إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
امس كنت في القاهرة ودخلت مبنى ثقافي حكومي في منطقة دار الأوبرا ووجدت في مدخل المبني جهاز كشف وتفتيش متكامل مثل الذي نراه في المطارات لتفتيش المسافرين. وكان الجهاز يعمل لأنه كانت عليه أضواء حمراء وخضراء. وتعجبت لماذا يتم الكشف عن المثقفين المصريين وغيرهم من رواد وموظفي هذا المبنى؟ وهل يمكن اختطاف هذا المبنى؟ ولكن زال تعجّبي عندما اكتشفت انه لا يوجد أي موظف بجانب الجهاز لمراقبة حركة المرور إلى داخل المبنى وتشغيل الجهاز الذي يعمل بأشعة إكس. ومرّيت بجوار الجهاز الذي أطلق صافرة عالية دليلاً على انه اكتشف سلسة المفاتيح التي أخبئها عادة في جيبي!!
واقنعت صديقي بان هذا الجهاز هو مجرد ديكور لايهام العاملين في المبنى وزواره بان لديهم إجراءات امنية حقيقية.
…
واكتشفت أن في حياتنا في بلادنا الجميلة أشياء كثيرة يبدو انها حقيقية ولكنها مجرد ديكور لزوم انتاج الفيلم، مثلها مثل ما نراه داخل استديوهات الإنتاج السينمائي، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
توجد لدينا قوانين كثيرة ولكنها ديكور، وتٌعامل مثلها مثل إشارات المرور التي يعتبرها معظم الناس مجرد توصيات واقتراحات. فمثلاً، عندما يضيء الضوء الأحمر لإشارة المرور، فإننا نقترح عليك بانه من الأفضل لك ان تتوقف وربنا يستر.
لدينا مراكز أبحاث علمية كثيرة في بلادنا الجميلة على مدى ما يقرب من قرن من الزمان، ولكنها مجرد ديكور. لان الواقع والحقيقة تقول بان كل هذه المراكز العلمية لم تنتج أي شيء يذكر فيه فائدة للبشرية، اللهم انتاج بعض شهادات الماجستير والدكتوراة. تلك الشهادات التي اعتبرها في كثير من الأحيان مجرد ديكور يتم .تزيين الحوائط بها ولكن لها فائدة تكاد تكون وحيدة وهي ان تضمن لصاحبها الترقية وزيادة الراتب
لدينا جهاز شرطة يرفع شعارا جميلا يقول: “الشرطة في خدمة الشعب“. ولكن هذا الشعار مجرد ديكور، والواقع يقول ان احدى وظائف جهاز الشرطة الأساسية هي خدمة نظام الحكم.
لدينا جيوش جرارة ونصرف عليها سنويا مليارات الدولارات، وتبدو اثناء الاستعراضات العسكرية وكانها جيوش حقيقية. ولكن الحقيقة تقول بان هذه الجيوش مجرد ديكور تؤدي وظائف أخرى غير وظيفتها الأساسية ألا وهي حماية البلاد. ولكنها تقوم اما بالحكم او بالعمل لدى من هم في الحكم، ووقت اللزوم اثناء الحروب تنهزم من دولة صغيرة. وعندما “تنزنق” هذه الجيوش تطلب العون من بعض جيوش الدول الكبرى لأداء واجب الدفاع عن هذه البلاد، وفي كثير من الأحيان تقوم بواجب الاشتراك في الحروب الاهلية!
لدينا مدارس وجامعات كثيرة من المفروض انها تخرج ملاين كل سنة، ولكنها مجرد ديكور للإيهام بان لدينا تعليماً. والتعليم ينحصر بان معظم هذه المدارس والجامعات تقوم بتخريج أنصاف جهلة وهم اخطر كثيرا على المجتمع من الجِهَلَة.
لدينا نساء محجبات ومنقبات في كل مكان في الشوارع والأسواق ولكن هذا مجرد ديكورحيث ثبت بالاحصائيات انتشار الدعارة والفساد.
لدينا مساجد ودورعبادة كثيرة اكثر من كل بلاد الدنيا، ومفروض ان نرى تلك المساجد يخرج منها مكارم الأخلاق والتقوى. ولكن الفساد ينتشر وينخر في جسد المجتمع بكل طبقاته رغم هذا التدين الظاهر والذي هو مجرد ديكور.
لدينا برلمانات ومجالس شعب ومجالس شورى وكلها مجرد ديكور لكي يرى العالم اننا بلاد ديموقراطية، ولكن الحقيقة تقول بأننا نؤمن بحكم الفرد الواحد اكثر كثيرا من حكم الشعب.
وعلى رأي نزار قباني عندما قال:
لبسنا ثوب الحضارة *** والروح جاهلية…
**
“في مصر كانت فرقة حسب الله الشهيرة هي القاسم المشترك في الأفراح الشعبية. وكانت قيمة أهل العريس تُقاس بعددٍ أعضاء الفرقة، وكلما كثر العدد كان ذلك مدعاة للفخر. ولما كان العازفون الحقيقون في الفرقة لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة في أفضل الأحوال، فإن المُتَعهِّد كان يلجأ إلى حيلة بارعة. إذ كان يذهب إلى المقاهي لينتقي منها العاطلين عن العمل، ويقدم لهم الملابس المعدة لأعضاء الفرقة، وكذلك يقدم لهم الآلآت الموسيقية، ويدخلون في الفرقة ويقومون بتمثيل أدوارهم، يمسكون على الأغلب آلات النفخ والطبل ويرتدون ملابس ملونة مقاساتها غير مناسبة لأجسامهم، لا يعزفون شيئاً ولا يقدمون نغمة، لكن دورهم أصبح أساسياً ومعترفاً به، والناس كانوا يعرفونهم، ويقولون “فلان لابس مزيكا”، أي أنه ليس موسيقياً، لكنه فقط يرتدي ملابسها…
فهل أصبحت دولنا وشعوبنا وحكامنا “لابسين مزيكا” فقط!!”
Great article
It is the reality of the Arab world
عيب هذا المقال الطريف، وهو من النوع المضحك المبكي، أو الكوميديا السوداء أنه يعري كل دولنا، فهي ظاهرة خلقتها فينا أشياء عدة، وأهمها دوافعنا الدينية التي جعلتنا متناقضين في كل تصرفاتنا، فالجميع صائم والجميع غير صائم، والجميع يصلي والجميع لا يصلي وهكذا!!!