“الآمال الفرنسية خابت حتى الآن”، حسب جريدة “لوموند” الفرنسية اليوم في مقال وقّعته “ناتالي غيبير”. فلم يتم بعد توقيع الإتفاق الفرنسي – السعودي الرامي إلى تجهيز الجيش اللبناني، مع أن قصر الإليزيه كان قد أكّد قبل يومين أن الإتفاق بات “شبه ناجز”.
وحسب “لوموند”، فإن الجوانب السياسية والإقتصادية للعقد السعودي-الفرنسي مهمة جداً. ويرمي العقد، وهو بقيمة ٣ مليار دولار (٢،٣ مليار أورو) إلى تجهيز القوات المسلحة اللبنانية بما يسمح لها بحفظ استقرار البلاد في منطقة بالغة الإضطراب.
وكان القرار قد اتُّخذ أثناء المؤتمر الدولي الذي انعقد في روما برعاية الأمين العام للأمم المتحدة. وبالنسبة لفرنسا، فإن عملية البيع هذه، التي تحتاجها البلاد بشدة بسبب مصاعب الميزانية العامة، تُفيد ٢٠ شركة صناعية. وتشمل عملية البيع توفير معدات للجيش اللبناني، وكذلك عمليات تأهيل وتدريب وصيانة عملياتية للمعدات.
وقد ذكرت جريدة “لي زيكو” أن قائمة المعدات تشمل هليكوبترات “غازيل” مزدة بصواريخ “هوت”، وهليكوبترات “إو سي ٧٢٥” للنقل، و٤ زوارق دورية مجهزة بصواريخ “كروتال”، ومدرّعات برية خفيفة ونظم إتصالات.
”لعبة معقدة”!
السعودية تدفع، وفرنسا تزوّد، ولبنان يعبّر عن حاجاته. ولكن مصادر مقرّبة من الملف تعتبر أن الملفّ الذي تعمل شركة “أوداس”، الوسيط الفرنسي لمبيعات السلاح، على إدارته بصورة مركزية هو “لعبة معقدة”. وكان مقرراً أن يجتمع وزير الدفاع السعودي اليوم الأربعاء مع وزير الدفاع الفرنسي “جان-إيف لو دريان”. ويعتقد أن اللقاء سيسفر عن إعلان يؤكّد الإلتزامات المبدئية للبلدين.
وتضيف “لوموند” أن الخطة السعودية-الفرنسية-اللبنانية “استراتيجية” لأنها “ستغير تركيبة الجيش اللبناني بصورة كاملة”، حسب مصدر عسكري فرنسي رفيع المستوى. وهي تثير بعض القلق في المنطقة، سوى أن المصدر نفسه يشير إلى أن “الجميع لهم مصلحة في تعزيز القوات المسلحة اللبنانية”. ويقول مصدر ديبلوماسي ان تحليلات الدول التي شاركت في مؤتمر دعم لبنان متقاربة: وهي أن”الفرصة الوحيدة التي تحول دون وقوع لبنان في الفوضى هي تقوية جيشه ليصبح قادراً على الردّ على الأزمة. إن حزب الله لم يعد عامل استقرار. والقوات المسلحة اللبنانية هي الوحيدة التي ما تزال متماسكة، وينبغي توفير الإمكانات اللازمة لها”.
وحسب “لوموند”، فقد طلبت السعودية من شركائها في الملفّ اعتماد أكبر قدر ممكن من التكتّم. وترغب الرياض في التحكم بالتجهيزات التي سيتم توفيرها للجيش اللبناني. وقد رفض الجانب السعودية قائمة معدات عسكرية أولى كان الصناعيون الفرنسيون قد أعدّوها!
مفاوضات مع.. إسرائيل!
وتضيف: وبالنسبة لنوعية التجهيزات العسكرية، تتفاوض فرنسا كذلك مع إسرائيل التي لا ترغب بتقوية الجيش اللبناني بمعدات يمكن أن تقع في أيدي حزب الله، خصوصاً الصواريخ المحمولة. والواقع أنه سيتم تجهيز الجيش اللبناني بصواريخ محمولة سوى أن الصواريخ ستكون مرتبطة بالآليات، مما يعني أنه سيتعذر استخدامها منفردة، حسب مصادر مطلعة على الملف في باريس.
وبعد مداولات بين وزارة الدفاع اللبنانية وباريس، تم الإتفاق على خطة التجهيز العسكري في نهاية شهر نيسان/أبريل، وأعطب الرياض الضوء الأخضر لشراء المعدات الجديدة والمستعملة. وفي ضوء ذلك الإتفاق، كان مأمولاً أن يتم توقيع العقد النهائي الذي يشمل مَهَل الدفع في الفترة الوواقعة بين نهاية انتخابات الرئاسة اللبنانية ومطلع شهر رمضان، ثم في نهاية شهر رمضان. ولكن آمال التوقيع تأجلت حتى مطلع الشهر الحالي.
وتضيف “لوموند” أن الظرف الحالي يتّسم بتفاهم جيد جداً بين فرنسا والسعودية. وكان وزير الدفاع الفرنسي، السيد “لودريان”، قد حظي بمقابلة استثنائية مع العاهل السعودي في الرياض في أواخر العام الماضي، والتقى بعدها بوزير الدفاع السعودي عدة مرات. ويبحث الجانبان في عوقد تسليح كبيرة جداً، ولكن هذه إنجاز هذه العقود يبدو معقداً بدوره. وتأمل فرنسا في بيع 6 إلى 8 فرقاطات متعددة المهام، وغواصات (في إطار عقد “صواري-3” الكبير الذي تتجاوز قيمته 9 مليار أورو بالحد الأدنى)، وتأمل باريس في إنجاز هذا العقد في 2015. وهذا عدا هليكوبترات “إن إتش 90”. كذلك تأمل فرنسا في أن تبيع للسعودية نظم دفاع أرض-جو بقيمة عدة مليارات من الدولارات، مع أن مسؤول الدفاع الجوي السعودي لا يبدو متحمساً للتعامل مع فرنسا.
يبقى أن باريس لا تملك رؤية واضحة للتغييرات السياسية، المرتبطة بخلافة الملك، الجارية في السعودية حالياً. وقد طلبت وزارة الدفاع مؤخراً من عدد من المختصّين إعداد دراسات تبين هرمية اتخاذ القرارات في