تعني كلمة الفاشية – ذات الجذر اللاتيني Faces – الحزمة من العصي المترابطة، وقد وظفها القادة والضباط الرومان رمزاً لقوتهم وتوحدهم، ثم صارت تعرض في الاحتفالات أمام الأباطرة دليلاً على سلطة الدولة ذات التماسك والهيمنة الشاملة.
ومن هذا الجذر اللغوي اشتق موسوليني، دكتاتور إيطاليا في عشرينات القرن الماضي كلمة Fascism يجدد بها فكرة الإمبراطورية الرومانية، ومؤسساً عليها مذهباً سياسياً يقول إن الأمة لا تعني الشعب الموجود في الزمان المتعين وحده، بل إنها – أي الأمة – تعود إلي الماضي السحيق لتشمل أرواح الآباء والأجداد الموتى، وكذلك تمتد إلي المستقبل لتضم الأبناء والأحفاد الذين لم يولدوا. وعليه فإن أعضاء الأمة – بهذا المعنى – لا غرو يمثلون الأغلبية، التي لا ُ تقارن بها أية ُ جماعة سياسية موجودة على أرض الواقع القائم مهما يكن عددها!
عليه فالأغلبية المفترضة – في عقيدة هذا المذهب – هي التي تتجسد فيها روح الأمة، متخذاً – هذا الروح ُ – من الأفراد المشخصين محض وسائل لتحقيق أغراضه “المبهمة” فلا عجب إذن أن يجد تعبيره الأمثل سياسياً فيمن يؤمن به إيماناً مطلقاً، وذلك هو الحزب الفاشي وحده دون سواه، شاء “الشعب” أم أبى!
ذلك هو التعبير الذي استخدمه – حرفياً – الشيخ حسن نصر الله قائلاً بصلف فظ: إن حزب الله يخوض الآن معركة الأمة ، شئنا أم أبينا، شاء اللبنانيون أم أبوا (خطابه في 12 يوليو / تموز 2006).
والحق أن الرجل لم يخرج قيد أنملة عن السيناريو الذي كتبه له المؤلف الإيراني الفاشستي من نجح في سبك خلطة أيديولوجية شمولية فارسية وشيعية إمامية في آن، حدها الأقصى: إخضاع العالم لهيمنتها المطلقة ، والأدنى: ابتلاع الدول العربية والسيطرة على مقدرات شعوبها عبر تصدير ما تسميه بالثورة الإسلامية، وذلك برفع التناقضات بين هذه الدول وتلك الشعوب وبين أمريكا وإسرائيل الى مستوى الحرب، غير ملتفت الى ما أثبتته التجارب. وفي معامل موازين القوى الفعلية من حقيقة أن الخاسر في كل مرة إنما كان العرب.
بالمقابل ومن وجهة النظر العربية ، فإن الهزائم العسكرية لا تعني أن تتوقف كل أشكال المقاومة، بل على العكس حيث المقاومة لها ألف باب وباب، أوسعها الأخذ بأسباب التنمية الذاتية سياسياً واقتصادياً وثقافياً، فضلاً عن إحلال النظام الديمقراطي محل الأنظمة الديكتاتورية، تلك التي جلبت إلي شعوبها الهزائم والانكساريات المتوالية.
غير أن الفارسيين الجدد لا يعجبهم، ولا يحقق أهدافهم الاستراتيجية، أن يقوي العرب إلى حد أن يتمكنوا من حل تناقضاتهم مع الغرب بأساليب يرونها مناسبة لهم. فالأمة “الإسلامية” أكبر من العرب والعروبة. هكذا القدس قضية إسلامية وليست قضية عربيةً، والقدس لا تسترد بالمفاوضات بل بإزالة إسرائيل من الوجود، فمن يزيلها؟! حركة حماس بما ترفعه من شعارات مدوية تطالب بفلسطين من النهر إلي البحر، وبما تطلقه من صواريخ تقتل في كل خمسة أعوام سبعة من الإسرائيليين مقابل قتل إسرائيل للآلاف من الشعب الفلسطيني فضلاً عن حصاره وتجويعه. لكن حماس ليست وحدها لحسن الحظ، بل يساعدها في “نضالها” حزبٌ يوظف اسم الجلالة عنواناً له (دغدغة ً لمشاعر المتدينين الأبرياء) يبدأ بغزو بيروت، على طريقة موسوليني في زحفه على روما عام 1922، ويثنى بإسقاط النظم العميلة للغرب – من وجهة نظره – مثل مصر والأردن والسعودية ، وذلك بالتحالف مع القوى الداخلية فيها، المؤمنة بالفاشية في أعماقها بحكم الموروث الثقافي ، تلك التي صارت تعلن – من باب التقية المؤقتة – أنها توافق على الديمقراطية، مادامت آلية الانتخابات فيها ستحملها إلي مقاعد الحكم. بعدها ما أسهل وأحلي الرجوع في الكلام.
هذا التكتيك ليس افتراضاً نظرياً يمكن تفنيده بحجج مضادة بل هو واقع معيش. وآية ذلك أنه حين أصدر مجلس الأمن القرار 1706 متضمناً ضرورة تنفيذ القرار رقم 1559 لسنة 2004 والقاضي بانسحاب القوات السورية من لبنان وحل جميع الميلشيات ونزع سلاحها تأكيداً لسيادة الدولة اللبنانية، اعتذر الشيخ نصر عن عدم تنفيذه للشق الخاص بنزع سلاح حزبه، مؤكداً أن هذا السلاح موجه أولاً وأخيراً إلى العدو الإسرائيلي، فبهذا السلاح تم أسر جنديين إسرائيليين! وليس مهماً أن قتلت إسرائيل بالمقابل 1000 لبنانيّ وشردت 15000 آخرين، المهم أن الرجل أقسم ألا يوجه سلاحه إلى مواطنيه مهما تكن الأسباب. ولكن متى برّ فاشستي ّ بقسمه؟!
ذلك بعينه ما فطنت إليه اسرائيل الخبيرة ذات الدهاء، حين قبلت بالانسحاب من الجنوب عام 2006 تطبيقاً للقرار 1701 الذي أمّن لها حدودها الشمالية بإحلال الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل محل ميليشيات حزب الله في الجنوب. والمغزى كان واضحاً أمام إسرائيل.. فماذا سيفعل حزب الله بسلاحه في شمال لبنان إلا أن يخوض به المعارك السياسية، فارضاً به إرادته على الدولة والمجتمع ممهدا ً بذلك للحرب الأهلية؟
وهذا ما حدث بالضبط في بيروت وطرابلس والجيل. فلقد انفجرت المعارك على خلفية إقامة حزب الله شبكة مواصلات سلكية خاصة به مناهضة للشبكة الحكومية الرسمية، وهو إجراء لا يمكن أن تقبل به دولة ذات سيادة. ولكن ما أن اعترضت الحكومة حتى أخرج نصر الله السلاح من غمده ليغرسه في صدور الأشقاء والأخوة، معتذراً عن الحنث – في قسمه – بأحكام الضرورة وأهداف المقاومة!
بهذا انهالت مطارق النيران والحديد على عظام لبنان الهشة، فشحبت الوجوه،
واغرورقت العيون بدموع الندم ولات حين، ساعتها أفاق الناس على الحقيقة المرة، تلك التى عبر عنها فضيلة الشيخ محمد رشيد قباني مفتى الجمهورية اللبنانية بهتافه الملتاع “كنا نعتقد أن حزب الله مَعْنىُّ كما قال بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فإذا بنا نراه قوةً مسلحةً تأتي لاحتلال بيروت وانتهاك حرماتها”.
أما الحكومة فلقد وقفت عاجزة، وكذلك التزم جيش “الدولة” جانب الحياد، ربما ليفوت على نصر الله فرصة إشعال حرب أهلية جديدة. وأما أغلبية الشعب اللبناني (الأقلية في عرف الحزب الفاشستي!) فها هي ذي تقعد حسرى تنتظر مصير روما على يد موسوليني اللبناني. وأما أمريكا وأوربا وخلفها دولنا العربية ، فلسوف تفاجئ بالإمام هتلر الفارسي قادماًَ وفي يديه قنابله النووية ملوحاً بحرب إبادة الكوكب، ما لم يُعط نصيبه من الكعكة المعجونة بدماء فقراء العالم، والمخبوزة في أفران صُنع قرميدها من لحمهم الحىّ.
يسأل البعض من ذوى النوايا الحسنة “ولماذا لا نحتمي بالقطب الصاعد إيران – وهى على أية حال دولة إسلامية – من ظلم أمريكا وجرائم إسرائيل؟
هنا لابد من استحضار التاريخ على سبيل التذكرة. فلقد عمد أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة في الأربعينات (وكان حزباً فاشستياً لا غش فيه) إلى الدفع بأناس سذج يهتفون: إلى الأمام يا روميل، ظناً منهم أن روميل هذا إنما جاء بجيوش الحاج محمد هتلر ليخلصهم من الاحتلال البريطاني. ولم يكن هؤلاء الناس بمدركين للفظائع الجهنمية التي أنزلها هتلر بأهل البلاد التي غزاها، و هم بعشرات الملايين، وكأنهم جميعا قد راحوا يرددون بيت المتنبي مترجما ً إلي كل لغات العالم البائس:
كفى بك داءاً أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكن أمانيـــا
تلك هي الفاشية وتلك هي فلسفتها وأدواتها ونتائجها واقرءوا التاريخ.. وإن لم تفعلوا فاعتبروا أنفسكم مجرد أقلية، يحكمها الغيرُ، ولا علاقة لها البتة بمصائرها الذاتية، شأن المفعول به المنصوب لا الفاعل المرفوع الهامة.
tahadyat_thakafya@yahoo.com
* الإسكندرية
الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوب
مقال جيد عميق الدلالة – مع سهولة في العرض – حيث يعبر عن وجهة نظر كل ديموقراطى أصيل علي الساحة العربية .. وفي رأيى أن فضح جوهر وأساليب الفاشية
هو أهم آليات مواجهتها . وفي هذا الصدد نجح كاتب المقال الأستاذ مهدى بندق بامتياز
الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوب
أتمنى أن أسمع ردا علي هذا المقال من الشيخ حسن نصرالله .. هذا الذى كنت أعتبره بطلا قوميا.
الآن وبعد أن خلع القناع عن الوجه الفاشى ترى هل يمكن أن يصدقه أحد حين يقسم
مرة أخرى أنه لن يوجه سلاحه لصدور اللبنانيين؟
أنا مصدوم بعنف.
القوة و التحلل
منذ نهاية القرن التاسع عشر سادت فكرة القوة و الصراع و تغليب الشر كما يرى هنري ميلر ، و مازلنا نعيش آثارا مختلطة لأفكار العولمة و العشائرية ، و الطبقية ، و التهميش و التقدمية . هذه الآثار تجعل المشهد غائما للغاية ..
الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوبدعونا نعترف: العملاق الشيعي يخرج من قارورة النبي سليمان ويصرخ الله أكبر. اختر الطريقة التي سأقتلك بها! فبعد ان نام اربعة عشر قرنا في قارورة الزمن معزولا في الحوزات ومغلّق عليه ابوابه في حارات النجف وقم وأزقّة كربلاء الضيقة والجنوب اللبناني، نهض فجأة ماردا قادما من زمن الغزوات ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلم يقبل منه وخير للمرأة ان لا ترى الرجل ولا الرجل يراها والجهاد الى جهاد احمدي نجاد وقنابلة النووية ومحو اسرائيل (ليتهم كانوا رجالا وفعلوها) وحكومة الحكيم الطائفية ومثاقب الرؤوس الصولاغية في وزارة الداخلية العراقية وعنصريات الخميني… قراءة المزيد ..
الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوب
بدأت الأزمة اللبنانية بالفرز الطائفي والديني والسياسي وأصبح لكل فريق ميلشياته المسلحة وإيديولوجيته الخاصة ، وهكذا بدأت الحرب الأهلية، وهو نفس ما حدث في العراق وفلسطين والسودان والصومال، وفي كل بلد عربي توجد بوادر الفرز، هذا ما يحذرنا منه كلتبنا مهدى بندق، فالعالم العربي كلة أصبح ساحة مباحة لكل أشكال الفرز والتصنيف في الوقت الذي تسعى فيه الأمم الأخري لحل تناقضاتها بتغليب المصلحة العامة والتوافق الوطني والأنفتاح عل الاستفادة من دروس التاريخ ووعي روح العصر .
الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوب
مما يؤكد صواب هذا التحليل ما قرأناه اليوم في الصحف الألمانية حول اعتذار العماد
ميشيل سليمان قائد الجيش اللبناني في رسائل وجهها إلي ضباطه الغاضبين جراء شل
أيديهم عن التعامل مع الإنقلابيين ، وكانت حجة العماد هي نفس ما قاله الأستاذ مهدى
في مقالته : وقف الجيش علي الحياد ربما ليجنب البلاد الحرب الأهلية التى سعي اليها
حزب الله الفاشى . وقى الله لبنان شرور هذه الحرب وشرور الفاشية . آمين
الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوبحزب الله: حشاشون.. إنكشاريون.. وخمير حمر! محمد حسن علوان سيمر زمن طويل قبل أن يستطيع حزب الله ترميم سمعته التي تلطخت بدماء البيروتيين. سمعته التي حازها منذ عقود بوصفه (رمز المقاومة)، و(حامي الجنوب)، وغيرها من الألقاب التي طالما أخفى حزب الله وراءها خريطة أهدافه السلطوية، وأطماعه الطائفية. هذا السلوك اللاوطني الهمجي الذي ارتكبه مقاتلو حزب الله يؤكد أن الملتاثين بشهوة الحرب لا يمكنهم العودة إلى مربع الحضارة بسهولة. وكل طلقة مدفع، أياً كانت وجهتها، تمسح حرفاً من أبجديتهم المدنية، حتى إذا طال بهم الولوغ في الحروب عادوا أمّيين تماماً، لا… قراءة المزيد ..
الفاشيون قادمون الى لبنان وغيره والأغلبية مجرد أقلية مفعول بها منصوبماذا تنتظر السعودية؟ الفرس قادمين إن يدافعوا عنها أمريكا وإسرائيل في خوض بدلا منها معركة مع إيران , إما لديهم منظمة تقاوم الفاشية الشيعية الإيرانية , بفاشية سنية سعودية تسمى القاعدة, لم نسمع عن نشاطها في إيران , ,إيران بدهاء ربطت الكثير من الحبال مع العالم باجمعه من الشرق إلى الغرب , شريكاتها المشتركة منتشرة في كل العالم , في مشاريع إلى حد العجب , لها علاقات واسعة مع كل بلدان الغرب “أوروبا ” مع الصين مع روسيا , مع المنظمات الفاشية في كثير من بلدان العالم , غير مستعد… قراءة المزيد ..