دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — قال الباحث الأمني والاستراتيجي العراقي، مصطفى العاني، إن السعودية ترى في العراق دولة تابعة لإيران تعمل بأوامرها على غرار حزب الله اللبناني، معتبرا أن هذه المشكلة لا حل لها دون “تغيير النظام العراقي الذي يهدد المملكة.”
وقال العاني، وهو المستشار الأول ومدير برنامج الأمن والدفاع ودراسات مكافحة الإرهاب في مركز الخليج للأبحاث، في حديث لـCNN بالعربية حول المحور المخصص لعلاقات السعودية والعراق ضمن ملفات “يحدث غدا،” إن قضية الحدود لم تكن عاملا خلافيا حاسما في العلاقات بين السعودية والعراق خلال مباحثات اتفاقية العقير وكذلك اتفاقية عام 1986 لاقتسام المنطقة المحايدة مع نظام الرئيس الراحل، صدام حسين.
وتابع العاني بالقول: “القضية الحدودية لم تكن عاملا خلافيا بين البلدين كما كانت الحال عليه بين العراق والكويت أو بين العراق وإيران، وإنما المشكلة الأخرى كانت مشكلة تاريخية تتعلق بفترة حكم الأسرة الهاشمية وطمعها باستعادة عرش الحجاز وكذلك طمع صدام حسين لاحقا في مناطق سعودية.”
وتابع العاني بالقول: “المشكلة كانت على الدوام مطامع عراقية في السعودية، وليس العكس، أما بالنسبة للسعودية فالمشكلة في العراق اليوم هي من وجهين، الأول النفوذ الكبير لإيران واعتبار الرياض أن بغداد باتت تابعة لطهران وتأتمر بأوامرها كما يأتمر حزب الله بأوامر إيران، أما الثاني فهو استخدام الورقة الطائفية عبر أبعاد تتعدى المملكة والخليج واستخدامها لتحريك الأقليات من خارج الحدود وتحقيق مصالح إيران.”
ولفت العاني في هذا الإطار إلى أن الموقف تجاه البحرين “كما عبّر عنه (السياسي العراقي) أحمد الشلبي ومن معه عبر دعم التمرد في البحرين أقلق السعودية” مضيفا أن القضية بالنسبة للملكة “ليست مجرد اختلاف طائفي بل خلاف أخذ أبعادا استراتيجية وهي مشكلة لا حل لها دون تغيير النظام العراقي الراهن الذي يهدد المملكة” على حد قوله.
وحول مطالب كل بلد من البلد الآخر قال العاني: “السعودية تريد حكومة وطنية في العراق تهتم بهويته العربية والقومية وتتوقع قيام حكومة تمنح الأولوية لقضايا العراق الوطنية والقومية وتتنازل عن استخدام الورقة الطائفية، كما تريد من الحكومة وقف ما يحصل من استيلاء للشيعة على كل المناصب الحساسة.”
وتابع بالقول: “كما تريد السعودية رؤية ما يدل على استقلال النظام العراقي، فوقوف بغداد مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو نظام بعثي ديكتاتوري، لا يمكن تفسيره إلا على أساس طائفي ، أو أنه جاء امتثالا لأوامر إيرانية باعتبار أن العراقيين أسقطوا نظاما بعثيا وديكتاتوريا ولا يمكن لهم الوقوف مع نظام مماثل له.”
ورأى المحلل الأمني والسياسي العراقي بالمقابل أن بغداد تريد من السعودية “اعترافا كاملا بالنظام القائم فيها،” مضيفا أن رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، سبق أن عبّر عن ذلك، إذ أن السعودية – حسب رأيه “لم تعترف بشكل كامل بالنظام العراقي الجديد ولم تفتح سفارة لديه ولم يقم أي مسؤول سعودي رفيع المستوى بزيارة بغداد.”
وعن نظرة السعودية إلى إمكانية تهديد الإنتاج العراقي والإيراني من النفط لمكانتها في الأسواق قال العاني: “هذا الخطر قائم بدون شك، ولكن على المستوى البعيد وليس في الأمد المنظور، إذ لا يتوقع أن يحصل ذلك إلا بعد عشرات السنوات بانتظار حصول تطور في قدرات الإنتاج بالعراق وإيران. السعودية تحتل مكانة بارزة على صعيد الإنتاج النفطي منذ 30 سنة ولا يكن زحزحتها عن تلك المكانة بسهولة، فالخطر قائم في الأفق البعيد، ولا بعد من أن المملكة تفكر فيه وتستعد له.”
ونفى العاني صحة المعلومات التاريخية حول مطالبة مؤسس السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود بالسيادة على الأراضي الواقعة غرب الفرات، كما نفى وجود نفوذ سعودي في مناطق العرب السنة بالعراق اليوم قائلا: “لدى سنة العراق خيبة أمل من السعودية لأنها لم تدعمهم كما دعمت إيران حلفاءها، بسبب الطلب الأمريكي منها بذلك، وهم يعتبرون أن السعودية لم تدعمهم حتى في ذروة الأزمة التي مروا بها ولم تقم المملكة بدور جدي بمواجهة الدور الإيراني وهناك مسافة تفصل المجتمع السني في العراق عن السعودية التي لا تمتلك مراكز نفوذ فيه على الإطلاق.”