(الصورة لعماد العلمي)
يبدو أن حالة الانقسام في الوضع الفلسطيني سوف تطول أكثر مما كان
البعض يتوقع. فالخلافات بين رئيس السلطة محمود عباس (ومن خلفه حركة “فتح”) وحركة “حماس”، باتت أعمق، تداخلت فيها العوامل العامة والخاصة بحيث صار إمكان إصلاح العلاقة بين الطرفين، وإعادة بنائها، في الوقت الراهن، أمراً شبه مستحيل، ومسألة شديدة التعقيد.
فعباس، كما يقول عارفوه والمقربون منه، لم يعد يخفي إحساسه بأن ما جرى في قطاع غزة لم يكن يستهدف السلطة الفلسطينية، أو حركة “فتح”، أو مجمل الحالة الوطنية الفلسطينية فحسب، بل كان يستهدفه هو شخصياً أيضاً، وأنه، بعدما عمل على الربط بين الوقائع والأحداث، أيقن أن “حماس”، ممثلة بمكتبها السياسي، كانت تحاول على الدوام استغفاله، وأنها اتبعت معه سياسة مزدوجة، فيها من الدهاء والخبث بحيث كانت تقول شيئاً وتفعل عكسه. وأن كل الاتفاقات التي أبرمتها معه، إنما كانت محاولة منها لكسب الوقت ليس إلا، وتحين الفرصة المناسبة لتوجيه الضربة القاضية، التي تمثلت في جولة منتصف حزيران الماضي.
ففي هذه الجولة، يقول عباس انه حاول مراراً أن يتصل برئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، خالد مشعل، في مقره في دمشق، لكن الأخير، إما كان لا يستجيب لنداءات عباس، ومكالماته الهاتفية، وإما أنه كان يدعي، إن هو استجاب، أنه ليس على إطلاع وافٍ بتفاصيل الأحداث في القطاع، وأنه لا يتمكن من الاتصال بإخوانه في قيادة الحركة في غزة للإطلاع منهم على حقيقة ما يدور هناك.
ثم تبين لعباس، لاحقاً، ومن خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مشعل، إن قيادة “حماس” في الخارج، وخلافاً لما نقلت إليه، كانت تتابع الأوضاع في القطاع لحظة بلحظة، بل أن عباس يجزم لزواره أن قيادة “حماس” في الخارج، ممثلة بمشعل ومساعده عماد العلمي، هي التي كانت تدير المعارك في القطاع، وهي التي كانت تعطي التوجيهات التفصيلية لاحتلال مقرات السلطة، واعتقال “المطلوبين” من قيادة “فتح” وكبار الضباط في الأجهزة الأمنية وإعدامهم، تنفيذاً لمقررات سابقة كانت قيادة “حماس” قد اتخذتها سراً.
كذلك لا يتوقف عباس عن التأكيد أنه كانت لـ””حماس”” خطة متكاملة، ليس فقط للاستيلاء على القطاع، بل وكذلك للاستيلاء على السلطة الفلسطينية، من خلال العمل على اغتياله، وبحيث يتولى من بعده، رئاسة السلطة، كما ينص على ذلك القانون الأساسي، رئيس المجلس التشريعي، أو نائبه الأول، وهما من حركة “حماس” (رئيس المجلس عبد العزيز دويك، ونائبه الأول أحمد بحر). في هذا السياق، يؤكد عباس صحة المعلومات التي توافرت له حول حفر نفقين تمهيداً لاغتياله، الأول عند طريق صلاح الدين حيث يمر في طريقه إلى مقره في غزة قادماً من الضفة، والثاني تم شقه من منزل جاره ويدعى كميل، إلى منزله في القطاع.
ويضيف أنه شكك بداية في المعلومات التي توافرت حول خطط اغتياله، لكنه تأكد من صحتها عندما سلمه أحد قادة “حماس” المعلومات الدقيقة حول المحاولتين، موثقتين بالصوت والصورة، وبأسماء الأفراد المكلفين بالتنفيذ، وأنه رفع بذلك تقارير وافية إلى عدد من العواصم العربية. ويؤكد عباس أنه فوجئ في الفترة الأخيرة أن إحدى العواصم العربية أوضحت له أنها كانت على علم بخطط اغتياله، وأنها كانت تنوي تحذيره، لكن الوسيط من “حماس” سبقها في نقل المعلومات.
ويضيف عباس أنه حين ذهب إلى مكة، تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، استبشر خيراً حين أقسم هو وقيادة “حماس” على المصحف باحترام الاتفاق الذي تم توقيعه هناك، كما استبشر خيراً حين ارتدى الجميع لباس الاحرام ووقفوا في حضرة الكعبة والحجر الأسود يقسمون على التوافق والتفاهم والتعاون. لكنه سرعان ما أصيب بصدمة قوية حين تبين له أن ما كانت تقوم به حركة “حماس” في مكة كان مجرد تمثيل، وأن قادتها يستطيعون أن يحنثوا بالقسم في خدمة مصالحهم السياسية. وأن هذا آخر ما كان يتوقعه.
وبالاستناد إلى تصريحات الدكتور محمود الزهار، عضو القيادة السياسية لحركة “حماس”، إلى صحيفة “دير شبيغل” الألمانية وإلى فضائية “العربية” يقول عباس إنه استنتج أن “حماس”، في الوقت الذي كانت تحاوره، بذريعة الوصول معه إلى اتفاق، كانت تخطط لاغتياله، والانقلاب على السلطة، ويستدل عباس على صحة ذلك بقول الزهار لـ”العربية” إن العمل لأجل الحسم العسكري في القطاع بدأ حين فشل اتفاق 11/9/2006، حينها أدركت “حماس” ضرورة أن تستولي على السلطة منفردة، واتخذت قراراً باغتيال عباس. وهذا ما يفسر، كما يقول عباس، لماذا كان فريق الاغتيال يرتدي الملابس الشتوية وهو يحفر الأنفاق تحت منزله وتحت طريق صلاح الدين.
ويواصل عباس كشف الحقائق فيضيف أن عدداً من العواصم العربية والإسلامية على علم بخطة “حماس” للاستيلاء على السلطة في غزة. وأن بعضها اكتفى بأخذ العلم بذلك، دون تعليق، وأن بعضها الآخر شجع الحركة الإسلامية على المضي في المخطط، مؤكداً لها استعداده لتوفير الغطاء السياسي لها. وأن عباس يحرص على عدم كشف أسماء هذه العواصم، منعاً لتدهور العلاقات الفلسطينية معها، إلا أن الوقائع اللاحقة، ومواقف وزراء الخارجية العرب في المجلس الوزاري في الجامعة العربية، الذي انعقد بعيد الأحداث في غزة يكشف جزءاً من الحقيقة.
وإذ يشكو عباس من تخاذل بعض قيادات الأجهزة الأمنية وحركة “فتح” في مواجهة هجمة “حماس” إلا أنه يلاحظ أن “حماس” استغلت اجتماع المجلس الثوري لحركة “فتح” في رام الله، وغياب قيادات الحركة عن القطاع، فشنت هجومها الحاسم ضد السلطة الفلسطينية. كما يلاحظ أن “حماس” لجأت إلى سياسة إعدام الضباط والجنود الذين قاوموا هجومها على مقراتهم، الأمر الذي زرع الرعب في نفوس باقي الضباط والعناصر فدفع بعضهم إلى الاستسلام بدون قتال، والبعض الآخر للجوء إلى الجانب المصري هرباً من الموت على أيدي عناصر القوة التنفيذية.
ويقول عباس إن أكثر ما يؤلمه هو إحساسه بالخديعة على يد قيادة “حماس”، وهو الذي أصر على احترام القانون الأساسي للسلطة، واحترام نتائج الانتخابات، ورفض الضغوط التي مورست عليه من قبل إسرائيل، واللجنة الرباعية، وبعض العواصم العربية، وغامر بتكليف إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة رغم علمه المسبق أنه سيدفع، إلى جانب “حماس”، ثمن هذا التكليف. ويؤكد عباس أنه عمل جاهداً، وبكل ما توافر له من قوة، لأجل مساعدة حكومة هنية الأولى والثانية على النجاح، وكسر حلقات الحصار التي فرضت عليه، لكنه “كوفئ” من جانب هنية بتواطئه مع قيادة الحركة ضد السلطة (وهو رئيس حكومتها) وبطعنه، في ما بعد، بشرعية قرارات رئيس السلطة ودستوريتها، وبحيث تكون حكومة هنية المقالة هي نهاية التاريخ الفلسطيني، وكل ما هو بعدها غير شرعي، أما بداية التاريخ فهي انطلاقة حركة “حماس” عام 1987، وكل ما هو قبلها “جاهلية فلسطينية”.
بعد هذا، ما هي السياسة التي ينوي عباس انتهاجها مستفيداً من تجربة الحسم العسكري في القطاع على يد “حماس”؟
المقربون من رئيس السلطة الفلسطينية ينقلون عنه المواقف الآتية:
أولاً: أنه يرفض البحث في إمكان الجلوس إلى طاولة الحوار مع “حماس”، والتعاون معها سياسياً، إلا بعد أن تنهي كل النتائج المترتبة على انقلابها على الشرعية الفلسطينية بحيث تعيد المقرات إلى السلطة، وتعترف بشرعية حكومة فياض، وبشرعيته، ودستورية القرارات التي أصدرها، وتعلن حل القوة التنفيذية التابعة لـ”حماس” باعتبارها قوة خارجة على القانون. وتعلن إنهاء وضع حكومة تصريف الأعمال المقالة التي يدعي هنية ترؤسها. وتعيد الاعتراف بكل أجهزة السلطة وإداراتها، بمرجعيتها الدستورية ممثلة برئيس السلطة وبحكومتها الشرعية برئاسة سلام فياض.
ثانياً: أن لا عودة بعد الآن إلى الحوار الثنائي مع “حماس” ولا عودة إلى الاتفاقات الثنائية على غرار ما حصل في مكة. الحوار الممكن إدارته يجب أن يكون حواراً شاملاً تشارك في القوى الفلسطينية كافة بما في ذلك فاعليات المجتمع المدني.
ثالثاً: أنه بات على اقتناع بضرورة إدخال إصلاحات على النظام السياسي الفلسطيني، وبشكل خاص على قانون الانتخابات لمصلحة قانون التمثيل النسبي، الذي لا يتيح لـ”حماس” أو لغيرها بعد الآن الاستيلاء على الأكثرية المطلقة في المجلس التشريعي. وأنه سيدفع في اتجاه تنفيذ قرارات المجلس المركزي الداعية إلى اعتماد مبدأ التمثيل النسبي في كل الانتخابات التشريعية والمحلية، وتلك الخاصة بالانتخابات ومؤسسات المجتمع المدني.
رابعاً: تأكد بالتجربة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي أم الشرعيات الفلسطينية. وهو في هذا السياق يعترف بالأخطاء التي ارتكبها في تأجيل إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتنفيذ ما جاء في إعلان القاهرة (آذار 2005) لذلك أكد في أكثر من محفل، كان أخرها لقاؤه مع أعضاء المجلس الوطني في عمان (14/7/2007) حرصه على إعادة لتشكيل المجلس الوطني ومؤسسات منظمة التحرير ويقول: لولا الشرعية التي توافرت لنا عبر منظمة التحرير لوقفت الحالة الفلسطينية أمام شرعيتين، واحدة في رام الله برئاسته، وأخرى في غزة برئاسة هنية.
غيران عباس وهو يشرح وجهة نظره هذه لا يخفي ما يتعرض له من ضغوط ثقيلة على يد عدد من العواصم العربية (يرفض الإفصاح عنها) تدعوه لتلبية دعوة مشعل إلى طاولة الحوار. في هذا السياق يؤكد أنه سيقاوم هذه الضغوط لإدراكه أن الجلوس مع مشعل إلى طاولة الحوار، في ظل الوضع السائد في مناطق السلطة، معناه التسليم لـ”حماس” بما قامت به، والرضوخ لابتزازها، وبالتالي سيتحول أي اتفاق معها إلى مكافأة لها على انقلابها على الشرعية الفلسطينية الأمر الذي من شأنه أن يكرس نظاماً سياسياً فلسطينياً جديداً تتقاسم فيه “حماس” ومع عباس السلطة، بحيث يكون هو رئيساً على الضفة، ويكون هنية (أو من تسميه “حماس”) رئيساً على القطاع، بما يديم حالة الانقسام، ويشرعها، وهكذا، تقف الحالة الفلسطينية أمام شرعيتين، تتنافسان في ما بينهما على المناصب والنفوذ، وعلى الموقع الفلسطيني في المعادلة السياسية الإقليمية. لذلك يتوقع الكثيرون أن تدوم الأزمة الفلسطينية طويلاً، وأن تطول معاناة الشعب الفلسطيني ومأساته الجديدة.
غير أن اللافت للنظر، أن عباس وهو يتحدث عن المستقبل، يتجاهل أي دور لحركة “فتح”، ويتجنب الإشارة اليها من قريب أو بعيد. فما هي حقيقة الأمر؟ هذا ما يحتاج إلى معالجة مستقلة.
معتصم حمادة
(صحافي فلسطيني)
(نقلاً عن “النهار”)
المرافعة الكاملة لمحمود عباس أنا لاأدري متى تنتهي هذه المسرحية السمجة ؟ الرجال الرجال تم تصفيتهم إن في تونس وإن في غزة , وبقي أهل اللعبة السمجة . البسطاء يتابعون مصدقون , والرؤساؤ سيزولوا لو إنتهت المسرحية , وتجار كل شيء سيخسرون , من الصاروخ إلى الشرف , قرف ,قرف,قرف, ستجف أقلام الكتاب لو توقفت المسرحية ,سيجوعون ,هموا الآن يعيشون على حسنتها ,غدا ماذا سيفعلون لقد كسب في هذه القضية من الملك إلى الرئيس إلى العاهر والديوث .ألم ترو أن كل لص هو حامي القضية ولن يغادر حتى ينهيها , المساكين يموتون ,ومافي ذلك؟ مادام في سبيل القضية ,عاش الرجال… قراءة المزيد ..