اللقاء المفاجىء الذي جمع رئيس
الحكومة التركية بالرئيس السوري في مدينة
حلب قبل أيام تحت غطاء منح الضيف دكتوراة
شرف من جامعة المدينة حملت أكثر من تفسير.
وسائل اعلام البلدين وضعت الزيارة في
اطار “استعداد الجانب التركي معاودة دور
الوسيط في مفاوضات السلام غير المباشرة
المعلقة بين اسرائيل وسوريا التي تسببت
حرب غزة في ايقافها وتسريع الخطى في هذا
المجال لاستكمال مهمة المبعوث الأمريكي
الخاص جورج ميتشيل وأن دمشق تضطلع بدور
المفتاح في مسألة السلام في الشرق الأوسط
ومساهمتها مهمة لتحقيق السلام وأن البلدين
يمتلكان رؤية مهمة حيال قضايا المنطقة
ويدعوان الى وحدة الصف الفلسطيني
ويستطيعان اسداء النصائح للآخرين وأن
الجانبين أعربا عن ارتياحهما للتطور
الكبير الذي تشهده علاقات البلدين
والتأثير الايجابي لهذه العلاقات على
تعزيز الاستقرار في المنطقة وفيما يتعلق
بالعراق اكد الاسد واردوغان أهمية
الاستمرار في دعم الحكومة العراقية
ومساعيها لتعزيز المصالحة الوطنية بين
مختلف مكونات الشعب العراقي”.
في اسرائيل تسربت معلومات “بأن
الانتقاد الشديد الذي وجهته تركيا الى
الهجوم الإسرائيلي على غزة قد ألحق الضرر
بدور أنقرة وسيطاً محايداً وإن أي مفاوضات
في شأن اتفاق سلام ينبغي أن تكون مباشرة
بين سوريا وإسرائيل من دون وسطاء”. وفي
السياق ذاته، وحسب أخبار صحفية “يعقد
مسؤولون وأكاديميون سوريون مقربون من
النظام مباحثات مع إسرائيليين “لاستكشاف
الجو العام” تحت تحت غطاء مؤتمر دولي ينعقد
في اليونان يومي 21 و22 من الشهر الحالي،
وبرعاية يونانية وأمريكية. وسترعى وزارة
الخارجية اليونانية المباحثات، كما
ستشارك فيها مجموعة من الحزب الديمقراطي
الأمريكي قريبة من الرئيس باراك أوباما
تضم كورتزر وروب مالي. ويشارك في المباحثات
السفيرة السورية في أثينا هدى الحمصي
ومدير مركز الشرق للعلاقات الدولية (شبه
الرسمي) سمير التقي والباحث المقرب من
الحكومة مسلم الدروبي. وكان الرئيس
اليوناني قد عرض اثناء زيارته لسورية
الشهر الماضي؛ استضافة المحادثات، خصوصا
بعد الاستياء الإسرائيلي من تركيا”. وكانت
صحيفة “أكشام” التركية قد ذكرت “ان إسرائيل
قامت بسحب دور الوساطة في مفاوضات السلام
غير المباشرة مع سورية واستعاضت عنه
بوساطة اذربيجان” وقالت الصحيفة ان “رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب
من الرئيس الآذري الهام علييف خلال زيارته
أخيراً لأذربيجان، أن تتولى بلاده دور
الوساطة وتسهيل المفاوضات مع سورية في
المرحلة المقبلة”. وأرجعت الصحيفة القرار
الإسرائيلي الى المشادة التي وقعت بين
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في منتدى
دافوس في سويسرا في كانون الثاني/ يناير
الماضي، بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة
وأشارت الصحيفة الى أن “الجولة الجديدة من
المفاوضات غير المباشرة، التي عقدت أربع
جولات منها فى مدينة اسطنبول العام
الماضي، ستعقد في باكو”، معتبرة أن “ذلك
سيؤثر تأثيراً سلبياً شديداً على دور
تركيا كوسيط في منطقة الشرق الأوسط”.
من جهة اخرى يتردد “ان الولايات
المتحدة تريد دفع المفاوضات بين إسرائيل
وكل من الفلسطينيين وسوريا ولبنان في آن
واحد، وترى أن المسار اللبناني هو الأسرع
للحل.
وقالت ان التقديرات تشير إلى أنه سيكون في
الإمكان التوصل إلى اتفاق اسرائيلي –
لبناني على نحو أسرع من المسارين الآخرين
بدعوى أنه “لا خلافات حقيقية” بين
الدولتين، وإنما تنحصر الخلافات “فقط” في
ترسيم الحدود في مزارع شبعا وقرية الغجر
وان الأميركيين يخططون لإطلاق عملية
سياسية تشمل مفاوضات في ثلاثة مسارات،
فلسطيني – اسرائيلي وسوري – اسرائيلي
ولبناني – اسرائيلي من خلال عقد مؤتمر
دولي لم تتم بلورة شكله حتى الآن، ولكن
تجري دراسة لإمكان دعوة زعماء الدول
العربية وربما زعماء الدول الإسلامية أيضا
اليه”.
جميع هذه المعلومات والتوقعات يضفي
ظلالا من الشك على البيانات الرسمية
المعلنة عن لقاء حلب. فالجانب التركي لم يعد
وسيطا محايدا مجمعا عليه بين سوريا
واسرائيل وفقد نزاهته المستقلة في الوساطة
الفلسطينية – الفلسطينية بحكم عامل
الآيديولوجيا بل أبعد نهائيا بفعل مركزية
الدور المصري والعربي في هذا المجال. لذلك
لايمكن فهم اللقاء الا من زاوتي العلاقات
الثنائية التي يطغي عليها الجانب الأمني
الدائر حول الملف الكردي أساسا منذ
اتفاقية أضنة الأمنية عام 1998 والملف
العراقي الشديد الصلة بالوضع الكردي أيضا
في ظل انسحاب القوات الأمريكية المفترض
بعد أقل من عامين ووحدة الموقف الكردستاني
التي توجها مشروع دستور الاقليم المصادق
عليه من البرلمان والبرامج الانتخابية
لمختلف الكتل تجاه قضايا الخلاف مع
الحكومة الاتحادية وبوادر حصول اصطفافات
جديدة عشية الانتخابات التشريعية في عموم
العراق والدور الايجابي المنتظر لشعب
كردستان في حماية الدستور والفدرالية
والعملية الديموقراطية .
في اطار استعدادات ومشاورات الجانبين
التركي والسوري والتنسيق حول الملف الكردي
في المنطقة، تندرج زيارة زعيم التيار
الصدري مقتدى الصدر المتنقل بين العراق
وايران الى كل من تركيا وسوريا الذي انضم
الى الجوقة الاقليمية المعادية للعراق
الجديد الفدرالي ولحقوق شعب كردستان الى
جانب بقايا البعث وجماعات القاعدة وحارث
الضاري وجناح من الجبهة التركمانية وجماعة
النجيفي وأنصار الهاشمي، حيث البصمات
السورية والتركية واضحة في افتعال المعارك
والفتن العنصرية والتحضير لها بين الكرد
والعرب والتركمان في كركوك وتلعفر والموصل
ومناطقها المحاذية لسوريا، ان كان ميدانيا
أو عبر أصوات تحريضية عنصرية تصدر من أنقرة
ودمشق بواسطة فضائيات معروفة الأهداف
والمرامي. وهذا ما يضاعف من مسؤولية
القيادة الكردستانية الى جانب الحكومة
العراقية في صيانة المكاسب والانجازات
الوطنية والقومية واستقرار وأمن شعب
الاقليم والحفاظ على علاقات الصداقة
والعيش المشترك بين المكونات الوطنية في
كردستان خصوصا والعراق عامة.
kurdarab2004 at yahoo.com to me