الحلّ بإحالة القضية على المحكمة الجنائية الدولية
أو إنشاء لجنة تحقيق دولية تمهّد لإنشاء محكمة جزائية دولية خاصة
أدت المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل و”حزب الله” الى وضع آلية تم بموجبها تحرير الأسرى اللبنانيين واطلاق سراحهم من السجون الاسرائيلية. ورغم تغييب الحكومة اللبنانية عن هذه المفاوضات وتجاهل وجودها بشكل قد ينطوي على مساس بسيادة الدولة وبهيبتها وبمكانتها، تعتبر عودة الاسرى اللبنانيين من اسرائيل انتصاراً مشرّفاً وتاريخياً للبنان ولعوائل الاسرى اللبنانيين ولكل لبناني مخلص لوطنه، اذ ان ما يفترض اخذه في الاعتبار اولاً هو فعل تحرير هؤلاء الاسرى واستعادتهم حريتهم بعد حرمانهم اياها لمدة طويلة من دون وجه حق، وبعدما تعرضوا لاقسى المعاملات والاجراءات المنافية لأبسط قواعد حقوق الانسان والاتفاقات الدولية المعنية بحماية هذه الحقوق على يد السلطات الاسرائيلية. لكن هذا الانتصار اللبناني العظيم يبقى ناقصاً، وتبقى فرحة اللبنانيين غير مكتملة ما لم يتم تحرير جميع المعتقلين اللبنانيين من كل السجون وخصوصاً من المعتقلات السورية.
ان السلطات الاسرائيلية التي اساءت معاملة الاسرى والمعتقلين اللبنانيين ونكّلت بهم اشد تنكيل، ولا سيما في معتقل الخيام سابقاً وفي غيره من المعتقلات والسجون، وحرمتهم حريتهم، لم تنف، رغم هذه الاجراءات التعسفية، واقعة احتجازهم في معتقلاتها، وسمحت بأن يتمتعوا ببعض حقوق الدفاع في اسرائيل، وان كانت غير كاملة، وبأن ينتفعوا من المعونة القضائية بتسليم قضاياهم الى محامين اسرائيليين للدفاع عنهم امام المحاكم الاسرائيلية، وذلك بخلاف ما يحصل للمعتقلين والمخفيين اللبنانيين قسراً في المعتقلات السورية وغيرها من المعتقلات الليبية والعراقية، ما يعني ان معاملة العدو الاسرائيلي للاسرى اللبنانيين كانت، على رغم وحشيتها وقسوتها، ارحم من الاجراءات المفروضة على المعتقلين والمخفيين اللبنانيين من سلطات بلد يعتبر شقيقاً للبنان.
الى ذلك، فإن ما حدث لهؤلاء المعتقلين اللبنانيين من تعذيب ومعاملة وحشية ومهينة للكرامة الانسانية، ومن حرمان لحريتهم، وفق ما جاء في شهادات وافادات عدد من ذويهم واهاليهم، ومن بعض المعتقلين الذين افرج عنهم منذ فترة قصيرة من السجون السورية، يعد، اذا ما ثبتت صحة هذه الادعاءات بالادلة الموضوعية والمادية، جريمة بشعة وانتهاكاً خطيراً لابسط قواعد حقوق الانسان المنصوص عليها في الاتفاق الدولي المتعلق بمكافحة التعذيب والمعاملة غير الانسانية والحاطة بالكرامة التي يتعرض لها السجناء الصادر عن الامم المتحدة بالقرار رقم 39/46 تاريخ 10 كانون الاول 1984، وفي البيان الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة في 9 كانون الاول 1975 والمتعلق بحماية الاشخاص المعرضين لاعمال التعذيب وللمعاملة الوحشية وغير الانسانية، وخصوصاً ان هذه الانتهاكات للقانون الانساني الدولي ترتكز على بواعث وخلفيات سياسية محضة (م 3 و5 من الاعلان العالمي لشرعة حقوق الانسان وم 7 و9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). يضاف الى ذلك ان هذه الافعال، اذا ماتوافرت الادلة الحسية والمادية على وقوعها، تشكل خرقاً فاضحاً لما جاء في الاعلان العالمي لحماية كل الاشخاص من “الاختفاء القسري” الذي تبنته الجمعية العامة للامم المتحدة في تاريخ 18/12/1992 حول وجوب اعتبار كل عمل من اعمال الاخفاء القسري جريمة ضد الكرامة الانسانية ومدانة بوصفها انكاراً لمقاصد ميثاق الامم المتحدة، واعتداء صارخاً وخطيراً على حقوق الانسان والحريات الاساسية التي وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان. فقد نصت المادة الاولى من هذا الاعلان على انه “لا يجوز لاي دولة ان تمارس اعمال الاخفاء القسري او ان تسمح بها او تتغاضى عنها…”. وتضيف المادة الثانية من الاعلان ذاته انه “بالاضافة الى العقوبات الجنائية الواجبة التطبيق، يجب ان تترتب على اعمال الاختفاء القسري المسؤولية المدنية لمرتكبيها والمسؤولية المدنية للدولة او لسلطاتها التي نظمت عمليات الاختفاء او وافقت عليها او تغاضت عنها، وذلك مع عدم الاخلال بالمسؤولية الدولية للدولة المعنية، وفقا لمبادئ القانون الدولي…” كما جاء في المادة الخامسة من هذا الاعلان انه “لا يجوز اتخاذ اي ظروف مهما كانت، سواء تعلق الامر بالتهديد باندلاع حرب او قيام حالة حرب او عدم الاستقرار السياسي الداخلي او اي حالة استثنائية اخرى، ذريعة لتبرير اعمال الاختفاء القسري”. ويعتبر الاعلان نفسه في المادة السابعة عشر منه “كل عمل من اعمال الاختفاء القسري جريمة مستمرة باستمرار مرتكبيها في التكتم على مصير ضحية الاخفاء ومكان اخفائه ما دامت هذه الوقائع قد ظلت بغير توضيح”.
لذلك، ورغم ان قانون العقوبات اللبناني يعاقب اعمال الخطف والاحتجاز غير المشروعة بالاشغال الشاقة المؤبدة اذا لم يطلق الشخص المخطوف خلال فترة شهر، يمكن اخراج جرائم اختفاء عدد من اللبنانيين قسرا في السجون السورية او في غيرها من السجون من نطاق اختصاص المراجع التحقيقية القضائية اللبنانية الحالية لاسباب موجبة متعددة (اولا)، كما يمكن وصف هذه الافعال بالجرائم الدولية تمهيدا لاحالتها على قضاء دولي جزائي مختص (ثانيا).
اولا: الاسباب التي توجب اخراج اختفاء اللبنانيين قسرا من نطاق اختصاص مراجع التحقيق اللبنانية واحالتها على قضاء دولي مختص.
من الواضح انه في ازاء مصالح بعض الدول الكبرى، رخصت قضايا حقوق الانسان ورميت في سلة مهملات المساومات والمفاوضات السورية – الاسرائيلية الجارية حاليا في المنطقة برعاية فرنسية واوروبية.
فلو لم يثر الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان بكل جرأة ومسؤولية هذه القضية في خطابه القيّم والمتوزان يوم تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون السورية، ولو لم يعلن الجانب اللبناني “ان الرئيس العماد ميشال سليمان تطرق في محادثاته مع الرئيس السوري في العاصمة الفرنسية الى موضوع المفقودين اللبنانيين في سوريا وان الاسد أكد اهتمامه به ومتابعته مع الجهات المختصة”، لكان امكن القول ان هذه القضية الانسانية دفنت في مقبرة النسيان والاغفال.
فحرصا على نجاح المفاوضات المذكورة اعلاه، ونجاح مؤتمر الدول المجاورة للمتوسط الذي انعقد في باريس بتاريخ الثالث عشر من شهر تموز، بناء على دعوة من الرئيس الفرنسي، لم تضع السلطات الفرنسية على طاولة المحادثات مع الرئيس الاسد لدى زيارته العاصمة باريس لا مسألة المخفيين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ولا حتى قضية آلاف المعتقلين السياسيين السوريين واللبنانيين وما يحصل لهم حاليا من اضطهاد وتنكيل على يد السلطات السورية في سجن صيدنايا.
في المقابل، حرص الرئيس الفرنسي على وضع قضية الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط المحتجز لدى “حماس” تحت مجهر مؤتمر الدول المجاورة للمتوسط في صلب المحادثات الفرنسية – السورية. ولهذا السبب بالذات يعتقد انه تمت التضحية للأسف بالقيم الانسانية، وبحقوق الانسان، وبمبادئ الحرية والديموقراطية، وبمبادئ القانون الانساني الدولي ومبادئ الشرعة الفرنسية لحقوق الانسان والمواطن لعام 1789، لحساب مصالح بعض الدول الاستراتيجية وضرورة الحفاظ على النظام السوري وحمايته كونه يشكل، وفقا لبعض الدول ومنها اسرائيل، عاملا للاستقرار في المنطقة، وطمست قضية المخفيين في المعتقلات السورية بحيث تم تجاهلها بشكل معيب ومهين من قبل دولة تعتبر من اعرق الدول في حماية الحريات وحقوق الانسان وخط الدفاع الاول عن هذه الحقوق.
يذكر ان هذا الاغفال الدولي لقضية المعتقلين والمخفيين اللبنانيين في السجون السورية كان سبقه اهمال واضح وثابت من قبل السلطات السياسية اللبنانية (أ) للقضية ذاتها، وذلك على صعيد تقصّي الحقائق ومتابعة هذا الموضوع وكشف اللثام عن تفاصيل هذه القضية الانسانية، بحيث لم تعمل هذه السلطات على وضع الامور في نصابها، ولم تبن على الشيء مقتضاه. يضاف الى ذلك ان اجهزة القضاء اللبناني لا زالت عاجزة (ب) عن القيام بمهمات القاء القبض على المسؤولين العسكريين والمدنيين اللبنانيين والسوريين المتورطين في هذه القضية تمهيداً لإحالتهم على المحاكم اللبنانية المختصة لمحاكمتهم. ويأتي هذا العجز كنتيجة طبيعية لوصاية سورية طويلة الامد على لبنان شلّت كل مقدرات القضاء اللبناني واجهزته بالهيمنة عليه وعلى قضاته، وكنتيجة للتهديدات الجسدية والمعنوية المستمرة التي تعرّض ويتعرّض لها بعض القضاة حتى يومنا هذا.
أ – تقاعس السلطات السياسية اللبنانية عن القيام بواجباتها
أهملت الحكومات اللبنانية المتعاقبة على الحكم منذ ثلاثين سنة قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية بشكل فاضح، ولم تسارع الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لوضع الحكومة السورية امام مسؤولياتها بالضغط عليها للافراج عن المخفيين اللبنانيين قسراً في السجون السورية، هذا باستثناء بعض الاجراءات غير الفعّالة التي اتخذت، ومنها تأليف لجنة تحقيق بموجب قرار الحكومة بتاريخ 24 ك2 سنة 2000، وتشكيل هيئة تلقّي شكاوى أهالي المفقودين بموجب القرار رقم 1/2001 الصادر عن رئيس مجلس الوزراء الشهيد رفيق الحريري بتاريخ 5 كانون الثاني 2001. وبالاضافة الى اهمالها هذا الشأن الوطني تحت ضغوط النظام السوري وتهديداته، كانت كل الحكومات، باستثناء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى، تنفي نفياً قاطعاً علمها بوجود اي شخص لبناني في المعتقلات السورية، الى ان اعلن الرئيس الياس الهراوي في 24 تشرين الثاني 1996 عن وجود مخفيين لبنانيين في السجون السورية. وتم الافراج لاحقاً عن زهاء مئة وخمسة وسبعين معتقلاً في سنتي 1998 و2000. وكانت السلطات السورية تنفي منذ ذلك الحين وجود اي مخفي في سجونها وتؤكد معها بعض المراجع اللبنانية السياسية والقضائية، في ظل الوصاية السورية، هذه الادعاءات التي ثبت عكسها بافادات عدد من المخفيين الذين أطلق سراحهم وبشهادات العشرات من اهالي المخفيين الذين كانوا يزورون من وقت الى آخر ابناءهم في السجون السورية. وما يؤكد عدم صحة التصريحات السورية واللبنانية التي نفت وجود اي لبناني محتجز بصورة غير شرعية في السجون السورية، اعتراف السفير السوري عماد مصطفى خلال العام 2005 في العاصمة الاميركية بوجود عدد من من “المعتقلين السياسيين اللبنانيين في سوريا الذين سيتم البحث في قضيتهم قريباً”.
ب – عجز القضاء اللبناني عن القيام بالاجراءات القضائية اللازمة للتحقيق مع الاشخاص المشتبه بهم بجرائم الاخفاء القسري والخطف والاحتجاز غير الشرعي.
بالاضافة الى هذا الاهمال في ملاحقة قضية المخفيين والمعتقلين على الصعيدين السياسي والاداري، تلكأت السلطات القضائية عن القيام بواجباتها ازاء عمليات خطف مواطنين لبنانيين على يد اجهزة وميليشيات لبنانية وتسليمهم لاجهزة المخابرات السورية. فالنائب العام التمييزي لم يحرك آنذاك ساكناً، وفق شهادات اهالي المفقودين، وخصوصاً تلك التي تم الادلاء بها خلال حلقة من حلقات برنامج “كلام الناس” خصصها الاعلامي مارسال غانم لقضية المفقودين والمخفيين قسراً في السجون السورية في نيسان 2005، وذلك رغم علمه اليقيني بجدية قضية المخطوفين والمخفيين اللبنانيين. فهو لم يأمر بفتح اي تحقيق في عدد من قضايا المخفيين والمخطوفين اللبنانيين على يد بعض الاجهزة اللبنانية والاجهزة السورية متجاهلا الاثباتات الجدية والموضوعية التي قدمت له من شهادات وافادات وكتابات ورسائل واوراق.
وكانت النيابات العامة في ظل حكم الوصاية السورية على لبنان، في كل مرة تقدم فيها شكوى بجريمة اختفاء قسري، تتخذ قرارا بحفظ الملف من دون القيام بأي تحقيق وذلك بتوجيه من المدعي العام التمييزي. ويشار على هذا الصعيد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الى الشكوى التي تقدم بها اهل المخفي بشارة روميّة والتي لم تتبع بأي تحقيق يذكر. وبهذا، فان قرارات الحفظ كانت تتخذ من دون الاستناد الى اي تحقيق او حتى استقصاء او شهادة، ما يعتبر تقصيراً او اهمالا على الاقل اذا لم نقل محاولة لطمس الحقائق عن سابق تصور وتصميم في عهد الوصاية السورية.
وفي ازاء رفض السلطات اللبنانية المختصة (من سياسة وقضائية) القيام بما يلزم من إجراءات لكشف اللثام عن تفاصيل هذه القضية وللتدخل لدى الحكومة السورية ولدى المراجع الدولية المختصة بهدف الافراج عن المخفيين والمعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية والسورية والليبية والعراقية، وبالنظر الى عجزها عن تقديم اي معلومات لاهالي المخفيين عن ظروف اعتقالهم وعن حقيقة اخفائهم وامكنة وجودهم في سوريا او في اماكن اخرى، يتوجب على الامم المتحدة ان تضع يدها على هذه القضية الانسانية الخطرة التي تتم عن خرق فاضح للقانون الانساني الدولي. وهذا ما كان قد دعا اليه تقرير نقابة المحامين في بيروت الذي صدر في العام 2005 “اذا ما استمرت السلطة اللبنانية في تجاهل ملف المنفيين والمفقودين وفي التغاضي عن حالات الاختفاء القسري والتقاعس عن التقصي والمراجعة والسؤال والمطالبة بأسراها ومفقوديها في سجون العدو الاسرائيلي ومعتقلاته، ومفقوديها في السجون والمعتقلات السورية والعراقية والليبية، بجميع الطرق المناسبة والمقتضاة…”. ويعتبر في هذه الحال تدخل المراجع الدولية في هذه القضية موجبا يقع على عاتق الامم المتحدة، وذلك بالتأسيس على ما يحوم حول الاجهزة اللبنانية التي كانت تمسك بالوضع الامني في ظل عهد الوصاية السورية من شبهات تدل على اشتراكها بارتكاب جرائم الاختفاء القسري لمئات من اللبنانيين وترحيلهم وتسليمهم الى السلطات الامنية السورية، كي تمارس عليهم اشبع صور التعذيب والمعاملة غير الانسانية والحاطة بالكرامة.
يضاف الى ذلك ان السلطات اللبنانية الحالية تبدو عاجزة عن تنفيذ اجراءات يمكن من خلالها الضغط على الحكومة السورية لارغامها على اطلاق سراح المخفيين اللبنانيين في سجونها او على الاقل اعطاء بعض المعلومات عنهم، وذلك بالنظر الى رفض المسؤولين السوريين المستمر الاعتراف بوجود اي شخص لبناني مخفي في السجون السورية، مما يدل دلالة واضحة على ان القضاء اللبناني ليس لديه السلطة الكافية والادوات اللازمة لالزام السلطات السورية القيام بواجباتها الانسانية في هذه القضية، وبما يمليه عليها القانوني الانساني الدولي في هذا الخصوص. وكان القرار الرقم 1595 الصادر عن مجلس الامن في 7 نيسان 2005 والذي قضى بانشاء لجنة تحقيق دولية لكشف هوية الجناة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد اشار الى عدم قدرة السلطات القضائية اللبنانية واجهزة التحقيق اللبنانية القيام وحدها بادارة تحقيق ما ولا سيما في قضية اغتيال الرئيس الحريري، ما يدل على عجز السلطات اللبنانية عن التوصل، في الوقت الحالي، الى نتيجة ما في اي تحقيق له امتدادات دولية.
وبالتأسيس على كل ما تقدم يقتضي ان تضع الامم المتحدة يدها على هذه القضية الناتجة من ارتكاب جرائم دولية وان تقرر اما احالة هذه الحالة على المحكمة الجنائية الدولية الدائمة عملا باحكام المادة الثالثة عشرة من نظام هذه المحكمة، باعتبار ان هذه الجرائم تحمل اعتداء على الامن والسلم الدوليين، وباعتبار ان القضاء اللبناني قد فشل، وفقا لاحكام المادة 17 من نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، في القيام بالتزاماته القانونية بالتحقيق ومحاكمة الاشخاص المشتبه في ارتكابهم الجرائم المذكورة التي تدخل في اختصاص هذه المحكمة الدولية، واما انشاء لجنة تحقيق دولية لمباشرة التحقيق في هذه القضية وفقا لمعايير القانون الانساني الدولي والقانون الجنائي الدولي تمهيداً لاحالتها على محكمة جزائية دولية خاصة Ad Hoc، وخصوصا ان النظام السوري يرفض رفضا باتا اعطاء أي معلومات عن المخفيين اللبنانيين بنفيه نفيا قاطعا وجود اشخاص اللبنانيين في المعتقلات السورية، كما يرفض السماح للجنة الصليب الاحمر الدولية وللجنة العفو الدولية زيارة السجون والمعتقلات السورية للتأكد من وضع السجناء الصحي وللتحقيق من وجود او عدم وجود مخفيين لبنانيين في هذه السجون.
لكل هذه الاسباب الموجبة يمكن وصف الجرائم المذكورة اعلاه وجرائم الترحيل القسري لعدد كبير من اللبنانيين ومنعهم من العودة الى بلادهم بصورة مستمرة بالجنايات ضد الانسانية التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
(•) أستاذ محاضر في القانون الجنائي الدولي في جامعة روبير شومان – فرنسا؛ مدير ابحاث في القانون الجنائي الدولي في الجامعات الفرنسية؛ محام بالاستئناف ومحام عام أسبق في فرنسا؛ أستاذ زائر في القوانين الجنائية العامة في جامعة أنسبروك – النمسا.
النهار
http://www.annahar.com/content.php?priority=1&table=tahkik&type=tahkik&day=Fri