وجه أبو حفص محمد عبد الوهاب بن أحمد رفيقي بيانه الأول عقب الحادث التفجيري/ الإرهابي الذي دمر نادي الإنترنيت ليلة 11 مارس الأخير . ويهمنا ـ في هذا المقام ـ أن نرصد مدى جدية “المناصحة” التي يدعو إليها أبو حفص وكذا صدقية “المراجعة” التي أعلن القيام بها .
1 ـ بخصوص “النصيحة” التي وجهها للشباب المتعطش لقتل الأبرياء وترويع الآمنين ، حرص أبو حفص على أن يؤطرها بـ “الشفقة على شباب الأمة ” و ” القيام بواجب البيان” . وإذا كان أبو حفص هو واحد من الشيوخ الذين أفسدوا عقيدة الشباب بأن زرعوا في أنفسهم مشاعر الحقد والكراهية ضد الوطن والمجتمع والدولة ، وحرضوهم على “الجهاد” ضد “الكفرة” من علمانيين وديمقراطيين وحداثيين وكل من يرضى بالاحتكام إلى “نظام الطاغوت” والعيش في ظله ، فإنه ـ أبو حفص ـ أحق بأن يراجع نفسه وينصحها من حيث إنه كان ولا يزال تكفيريا مناهضا لقيم التسامح والتعايش والمساواة والاختلاف ، بل مناهضا لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان بما فيها حق الحياة الذي هو من الحقوق الطبيعية التي جاءت التعاليم الإسلامية تضمنه وتحرص عليه . ولا تخلو خطب “أبو حفص” ومواعظه ودروسه من التشديد على محاربة “الكفار” من المواطنين بعد أن اتهمهم بـ”الزندقة” و “الردة” ومحاربة
الإسلام . فهو يقول في درس ألقاه رفقة الفيزازي والكتاني والحدوشي( أما بخصوص هذه الحملة الشرسة التي يقوم بها اليساريون والعلمانيون على الإسلام والمسلمين فهي ليست بغريبة . هذا الصراع بين الحق والباطل ، بين الإسلام والكفر . ونحن يجب أن نكون على أتم الاستعداد لمثل هذه المواجهات .. لا بد من الحرب . وليس غريبا ما يشنه اليوم اليساريون والعلمانيون على الإسلام والمسلمين .. هذه الأحداث ( يقصد الأحداث الإرهابية التي وقعت ليلة 16 ماي 2003 ) التي وقعت من بعض الإخوة والتي استغلها هؤلاء من أجل إعلان الحرب على المسلمين ليست هي السبب في هذه الحرب . هم فعلا استغلوا هذه الأحداث لشن هذه الحرب . لكن هذه الحرب كانت ستعلن بأي شكل من الأشكال . لأن أنت تقدم مشروعا يخالف مشروعهم ، تقدم دينا يخالف دينهم ، ولا يمكن الاجتماع ولا يمكن الالتئام . ولهذا بعض الناس الذين يتصورون أنه يمكن العيش مع اليساريين ومع العلمانيين في ود وفي وئام وفي موالاة ، هذا خبل ، خلط في الكلام )( نقلا عن موقع أبي حفص) . إن هذا الكلام هو المحرض الأساسي الذي غرر بالشباب الغفل وحولهم إلى قنابل بشرية . فالمسئولية المباشرة يتحملها أبو حفص ومن شاكله في إنتاج وترويج عقائد التكفير والقتل والتفجير . أليس أبو حفص نفس القائل في بيانه ( فأهل العلم والفكر والرأي هم من يوجه الأتباع وليس العكس ، وهم من يقودون ولا ينقادون ). إنها عقيدة القتل وملة التكفير هذه التي يزعم شيوخ التطرف أنها “الدين الصحيح ” . فهم جميعا متعطشون إلى سفك الدماء وجز الرقاب . وليس غريبا أن يصدر ، في درس مشترك ، عن “أبو حفص” و “الحدوشي” و “الكتاني” و”الفيزازي” فتوى القتل والتحريض عليه كالتالي ( فاليساريون في بلادنا كفار ينبغي أن نتعامل معهم بالأحكام الشرعية التي تتعلق بالكافرين ، بالمرتدين . فلقد قلت ألف مرة نحن لا نكفر العصاة من أبناء القبلة بكل ذنب ، نحن لا نكفر السكير والسارق والمرابي والقاتل والزاني .. لا نكفر هؤلاء . لكن هؤلاء الزنادقة لا يخفى كفرهم على أحد .. أقول للدولة المغربية ، ولا أقول للحكومة ، إن كانت مسلمة ، فعليها أن تحاكم هؤلاء الشيوعيين ، أن تقيم لهم محاكم شرعية ينالوا جزاءهم ، ودونه الإعدام لأنهم أئمة الكفر ) . وبالتأكيد لا يعتبر هؤلاء الشيوخ ، وضمنهم أبو حفص ، الدولة المغربية والنظام الملكي مسلمين ، بل “كافرين” . وستكون لنا عودة إلى هذا الموضوع في مناسبات قادمة بحول الله . وما دام النظام والدولة “كافرين” فإن الجهة الوحيدة التي ستتولى “تطبيق الشرع” أي إعدام وقتل “الزنادقة” هي “السلفية الجهادية” التي يتزعم تيارها هؤلاء الشيوخ وأضرابهم الذين أفسدوا عقائد الشباب وجعلوهم متعطشين للقتل . أليس أبو حفص نفسه يقر بعظمة لسانه وبخط يده أن استجابة الشباب لدعاوى القتل باسم الجهاد وانخراطهم في الجماعات التكفيرية “الجهادية” لم يكن أبدا لأسباب مادية أو اجتماعية ، بل ( الذي دفعهم إلى الاستجابة لهذا المنهج هو اقتناعهم التام بصدق هذه الطوائف واستسلامهم للأدلة الناصعة من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح، التي لا تحتاج إلى تأويل ولا لَيٍّ ولا صرف، فهذا هو الذي دفعهم للاستجابة، وليس الفقر أو الحاجة أو القهر كما يشيع ذلك الإعلام الخبيث، ويتابعه بعض “الإسلاميين”، والمشايخ المعممين) . فكيف سيفلح أبو حفص في تقديم “النصيحة” لمن أوغل في شحنهم بثقافة القتل وفقه التكفير ؟ وكيف له أن يقبل “النصيحة” من العلماء غير التكفيريين الذين لازال ينعتهم بأقذع النعوت ومنها أنهم ( أصحاب “الفضيحة” /أصحاب الفضيلة وخريجي دار “الحدث” أو دار الحديث ، أو علماء حراس “الحقيبة” / العقيدة ) . كيف يستقيم هذا النعت مع قول أبي حفص ( أيعقل أن يرفض مثلي استقبال العلماء وأنا الذي عاهدت نفسي ألا أنحرف عن سبيلهم، وألا أحيد عن مسلكهم،فهم سادتي وأئمتي وقدوتي،إن أجمعوا على أمر فالعصمة لإجماعهم، وإن اختلفوا فلا يخرج اختياري عن اختياراتهم وترجيحاتهم، مع الإعذار للمخالف، والتحلي بالأدب، وستر المثالب، ونشر المحاسن) ؟ أكيد أن النصيحة لها آدابها لم يتمثلها أبو حفص . أما المراجعة فلم تنضج بعد شروطها كما سنرى في مناسبة قادمة إن شاء الله .