يصعب ألا يتعاطف المرء (حتى لو كان إيمان المرء.. “ناقصاً”، كما يقول الكاثوليك) مع الكاردينال الصيني “جوزيف تسن” لأنه، في لحظة سقوط الأساس الإيديولوجي (الشيوعي) للنظام الصيني، اتخذ الفاتيكان قراراً بالإعتراف بإثنين من “الكرادلة الخونة”، أي الذين عيّنهم النظام الشيوعي وفرض الفاتيكان “الحرم الكنسي” على أحدهما قبل سنوات، وأن يضفي عليهم صفة “كرادلة كاثوليك شرعيين”!
“المناضل” يُحال إلى التقاعد، ويطلب منه البابا شخصياً أن يلتزم الصمت وألا يثير “فضيحة”.. و”الخائن” يأخذ مكانه!
للتوضيح: طلب البابا في مقابلته مع الكاردينال الصيني ألا يثير “قضية ميندزينتي Mindszenty جديدة”، نسبةً لأسقف هنغاريا الذي لجأ إلى سفارة أميركا بعد سقوط حكومة “إيمري ناجي” في ١٩٥٦ (“إيمري ناجي” كان، هو الآخر، “مناضلاً شيوعياً” ضد الإستبداد والإحتلال السوفياتي!) ولم يخرج منها إلى المنفى بعد ١٥ سنة، إلا بعد أن قرّر الفاتيكان، حرفياً، أنه كان “ضحية التاريخ”.. أي ليس ضحية النظام الشيوعي”!.
ليس سهلاً على الكاردينال “جوزيف تسن” أن “يتجرّع السمّ”! حتى لو كان ملزماً بـ”الطاعة” لـ”الأب الأعظم”، الصفة التي يطلقها الكاثوليك على البابا.
صعبة..!
ما رأيكم يا رفاق؟
بيار عقل
*
البابا فرنسيس والكاردينال جوزيف تسن
مدينة الفاتيكان (رويترز) – نشبت حرب كلامية غير مقدسة بين مسؤولي الفاتيكان والمسؤولين الكاثوليك بشأن تقارب الكرسي الرسولي مع الصين الشيوعية، إذ دخل الكرادلة والأساقفة والقساوسة في مشاحنات غير دبلوماسية.
وفي الأيام القليلة الماضية، اتهم أحد الكرادلة آخر بأن ما يقوله ”هراء“ واتهم قس أسقفا بأنه ساذج فيما يتعلق بالصين بصورة تجعله يشبه “أليس في بلاد العجائب”.
وجاءت المشاحنات مع اقتراب الفاتيكان والصين من التوصل لاتفاق بشأن تعيين أساقفة فيما ستكون انفراجة تاريخية وتمهيدا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد 70 عاما.
وأي اتفاق لا بد وأن يكون مثيرا للجدل بسبب التنازلات التي سيتعين على الفاتيكان تقديمها لحكومة تبقي الدين تحت سيطرة شديدة. لكن الاتهامات أصبحت شديدة الحدة والصخب مع اصطدام الدبلوماسية بالعاطفة الدينية.
واتهم الأب برناردو سيرفيليرا رئيس وكالة آسيا نيوز التابعة للفاتيكان والمتخصصة في الشأن الصيني الأسقف مارسيلو سوروندو رئيس الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية بأنه ”ساذج“.
وأشاد سانشيز سوروندو بالصين في مقابلة هذا الأسبوع، قائلا إن الصينيين اليوم ربما هم أفضل من ينفذ تعليمات الكنيسة بشأن القضايا الاجتماعية، مثل الاهتمام بالبيئة والكرامة الإنسانية.
وكتب سيرفيليرا في افتتاحية تحت عنوان ”سانشيز سوروندو في بلاد العجائب“ قائلا ”نستطيع أن نفهم أنه في خضم الرغبة في إقامة علاقات بين الصين والفاتيكان يمكن للمرء أن يكون شغوفا بالثقافة الصينية ويمجدها… لكن مداهنة الصين تأكيد فكري يجعل الكنيسة مثار سخرية“.
والكاثوليك في الصين منقسمون بين تجمعات ”سرية“ تعترف بالباباوجماعة تسيطر عليها الدولة تعين فيها بكين الأساقفة بالتعاون مع التجمعات الكنسية المحلية. وواجه الاتفاق انتقادات لاشتماله على قبول مشروعية الأساقفة الذين عينتهم الحكومة.
كما وصلت الحرب الكلامية إلى الطبقة العليا من التسلسل الهرمي للكنيسة: بين كاردينال وكاردينال.
ووبخ الفاتيكان الكاردينال جوزيف تسن (86 عاما)، أسقف هونج كونج السابق المعروف بآرائه الحادة، بعدما اتهم الفاتيكان ”ببيع“ الكاثوليك الذين ينشطون سرا في الصين للشيوعيين.
ورد تسن باتهام وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين بأنه يقول ”هراء“، بعدما قال بارولين في مقابلة إن هدف الحوار هو المصلحة العليا وأن الفاتيكان يدرك ”آلام“ الكاثوليك الصينيين.
وقال تسن في مدونته يوم الاثنين ”هذا الرجل يفتقر إلى الإيمان، فكيف يفهم ما هو الألم الحقيقي؟!“
وأفاد مصدر في الفاتيكان بأن الاتفاق قد يوقع في الشهور القليلة القادمة.
إقرأ على “آسيا نيوز” بالإنكليزية: