“أن تصل متأخراً خيرٌ من ان لا تصل أبداً”!
يبدو ان هذا هو شعار رئيس حزب القوات اللبنانية، الدكتورسمير جعجع، الذي يسعى اليوم الى “تنسيق” و”مصالحة” مع الوزيرالسابق النائب سليمان فرنجيه بعد ان اكتشف، متأخراً، فداحةَ الخطأ الذي تم دفعه اليه بتبنّي ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية!
مصادر سياسية تشير الى ان جعجع وقع ضحية “تذاكيه” من جهة، وعملية خداعٍ تعرض لها من جهة ثانية أثناء مفاوضات الرياشي – كنعان، التي انتهت الى توقيع ما سمي “إعلان النوايا” بين التيار العوني والقوات- وهو الإعلان الذي لم يلتزم به التيار العوني ما خلا البند الاول والذي يضمن تأييد نواب “القوات” لترشيح عون للرئاسة، وتحوّل النائب عدوان بعد الاعلان الى ما يشبه “المدير غير المعلن للحملة الانتخابية الرئاسية للجنرال”، مطالبا الفرقاء السياسيين، وفي مقدمهم تيار المستقبل بانتخاب “الرئيس المسيحي القوي”!
للتاريخ: جعجع لم يُفاجأ باتفاق الحريري-فرنجية!
المصادر السياسية تقول إن جعجع لم يكن في غفلة عن ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجيه، بل إن المفاوضات بين “المردة” و”القوات” كانت تسير على قدم وساق، وان “القوات” اشترطت على فرنجيه ما لم يستطع فرنجيه الالتزام به، من ضمنها ان تكون حصة “القوات” وزارة الدفاع او وزارةالداخلية الى ثلاث وزارات إخرى، إضافة الى موافقة “القوات” على تسمية قائد الجيش، وزيارة يقوم بها فرنجيه الى “معراب” وسوى ذلك من الشروط.
الى ذلك، تشير المصادر الى ان فرنجيه ابلغ الوسطاء والمتحاورين انه على استعداد لزيارة “معراب” على ان يضمن موافقة جعجع على ترشحه للرئاسة، وان تأتي هذه الموافقة من “معراب”، وليس قبل الزيارة إنما خلالها. وقال فرنجيه حينها: “الحكيم مراوغ وهو امضى احد عشر عاما في السجن من دون ان يستطيع احد انتزاع كلمة منه، وأنا لن اذهب الى معراب ما لم تكن هناك ضمانة بأن جعجع موافق على ترشيحي. اما حكاية اني طالع نازل عمعراب للتفاوض وغيره، ما بطلع”!
وتنقل المصادر عن جعجع قوله “انه لو تأخر اسبوعين على إعلان ترشيحه للجنرال عون، لكان فرنجيه أصبح رئيسا للجمهورية”!
باسيل لن يقبل بترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية مستقبلاً!
وكي لا يصل فرنجيه، لجأ جعجع الى استعجال ترشيح الجنرال لقطع الطريق نهائياً على فرنجيه، بعد ان نقل المفاوضون الى “الحكيم” وعودا لم يتم الالتزام بأي منها وفي مقدمها ان الجنرال سيسعى الى إيصال الحكيم من بعده لرئاسة الجمهورية، على قاعدة الوفاء للدعم القواتي. فجاء الرد مبكراً من الوزير باسيل الذي قال لمراسلة محطة “المر”، دنيز رحمه، رداً على سؤال ما إذا كان سيرشح “الحكيم” للرئاسة خلفا لعمه الجنرال عون، ما حرفيته “اتفقنا على ان يكون المرشح للرئاسة مَن تكون كتلتًه النيابية هي الاكبر، وتاليا هو الاكثر تمثيلا للمسيحيين، فإذا كانت كتلة القوات هي الاكبر، فلا مانع لدينا عندها”! وفي يقين باسيل ان كتلة القوات لن تتجاوز عدداً كتلة التيار العوني، وتاليا سيترشح هو لمنصب الرئاسة وسيلزم جعجع بترشيحه هون كونَه المرشح الاكثر تمثيلا”!
المصادر السياسية تقارن ايضا بين ما طالب به فرنجيه ورفضته “القوات”، وبين ما طالب به الجنرال عون وقبلت به “القوات”!!
فيوم الثامن عشر من كانون، كان مقررا ان يصل الجنرال الى “معراب” ليعلن جعجع مضمون ورقة النوايا ويتبنى ترشيح عون. ولكن الجنرال ذهب الى الصرح البطريركي في طريقه الى معراب، والتقى البطريرك الراعي، وابلغه ما حرفيته: ” لن اذهب الى معراب ما لم يصار الى إعلان ان الاجتماع المزمع عقده مع جعجع سيكون لاعلان تبني ترشيحي لرئاسة الجمهورية! وما لم يصدر هذا الاعلان من معراب قبل وصولي اليها، لن اتوجه الى الاجتماع”! وبالفعل، يومها خرج رئيس جهاز التواصل والاعلام الوزير حاليا ملحم رياشي، وهو كان يمثل جعجع في المفاوضات مع عون، الى الصحافيين، وقبل وصول الجنرال عون الى معراب وهو ينتظر مسمرا امام شاشة التلفزيون، ليعلن رياشي ان الاجتماع هو لاعلان تبني ترشيح الجنرال عون لرئاسة الجمهورية. وعندها فقط، غادر الجنرال بكركي وتوجه الى معراب!
وتشير المصادر الى ان فرنجيه كان طلب فقط ضمانة إعلان تبني ترشيحه أثناء وجوده في معراب، ولكن ذلك لم يحصل!
وتضيف المصادر السياسية، ان “الحكيم” كان تلقى وعوداً من التيار العوني بحصة وازنة في حكومة العهد الاولى، وان يكون له رأي في تسمية قائد الجيش وان تكون التعيينات الادارية مناصفة بين القوات والتيار العوني وان وان وان …..
ما حصل لاحقاً يُشير الى تعرض جعجع لخديعة كبيرة! مع أنه هو القائل “من جرب المجرّب كان عقله مخرب”، ومع أن تجاربه مع الجنرال عون لا تبشر بالخير. ومع ذلك، عاد وكرر التجربة مرارا وتكراراً، ولم يكن على استعداد لتجربة العلاقة مع النائب فرنجيه ولو لمرة واحدة قبل استفحال مرارة “اوعا خيك” في ضمير القوات ووجدانها.
مرارات وخيبات القوات تعددت منذ انتخاب عون
فوزارات القوات ليست سيادية ومنصب نائب رئيس الحكومة فخري اكثر منه فعلي. وعيّن لجعجع وزير ماروني واحد وآخر من الكاثوليك ووزير من الارثوذكس، واحتفظ عون وصهره باسيل بحصة الموارنة وأعطوا الرئيس الحريري وزيراً مارونيا!
وفي التعيينات، حمل الوزير جبران باسيل اسم قائد الجيش بدون تشاور مع أحد، كما حمل عدداُ آخر من التعيينات الامنية الى مجلس الوزراء، مخالفا الدستور والقوانين، وفرض تعيينهم! فاعترض وزراء “القوات” وتحفظوا، إذ ان التعيينات في مراكز الفئة الاولى، تتم من خلال عرض ثلاثة اسماء لكل منصب ومن ضمنها يختار مجلس الوزراء اسما واحدا. ولم تفلح محاولات وزراء “القوات” في ثني باسيل عن موقفه/ وسارت التعيينات من دون رأي “القوات”! وكرت السبحة. ففي الانتخابات البلدية والاختيارية، كان تحالف “القوات”-عون، “الصاق لحم ميت على لحم حي”، فلم تحصد القوات سوى الخيبة! إذ ان العونيين استفادوا من تصويت القواتيين حيث هم في حاجة الى اصواتهم، وانفردوا بالمجالس البلدية والاختيارية حيث يستطيعون الفوز منفردين، على قاعدة “ما للتيار العوني هو للتيار العوني وما للقوات وباقي المسيحيين هو لنا ولهم”! لا بل استطاع التيار العوني جر”القوات” الى مواجهة مع حلفاء تاريخيين وتقليديين للقوات، من الشخصيات المسيحية المستقلة، مثل النواب بطرس حرب ودوري شمعون وهادي حبيش فخاضت”القوات” معارك بلدية في وجه هؤلاء الحلفاء مسايرة للتيار العوني، فخسروهم ولم يربحوا العونيين!
التلفزيون والوكالة الوطنية: فيتو باسيل على تعيينات الرياشي
وفي مسيرة الخيبات، منع الوزير باسيل وزراء”القوات” من أداء مهاهم داخل مجلس الوزراء.
فلم ينجح المفاوض المدلل، الوزير ملحم رياشي، في تعيين رئيس لمجلس إدارة تلفزيون لبنان! إذ اشترط باسيل تعيين رئيس عوني!
كما لم يفلح في تعيين مدير للوكالة الوطنية للاعلام، لان من يشغل المنصب حاليا يشغله بطريقة غير قانونية، بالتعاقد ومن الفئة الرابعة، لان الوزير باسيل يريد عونيا!
واوقف باسيل قرارات وزير الصحة لمحاسبة اكثر من مجلس إدارة مستشفى حكومي، لان المجلس عوني الهوى والانتماء.
وتضيف المصادر، ان”القوات” كانت وما زالت تلجأ الى بلع الموسى. في كل مرة يصيب جبران باسيل مقتلا قواتيا. حتى “قانون الانتخابات” الذي سعى به النائب جورج عدوان في ربع الساعة الاخير، نسبه اليه باسيل عشية إقراره وطالب بتعديله في اليوم الثاني!
هل تنجح محاولات التقارب بين فرنجيه وجعجع؟
مصادر “المردة” تشير الى انفتاحها على القوات، وان ما مضى قد مضى، الا انها تنظر بعين الحذر الى القوات بشخص رئيسها! وهي تنطلق من مقولته “من جرب المجرب”، و”المردة” جربوا جعجع في رئاسة الجمهورية، ولم تأتِ تجربتهم معه بأي نتيجة!
مصادر متابعة في الشمال، تنظر بارتياح الى إزالة آخر لغم في الخلافات المسيحية-المسيحية، وتعتبر ان اي انفتاح بين “المردة” و”القوات” سيكون فأل خير مسيحياً ووطنياً، على ان تصفى النوايا وان لا يكون استهداف جبران باسيل في معركة الرئاسة المقبلة هو الجامع الوحيد بين جعجع وفرنجيه ليعود الخلاف بينهما الى ما كان عليه في حال عدم الاتفاق.
كنت من المتابعين لمعظم مقالات وتحقيقات الشرق الاوسط واجد في معظمها افكارا جيدة قابلة للنقاش… لقد استوقفني مطولا هذا المقال عن العلاقة “الملتيسة” للقوات اللبنانية مع الاخرين… انني من موقعي الليبرالي اتقبل كل الافكار ولكن لي الحق بمناقشتها… قرأت بتمعن مقال التحرير هذا وتسآلت اكثر من مرة : ما الغاية من هذا الكلام؟ اهو اعلام للقارئ ام نصيحة لحزب القوات ورئيسه ام تشكيك ام دعابة سياسية وذكذكة على الطريقة اللبنانية؟ ما اريد قوله وببساطة ، لكي يحظى المقال بصداقية ،على ادارة التحرير ان تستطرد في تحقيقاتها وتكشف الاسباب الحقيقية التي وضعت القوات ورئيسها امام هذه الخيارات المشار اليها في التقرير!!!… قراءة المزيد ..
كنت من المتابعين لمعظم مقالات وتحقيقات الشرق الاوسط واجد في معظمها افكارا جيدة قابلة للنقاش… لقد استوقفني مطولا هذا المقال عن العلاقة “الملتيسة” للقوات اللبنانية مع الاخرين… انني من موقعي الليبرالي اتقبل كل الافكار ولكن لي الحق بمناقشتها… قرأت بتمعن مقال التحرير هذا وتسآلت اكثر من مرة : ما الغاية من هذا الكلام؟ اهو اعلام للقارئ ام نصيحة لحزب القوات ورئيسه ام تشكيك ام دعابة سياسية وذكذكة على الطريقة اللبنانية؟ ما اريد قوله وببساطة ، لكي يحظى المقال بصداقية ،على ادارة التحرير ان تستطرد في تحقيقاتها وتكشف الاسباب الحقيقية التي وضعت القوات ورئيسها امام هذه الخيارات المشار اليها في التقرير!!!… قراءة المزيد ..