“الشفاف” – خاص
مع اقتراب موعد انتخابات المجالس البلدية والاختيارية في محافظة الشمال بدأت تتضح معالم صراع من نوع آخر في قضاء البترون. حيث كان من المرتقب ،نظريا، ان تتنافس لوائح قوى 14 آذار مع قوى 8 اذار وفي مقدمها التيار العوني. إلا أن الوقائع الميدانية لا تبشر بأن سير المعارك الانتخابية يسير في هذه الاتجاه.
تشير المعلومات البترونية الى ان حزب الكتائب يخوض صراعا غير معلن مع “القوات اللبنانية” بلديا واختياريا على قاعدة تصفية الحساب على المقعد النيابي في المنطقة الذي يعتبر النائب “سامر سعاده” انه من حقه وليس من حق النائب انطوان زهرا.
ميدانياً، عانى حزب “القوات اللبنانية” الأمرين من حليفه اللدود حزب الكتائب. ففي القرى والبلدات التي يمثل “الكتائب” فيها ارجحية عددية، توجب على “القوات اللبنانية” دعم مرشحي الكتائب من دون منّة. وفي القرى التي يمثل فيها القوات ارجحية عددية، يرفض الكتائبيون دعم اي مرشح للقوات ويقترحون ترشيح مستقلين او مقربين من الكتائب، على ان يتولى القواتيون دعم هؤلاء. وحيث لا ارجحية للقوات ولا للكتائب لا يجد الكتائبيون حرجا في التحالف مع العونيين والعمل إما على الزام القواتيين بدعم هذا التحالف، وإما على عزلهم. وفي المحصلة، تتلخص السياسة الكتائبية في قضاء البترون بعزل القوات اللبنانية وعدم السماح لاي قواتي بالوصول الى مركز رئيس مجلس بلدي او مختار. وإنطلاقا من هذا المعطى يصبح بإمكان الكتائبيين القول أن وجه البترون كتائبي بدليل المجالس البلدية والاختيارية، وتاليا فإن الانتخابات النيابية المقبلة لا تتحمل مرشحا قواتياً، وعلى النائب الحالي انطوان زهرا الانسحاب لصالح المرشح الكتائبي، النائب الحالي من شبطين عن المقعد الماروني في طرابلس “سامر سعاده”.
مراقبون بترونيون اعتبروا ان السلوك الانتخابي الكتائبي في قضاء البترون أوغل بعيدا في التحالف مع التيار العوني، حيث قام عدد من مسؤولي حزب الكتائب، في مقدمهم “ابراهيم ريشا”، بالاجتماع مع الوزير العوني جبران باسيل للتنسيق بلديا واختياريا. في حين ان المسؤول الكتائبي الآخر، “جوزيف شليطا”، المكلف متابعة شؤون الانتخابات البلدية والاختيارية، يواجه الشاكين من اللعب الكتائبي والتحالفات الملتبسة مع العونيين بأنه ترك الامر للمعالجة داخل القرية او البلدة الشاكية والمعترضة.
ويضيف المراقبون ان قادم الايام سيحمل تحالفا عونيا- كتائبيا في البترون، طرفيه الوزير جبران باسيل والنائب سامر سعادة في مواجهة النالئبين بطرس حرب وانطوان زهرا.
ويعتبر هؤلاء ان سعادة وباسيل ينطلقان من نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة العام 2009 والدورة التي سبقتها. ويعتبر الكتائبيون انهم هم من أسقط النائب انطوان زهرا في القضاء ليفوز في المحافظة بأصوات السنّة في طرابلس، في حين ان النائب بطرس حرب حل ثانيا في القضاء بفارق بضع مئات من الاصوات. ويقولون انهم هم، أي الكتائبيون، من امّن فوز النائبين انطوان زهرا وبطرس حرب في الدورة الانتخابية الماضية. وتاليا، ان اي تحالف بينهم وبين التيار العوني من شأنه ان يعيد المقعد الكتائبي لاصحابه في القضاء وتصبح المنافسة بين النائب بطرس حرب وجبران باسيل بعد ان يتأمن إخراج النائب انطوان زهرا من السباق.
وفي هذا السياق يراهن العونيون على قوتهم الرئيسية وعلى الحاقدين على القوات اللبنانية من بقايا الحزب الشيوعي والحزب السوري القومي والاخصام التقليديين للنائب بطرس حرب، يضاف اليهم انصار الكتائب، مما يجعل حظوظ باسيل بالوصول الى الندوة النيابية مرتفعة على حساب النائب حرب.
في المقابل يتخوف النائب حرب من الحملة الكتائبية على القوات وهو يعتبر ان هذه الحملة ستكون نتائجها سلبية على القضاء لانها لا تنظر سوى بعين ضيقة الى المسألة السياسية اللبنانية، كما ان عناصر الكتائب ينطلقون في ممارساتهم الانتخابية من احقادهم “الضِيَعجية” وزوارب الاحياء وخلافات العائلات التقليدية، مما يضع النائب حرب في موقف حرج خصوصا عندما يجد ان بعضا من انصاره تقودهم خلفياتهم الضيقة قد انجرفوا عن غير وعي وإدراك منهم في مشروع الكتائب ما تسبب له بالاحراج في اكثر من مجلس بلدي.
إزاء هذه الصورة تجد قوى 14 آذار نفسها في موقف حرج في قضاء البترون، حيث يرتقب ان تنعكس السياسية الكتائبية مزيدا في من التشرذم في صفوفها بما لا ينسجم مع نتيجة الانتخابات النيابية. وفي حال اكمل حزب الكتائب ممارساته هذه، فمن المرجح ان يتسلق التيار العوني اكثر من مجلس بلدي واختياري.
المخارج المطروحة لمعالجة هذا الشأن تبدو غير متاحة حاليا، خصوصا وان النائب انطوان زهرا اعلن انه لن يتعاطى الشأن البلدي وهناك تخوف بتروني جدي من ان تعلن القوات اللبنانية انسحابها من الشأنين البلدي والاختياري في البترون ترشيحا واقتراعا، ما سيخلي الساحة لتحالف غير معلن بين الكتائب والوزير باسيل يكون اول ضحاياه النائب بطرس حرب.