العودة لمرض الضاد

0
إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...

كتب الصديق بيار عقل، رئيس تحرير شفاف، تعليقا على مقالي عن احتضار اللغة العربية، بأننا لسنا الجهة الوحيدة التي ربطت اللغة بالدين، فاليونانيون، كمثال، ربطوا الإنجيل باليونانية لأنه كُتبَ بها أصلاً. ووقعت في عام 1910 أعمال شغب عارمة في أثينا، سقط فيها 8 قتلى، احتجاجا على نشر صحيفة أكروبوليس ترجمة لنصوص من “إنجيل متى” للغة اليونانية الحديثة!

 

وأضاف: لا أعرف إذا كان هنالك سبب عضوي يحول دون تطوّر العربية لتقبل مفردات الحياة الحديثة، عبر استعارة كلمات من لغات أخرى، مثل التلفزيون والراديو، والأرجح أن هذا سيُغنيها، ويردم الهوة مع العامية. لكن المشكلة تكمن فيما أَطلقَ عليه العالم “فيرغوسون” تسمية “ديغلوسيا” Diglossia أي الانفصام بين لغة عُليا، مكتوبة، وسٌفلى، مَحكية. فعلى التلميذ أن يتعلم العربية، العُليا، ليستخدمها للدراسة، بينما التركي أو الفرنسي، مثلا، لا تواجههم هذه المشكلة، وأ أن وأمثاله من أبناء المهاجرين العرب، يتكلمون العربية، لكنهم عاجزون عن قراءة نصوصها أو فهم نشرة الأخبار مثلا بطريقة سليمة. انتهى.

* * *

بدأ النّقاش حول مشاكل اللغة العثمانية في 1860 مع دخول المطابع الحديثة. وفي 1928، تم اعتماد الأحرف اللاتينية، وطاف أتاتورك مدن تركيا ليعطي دروساً بالحرف الجديد. إلى الآن، لم “يسامح” التقليديون العرب مؤسّس الجمهورية التركية لأنه استغنى عن الحرف العربي

أولا: التخوف من أن التعديلات اللغوية والإملائية أو النحوية أو الكتابة على اللغة قد يجعل من الصعب على البعض العودة بسهولة للنصوص الدينية، وهذا غير صحيح وهناك العديد من الأمثلة التي تخالف ذلك، فعلى مدى أكثر من 1400 سنة كان أكثر من %90 من الأمة «أمّيين تماماً»، ومع هذا استمر الدين في توسعه، وبقيت لغة القرآن كما هي.

العلامة “أليــعازر بــن يهــودا” رائد حركة إحياء اللغة العبرية الحديثة. وُلد في إحدى قرى ليتوانيا وانتقل إلى فلسطين في 1881. إنطلاقاً من لغة ميتة منذ 2000 سنة، قام باشتقاق كلمات عبرية جديدة واستعار بعض الألفاظ والعبارات من اللغة العربية وقام بتطوير أسلوب عبري جديد وبسيط.

 

ثانيا: غياب أي تصور أو سقف لما يعنيه التطوير أو التغيير، وهذا يمنع السير في هذا الطريق.

ثالثا: وهو الأهم، عدم وجود جهة معينة يمكن الاتفاق عليها للقيام بمهمة التعديل والتطوير، والتي أيضا لا يمكن ضمان قول كل الدول العربية بها، وبالتالي سيبقى الوضع اللغوي، وبقية اوضاعنا، على تخلفها، طالما أن الخلافات تعصف بمعظم الدول العربية، شرقا وغربا، وأقسى تلك الخلافات هي من نصيب أقرب الدولة لبعضها، جغرافيا ودينيا وثقافيا.

* * *

يرى البعض أن العربية تُسبِّب صداعا لكل من يريد أن يتعلمها، دع عنك إتقانها. فهناك مشكلة في موضوع التفريق بين بعض الحروف، ومشكلة أكبر تتعلق بموضع «الهمزة» اللعينة في الكلمة! كما أن التشكيل واستخدام الشدة سبب ويسبب صداعاً للكل تقريبا، هذا غير معاناة العربية من نقص في بعض الأحرف الدارجة في اللغات الحية الأخرى، كالإنكليزية والفرنسية، وإدخالها في العربية سيثريها، ويحسن من نطق أسماء الأفراد والأماكن والآلات والمعدات وغيرها بطريقة أكثر دقة.

* * *

للعلم، تعلمت القراءة قبل أكثر من 70 عاما، وكتبت عشرة آلاف مقال، واليوم فقط اكتشفت أن في القواعد شيئاً يسمى «ضمائر الجر المتصلة»! جهلي بهذه القاعدة وعشرات غيرها لم يمنعني من قراءة كل النصوص الدينية، كالقرآن، بسهولة كبيرة. كما لم يمنعني جهلي بالقواعد والنحو، ولا أعرف الفرق بينهما، من الكتابة، بطريقة مفهومة، في أي موضوع تقريباً!

 

اترك رد

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading