الصورة بين الصور: إسقاط عقوبة الردّة (سنة 1856) عن المسلم عن “فِطرة”، أي الذي وًلدَ لأب مسلم، كما أُسقِطت عن المسلم عن “مِلّة” أي الذي وُلد لأب غير مسلم ثمّ صار مسلماً وعاد عن إسلامه (سنة 1844).
وفي المرّتين كان ذلك بضغط الدول الأوروبيّة وخصوصاً بريطانيا التي كانت تحمي السلطنة العثمانيّة من خطر محمّد علي، باشا مصر، ثمّ من مطامع الدول الأوروبيّة في تقاسم السلطنة التي كانت بريطانيا ترى مصلحةً في تأجيله. وعملاً بهذا الإلغاء، قامت اللجنة المكلّفة من الباب العالي بالتحقيق في حادثة انتقال مسلم إلى المسيحيّة سنة 1856 بإصدار تقريرها سنة 1857 فجاء فيه:
“المسلم الآن حرّ في أنْ يصير مسيحيّاً مثلما هو المسيحيّ حرّ في أنْ يصير مُسلماً. والحكومة لا ترى فرقاً بين الحالتين” (أنظر المراجع في كتابي: “الزواج المدنيّ، الحقّ والعقد على الأراضي اللبنانيّة”، 2013، دار الساقي).
الضغوط الأوروبيّة كانت في القرن التاسع عشر باسم حماية المسيحيّين ومعاملتهم بالمثل، أي كما تُعامِل الامبراطوريّات الأوروبيّة المسلمين في نطاق أراضيها.
وفي القرنين العشرين والواحد والعشرين جرت الضغوط وتجري على سلاطين المسلمين باسم التمدّن وحقوق الإنسان والأقلّيات (المرسوم الملكي السعودي بإلغاء الرقّ سنة 1962- الصورة أدناه).
وسلاطين المسلمين ومجتمعاتهم اليوم ما زالوا ينتظرون “على أحرّ من الجمر” الضغوط الخارجيّة الكافية للتسليم بأنّ المرأة ليست أَمَة الرجل. وعندها يجوز لهم مخالفة ما يتوهّمونه من أحكام شريعة بلا زمان ولا مكان.
الضرورات (الخارجيّة لا الاجتماعيّة) تُبيح المحظورات. أليس كذلك؟