أصدقاء الجنرال: عون فاسِد وباسيل غارق في الترَف
أموال إيرانية وسورية وجِهات مجهولة تتحكم بـ “التيّار”
كشف اثنان من مناصري العماد ميشال عون القدماء، هما جراح القلب الدكتور نبيل طويل القريب من عون وصديق جنبلاط ونزار زكا أن الجنرال “محاصر” في المواجهة القائمة مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وأن جبران باسيل “خرّب” كل المساعي الرامية الى قيام اتفاق بين عون وجنبلاط. وأضافا ان عون عالق في معارضة مُعطّلة بسبب قبوله أموالا سورية وايرانية، مشيرين الى أن محطة الـ OTV هي مجرد وسيلة من وسائل غسيل أموال التيار الوطني الحر غير المشروعة. وتابع الطويل وزكا قائلين: لو كتب له ان يصبح رئيسا للجمهورية، فسيظل قوة مدمرة ومخرّبة، لافتين الى أنه متعجرف وعنيد كفاية لعدم التحاور مع الاطراف اللبنانيين من اجل
إيجاد حل.
ففي مذكرة رسمية تحمل الرقم 07BEIRUT109 صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت في 22 كانون الثاني 2007، وتضمّنت محور اجتماع بين مسؤولين من السفارة الاميركية والدكتور نبيل طويل القريب من ميشال عون وصديق وليد جنبلاط، في منزل الأول في الرابيه في حضور ابنه هادي ونزار زكا، جاء أن الدكتور طويل شرح كيف حاول مرات عدة التقريب بين عون وجنبلاط منذ العام 2005، لكن كل المحاولات فشلت بسبب التشَنّج الواقع بين 14 آذار وعون، قائلا: عندما تمّ الاتفاق على اجتماع بين عون وجنبلاط في منزل الدكتور طويل في كانون الاول 2005، سَرّب صهر الجنرال جبران باسيل الخبر الى الاعلام، ما أحرج الطرفين. واضاف ان في ايلول 2006 نجح في تأمين اتصال هاتفي بين الرجلين، اعتذر خلاله جنبلاط عن طرد المسيحيين على يد الدروز في منطقة الجبل، مشكلا بذلك بداية ممتازة. لكنّ باسيل دحض المصالحة مجددا، من خلال تنظيمه مؤتمرا عن المهجرين، مُصلّتا الضوء على دور جنبلاط في سلب الاموال المخصصة للتعويض على مسيحيي الشوف.
وكرر الدكتور طويل مرات عدة، متحسرا على صديقه، ان الجنرال محاصر، وأنه يدرك خسارته الدعم المسيحي الشعبي، وان المعارضة تنفد لديها الخيارات، لكنه لا يعرف طريق الخروج. واضاف طويل، في السياق نفسه، ان عون يبحث عن مخرج، لكنه في بساطة لا يستطيع مغادرة المعارضة، مشيرا الى أن السبب الوحيد لعدم قبول عون اي تسوية مع الحكومة حتى الآن، هو تحكم جهات مجهولة بقراراته.
وجاء في المذكرة أن المسؤول الاميركي تساءل هل يعني ذلك ان الجنرال يتعرض للابتزاز من قبل فريق او اكثر من الذين موّلوا حملات التيار الاعلامية وحفلاته المسرفة؟، فهزّ طويل رأسه ايجابا (ملاحظة: لم يكرر الطويل أمامنا ما قاله سابقا امام جنبلاط، من أن عون اصبح معتادا على “أكياس المال” التي تصل اليه من مصادر سورية وإيرانية، فأصبح بالتالي غارقا في تمويل غير شرعي).
جبران باسيل سلطة مفسدة
وتابع الطويل أن الجنرال ليس على علم بكل القرارت المالية المتخذة باسمه، لكن في أي حال ان جبران باسيل موجود داخل الصراع السياسي فقط “من أجل المال”، في حين أشار زكا الى نمط حياة باسيل المترف، قائلا: إن سيارة باسيل المصفحة، وهي من نوع “اودي”، هي هدية من سليمان فرنجية الذي تلقاها بدوره من صديق العائلة بشار الاسد.
واضاف طويل ان جبران باسيل مكروه في أوساط التيار، على رغم تفاني عون في سبيله من اجل إسعاد ابنته شانتال، ومع ذلك فهو يشرك باسيل في كل الاجتماعات، حتى تلك التي يطلب فيها الطرف الآخر ان تكون “خاصّة”.
وتابعت المذكرة الاميركية أن طويل لفت الى فشل باسيل داخل التيار، من خلال نتائج الانتخابات البلدية العام 2005 في البترون، حيث لم يستطع الفوز بمقعد في البلدية الذي يعتبر اصغر المناصب، مشيرا الى أن باسيل برز على انه عرّاب “وثيقة التفاهم” بين حزب الله والتيار الوطني الحر في العام 2006، وهو لا يزال حتى الآن قناة التيار الاساسية للتواصل مع الحزب.
النائب عباس هاشم: “عميل حزب الله داخل التيار”
ويذكر مسؤولو السفارة في هذه المذكرة ما ورد على لسان باسيل سابقا، وهو انه العقل المدبّر خلف عرض أسهم محطة الـ OTV، وتبجّح أن ردّة الفعل الشعبية كانت عارمة. وفي هذا السياق، قال طويل ان حتى قبل عملية عرض الاسهم، قامت حملة تسويق ممولة في شكل كبير وملأت بيروت بلوحات برتقالية من اجل حشد عدد أكبر من الشارين للأسهم المنخفضة السعر، لكنّ أكبر مساهم في المحطة هو النائب الشيعي عن التيار الوطني الحر عباس هاشم الذي يعتبر عميل حزب الله داخل التيار. وشكك الدكتور طويل وزكا في ان نجاح جمع التبرعات في هذا الشكل من اجل المحطة، كان فقط بسبب المُشترين من افراد التيار الوطني الحر.
وردا على سؤال يتعلق برغبة عون أو سواه في الوصول الى رئاسة الجمهورية في ظل انحسار قوة هذا المركز، اجاب طويل ان عون يريد زيادة صلاحيات الرئيس، وهو يرفض بنود اتفاق الطائف تماما كما في العام 1989. وسأل المسؤول الاميركي هل يأخذ عون في عين الاعتبار إمكان رفض الطوائف الأخرى اعادة الصلاحيات التنفيذية الى الرئيس المسيحي، فأجاب طويل انه يشك في ان تكون لدى عون خطة منطقية لتمرير هذا الموضوع مع الفرقاء الآخرين، قائلا إن عون الذي لا يملك مستشارين سيكون كارثة متى اصبح رئيسا للجمهورية.
التيار الوطني الحر
بعد عون
وجاء في المذكرة أيضا أن الدكتور طويل وصف عضوي التكتل النائب فريد الخازن وغسان مخيبر بقائدين مستقلين وملتزمين فقط من اجل مبادئ التيار ومعتقداته. اما ابراهيم كنعان، الذي يعتبر صوت التيار المعتدل، فوصفه طويل بـ “حيوان سياسي” بَحت، وهو مُهتمّ فقط بما ينال من التيار. وهذا ينطبق ايضا على اعضاء التكتل الآخرين، الأقل موهبة وشهرة. وردا على سؤال عن مستقبل التيار في حال اختار عون اعتزال السياسة وتخَلّيه عن مبتغاه واكتفائه بالمنصب النيابي، اجاب طويل ان التيار سيتفكك لأنه لا يتحلى بتماسك داخلي او ببنية حقيقية، قائلا: ليست هناك عملية خلافة، (عون يكره منطق التوريث وهو شيء منطقي ومناسب لرجل ليس لديه ولد ذكر)، وقيادات التيار تشعر بالحسد ولا تثق ببعضها بعضا.
هل لدى عون مستقبل مع الأميركيين
سأل الدكتور طويل “هل يعتبر عون مهمّا عند الاميركيين؟” فأجاب المسؤول الاميركي أن بقدر ما هو عون مهم كقائد مسيحي، بقدر ما هو مهم لدى الاميركيين، لكنه لن يصبح ابدا الشريك الاول لأميركا في لبنان، ولا يمكننا إنكار وجوده في اللعبة السياسية، وسنواصل، في حال انتخب رئيسا للجمهورية، علاقتنا الطبيعية مع لبنان، او بالأحرى طبيعية اكثر من علاقتنا الحالية مع لبنان المثقل برئاسة اميل لحود.
واكمل المسؤول الاميركي أنه على رغم انتقادات عون المزعجة والعلنية في حق الولايات المتحدة الاميركية، وبغض النظر عن التمويل المشبوه له ولكتلته، واتفاق التيار وحزب الله، فإن ابواب اميركا لا تزال مفتوحة امام عون، مشيرا الى أن السفارة الاميركية غالبا ما تجتمع بعون وبأعضاء كتلته، ومن المرجح ان يدعوه السفير الى لقاء قريب. وختمت الوثيقة باقتراح من الدكتور طويل يهدف الى عقد لقاء في منزله بين السفير والجنرال عون، يتمكن فيه الأخير من توضيح وجهة نظره، بعيدا من جبران باسيل والاعلام.