الكتاب : حمام الطرف الاغر ( باللغة العبرية )
الكاتب : سامي ميخائيل
اصدار ” عام عوفيد ” ( 262) صفحة من الحجم الصغير
سامي ميخائيل، ابن الثقافة العربية ،ابن بغداد ، الذي صار اسرائيليا وكاتبا عبريا ، ربما هو التعبير اليهودي الثقافي عن العائلة الفلسطينية التي هربت من حيفا، دون ان تستطيع اخذ طفلها معها .فعادت بعد الاحتلال الجديد عام 1967 للبحث عن ابنها في حيفا ( رواية غسان كنفاني : ” عائد الى حيفا” )
لتصطدم بحقيقة مؤلمة ، ان طفلها بدير ، العربي الفلسطيني ، اصبح جنديا اسرائيليا اسمه ” زئيف آ فشتاين “.. بعد ان وجدته امرأة يهودية عبرت الكارثة فتبنته .
زئيف – بدير ، هو وجه آخر للنكبة الفلسطينية ، ولكن سامي ميخائيل يقول لغسان كنفاني في روايته ” حمام الطرف الأغر ” ان زئيف – بدير هو التعبير للكارثة اليهودية ايضا كما يتضح في نهاية الرواية .
الأب ، ابن جيل النكبة ، لم يستطيع تحمل هذا الضياع وأن يقبل زئيف ، الجندي اليهودي – ابنه الفلسطيني ، رغم انه نتيجة للنكبة ، وشعر بالعداء له … تماما كشعوره بالعداء لمغتصبي وطنه ، وعاد ليواصل نضاله العنيد ، وليسقط فيما بعد برصاص رجال الموساد . ولكن الأم … قلب الأم يرفض الهزيمة ، زئيف هو ابنها رغم حواجز اللغة والزمن ، ولا تستطيع ان تفرق في حبها بين ابنها وابنتها الفلسطينيين ، وبين ابنها الذي صار ” اسرائيليا” .
سامي ميخائيل ، بوعي او بدافع غير واع ، يطرح مأساتة الذاتية ايضا ، وكأني به يروي احداثا عايشها ، على المستوى الفكري على الأقل ، وربما على المستوى الشخصي ، ولكن باختلاف الأحداث والمضامين .سامي ايضا ابن ضائع للثقافة العربية ، تبنته ( خطفته ) ثقافة اخرى .
الأم تنجح في بناء علاقة حميمة مع ابنها زئيف ، متجاوزة حواجز اللغة ، والابن زئيف يعمل كل ما بوسعه ليعيش هذا الواقع المعقد بين حب امه البيولوجية و”هجرته” ، التي لم يخترها ، الى اليهودية والاسرائيلية .
امه تدخل حياته وتنشأ بينهما علاقات رائعة من المودة ، بينما الواقع الاسرائيلي – الفلسطيني ، واقع الاحتلال الوحشي والمقاومة العنيفة ضد الاحتلال ، يشكلان الخلفية المأساوية لهذه العلاقات ، التي تتسع دائرتها لتشمل لقاءه مع اخيه واخته ، ولكن في واقع مأساوي لا يترك فسحة للحب والفرح والحياة .
سامي ميخائيل في روايته المركبة والمليئة بالاحداث يبرز بقدرته الكبيرة على السرد ، وطرح الأسئلة الصعبة عن العلاقات بين الشعبين ، في ظل استمرار سفك الدماء المتبادل ، وهو يقوم بذلك باسلوب فني حساس ومؤثر ومدهش بنفس الوقت .
لماذا حمام الطرف الأغر ؟
” الطرف الأغر” هي ساحة في لندن اشتهرت بالحمام الداجن الذي لا يخاف الانسان ، بل يلامسه باجنحته ويحط على يديه وأكتافه ، وكأني بسامي ميخائيل يقول : اذا كان حمام الطرف الأغر قادرا على اجتياز حاجز الخوف من عسف الانسان ، ويرفرف في كل حرية في الفضاء وعلى الأرض ، ويحط على ايدي واكتاف الناس ، ويتجول بين ارجلها ، فالانسان قادر ايضا على اجتياز الحواجز التي تبعده عن أخيه الانسان ، لذا كانت ساحة الطرف الأغر المليئة بالحمام هي الساحة التي اعادت الحرارة للعلاقة العائلية وعلاقة المصير الواحد بين شقيها الفلسطيني والاسرائيلي .
ولكن الجيل الثاني ايضا ، جيل زئيف وأخيه ، رغم اختلاف علاقاته نوعا عن الجيل الذي سبقه ، جيل النكبة / جيل الأب ، كان عليه ان يدفع الثمن ، وهو ثمن مؤلم ولا يقل مأساوية عن الكارثة اليهودية والنكبة الفلسطينية … وكأني به يقول : ان الكارثة والنكبة متواصلتان كوجهين لعملة واحدة .
زئيف اليهودي – الابن الفلسطيني ، يجد نفسه في معمعة الانتفاضة ، بعد احدى زياراته لأمه .. ويسرع اخوه الفلسطيني لحمايته … ويسقط الأخوان ، اليهودي والفلسطيني ضحايا للواقع المأساوي لهذه الأرض التي شبعت دماءا وجثثا .
ولكن سامي ميخائيل لا يتوقف في هذه الميلودراما العنيفة هنا ، فها هم احفاد الأم ( ام اليهودي والفلسطيني ) حفيدها اليهودي واحفادها الفلسطينيون يلتقون في ارض غريبة ( قبرص ) لتحضنهم الأم – الجدة سوية ، بحب وحرارة وأمل ، فكلهم أبناؤها ، ولكلهم نفس الحق بالحياة ، ولكنها تكاد تبدو لوحة سوريالية في واقع مجنون ، مليء بالدم والألم والدماء والدموع .
وينهي سامي ميخائيل روايته بعتاب بين الأم وابنتها . الأم كانت تظن ان ابنتها عاملت اخيها اليهودي بكراهية عمياء ، ولكن الحقيقة ان الأخت ، التي التقت بزئيف ، اخيها ، دون ان تعرفه ، ودون ان تكشف امها حقيقته ، عانت منذ ذلك اللقاء من صراع نفسي عنيف ، كشفته لأمها في الجملة الأخيرة من الرواية اذ قالت تفند اتهام امها لها بكراهية زئيف :
“- لم تكن آية كراهية يا امي ، أنت وهو ارتكبتم خطأ مخيفا قبل سنوات ، حين التقينا به في الحديقة ، كان عليك ان تكشفي لي مسبقا ان الرجل الذي سألتقيه هو رجل انا ممنوعة عنه ، لم أكرهه حتى للحظة واحدة يا امي ، العكس تماما ، انت لا تعلمين كم تصارعت مع نفسي حتى لا احبه . ”
رواية سامي ميخائيل تعبق بروح انسانية، بل هي صرخة تدين الاحتلال الهمجي، وتحلق بالروح الانسانية في نبؤة عن مسقبل آخر عبر عنه في اللقاء بين الاحفاد اليهود والعرب الذين احتضنتهم الام – الجدة ، ومن يعرف قيمة الحب وقيمة الحياة اكثر من قلب الأم ؟
اثارت الرواية جدلا واسعا بين بعض المثقفين العرب في اسرائيل ، واعتقد انه من حق كل انسان ان يرى احداث الرواية من زاويته الخاصة … البعض شن هجوما عنيفا على الرواية والمؤلف .. ربما يكون سامي ميخائيل قد بالغ في محاولته لرؤية مغايرة للواقع المأساوي .. ولكني على ثقة ان سامي ميخائيل انطلق من رؤية انسانية في جذورها ، ولكن عمق المأساة الفلسطينية ، بات مرعبا ، وبات من الصعب رؤية المستقبل الذي يبشرنا به ( او يحلم به ) سامي ميخائيل . ومع ذلك تبقى الرواية ، وبغض النظر عن تفصيلاتها العامة ، صرخة انسانية لوقف التدمير الذاتي الذي يمارسه الشعبين !!
MOSTKBEL@NETVISION.NET.IL
الكاتب العبري الكبير سامي ميخائيل في روايته الجديدة يبدأ من حيث انتهى غسان كنفاني : رواية تحمل رؤية نبوئية حول مستقبل آخر للفلسطيني واليهودي
السيد الدكتور نبيل عودة ارجو من سيادتكم مساعتى فى الحصول عى الاميل الخاص بالاديب سامى ميخائيل حيث اقوم باعداد ابحاث عنة وعن اعمالة ولكم جزيل الشكر