إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
ماذا يَجمع بلدة “بِبنين” في أقصى شمال لبنان (50 ألف نسمة، على مسافة 102 كلم من بيروت)، ومدينة “صيدا”، عاصمة جنوب لبنان (200 ألف نسمة، تأسّست في 4000 قبل الميلاد)، وبلدة “شِبعا” (13000 نسمة، 120 كلم من بيروت) التي تقع في “جبل الشيخ” على ارتفاع 1260 متر في النقطة الفاصلة بين إسرائيل وسوريا ولبنان؟
الجواب: أنها كلها “سُنِّية”، لا تدين بالولاء لـ”ولي أمر المسلمين” كما تُسمّيه “وكالة أنباء فارس”، “الملا خامنئي”، و”وكيله” اللبناني، “حزبلو”! واستطراداً، أن “حزبلّو” يريد أن يفرض سيطرته عليها بـ “الهَوبقة”، وهو تعبير بعلبكي يعني “وضع اليّد” على ممتلكات الغَير بقوة “الكلاشنكوف” حينما تُنهار الدولة وتعجز عن حماية المواطنين المُسالمين.
تشير المعلومات من “شِبعا” الى أنه أثناء مراسم تشييع المقاتل فادي كنعان قبل ايام، وهو من المذهب “السُني”، دخل عشرات من مقاتلي “حزب ايران“وهم من خارج البلدة ومن قرى الجوار الشيعي، الى البلدة، في عراضة مسلحة، رافعين رايات الحزب الصفراء، وهم يهتفون “يا علي” يا “حسين“، “هيهات منا الذلة“، و“ِشيعة شيعة“، ويمارسون “اللطم” على صدورهم، ما استفز اهالي البلدة، الذين سعوا الى ثنيهم احتراما لحرمة الموت.
وأثناء التشييع وصف إمامُ المسجد الشاب بـ”القتيل” و ليس “الشهيد”، وعلى الأثر دخل عناصر “حزب اللهُ الايراني“، بأحذيتهم إلى المسجد مطالبين الامام بوصفه “شهيدا على طريق القدس“!
الدخول الى المسجد بالأحذية وهو امر مخالف للشرع الاسلامي الشيعي والسني على حد سواء تسبب بمزيد من الاستياء والهرج والمرج بين المُشيِّعيين، وإلى تلاسن بينهم وبين المقاتلين وكاد الامر ان يتطور الى اشتباك بينهم، ولكن تدخل العقال من ابناء االبلدة فوّت الفرصة على مقاتلي “حزب إيران” من افتعال اشتباك لتطويع البلدة.
تشير المعلومات الى ان “شيعة حزبلو” في الجنوب (وهم “غير” الشيعة الطبيعيين)، ينظرون بعين الريبة الى القرى والبلدات السنية والمسيحية، والتي لا يطالها القصف والتدمير الاسرائيلي منذ بداية “حرب الإسناد“. إذ أن اسرائيل تستهدف مواقع ومراكز عسكرية ومدنية للحزب الايراني تتواجد في القرى الشيعية، ما ابعد كأس التدمير عن باقي القرى. ولذلك، فهم يسعون بما امكنهم لجرِّ اسرائيل الى قصف سائر القرى المسيحية والسنية، لحمل اهالي هذه القرى على التعاطف معهم.. لكن دون جدوى.
وجدير بالذكر “حزب ايران” يعتبر الطائفة “السُنِّيّة” خاصرة رخوة بعدما علّقَ زعيمها “سعد الحريري” العمل السياسي، وبعد بعد فشل “الطامحين” لخلافته!
“الأخوان المسلمين” جاهزون للخدمة!
اولى تجليات نظرية “الخاصرة الرخوة”، كانت انخراط “الجماعة الاسلامية، وإن متأخرة قليلا، في “حرب الإسناد“،سَعياً من الجماعة لتأكيد حضورها السياسي من بوابة فلسطين!
إنخراط “الجماعة الاسلامية“، لم يأت بالمَرجو، نظرا لِضُعف تأثيرها في الشارع السُنّي، فكان على “حزب إيران“، ان يفّعل دور الميليشيا الرديفة له، وهي ما يسمى “سرايا المقاومة“، بعد إغداق العطاءات المالية، على كل من ينضوي فيها، .
وهذا ما حصل في عكار، أثناء تشييع مقاتل من “الجماعة الاسلامية” من قرية “بِبنين” العكارية، حيث انتشر بضع مئات من المسلحين الملثمين في القرية تزامنا مع مراسم التشييع، وهم من “الاغراب” عن القرية والمنطقة، وراحوا يطلقون شعارات حماسية وعروضات عسكرية، استفزت اول ما استفزت اهالي البلدة، فأعلنوا براءتهم منها ومن كل ما رافقها.
مشهد “بِبنين” العكارية تكرر قبل ايام في قرية “شبعا الجنوبية”، وهي قرية سنية، استطاع “حزب ايران” ان يجند لعض الشبان منها في ميليشيا “سرايا المقاومة“، ومنهم المقاتل الذي سقط قبل ايام فادي كنعان.
بيان “المُفتين”
وعلى اثر الحادث والتجاوزات التي حصلت أثناء التشييع..تداعى رجال دين سُنّة للقاء برئاسة مفتي حاصبيا ومرجعيون القاضي الشيخ حسن دلي، وحضور القاضي الشيخ اسماعيل مصطفى دلي، والشيخ الدكتور محمد ابراهيم الزغبي، والشيخ الدكتور ميلاد علي الخطيب، رئيس دائرة أوقاف حاصبيا ومرجعيون الشيخ سامي خلدون نصيف، إمام مسجد بلدة شبعا الشيخ حسين محمد زهرة، وأصدروا البيان التالي:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد ؛
أمام التحديات الكبيرة التي تواجه مجتمعنا الإسلامي بشكل خاص والمجتمع اللبناني بشكل عام، وأمام خطر الإعتداءات الصهيونية الغاشمة التي طالت قرانا وبيوتنا وشبابنا وأهلنا، فإن الواجب يفرض علينا التمسك بوحدة الصف والكلمة، وتجنب التسبب بأي تصدع داخلي أو فتح أبواب الإنقسامات والفتن التي قد تكون لها عواقب وخيمة.
وفي ضوء ما جرى من مظاهر غير ملائمة خلال تشييع إبن شبعا البطل الشاب فادي كنعان، والتي لا تنسجم مع روح هذا الحدث الجلل، وتفتح الباب واسعاً للخلافات الداخلية، نهيب بجميع أبناء شبعا، على إختلاف توجهاتهم السياسية والحزبية، أن يحافظوا على وحدة الصف وإجتماع الكلمة. لا يجوز بأي حال من الأحوال السماح بمثل هذه المظاهر، ويجب تجنب تكرارها بشكل قطعي، وذلك حفاظاً على تماسك المجتمع ومنعاً للخلافات التي لن تخدم إلا مصلحة العدو الصهيوني.
ونود أن ننبه ونحذر الأحزاب والقائمين عليها بأن شبعا لها خصوصية في نسيجها الإجتماعي وحيثيتها. لم تكن يوماً خنجراً في ظهر من قاوم العدو الصهيوني، بل كانت دائماً حاضنة وداعمة للعمل المقاوم منذ إحتلال فلسطين وحتى يومنا هذا. لكن لم نسمح و لن نسمح بالمساس بخصوصية مجتمعنا أو بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية في هذه الظروف الصعبة.
إلى أهلنا في شبعا: أنتم الغيورون على تاريخ هذه البلدة وخصوصيتها. أنتم الأغلبية الصامدة في وجه كل من يحاول النيل من شبعا وأهلها. أصواتكم سمعت، ومخاوفكم مبررة، وانتقاداتكم نابعة من محبتكم العميقة لأرضكم ودينكم. لكن الوقت الآن ليس للانقسامات، بل للوحدة والصمود والثبات..
ولأبنائنا المنتمين إلى الأحزاب: ندعوكم للتمسك بفطرتكم السليمة، والحفاظ على شبعا كما عرفتموها. منها تعلمتم معنى الرجولة والشموخ والعزة. فيها دفن أجدادكم الذين سقوها بالعرق والدم دفاعًا عنها. لا تسمحوا لأي فتنة أن تفرق بينكم وبين أهل بلدتكم.
وختاماَ نسأل الله تعالى أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يحرر غزة وأهلها، وفلسطين ومقدساتها، والمسجد الأقصى من قبضة هذا العدو الذي لا يعرف إلا القتل والدمار، في ظل صمت المجتمعات التي تزعم حماية حقوق الإنسان. من هو الإنسان في نظر الأمم المتحدة؟ ونسأل الله أن يذل الصهاينة المعتدين، وأن يحمي مجتمعنا من كل فتنة وانقسام. إنه القادر العزيز.
كتب اليوم الثلاثاء
الواقع في ٢٠/٨/٢٠٢٤
بيان طرابلس ضد ّالفِتنة”
وما حصل في شبعا تخوفت منه هيئات مدنية وشعبية في طرابلس في شمال لبنان حيث أصدرت الهيئات بيانا حذرت فيه من خطر انتشار ميليشيا ما يسمى “سرايا المقاومة“، على النسيج الاجتماعي والديني للمدينة.
وجاء في بيان الهيئات الطرابلسية:
“عبرت بعض الجهات الدينية في طرابلس عن انزعاجها الشديد من انتشار ظاهرة غير مألوفة في شوارع الفيحاء، تتمثل بسيارات يقودها شبان من طرابلس، يجوبون شوارع مدينتهم وهم يستمعون الى أناشيد ولطميات يستخدمها الشيعة عادة في إحياء الليالي العاشورائية.
هذه الظاهرة الجديدة والـ”محدثة” في طرابلس لا يُعرف كيف بدأت ولا الجهة التي تقف خلفها، لكنها صارت منتشرة على نطاق واسع في أحياء طرابلس، حيث تبدي الجهات الدينية الطرابلسية قلقها من أن يكون خلف هذه الظاهرة قوى حزبية ودينية تشجع الشباب عليها، لإحداث فتنة في الشارع الطرابلسي المحافظ، من خلال استفزازه بأناشيد ترمز الى هيمنة أيديولوجيا شيعة إيران وحزب الله.
يقول أحد رجال الدين الشبان أن الأمر صار أقرب الى “الموضة الرائجة على شاكلة أغاني المهرجانات والأغاني الشعبية، لكن ذك ليس سوى الوجه اللطيف لهذه الظاهرة، وما تخفيه بين ثناياها أعظم وأخطر. لذلك وجب تنبيه الشبان الى خطورة ما يفعلونه”.
ويضيف: “هل يُعقل مثلاً أن يقوم شبان في الضاحية أو في منطقة شيعية أخرى برفع صوت أناشيد تمجد الصحابة وتدافع عنهم؟ لكم أن تتخيلوا ردود الأفعال وما سيحصل حينها. ينبغي عدم التساهل إزاء مواضيع من هذا القبيل لما يمكن أن تؤدي اليه من فتنة لا أحد يعرف مداها أو يمكنه توقعه”.