في رسالة من “الدوحة” اليوم الإثنين، كتب مراسل “الفيغارو” الفرنسية، “رونو جيرار”، أنه “رغم التفاوت بين مواقف دول مجلس التعاون الخليجي إزاء إيران، فإن جميع دول المجلس تتّفق اليوم، وبشدّة، على أن أية حرب جديدة في الخليج ستكون بمثابة كارثة، سواء على إقتصادياتها، أو على إستقرارها السياسي. حتى الأمير تركي الفيصل أعلن معارضته لضربة وقائية ضد إيران “لن ينجم عنها سوى تعبئة الشعب الإيراني حول النظام الذي بات فاقداً للمصداقية”. بالمقابل، فالسعودية تساند، بدون أدنى تردّد، الدول الغربية في إستراتيجية العقوبات الإقتصادية ضد إيران. وهي مستعدة لتقديم الدعم في الأمم المتحدة، وكذلك خصوصاً على المستوى الإقتصادي. فقد تعهّدت السعودية بزيادة إنتاجها من الخام لتعويض الواردات التي ستتوقّف أوروبا بعد أشهر قليلة عن شرائها من إيران. أي أن النفط بات السلاح الأول في الحرب الباردة الجارية الآن على سواحل الخليج”.
ويلاحظ مراسل “الفيغارو” أنه “في شبه جزيرة قطر، وهي البلد الخليجي الأقرب إلى سواحل إيران، لا يلحظ المرء أي ذكر، أو أية إستعدادات عسكرية، علماً بأن قطر ستكون أول بلد يتم استهدافه في حال نشوب حرب. فقطر هي المقر العام المتقدّم لـ”القيادة المركزية” (“سنتكوم”) الأميركية، التي تغطّي المنطقة الواسعة الممتدة من بلدان المشرق وحتى آسيا الوسطى.
وإذا كانت قطر لا تعتقد أن الحرب على الأبواب، فالسبب هو أن أميرها (60 عاماً) الذي تُطلّق عليه تسمية “كيسينجر العرب”، يؤمن بالديبلوماسية، وخصوصاً بديبلوماسيته هو شخصياً. وعلاوة على استضافتها لمختلف المؤتمرات والمنتديات السياسية الدولية، فقد تحوّلت قطر إلى “ممر إجباري” لديبلوماسية الشرق الأوسط. وهي البلد العربي الذي يمكن أن تلتقي فيه بالنائب العمالي الإسرائيلي “يوسي بيلين”، صاحب فكرة “إتفاقات جنيف”، وفي الوقت نفسه بزعيم حماس، خالد مشعل.
إن الشيخ حمد- وهو حليف الأميركيين، مع أنه يتصرّف كفريق مستقل ويسعى ليكون “صديق الجميع- يلعب دوراً بارزاً في أربعة ملفات دولية كبرى: ليبيا، حيث قام بتمويل وتسليح أهم الكتائب التي قاتلت نظام القذافي؛ وفلسطين، حيث نجح في إبرام إتفاق مصالحة بين فتح وحماس؛ وأفغانستان، بعد أن عرض على الطالبان فتح مكتب إتصال في الدوحة؛ وسوريا، حيث كان الشيخ حمد أول زعيم عربي يقفل سفارته في دمشق ويدعو الرئيس الأسد إلى التنحّي. ومع أن قطر تدعو إلى تدخل عسكري دولي “إنساني” في سوريا، فإنها تدعو إلى تسوية ديبلوماسية لمشكلة البرنامج النووي الإيراني. وتتشارك قطر مع إيران في استغلال حقل غازي مغمور عملاق. وإذا ما وقعت حرب، فإنها ستعرّض للخطر المصدر الوحيد للنفوذ الذي يملكه هذا البلد الذي لا يزيد عدد مواطنيه عن 230 ألف نسمة. وبناءً عليه، يسعى الأمير، الآن، لإقناع الأميركيين بالقيام بكل ما يلزم لردع حليفهم الإسرائيلي عن توجيه ضربة لإيران.
موقف سعودي مختلف
الصورة تبدو مختلفة إلى حد بعيد من الرياض. فبفضل برقيات “ويكيليكس، بتنا الآن نعلم أن الملك عبدالله بن عبد العزيز شجّع الأميركيين، في العام 2008، على قصف إيران بغية “قطع رأس الأفعى”. وحينها، كان نائب الرئيس الأميركي “ديك تشيني” يدعو إلى اعتماد خيار قصف إيران، سوى أنه لم ينجح بإقناع الرئيس جورج بوش، الذي فضّل الإستماع إلى نصائح الحذر التي تلقاها من روبرت غايتس وكوندوليزا رايس.
ولا يخفي السعوديون اليوم مدى خيبة أملهم من السياسة الشرق أوسطية التي اتبعها الحليف الأميركي في السنوات العشر الماضية. ومع أن العائلة الحاكمة في السعودية لم تكن مغرمة بصدام حسين، فإنها كانت تعتبره سداً في وجه طموحات الهيمنة الإيرانية في الخليج. أما اليوم، فلا يسع السعوديين سوى ملاحظة أن العراق بات عملياً أشبه بمقاطعة إيرانية، وأنه يتبع ديبلوماسية طهران بدون نقاش.
فرس وعرب
وتبدي السعودية قلقها علناً من تعزيز القدرات العسكرية الإيرانية طوال السنوات العشر الأخيرة، كما يتمثّل في الإختبارات الناجحة لصواريخ “شهاب-3” (التي تمّ تطويرها بمساعدة كوريا الشمالية)، أو لصواريخ بحر-بحر. وفي شهر يناير الماضي، إبان مناورات بحرية في مضيق هرمز (حيث يعبر 40 بالمئة من الخام العالمي)، قام الإيرانيون باختبار صاروخ يسير إلى هدفه تحت الماء، ويزعمون أن “السونار” يعجز عن رصده. وإزاء هذا التطوّر الذي يعتبرونه تهديداً لهم، فقد قرّر السعوديون أن يعززوا تسلّحهم. وقد وقّعوا، مؤخّراً، على عقد بقيمة 40 مليار دولار لشراء أسلحة متطورة من الأميركيين. وأعلن الأمير تركي الفيصل أن على المجتمع الدولي أن يبذل أقصى جهوده لإقناع إيران بعدم إنتاج القنبلة الذرية. إما إذا حصلت إيران على القنبلة رغم كل شيء، فقد حذّر الفيصل بأن بلاده ستسعى بدورها للحصول على سلاح نووي.
“ينبغي أن ندرك أن النظام الإيراني يمثّل خطراً وجودياً في نظر السعوديين. فالقضاء على النظام السعودي يرد بوضوح في وصية الخميني، وكذلك في سياسات الزعيمين الحاليين- المتنافسين- لإيران، المرشد خامنئي والرئيس أحمد نجاد”، حسب ما قال لنا البروفسور “مهدي مظفّري”، الذي غادر إيران منذ 1980، وهو حالياً مدير “مركز دراسات الإسلام السياسي” في جامع “أرهوس” الدانماركية. وباعتبارها “خادم الحرمين الشريفين”، تعتقد العائلة الحاكمة في السعودية أنها ملزمة بحماية العالم “السنّي” كله. والحال، فإن زعامتها باتت موضع منافسة من جانب إيران الخمينية، التي ترغب في تزعم ثورة إسلامية عالمية، رغم طابعها الشيعي (الذي يعتبره السعوديون بمثابة “بدعة”) ومع أن شعبها غير عربي. ويُذكّر أن الملك عبدالله بن عبد العزيز كان قد صاح بوزير خارجية إيران، منوشهر متكي، في مارس 2009، قائلاً: “أنتم، الفرس، أوقفوا تدخّلكم في شؤون العرب”. وتحسّنت علاقات البلدين قليلاً منذ أكتوبر 2010، حينما تعاون البلدان في تحضيرات موسم الحج. ولكن “الربيع العربي” أعاد التوتّر إلى الواجهة.
سلاح النفط السعودي
فحينما تظاهر البحرينيون- وثلثاهم من الشيعة- لمطالبة العائلة الحاكمة (وهي عائلة سنية قديمة تعود أصولها إلى السعودية، وصديقة للرياض) بحق إنتخاب حكومتهم، فقد سارعت الرياض إلى التنديد بالمؤامرة الإيرانية. وفي 14 مارس 2011، وبناء على طلب مساعدة قدّمه الملك حمد إلى مجلس التعاون الخليجي، اجتازت مصفحات الحرس الوطني السعودي الجسر الذي يصل السعودية بالبحرين، ثم تبعتها قوات قطرية وإماراتية. ومن جهتها قامت إيران، التي اعتقدت لأول وهلة أن الربيع العربي سيخدم مصالحها، بتصعيد لهجتها. وأعلن وزير خارجية إيران أن “وجود قوات أجنبية وتدخلها في شؤون البحرين أمر غير مقبول. وهذا الوجود لن يفيد سوى في تعقيد المشكلة… فلم يقم شعب البحرين سوى بالتعبير السلمي عن مطالبه الشرعية، التي لا ينبغي الرد عليها باستخدام القوة”. وبدا أن الوزير الإيراني نسي أن حكومته كانت قد أغرقت بالدماء حركة المعارضة الديمقراطية الإيرانية في صيف 2009, ومن جهته، أعلن رئيس الأركان الإيراني أن “الأنظمة العربية الديكتاتورية في الخليج الفارسي عاجزة عن مقاومة إنتفاضات شعوبها.. إن الخليج الفارسي كان دائماً، وهو الآن، وسيظل تابعاً لإيران”.
ويقول مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، “إدوار دجيرجيان” (الذي يعمل الآن في “معهد بيكر للسياسات العامة”) أن “حرباً باردة حقيقية اندلعت بين السعودية وإيران“. وفي شهر أكتوبر الماضي، كشف السعوديون والأميركيون أن الأجهزة الإيرانية كانت قد خططت لاغتيال سفير المملكة في واشنطن. ولكن إيران اعتبرت الإتهام “تركيبة مختلقة، الغرض منها إبعاد الإنتباه عن المشاكل التي تواجهها أميركا في شرق أوسط يعيش حالة صحوة إسلامية”.
ماذا عن دول الخليج الأخرى (التي تضم كلها قواعد أميركية)؟ من حيث المبدأ، هذه الدول جميعاً تتضامن مع السعودية. ولكن، ثمة تباينات. فدبي، حيث يعيش 400 ألف إيراني، والتي تصدّر بضائع بقيمة 10 مليار دولار سنوياً إلى إيران، تفضل الديبلوماسية. أما عُمان- التي ترتبط مع الولايات المتحدة بمعاهدة صداقة منذ العام 1831، فقد حافظت على علاقات حسنة مع طهران. ويلعب سلطان عُمان دور وسيط خفي بين واشنطن وطهران. أما الكويت، فإن أمراءها يخشون “طموحات الهيمنة” الإيرانية في الخليج، ولكنهم يفضّلون الإبتعاد عن الظهور.
“الفيغارو”: الخليج يفضّل الحرب الباردة على ضربة عسكرية تهدّد الإقتصاد والإستقرار السياسي
هناك فرق كبير بين من يستعد ومن سبق واعطى نسوانه للفرس والاعاجم باسم المتعه يا ابنها!
“الفيغارو”: الخليج يفضّل الحرب الباردة على ضربة عسكرية تهدّد الإقتصاد والإستقرار السياسي
صاروا مستعدين يعطوا حتى نسوانهم لاسرائيل والغرب عشان يكيدوا لسوريا وايران…اجلاف صحراء عملاء هههههههههههههه