في ما يبدو كتطوّر متعمّد لتعزيز فرضية إغتيال بنازير بوتو على يد “أصوليين”، قال الجيش الباكستاني أن قوات الامن الباكستانية قتلت ما يصل الى 25 متشددا على صلة بالقاعدة في معارك في منطقة وزيرستان الجنوبية المتاخمة لافغانستان بدأت يوم الثلاثاء. وقال المتحدث باسم الجيش الميجر جنرال وحيد أرشد يوم الاربعاء “نشب القتال بعد أن خطف أوغاد أربعة من قواتنا”.
من جهة أخرى، يتوجه الرئيس الباكستاني برويز مشرف بخطاب إلى الأمة الباكستانية مساء الأربعاء 2-1-2008، بعد ساعات من الموعد المفترض لإعلان اللجنة الانتخابية رسمياً عن الموعد الجديد الذي ستحدده لإجراء الانتخابات التشريعية في البلاد.
جاء ذلك فيما أشار وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى أن بلاده، والاتحاد الاوروبي، يعتبران أنه “من الصعب” فتح تحقيق دولي في اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو، وفق ما يطالب به زوجها آصف زرداري.
وكان زرداري نادى بإجراء تحقيق دولي باغتيال زوجته، على غرار التحقيق الدولي الجاري في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. إلا أن كوشنير رأى أن إجراء هذا النوع من التحقيق “يتطلب أن يكون هناك تورط لدولة أخرى”، وهو اشتباه أشار كوشنير إلى توافره في قضية الحريري، ملمّحاً إلى تحميل “التطرف” مسؤولية اغتيال بوتو.
وردا على سؤال حول طبيعة هذا “التطرف”، قال “ليس مستغربا ان يكون الارهاب الاسلامي لانني اعلم انه مستقر في المناطق القبلية” في غرب باكستان.
الغريب في موقف الوزير الفرنسي هو أن يناقض حتى ما قاله قال أحد مساعدي الرئيس برويز مشرف المقربين يوم الاربعاء من أنه سيعلن أنه سيطلب مساعدة دولية في التحقيق في حادث اغتيال زعيمة المعارضة الباكستانية بينظير بوتو. وذكرت وكالات الأنباء أن باكستان تتعرض باكستان لضغوط من الولايات المتحدة وجهات أخرى وكذلك حزب الشعب الباكستاني المعارض لقبول تحقيق خارجي في اغتيال بوتو.
حكومة باكستان تصرّ على الفرضية التي تحرم بنازير من لقب “شهيدة”
وقد أصرت الحكومة الباكستانية يوم الثلاثاء على موقفها بأن زعيمة المعارضة بينظير بوتو لقيت حتفها عندما ارتطم رأسها بمقبض فتحة سقف سيارتها أثناء هجوم بالرصاص وقنبلة رغم عدم التصديق المتزايد لهذا التفسير.
ويقول حزب المعارضة الرئيسي الذي تزعمته بوتو انها أصيبت بالرصاص ويصدق معظم الباكستانيين ذلك.
وأذيعت يوم الاثنين مشاهد مصورة يظهر فيها بوضوح شاب وهو يطلق النار من مسدس على بوتو من مسافة تبعد حوالي ثلاثة أمتار ويتحرك وشاحها الابيض ربما عندما أصابتها رصاصة كما يصور سقوطها داخل العربة المصفحة.
وفي الواقع تراجعت مسألة من يقف وراء الهجوم وسط الجدل المحتدم حول الطريقة التي أغتيلت بها بوتو عند مغادرتها تجمعا انتخابيا في روالبندي يوم الخميس.
وبعد مرور أكثر من 24 ساعة على وفاتها قالت وزارة الداخلية ان ثلاث رصاصات أطلقت قبل لحظات من تفجير مهاجم انتحاري نفسه لكن لا الرصاصات ولا شظايا الانفجار تسببت في قتلها.
وقال متحدث باسم الوزارة ان بوتو قتلت عندما خفضت رأسها ودفع الانفجار رأسها للارتطام بمقبض برز من فتحة السقف وحطم الارتطام جمجمتها.
واجتمع وزراء من الحكومة المؤقتة مع كبار الصحفيين يوم الاثنين واعتذروا عن الطريقة “الفجة” التي أعلن بها المتحدث باسم وزارة الداخلية عن النتيجة التي توصلت اليها الحكومة.
لكن حامد نواز وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة قال ان الحكومة لم تغير موقفها.
وقال لرويترز ان تصريحات المتحدث “كانت فجة الى حد ما (لكن) لم يكن هناك تغير في الموقف الفعلي” بأن رأس بوتو ارتطم بالمقبض.
واستطرد قائلا “هذا ما تشير اليه الوقائع الحالية لكن شيئا ما جديدا قد يظهر غدا بمجرد أن يحصل القائمون بالتحقيق على معلومات جديدة.”
وردا على سؤال عن اللقطات المصورة التي تظهر الرجل وهو يطلق النار على بوتو قال نواز “سيبحث التحقيق هذه المسألة أيضا.”
وبينما قتل في الانفجار الذي وقع بعد لحظات أكثر من 20 شخصا لم يصب أي من مرافقي بوتو الذين كانوا داخل سيارتها.
وأعطى الجدل حول الطريقة التي توفيت بها بوتو فعلا دفعة لنظريات المؤامرة في بلد يرى كثير من شعبه أن يد أجهزة الامن المرهوبة أو الدول الاجنبية القوية تقف حتما وراء كل أزمة سياسية.
وقال أسد دوراني وهو رئيس سابق للمخابرات ان اندفاع الحكومة لتفسير وفاة بوتو “لم يكن ضروريا على الاطلاق” ولن ينهي الاتهامات المتعلقة بفشل الامن.
وأضاف “نظرا لشغفهم للعثور على شيء ما لتبرير موقفهم فانهم أحيانا يلفقون أشياء تعود لتؤرقهم.”
وقال طبيب ان الاطباء الذين فحصوا بوتو قالوا انه لم تظهر رصاصة ولا شظية في الاشعة السينية التي أجريت لها. واضاف ان الجرح الوحيد في رأسها لم يكن على ما يبدو جرح ناجم عن رصاصة وانما يشير على ما يبدو الى ارتطام بجسم ثقيل.
وأصدر الاطباء تقريرا غير حاسم يقول ان سبب الوفاة “جرح مفتوح في الرأس مع كسر في عظام الجمجمة أفضيا الى توقف في القلب والرئتين.”
وقالت الحكومة ان جثة بوتو لم تشرح نزولا على طلب أفراد أسرتها.
وأكد اصف علي زرداني زوج بوتو ذلك قائلا انه لم تكن هناك ضرورة لتشريح الجثة لانه كان من الواضح تماما أن الوفاة حدثت نتيجة لرصاصة. كما أبدى تشككه في الكيفية التي كان سيجرى بها التشريح.
وقال للصحفيين “عشت هنا لفترة طويلة تكفي لان أعرف كيف وأين كان سيجرى التشريح.”