الكويت-
للمرة الاولى منذ سنوات عدة، شهدت الكويت اليوم السبت انتخابات نيابية في اجواء متفائلة لم تعكرها النشرة الجوية التي أشارت الى أن الحرارة في النهار ستصل الى سبع واربعين درجة… وأن الغبار سيملأ الجو.
ما يدفع الكويتيين عموما الى التفاؤل، الاجواء التي سادت الحملة الانتخابية، وهي اجواء تصب في خدمة الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلد بعد سنوات طويلة من التأرجح والمزايدات، وحتى الضياع، بسبب الصراعات الساسية بين السلطة والمعارضة وحال التجاذب بين النواب والحكومة. وقد لعبت هذه الحال دورا في تعطيل المشاريع الحيوية التي تحتاج الكويت اليها التي كانت في الماضي الدولة الرائدة على غير صعيد في الخليج.
وتأتي الانتخابات، وهي الثانية في سبعة أشهر بعدما حزم المرشحون الـ 310، وبينهم ثماني نساء، أمرهم وافرغوا ما في جعبتهم من كلام على امتداد الايام الماضية في ما سمّوه “برامج عمل” سيحملها الناجحون منهم الى قبّة عبدالله السالم. وركّزت هذه البرامج على الشأن الكويتي وحاولت ملامسة هموم المواطن وقضاياه من صحة وتربية وتعليم واسكان وبطالة وسوى ذلك الكثير. والعين على الكثير من القضايا الشعبية والقوانين التي سبق أن أقرّت في المجلس السابق المبطل. وفي طليعة هذه القضايا صندوق الاسرة وزيادات العسكريين وبدلات الايجار للمواطنين واسكان المرأة…
واذا كانت الانتخابات تجري في يوم ساخن من أيام تموز-يوليو، فان العبء يزداد مع الصوم. ولذلك تراوح التوقعات المتعلقة بنسبة المشاركة بين اربعين وخمسين في المئة وربّما أكثر أو أقلّ. لكن أهمّ ما في الامر أن هناك أثرا كبيرا سيتركه على الانتخابات “تفكيك” المقاطعة الى حدّ لا بأس به. ولا شكّ أن ذلك سيرخي بظله على نسبة المشاركة.
أما لجهة نسبة التغيير في الوجوه، فانّ الاجتهادات تختلف بين شخصية سياسية وأخرى، علما أن أن التغيير حاصل نظرا الى أن القبائل الكبيرة أي المطير والعوازم والعجمان والرشايدة قررت المشاركة في الانتخابات وان بنسب متفاوتة. وهذا سيعني في طبيعة الحال أن المرشحين الشيعة لن يستفيدوا، كما حصل في انتخابات كانون الاوّل-ديسمبر 2012 من غياب مرشحي القبائل. وقد أوصلت تلك الانتخابات 17 نائبا شيعيا الى مجلس الامة الذي مجموع عدد أعضائه 50.
ولعب أمير الدولة الشيخ صباح الاحمد دورا في اعادة القبائل الكبيرة الى لعب دور في الحياة السياسية عن طريق زيارت تفقدية قام بها لهذه القبائل بغية الاطلاع على أحوال أفرادها مع تأكيد اهتمام الدولة بكل فرد منهم.
وكان ملفتا عشية الانتخابات خفوت صوت المعارضة التي لم تعد مطالبها تلقى الاصداء التي كانت تلقاها في الماضي. وتعزو أوساط سياسية ذلك الى تراجع الاخوان المسلمين الذين يعانون من انتكاساتهم في مصر وتونس وليبيا. وقد انعكست هذه الانتكاسات على الكويت حيث لم يعودوا قادرين على تحريك الشارع وتعبئته خلف شعاراتهم.
واكتفى المقاطعون للانتخابات بعقد ندوة أمس تحت عنوان “المقاطعة أو شرعنة الفساد”. وشارك في الندوة التي أقيمت في ديوان الناشط السياسي جابر القحطاني في منطقة الرقة النائب السابق ومنسّق ائتلاف المعارضة مسلّم البراك والنائبان السابقان فلاح الصواغ وخالد الطاحوس ونائب مجلس 2012 المبطل أسامة الشاهين وشخصيات أخرى.
وقال الصواغ انّ “الشعب الكويتي طيب ويشهد له التاريخ بأنّه لم يتجاوز على السلطة ولم يخطئ بحقّ أحد من الاسرة أو رموز البلد(…) انّ الكتّاب ووجهاء البلد والمشايخ بيّنوا أن من يعمل لمصلحة البلد والكرامة هو الذي يقاطع. كذلك أكّد أغلب الدستوريين في السابق أن المجلس (الجديد) لن يستمر وهناك من تعهد الطعن بالمرسوم” الذي تجري الانتخابات على اساسه.
وأكّد مسلّم البرّاك “اننا اليوم عند مفترق طرق. اني على يقين بأنّهم مهما قالوا وفعلوا ودفعوا، فانّ من سينتصر هو الشعب والامة. وأي معركة يكون الطرف الآخر فيها الشعب، لا بدّ أن ينتصر باذن الله. وهذا ما رأيناه في محطات تاريخية متعددة”. واتهم البرّاك جهات لم يسمّها بانشاء صندوق بـ18 مليون دينار (نحو 65 مليون دولار) لتمويل الانتخابات وقال أن “قضية شراء الاصوات باتت اليوم منتشرة بشكل مخيف في كلّ مناطق الكويت. وهذا جعل الوضع مريعا ومدمّرا”.
وربطت اوساط سياسية بين سقوط ورقة مقاطعة الانتخابات الكويتية والشعارات الكبيرة التي رفعها المقاطعون في الماضي والتي ثبت عدم جدواها، خصوصا أن معظم المقاطعين كانوا مما يسمّى “نواب الخدمات”. وهؤلاء النواب السابقون المقاطعون باتوا عاجزين عن تلبية مطالب جمهورهم بسبب وجودهم خارج قبة مجلس الامة.
“فيزا للمعارضة”
وقال سياسي كويتي ظريف أن المعارضين المقاطعين لم يجدوا ما يطالبون به في مرحلة ما قبل الانتخابات سوى دعوة الحكومة الى التدخل من أجل تسهيل حصول الكويتيين على تاشيرات (فيزا) الى دول اوروبية ( دول شنغن) وبريطانيا والولايات المتحدة وذلك كي يتمكنوا من السفر بعد العيد. وقد لبّت الحكومة طلب المعارضين المقاطعين الحصول السهل على “فيزا”، اذ استدعى وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله الخميس الماضي سفراء الاتحاد الاوروبي واميركا لـ”حل المشاكل التي تعترض حصول المواطنين على التأشيرات” واذيع رسميا أن الجارالله “شدّد على تبسيط اجراءات الحصول على التأشيرات. ووعد السفراء بحلّ المشكلة”.