إذا كان “التاريخ قد لا يعيد نفسه”، كما قال مارك توين، إلا أنه قد يتشابه“!
فإن التاريخ في العالم العربي لا ينفك يعيد نفسه بتطابق مميت! وما أشبه اليوم بالأمس، حين أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر خطاب “الهزيمة”، التي سميت مجازا “النكسة”، بعد ان كان احمد سعيد أصمّ آذان المستمعين لـ”صوت العرب من القاهرة”، بالانتصارت التي يحققها الجيش المصري على الجبهة، في حين كان الجيش الاسرائيلي يتوغل في سيناء وطابا، بعد ان قضى سلاح الطيران الاسرائيلي على سلاح الجو المصري والطائرات راسية في مهاجعها في المطارات العسكرية.
امس اعلنت حركة حماس خطاب “الهزيمة” على أشلاء اهالي غزة، وأنقاض منازلهم، بعد ان كانت صمّت آذاننا بالانتصارات منذ “غزوة 7 أكتوبر 2023 وحتى اليوم.
وافقت حماس صاغرة على خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة كما هي! والمقابل تافه إذا ما قيس بالخسائر البشرية التي مني بها الشعب الفلسطيني، وهي تأمين ممر آمن لقادة حماس لمغادرة القطاع الى الدول التي ترغب في استقبالهم، على ان لا تشارك حماس في إدارة القطاع بعد الانسحاب الاسرائيلي، كما انها ستسلم سلاحها.
هل كانت “غزوة 7 اكتوبر” تستأهل كل هذه التضحيات والشهداء والخراب والدمار؟
سؤال برسم قادة حماس الذين يتحضرون لمغادرة القطاع: ماذا جنيتم منذ ارتكبتم المجازر في حق عناصر السلطة الفلسطينية واحكمتم سيطرتكم على القطاع، وصولا الى وحدة الجبهات الممانعة بعد “غزوة 7 اكتوبر”؟
الجواب لا شيء.
انه التاريخ العربي الذي لا ينفك يعيد نفسه، زمن “حماس:” الآفل الى غير رجعة، هو زمن الرويبضة، حين يتحدث التافه في امور العامة، فكيف إذا تسّلح التافه وتستّر بغطاء الدين، وأسبغ على نفسه صفة القداسة والتحدث نيابة عن الله؟
استسلمت حماس، ولم يتبقَّ من محور الممانعة إلا بقايا “حزب الله” في لبنان، وانصار الحوثي في اليمن. فبعد ان بدأت طهران ببيع الخرضوات التي جمعتها خلال عقود، سقط نظام الاسد، وامس استسلمت حماس، في حين ما زال الشيخ نعيم قاسم يعلن توالي الانتصارات على طريقة احمد سعيد وقادة “حماس”، وصولا الى اليوم الذي سيعلن فيه هو وعبد الملك الحوثي خطاب الهزيمة.
عسى ان لا يطول انتظار هذا الخطاب لان الخسائر ما زالت تتراكم بالتزامن مع الادعاءات بالانتصارات الدونكيشوتية!

تحياتي.
بالنسبة لموضوع عبد الناصر ، لقد كان عسكريا أقام سلطة نجحت من خلال سياسة الحرب الباردة وتخلت عن الموضوع الفلسطيني وموضوع الوحدة العربية ففصلت السودان وحافظت على غزة منزوعة السلاح وأعطت اسرائيل حق المرور بالعقبة . صحيح أنجز تأميم قناة السويس وبناء السد العالي ولكن الباقي كان ضمن الظروف التي نتجت عن الحرب العالمية وما تلاها ضمن الحرب الباردة. وخلاصة: له ما له وعليه أكثر مما له.
اللي بعدد حسائر حماس بغزة و يبكي على عدم العقلانية، انصحه بتوسيع نظره ،فلولا طوفان الأقصى ما تورط حزب الله و ما ضربت اسرائيل حزب الله وما ضربت امربكا ايران والأهم ما استطاعت ادلب قلب الستاتيكوا العلوي في سوريا. الثابت من أواخر ستينات القرن الماضي..
لنترك خسارة الحوثي جانبا.
فاللبناني والسوري الذي يدين حماس من منطلق خسارة غزة العمرانية والشهداء، عليه أن يصيغ تفكير عكسي اي على وزن هندسة عكسية و يسأل نفسه هل كان بالإمكان الوصول إلى كل تلك الإيجابيات لو لم تقوم حماس بطوفان الأقصى…..