حين يدعوهم داعيهم، على تنحية التسامح جانباً وجعل الشرائع، ما خلا أعرافهم ودوافعهم هم، ومن ورائها الحرّيات، ما خلا حرّياتهم هم، أثراً بعد عين. فحين يكون القانون نافذاً عندنا، ينتابنا شعور غلاّب بأنه إنّما يدين بنفاذه لأذون ممنوحة من جهات مختلفة قد تسحب، إذا قضى بذلك تغيير في الظروف، وقد يعروها اللبس والتراخي، وهي، في كلّ حال، لا تسوّي، في الخضوع للقانون، بين من يمنحها وسائر أهل البلاد. البلاد القريبة إلينا وبعض تلك البعيدة يقهرها شرعها: نظامها السياسيّ، قانون الطوارئ فيها، قانون الصحافة، قواعد القمع المرعيّة وأجهزته الكثيرة الأذرع، إلخ. نحن يقهرنا تعلّق قوّة القانون عندنا بخيوط عنكبوت تزكّي لزوم العُصَب المتربّصة بنا وببعضها بعضاً جانب التربّص وعزوفها حتّى إشعار آخر، هو أقرب، على الدوام، من حبل الوريد، عن الانقضاض بعضها على بعض وعلينا أيضاً.
***
في موضع ما من كلّ حيّ، على مبعدة أمتار أو مئات أمتار من منزلي أو من منزلك، يتمشّى فتى في زقاق أو يسند حائطاً. في يده ووكي توكي يقلّبه ضجراً وعلى خطوة منه سيّارة أوقفت بحيث تتحرّك متى شاءت ولو حالت وقفتها هذه دون حركة غيرها. تعلم أن في السيارة سلاحاً. تعلم أيضاً أن في المبنى مكتباً يسمّي نفسه المستوصف أو المركز الثقافي، وهو، عند اللزوم، شيء آخر: موضع لقاء ومراقبة وتوجيه، موصول بمكاتب أخرى أو بمنازل يسعه أن يستدعي منها فتياناً كثيرين سينزلون بالسلاح المناسب عند اللزوم. بالعصي والسكاكين أو بالبنادق أو بقاذفات القنابل، إذ لكل ظرف مقتضاه ولكلّ حالة لبوسها. تعلم أيضاً أن المكتب الذي يمثّل الفتى معلمه الظاهر متّصل بجهاز استخبار ما، مباشرة أو مداورة، ولا يتعذّر عليك، عادة، أن تعلم أيّ جهاز استخبار هو. لا تعلم علم اليقين، غالباً، إن كنت بين من رصدهم المكتب أم لم تكن. الفتى لا ينظر إليك، حين تمرّ، وتخشى أن يَظهر اكتراثُك لوقوفه ولجهازه وسيّارته فيستدرجه إلى الاكتراث لمرورك أو لمقامك في الحيّ، مررت من أمامه أم لم تمرّ. إذا علم الفتى كم تزدري وقفته هذه فسيجد فرصة ليقتلك، في غضون سنة أو سنتين. سيجدها هو أو آمره أو آمر آمره. قد لا يستأهل قتلك، في حدّ ذاته، إنشاء الفرصة، فهذه تختلق عادة لغايات أعظم ولكنّك ستموت، في كلّ حال، وسيشبه موتك عثور الفتى وآمريه على قطعة نقد صغيرة، في عرض الطريق، وهم ذاهبون لاستلام مبلغ طائل من المال. في 7 أيار 2008، هجر عشرات من أهل الثقافة منازلهم لأيام أو لأسابيع ثم غيّرها بعضهم ممن استطاع إلى التغيير سبيلا. غيّروها من أصلها. فرّوا من فتى الحيّ ومن رفاقه أو من فتيان يشبهونه جاؤوا على صهوات آليّة من أحياء أخرى. أأقول مرحى لبيروت عاصمة الحرّيات أم أقول مرحى لبيروت أمّ الشرائع؟
من بين أهل الثقافة في حيّ ما، يفرّ نفر، عند إلمام ملمّة من هذا القبيل، ونفر يبقى حيث هو، يعصمه الالتجاء إلى حمّام الشقّة أو إلى الممشى. المستغنون عن الفرار، بعضهم لا يعدّ نفسه في عير النزاع ولا في نفيره، وبعضهم يعدّ نفسه آمنا من جهة الفتى ذي الووكي توكي إذ هو (أي هذا البعض) من المتردّدين على المكتب إن لم يكن بالجسد فبالروح. الآمن لا يبقى عليه إلا اتّقاء الرصاص الطائش والقذائف العشواء، وهذه قسمة أهل المدينة جميعاً، ذكرهم والأنثى، صغيرهم والكبير، وليس فيها ما يخصّ أهل الثقافة على التعيين. والحقّ أن الفارّين يعلمون أن الموت بالسيف، لا بغيره، يسعه إدراكهم ولو كانوا في بروج مشيّدة. وهم يعلمون أن خطوط الفصل في خريطة الحرب الجديدة أمست تتكسّر في الشارع الواحد وتكثر من المرور بين الأسرّة في البيت الواحد، فأين المفرّ؟ كنّا نحسب أن الخريطة انتهت، في الحرب الماضية، إلى ضمور شديد للتراكب بين الديانتين. وها نحن أولاء نكتشف أن اختصام المذاهب، وإن لم يقلّل في الضرورة من وجاهة القصف العشوائيّ، أخذ يميل بأشاوسنا نحو تلاحم مقبل بالسلاح الأبيض. المدينة نتف تحت الإسفلت والإسمنت الموحّدين وفي ما يتعدّى الليرة. البلاد نتف.
نداري هذه النوازل ونتسلّى عن خلوّ وفاضنا من الضمانات في مواجهتها بكلام عادت لا تستوقفنا غرابته لفرط ما اجتررناه. نداريها منذ ميشال شيحا بالقول إنه قدّر لنا أن نقيم في الخطر. هل هذا وطن أم هو “لونا بارك”؟ حين يشيل بك مقعد الأرجوحة أمتاراً كثيرة إلى شاهق ثم ينحطّ بالشدّة نفسها أمتاراً كثيرة أخرى ويطوّحك، في أثناء ذلك، بشدّة أيضاً، ذات اليمين وذات اليسار، ويقلبك رأساً على عقب، تنتشي بخوفك حتى تصرخ من شعور لا تعلم إن كان هو الخوف أم النشوة. تكون عادة مربوطاً بحزام أو محميّاً بحاجز ولا يصيبك مكروه. تلك لحظات خروج على نمط حياتنا وليس لها أن تكون نمط حياة. ويزيد هذا صحّة أننا، في المدينة، بخلاف حالنا في “لونا بارك”، لا أحزمة تحفظ حياتنا ولا حواجز.
***
إذا أجزنا قياس ما يسمّى المجال العامّ، عندنا، بالكيلومترات المربّعة (مع علمنا بأن هذا القياس لا يجوز) فكم تبلغ مساحته؟ كم يبلغ نصيبه من ثلاثمئة كيلومتر مربّع، تقريباً، هي بيروت الكبرى، ومن عشرة آلاف وأربع مئة واثنين وخمسين كيلومتراً مربعاً ذائعة الشهرة، وهي بلادنا؟ ولادة المجال العامّ، من مئات قليلة من السنين في أوروبا، هي نفسها ولادة الحداثة السياسيّة أو الديموقراطية… هي نفسها ولادة الحرّيات العامّة. والمجال العامّ مجال المناظرة العامّة يجوز فيه لمن شاء أن ينطق برأيه فتعلو فيه الأصوات وتكثر، وكثيراً ما ينتهي فيه الكلام المتقابل إلى خلاصة. كم بقعة عندنا تُحتمل فيها كثرة الأصوات هذه فلا يكتم صوت أصواتاً أخرى؟ هذه البقع عديدة في بيروت الكبرى ونحن ههنا في واحدة منها. على أنها مجمّعة في نواحٍ في عينها من المدينة أو هي متفرّقة بين تلك النواحي فيما جلّ المدينة ممالك يستقل بكلٍّ منها صوت وحيد طاغ، يجهد للاستعلاء على نظائره من بعيد ولا يقبل نأمة من أيٍّ منها في حومته المسوّرة. تظهر الأسوار، ولو مثغورة أو متكسّرة، حين ينادي فتى الووكي توكي رفاقه فيرفعون في لحظات متراساً أمام الباب وآخر في عرض الشارع. إذ ذاك تبدو سلطة الدولة، بما هي بؤرة المجابهة، أضعف السلطات حيلة وأثقل الممالك قيوداً. ولا تلبث المدينة، بما هي المدار الآخر للصراع، أن تتوزّع أشلاء ظاهرة ولا يلبث بطنها الولود للعنف وللإبداع أن يبقر، ولو بعد حين.
وحين أزمعنا توسعة للمجال العامّ البيروتي، فأنشأنا ما يسمّى “البيال”، حشدنا نُفايات الحرب لسنوات عدّة لنقضم بضعة هكتارات من البحر. لم يكن قد بقي من فسحة يعتدّ بها لاحتضان شيء عامّ في برّ استأثرت به الممالك الرثّة المتزاحمة. وما سبق وصفه من تقليص لجزر المجال العامّ واستقلال لممالك العصبية، هو ما نسمّيه “التعدّد”. وهو لا يزال يمعن في سيرة التكسّر والتراشق اللذين لم يكونا يسمانه قبل أمس بقدر ما يسمانه اليوم. وهو إذ يزداد إمعاناً في هذه السيرة يزداد عداء للـ”توافق” الذي ندّعي به وصلاً. والحال أننا نزداد، من جهاتنا المختلفة، تولّهاً بالتوافق وأخَذاً بمحاسنه كلّما ابتعد.
الحرّيات البيروتيّة ليست هي الحرّية الملازمة لوجود البشر، طبعاً، وقد بدأنا الكلام بذكرها. ولا هي “الحرّيات” التي تتواضع الجماعات على صونها بنظام شرعي تزوّده قوّة السيف وتتيح له الاقتصاد في استعمالها بهيبة القانون وتماسك الخلق العامّ. حرّيات بيروت حرّيات “اجتماعيّة” بأردإ معاني الصفة. هي حرّيات المجتمع المنحطّ إلى ما دون الدولة أو إلى ما قبلها. قد لا تكون دائماً بنت استعصاء التشريع العام بما هو عبارة الوحدة السياسيّة، غير أنها بنت استعصاء الفعل عليه أو بنت التلعثم والتداعي في هذا الفعل. وهي حرّية الخلوّ من الإرادة العامّة أو تهالكها وحرّية تعذّر الهيمنة لا لاستقرار التواطؤ على حدود الأفرقاء بل لفرط التشظّي ولطغيان التنازع. وهي هشّة رجراجة لارتهانها بموازين النزاع، في علوّها وهبوطها، وبمآلاته. في بيروت، نواميس صارمة متنافرة يتحصّل من تنازعها مساحة متآكلة للناموس المشترك وأخرى متنامية للأنوميا أي لـلـ”لا نوموس” اليوناني، وقد أدركتم أنّه هو نفسه “اللاناموس” العربي. جذر الحرّية في بيروت ممتدّ في تربة اللاناموس هذه، ما خلا السهو والغلط. وحين لا تكون الحرّيات بنات الناموس المحبوبات أو ربيباته المصونات، نكون على مسافة أفلاك من “أمّ الشرائع”، ودعك من “عاصمة الحرّيات”.
***
وكنت قد رجعت عامداً، قبل قليل، إلى حديث “الحرّية” وتركت حديث “الحرّيات”. فإنما هي، في بيروت، حرّية واحدة. هي نفسها تنشئ مسارح للإبداع وآفاقاً لنزهة الفكر والشعور، وتنشئ أيضاً ملاعب للبلادة أو للّؤم والخسّة أو لمغافلة الإشارة الضوئية أو جابي مؤسّسة الكهرباء. وهي، بعد ذلك أو قبله، تمهّد ساحات للفتك ولهتك الكرامة وتُعِدّ زوايا لإحصاء الرشاوى وأكل السحت وبيع الناس بعضهم بعضاً بسقط المتاع. هذه كلّها بنات حرّية واحدة. ولا أراني أفشي سرّاً إن قلت إن لهذه الحرّية جوقة دائمة التجدّد من أرباب الكلام الصغار والكبار لا تتعب من الترنّم بمحاسنها ولا من رفع العقيرة بمدائح المدينة. لم أطلب قطّ مقعداً في صفوف هذه الجوقة ولم أعزّزها بمزمار ولا أراها استعذبت عزفي من جهتها. أقيم في بيروت من خمسين عاماً ولا تزال المدينة تعدّني غريباً حين تنتبه إليَّ وتنبّهني إلى أنني لست من آل طبّارة. لا أنقم عليها هذا أبداً، ولكن هذا يقف بي على مبعدة ويغسل عينيّ فأرى شيئاً ممّا خلف الواجهة. وقد أكون أرى أكثر ممّا يرى الواقفون خلف الواجهة أنفسهم، فالرؤية ليست همّهم الأوّل في الواقع… وأمّا عيناي فلم تُعْشِهما الأُلفة.
***
أهل الثقافة يكثرون من حديث أنفسهم في المدينة فلا نعرف منهم كثيراً عن المدينة نفسها. المدينة أوسع بكثير وأبعد غوراً من صحفها ومن مقاهيها ومن جامعاتها وملاهيها ومن مواضع الانتداء ودور النشر فيها. ولا يكفينا من حديث المدينة أن تكون آلة الحديث هي نفسها موضوع الحديث. خرج سمير قصير ما استطاع على هذه السنّة وقلّب بصره ما استطاع في ما خلف الواجهة، ولم يكن من سبقوه قد أعانوه لتوسيع نطاق الاستطاعة كثيراً. وضع كتاباً في تاريخ بيروت. وفي هذا الكتاب وفي صاحبه يصحّ قول أحمد شوقي في صلاح الدين ودمشق:
“… تاجُكِ لم يجمّل
ولم يوسَم بأزينَ منه فَرْقُ”
بعد صدور الكتاب بسنتين، خرج من الظل فتى أو أكثر من حملة الووكي توكي الذين يسندون حائطاً – على الأقلّ – في كلّ حيّ… خرج من فيء حائطه وقتل سمير قصير. كان صاحب “تاريخ بيروت” رجلاً حرّاً ولا يزال قاتله حرّاً أيضاً. فنحن جميعاً أحرار، وحرّيتنا، في بيروت، حرّية واحدة. نحن أحرار في بيروت الملقّبة بـ”أمّ الشرائع” و”عاصمة الحرّيات”… نحن أحرار ولا فخر.