لم يتردد الموقع الالكتروني “مسيحيو سوريا لدعم الثورة السورية” على الفايس بوك والذي تديره مجموعة من الناشطين السوريين من الطوائف المسيحية، في توجيه اصابع الاتهام الى النظام السوري واجهزته في اللحظة الاولى لاذاعة خبر الانفجار الذي استهدف مركز الاستخبارات العسكرية السورية في بلدة محردة السورية مسقط رأس البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم رأس الكنيسة الارثوذكسية الانطاكية، وسارع الموقع الى ادراج اسماء الضحايا الذين سقطوا واصفاً اياهم بـ الشهداء، وهم: اديبة فرحة، نقولا عيسى، الصيدلية امال نمو، شمسي حبيب جربوع (ام معروف) وحفيدها الطفل منيف خليل ضاهر (13 عاماً).
هذا المناخ ليس بعيداً عن موقف احد المتقدمين بين رجالات الكنيسة الارثوذكسية السورية والذي ابلغ اصدقاءه اللبنانيين الكثر الذين اتصلوا مستنكرين ومستوضحين انه يلقي اللوم في ما يجري على الاجهزة الامنية والعسكرية السورية التي رغم حال الحرب والنزاع التي يشهدها الوضع السوري، الا ان هذه الاجهزة لا تزال تقيم مراكزها وفروعها وسط البلدات والقرى والاحياء السكنية، ربما من اجل ان تتخذ المواطنين العزل دروعاً بشرية لردع اي هجمات من الثوار السوريين وانصارهم. وسمع المتصلون اللبنانيون ايضاً انه من الافضل ابعاد هذه المراكز الى خارج المناطق المأهولة لتجنيبها النتائج الكارثية المترتبة على التحصن وسط التجمعات السكنية الآهلة والمواطنين العزل.
اوساط علمانية ارثوذكسية اشارت الى ان بعض المصطادين في المياه العكرة والباحثين عن الاثارة الطائفية سيعملون على تحميل ما جرى في محردة البلدة المسيحية الاكبر في منطقة حماة الكثير من التحليلات والابعاد وسيتحدثون عن رسائل مباشرة او غير مباشرة الى البطريرك هزيم صاحب الكلمة المسموعة بين مسيحيي سوريا. لكن الامر ليس الا مجرد عملية ضد مركز امني او عسكري اصابت المدنيين العزل في طريقها. وتالياً فإن البطريرك الانطاكي لن يصرح ولن يصدر اي موقف مما تعرضت له بلدته واهله، وبالنسبة اليه، والكلام للاوساط، فإن ما يصيب المسيحيين الارثوذكس والموارنة والسريان والارمن والاشوريين في سوريا هو مصاب كل الشعب السوري “لأن المسيحيين السوريين جزء من الشعب السوري و”ما حدا احسن من حدا”، والمسيحيون ليسوا شريحة انعزالية او مختارة والسوريون يتقاسمون ايام الخير والعسر معاً”. والرأي لدى هذه الاوساط المتابعة للتطورات السورية ان المسيحيين لم يستهدفوا بصورة مباشرة في سوريا وان النعرات والحساسيات الطائفية البغيضة غير موجودة لديهم والامور تختلف عن لبنان تماماً، وهذا ما لا تستسيغه بعض القوى ربما، والتي تريد البحث عن مسبب لاثارة النعرات والعصبيات وجر السوريين المسيحيين الى ساحة النزاع في شكل مباشر، ذلك ان غالبية السوريين من اصول مسيحية هم مسالمون واكثريتهم لا تريد إلاّ الخير لبلادها، رغم وجود قلق لديهم وهذا أمر طبيعي برأي الاوساط العلمانية التي ترى حراكاً مسيحياً يكبر تدريجاً لمصلحة التغيير والديموقراطية في سوريا بدليل الرهبان والكهنة الذين يطردهم النظام من سوريا سواء اكانوا يسوعيين ام غيرهم، والتهديدات التي توجه الى الناشطين المسيحيين ويرافقها اعتقالات ومداهمات واللائحة اصبحت تكبر تدريجاً.
في الخلاصة، تشدد الاوساط على ان انفجار بلدة محردة “مجرد عملية ضد مركز للأجهزة الامنية السورية” والكنيسة في سوريا مستمرة على مواقفها في مد اليد الى جميع السوريين دون الاستثناء وخدمة المهجرين والنازحين ومن يعانون مآسي النزاع ولن تحيد عن هذا الموقف، والاهم بالنسبة الى الكنيسة هو حفظ العلاقة التاريخية، بل المصيرية مع كل مكونات الشعب السوري وكل الناس دون استثناء وهذا هو الاهم، لأن المصالح السياسية تأتي وتذهب وسوريا باقية والشعب باقٍ.
pierre.atallah@annahar.com.lb
كاتب لبناني