العقيدة الكونية 16

4

(ما فى السماء يكون على الأرض – As above so is below)

تصدير:

فى كتابنا “حصاد العقل” المنشور عام 1973 كان الإهداء الذى صدّرناه به هو “إلى الإنسان الكونى الذى أشرق عصره فلاح بالأفق المبين”، هذا فى وقت كانت الغلبة فيه للأيديولوجيات القومية والدينية، ولم يكن مفهوم العولمة – بدلالته الحديثة – قد ظهر أو قيل. ومن يـُصدّر كتابه بإهداء إلى “الإنسان الكونى” لا بد أن يكون على تشوّف لهذا الإنسان وعلى تشرف بتحقيقه، وبذاته ولذاته، فيكون مثلا ومثالا. وهذا حال ينأى عن التعصب لبلد، أو لجنسية، أو لقومية، أو لمعتقدية، وهو دليل نركن إليه وتستهدى به على أننا حين نكتب عن حضارة مصر القديمة موافقة أو مخالفة، لا نصدر فى ذلك عن نازع وطنى، وإنما نفعل ذلك عن وازع إنسانى ودافع كونى، لا يريد إلا الحق، والحق وحده، مهما كان الثمن وكيفما يكون الأداء.

ويعنى ذلك أنى دائما أبدا، ومنذ أول كتاب لى، وحتى الكتاب الرابع الآنف بيانه، وفيما بعد ذلك، أرنو دائما إلى الانسان الكونى، الذى يستشرف الكون كله، ويستهدى بالتراث البشرى بأجمعه، ويتضامن مع الانسانية كلها؛ بصرف النظر عن اختلاف العقيدة أو اللون أو الجنس أو الوطن أو اللغة أو أى شىء آخر.

فمع أنى مصرى أصلا، ولادة وتربية وثقافة وحياة، فإنى أنتشر من مصر إلى كل العقائد والألوان والأجناس والأوطان واللغات والثقافات. وهذه الدراسة تهدف فى النهاية وتعمل منذ البداية، إلى تآلف العقائد، وتعارف الناس، وتداخل الجهود، وتآنس الجميع، فى رحاب الكونية، ومحيط الانسانية. فهى وإن بدأت من مصر، فذلك لأن مصر كانت – كما سوف يبين ويتأكد – من الجانب الكونى – هى صورة السماء وأصل الحياة وأم الدنيا.

والذى آمله أن يفهم الجميع مقاصدى وأن يعرف القراء أهدافى. فهى لا تتصل أبدا بمصريتى، وليست تعصبا أو تحيزا بأى حال من الأحوال. فهدفى الدائم هو “الحقيقة” وسعيى المستمر هو استجلائها. ولعلى أُوفق فى أن يشاركنى الكثيرون ذلك بعد أن ينتهوا من قراءة هذه الدراسة.

*

( 16 )

العقيدة الكونية ( ب )

(أ) العقيدة الكونية ، هى العقيدة التى تضم كل عناصر الكونية وتلمّ كل أفراد الإنسانية ، حيث يتداعى الواحد بالكل ويتعالى الكل بالواحد .

وهي العقيدة التى تؤكد وتشدد على أن ما فى السماء هو ما على الأرض ، فعلا لا ادعاء ، وحقيقة لا افتراء ، وواقعاً لا وهماً .
وقد أعد لها الله منذ قديم الأزل ، فكان انسياب نهر النيل على أرض مصر مماثل لهيئة مجرة درب اللبانة أو درب التبانة (Milky Galaxy) التى تقع المجموعة الشمسية فى طرف قصىّ منها . ثم كانت صورة مصر مطابقة لكوكبة الجبار (Orion Constellation) . ثم أقيمت الأهرام الثلاثة على هضبة الأهرام بالجيزة ، إنعكاساً مماثلاً مع الكواكب الثلاثة الموجودة فى الحزام الأوسط لكوكبة الجبار ، تماثلاً تاماً فى المواقع والأبعاد (على النحو التى ظهر فى الصور المنشورة أوائل هذه الدراسة) . وكانت إقامة هذه الأهرام بطريقة مغايرة ومخالفة لكل نظم البناء التى عُرفت على الأرض ، إذ يلوح اليقين بأنها أقيمت بالحساب والتقدير (Calculation) لا بالبناء والتشييد (Construction) . وما فى الهرم الأكبر من معارف ومعلومات وبيانات وقياسات – عُرفت حتى الوقت الحاضر – والتى يْقدّر بعض العلماء بأنها 10٪ أى عُشر ما انطوى عليه من حقائق ودقائق ، أمر مذهل ، بكل المقاييس ، ويفوق بكثير جداً كل ما وصلت إليه الحضارات البشرية ؛ وهو ما سلف بيان بعضه تفصيلاً . وأقيم تمثال أبى الهول ، بنفس الطريقة على الغالب ، وهو مماثل فى الشكل لكوكبة أخرى ، غير كوكبة الجبار .

ومن كوكبة الجبار هذه جاء إلى الأرض أوزير (أوذريس باليونانية وإدريس بالعربية) ومعه عدد من الأتباع ، هم الذين تصفهم التوراة بأنهم الجبابرة (وهى نسبة إلى كوكبة الجبار) ، وقد تركوا بذرتهم فى البشرية – عندما تزوجوا من بناتها – فكان ويكون منها العباقرة والمتميزون والأفذاذ .

والهرم الأكبر ، والهرمان الآخران ، لم يُقاموا كمقابر للملوك ، ولكن الراجح – حتى الآن – أن الهرم الأكبر هو هوائى كونى ضخم ، كان وما زال يربط السماء بالأرض ، فى موجات كونية متوالية ومتتالية من العلم والفكر والفن ، تشع منه فى أجواء الأرض ، فيلتقطها من هو مؤهل لذلك (وغالباً ما يكون من الجبابرة) . كما أن النشاط البشرى والأحداث الكونية تقع من التبادل المستمر بين الأرض (من خلال الهرم) والسماء (من خلال كوكبة الجبار ، ونجم الشعرى اليمانية وهى من كوكبة الكلب الأكبر ، والكوكبة الثالثة التى يحاكى شكلها ، الذى يظهر من مواقع نجومها ، شكل تمثال أبى الهول) .
وهذه كلها تأكيد – حتى الوقت الحاضر – على صلة الأرض بالسماء ، لا كفراغ عميق مطلق ممتد وفسيح ، غائم عائم ، ولكن بكوكبات محددة فيها . وكوكبة الجبار هى ألمع الكوكبات نجوماً ؛ والشعرى اليمانية ألمع نجوم السماء .

هذه الدلائل المادية والشواهد القطعية ، وُجدت لتقدم للعقل المادى (والذى تحول عند البعض إلى عقل حيوى ، “يراجع فى ذلك كتابنا العقل فى الإسلام”) بالبيان المؤكد والحال المشدّد ما يفيد أن العقيدة الكونية هى من السماء فعْلا ، ومن عند الله تأكيداً . فقدرة الله وقوة الجلالة تتصرف وهى تخاطب الإنسان بما يقطع بوجودها ، وبكل ما يصدر عنها ، بالدليل المادى والثبوت الحسى لكى يوافق حواسه ، فيكون الإيمان العقلى أو الوجدانى بها قائماً على أساس صلد ومستنداً على بيان صلب . وما عدا ذلك فهو يلجأ إلى الأقاويل المرسلة والأسانيد المفردة ، لتكون مسلـّمات (Postulates) وتـُعد بهذه المثابة أساساً لفرض التسليم بها ، وإلغاء العقل والرشد والتفكّر والتـّدبر .

(ب) وقد جاءت العقيدة الكونية بطريقة إلهية ، لا من ملاك (ملك) يوشوش ولا من شيطان يشوشر ؛ بل جاءت بها كلمة الله وروح الله ، أوزير نفسه ، من كوكبة الجبار وهو روحها ، وروح غيرها كذلك ما دام هو الكلمة . وقد كان المصريون القدماء يصفونه بأنه أمير النجوم وحاكم السماء ، لذلك تـُسْلم له النجوم والعالم الذى تسير فيه الشمس . ولفظ “الكلمة” فى اللغة المصرية كان يفيد معنى الكلمة المتحركة ، وقد نقل الإغريق هذا المفهوم إلى لغتهم فقالوا إن الكلمة هى اللوجس (Logos) وهو ما يفيد معنى الحركة . وثمّ وعّاظ مسيحيون يقولون عن المسيح إنه اللوجس ، مستعملين فى ذلك اللفظ اليونانى ، لأن معنى اللفظ فى غير هذه اللغة لا يفيد الحركة ، وإنما هو ساكن صامت .

وبعد أن نشر أوزير جواً من الإستنارة بالتعليم والتربية على ما سلف ، ترك مصر لزوجه إيزيس لتحكمها (فكانت بذلك أول أمرأة تحكُم) وسافر إلى خارج مصر حتى وصل إلى الهند وأوروبا ، فلم يحصر رسالته فى قوم أو فى قبيلة ، لكنه نشرها فى العالم القديم كله ، على تقدير أنها عقيدة كونية .

(ج) ورسالته تنحصر فى كلمة واحدة هى “ماعت” ربة (سيدة) الحق والعدل والإستقامة والنظام . وعلى الضدّ منها ، وعكسها ، يكون الضلال والظلم والإنحراف والفوضى . ولاشىء بينهما قط . لكن بعد أن سقط نظام ماعت إثر الأسرة الخامسة من الملوك (الفراعنة) تحولت “ماعت” بدلا من أن تكون روحا ومعنى وحياة ، إلى أن تكون كلاماً ومبنى وموات . وبدلا من أن يحيا بها الفرد وتحيا بها الجماعة ، صارت ثرثرة فى الأفواه وحديثاً فى المجالس وادّعاءاً لا يتحقق أبداً . واستمر الوضع كذلك حتى الوقت الحاضر ، الذى يرنو إلى عودة نظام “ماعت” الحق والعدل والإستقامة والنظام ، كروح ومعنى وحياة ، بدلاً من أن تكون ألفاظا فارغة من المعنى ، ترمى وتقصد إلى ما هو عكسها وما هو على الضد منها ، مع تلبيس الأمور وتدليس المسائل ، للإدعاء زورا بأن الضلال هو الحق ، وأن الظلم هو العدل ، وأن الإنحراف هو الإستقامة ، وأن الفوضى هى النظام ؛ فيكون الخطأ خطأين ، والأثم مضاعفاً ، والجهل مركّبا ؛ ذاك لأنه يسىء ثم يتبجح ويدعى أن ما يفعله هو الصواب .

(د) وصميم العقيدة الكونية ، من قوته وشدته وصحته ، نفذ إلى كل العقائد :

ففى اليهودية ظهر بنصه بعد أن تأثرت (اليهودية) بروح مصر فجاء فى التوراة (لقبول تأديب المعرفة والعدل والحق والإستقامة ، إن دعوت المعرفة .. تفـْهم العدل والحق والإستقامة ، أريتك الحكمة هديتك سبل الإستقامة ، طريق المستقيمين منهج ، منهج المستقيمين الحيدان عن الشر . (سفر الأمثال) . (الله يدين الشعوب بالاستقامة ، مستقيمى القلوب ، إهدنى فى سبيل مستقيم) مزامير .

وفى المسيحية (تعرفون الحق والحق يحرركم) انجيل يوحنا ، وفى نفس الأنجيل (قالت امرأة للسيد المسيح يا معلم إننا نعرف أنك تعلـّم بالاستقامة) .

وفى الإسلام آيات كثيرة عن الإستقامة تخيرت الدراسة منها الآية (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة) سورة فصلت . وعن النبى عندما سئل عن الاسلام قال لمن سأله ، هو فى تعبير واحد (الايمان بالله والاستقامة) .

ولأن متـّبع طريق ومنهاج ماعت الذى هو الحق والعدل والإستقامة والنظام ، كان يقال عنه إنه ” معاتى “وجمعه”معاتيو” فقد انتقل اللفظان إلى اليهودية على المفرد صدّيق (Zeddik وجمعهZiddikim ) وامتلأ سفر الأمثال والمزامير بهذا اللفظ وجمعه : صدّيق وصديقون . وجاء فى المزامير (الصديقون يرثون الأرض) . وجاء فى القرآن (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء) سورة النساء 4 : 19 .

أما ماعدا الشرائع الثلاث ، فالأمر كما يلى :

1- فالهندوكية اصطلاح أوروبى ، يطلق على عقائد معظم شعب الهند التى لا تـُنسب إلى شخص معين ، ويقابله فى الهندية لفظ “دارما” بمعنى قانون ، و هو يصدق على أعمال الله وشريعته (أى سنن الله وطريقه) .

ومن ضمن الدارما تـُوجد اليوجا ، وهى طريقة رياضية (للجسد) وروحانية لتسهيل الإتحاد (التوحد) بالذات الكلية . ففى الهندوكية (الدارما) ثمت نفس واحدة كلية ، تتحد معها الذوات (البشرية) الجزئية ، بعد فصْلها عن “المايا” أو خدعة الزمان والمكان .

2- والبوذية تعنى المتنور ، نسبة إلى سيدهارتا جوتاما بوذا (حوالى 564 – حوالى 482 ق.م) .
وتستوى البوذية على الإستقامة فى ثمانية إتجاهات ، هى طريق الحياة والسبيل إلى الفناء فى الروح العظمى ، بعد إتحاد (توحد) الجزء بالكل .

3- والكونفوشية (نسبة إلى كنج فو تسى 551 – 479 ق.م) نظام يهدف إلى التقدم عن طريق المعرفة (المقدسة) وهى تقوم على أربعة مبادىء هى العلم الغزير ، والسلوك الحسن ، والطبيعة السمحة ، والعزيمة القوية .

4- والتاوية (أو الطاوية) نسبة إلى لاوتسى تعنى طريق الله . ولكى يتبع الإنسان هذا الطريق لابد أن يخلـُص من كل عناء ، ويتخلص من خداع النزوع والشوق عن طريق التأمل الصوفى .

وهكذا ظهرت العقيدة المستقيمة فى كل الشرائع ، لكن الناس لم يصلوا إلى مضمونها الصفىّ ، ومفهومها النقىّ ، لإنهم افتقدوا ما يجعلها روحاً ومعنى وحياة (وهو المعرفة المقدسة) واتبعوا ما هو جسد ومبنى ومواد .

وقد أقام أوزير العقيدة الكونية على أساس المعرفة المقدسة ، وفيما سلف بيان عن هذه المعرفة . لكن فيما بعد سقوط نظام ماعت تفرّغ اللفظ من معناه ، وتخوّخ من مغزاه ، وأصبح كالطبل الأجوف ، ضجيح ولا معنى ، وطحين بلا دقيق .

ولفظ المعرفة يملأ بالذات سفر الأمثال والمزامير ، وقد سلف البيان عنه فى رسائل بولس (الرسول) ؛ وقد ورد فى القرآن الكريم بمعنى العلم ، وبالذات العلم اللدّنى أى العلم الذى هو من لدن الله . وجاء فى القرآن عن ذلك (يرفع الله الذين آموا والذين أوتوا العلم منكم درجات) والمفارقة واضحة فى الآية بين الذين آمنوا والذين أوتوا العلم (العلم اللدنى أو المعرفة المقدسة) .. وفى القرآن كذلك (وتلك الأمثال نضربها للناس ولا يعقلها إلا العالمون) سورة العنكبوت 29 : 43 . وهو ما يعنى بوضوح أنه لا يعقل كلام الله وما فيه من أمثال ، إلا العاقلون ، الذين يصلون إلى الحقيقة والنور بالمعرفة المقدسة .

كيف يصل الإنسان إلى المعرفة المقدسة ؟

إن لكل إنسان طريقا إليها وسبيلا إلى الله ، من داخل نفسه ومن صميم قلبه . وفيما عدا ذلك لا تكون معرفة بل كلام يُرص وحديث يُنص ، وشعائر ظاهرية ومسالك خارجية وطقوس وتيرية . فى المزامير : (المعرفة) لأنقياء القلب .. ومستقيمى القلوب (مزامير)
وفى موعظة الجبل يقول السيد المسيح : طوبى للأنقياء القلب ، فإنهم يعاينون الله (انجيل متى) . ويقول فى أحد أناجيل المعرفة : تسألون عن سبيل الحق وهو داخل نفوسكم .

وفى القرآن : إلا من أتى الله بقلب سليم .
(هـ) وينبنى على المعرفة المقدسة ، أن تقدم المعارف لا الجهالات ، والعلوم لا الخرافات ، والهداية لا الضلالة ، والصدقيات لا الاكاذيب .

ومما جاء فى علوم مصر القديمة من المعارف المقدسة تتخير الدراسة أمثلة تأكدت بالنظريات العلمية ، لأن تتبع كل ما فيها من علوم أمر يشق على الجهود الحاضرة .

(1) ما يصدر عن الله (الاله الأكبر الذى خلق نفسه بنفسه) لا يـُنقص منه شيئاً .. وهو موافق لما دلت عليه الرياضيات من أن (اللانهاية لا تنقص مهما أُخذ منها ولا تزيد مهما أضيف إليها) .

(2) حيث يصير الموضوع سائراً على نهجه فإنه يسير بأقصى إمكان .
وهو موافق لضرورة المنهج لسرعة ودقة البحث ، لأنه بلا منهج تتعثر الدراسة وتتعطل .

(3) ماعت (الحق والعدل والاستقامة والنظام) لها وجودان ، أحدهما داخل الزمان والثانى خارجه .
وهو مفهوم يدل على معرفة بالزمان ، وما هو خارج الزمان ، أى ما قبل الأزل وما بعد الأبد .

(4) الأجسام السماوية مغلقة (لأنها مكتملة) أما ما على الأرض فهو مفتوح للتطور .
وهذا ما يقطع بوجود مفهوم التطور عندهم ، وبأن السبيل له لابد أن يكون عدم الاكتمال ؛ لأن الكامل لا يتطور قط ولا ينمو أبداً .

(5) هندسة كلمتنا والقراءة الطبيعية لها تقتضى التجربة والخطأ .
وهو ما انتهى إليه العلم من ضرورة التجربة والخطأ (Trial & Error) لحدوث تقدم فى إكتساب الخبرات .

(6) الوقت يغيرّ المكان ، لأن لا شىء ثابت لا يتغير .
وهو ما يؤكد التغيرّ وينفى الثبات ، ومن جانب آخر فهو يقيم صلة بين الزمان والمكان هى التى توصل إليها ألبرت أينشتاين فى نظريته عن النسبية العامة عام 1916 .

(7) القلب كالشمس مركز لنظام أو حياة .
وهو ما انتهت إليه العلوم الطبية والعلوم الروحية .
(8) كما يرتبط جسم الإنسان بسلسلة مورّثات ، فإن روحه ترتبط بسلسلة تطوره الذاتي .
وهو ما يثبت أن الحياة ليست مرحلة واحدة ، وانما هى امتداد عبر حيوات متعددة ؛ ترتبط بالمورّثات الجسدية (Genes) كما ترتبط بقدْر ما حققه الفرد فى حيوات سابقة .

(9) الشر يجىء إلى الجاهل أو الغبى من خلال الجنس والبطن .
وهو مثل سائر إلى اليوم ، أنه مادام الفرد قد ضبط شهوته الجنسية وربط رغبته الجسدية ، فإنه يصير إلى المعرفة . أى إن كل شىء من داخل المرء ومن فعل المرء ، لا من شيطان ولا من قوة خارجية .
ويلاحظ أن القرآن يقول فى ذلك (ولقد قيضنا لكل نبى شياطين الإنس والجن) أى إن الشر ليس جنساً هو الأبالسة أو الشياطين ، لكنه قوة ضارة قد تكون فى الأنس أو فى الجن (وهو كل ما خـَفِى عن الأعين) .

(10) من وصل إلى المعرفة المقدسة تـُسْـلم له النجوم والعالم الذى تسير فيه الشمس ، أى مجموعة الأفلاك التى تحكم الأقدار .
وفى هذا النص أكثر من دلالة (أ) فهو يتضمن كلمة تـُسْـلم التى هى الفعل للفظ إسلام . (ب) أن الخلاص هو من دورة الفلك التى تحكم المقادير ، لكى تضبط المرء وتحدّ من شروره وطغيانه ، حتى إذا ما نمى وسما بالمعرفة المقدسة خلص من دورتها القاسية وصار أحد عواملها وبعض عناصرها ، بعد أن كان تحت المقادير ، وفيما يسميه الجهال عبث الأقدار .

(11) الرأى غير التعريف .
وهو أهم فاصل فى المنطق والفهم ، ذلك أن الجهال يخلطون فيعتبرون أن الرأى هو الحقيقة ، أو تعريف بالحقيقة ؛ لكن الرأى فى الواقع هو تقدير شخصى قد يصح وقد يخيب .

(12) ليس التدريس تجميعاً للعلوم ، لكنه إيقاظ للعقل والضمير – على درجات – بحيث تصل إلى الحقائق .
وهذا هو الفارق بين التدريس بالحفظ (Memorizing) والتدريس بالتحليل (Analyzing) وهو أهم نقطة فى التدريس لإيقاظ الشعور وإيجاد العقل الروحى .

(13) لا تؤمن بشىء بلا أدلة ، إن الأدلة مطلوبة دائماً
وهو تعبير يفرق بين الإيمان بالتسليم ، والإيمان بالأدلة . وأولهما للعامة وثانيهما للخاصة الذين لا يؤمنون بالمسلمات (Postulates) دون أدلة .

(14) المعبد يقدم السبب والنتيجة منفصلين ، وفى المعرفة فإنهما يتدامجان .
وهو ما يشير بوضوح إلى التعليم العادى ، والمعرفة المباشرة .

(15) كل حقيقة يجب أن تكون مسجلة مدونة فى معادلات هندسية وحسابات رياضية . إن كل ظاهرة هى نتيجة للحركة والإيقاع اللذان يعطيانها الوضوح بواسطة نظام الأرقام .
وهو ما انتهت إليه الرياضيات الحديثة والعلوم الفزيائية ، وما يشكـّل فهما جديداً للطبيعة .
(و) فى أول انجيل لوقا – وهو من الأناجيل المعتمدة من الكنائس جميعاً – جاء نصاً (إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة من الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة . رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شىء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالى إليك .. لتعرف صحة الكلام الذى علمت به) .

وفى ذلك تأكيد على أن كثيرين كانوا قد كتبوا أناجيل (وهو لفظ يونانى يعنى البشرى) عن السيد المسيح ، وأن انجيل لوقا أحدهم . وقد اختارت الكنيسة الكاثوليكية (الجامعة) أربعة أناجيل واعتمدتها ، هى أناجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا ، واعتبرت أن باقى الأناجيل محظورة (Apocrypha) .

وعندما أرادت الكنيسة الكاثوليكية فرض رأيها على باقي الكنائس استعانت بالكتائب الرومانية لتحقيق ما قيل إنه لابد من “امبراطور واحد وكنيسة واحدة” ، وكان عمل هذه الكتائب أساساً فى مصر ، مهد الكنيسة الأرثوذكسية (المستقيمة) .
كانت فى مصر آنذاك جماعات تعتمد ما يسمى أناجيل المعرفة ، وهى تؤمن بأن الخلاص يكون بالمعرفة المقدسة (بالمصرية Pistis وباليونانية Sophia) تماماً كما كان الحال بالنسبة للمصريين عموماً ، قبل ظهور السيد المسيح ، واتباعا للعقيدة الكونية التى بشر بها أوزير ، أوّل تجسيد لكلمة الله وروح الله ، والتى كانت قد تجسدت فى شخص المسيح الذى قال القرآن عنه إنه ” كلمة الله .. وروح منه” .

كانت الكنيسة الكاثوليكية ، وما زالت ، ترى أن الخلاص من الموت (وهو أمر لم يحدث أبداً ولم يتحقق لشخص قط) يكون بالإيمان ، الذى تقرره هى وتحدد عناصره وتحاسب الآخرين عليه وتصدر قرارات بحرمان من ترى من الإيمان الكنسى (Excommunication) . وقد كانت تريد فرض أسلوبها هذا على جميع المسيحيين بما فيهم الفرق المصرية التى كانت تؤمن بأن الخلاص (من دورة الفلك الرهيبة) يكون بالمعرفة المقدسة ، التى هى أمر فردى لا يحتاج لديانة منظمة (Organized Religion) . فحاربت الكتائب الرومانية الأقباط المصريين عامة ، وأتباع أناجيل المعرفة خاصة ، خلال الفترة التى تسمى عصر الشهداء (284 – 305) وبقوة الكتائب أُحْرقت وأبيدت أناجيل المعرفة ، واستقرت المسيحية على أن الخلاص يكون بالإيمان الذى تحدد كل كنيسة عناصره ، وتصر الكنيسة الكاثوليكية على أنها وحدها صاحبة الشأن فى تحديد ما هية الإيمان وعناصره (ولعل هذا هو الذى دعا بابا الكنيسة الكاثوليكية الحالى بندكت الثاني عشر إلى أن يقرر ذلك صراحة ، فينكر الكنيسة الأرثوذكسية ، ويقول عن البروتستانت إنهم جماعات دينية) .

أبيدت أناجيل المعرفة ، غير أن البعض كان قد أُخفى أو دُفن فى حواف الوداى . ولما أذن الله ، عثر راع مصرى عام 1945 على جرة فيها نسخ من أوراق وأناجيل هى أناجيل المعرفة وقد ترجمت هذه الأناجيل إلى اللغة الإنجليزية تحت إسم مكتبة نجع حمادى (Library of Naghamadi) .

ومن يقرأ هذه الأناجيل يجد فيها روح مصر ، والفكر المصرى القديم ، الذى قامت وتقوم به العقيدة الكونية .
ومن هذه الأناجيل تتخير الدراسة النصوص التالية .

1- ملكوت (مملكة) السماء فى داخلكم .
2- إن سألوكم عن علامة الله فيكم ، قولوا إنها الحركة والتوافق .
3- الحكمة (وهى الصيغة الأخرى للكلمة) هى أم الملائكة .
4- عندما نكون فى الدنيا فمن الأفضل أن نكتسب البعث لأنفسنا .
5- (المؤمن) لن يكون مسيحياً بعد ، بل يكون هو المسيح .
6- يا أيها الكامل الأوحد الذى أوجد نفسه بنفسه ، إنك بداخلى ولست بعيداً عنى .
7- (عن السيد المسيح) لقد جئت لكم بالمعرفة .
8- المعرفة (المقدسة) خلاص الجميع . الله هو الحق ، والحق يحيا فى الإستقامة والمعرفة .
9- لقد عدت (أيها السيد المسيح) من خلال دورة التناسخ ، التى توجد حقيقة .
10- الطريق (لإعادة الميلاد ، للقيامة والبعث) هو الحق والمعرفة .
11- المسيح هو الكلمة والحكمة ، وهو وحى الخليقة .
ثم ماذا ؟

إن الله واحد أحد ، واحدية كلية تضم جميع ما فى الأكوان وكل ما فى الإنسان ، وتتجلى فى السدائم والنجوم الضخمة كما تتجلى فى أصغر الجسيمات . فكل ما فى الاكوان أو فى الانسان هو فى حركة دائمة التواصل مع الكل والتداخل فى الجميع ، حتى يصير الكل فى واحد .
وقانون الله فى السماء والارض ، فى كل آن وكل زمان ، فيما قبل الأزل وما بعد الأبد ، قانون واحد ، هو الذى كانت تمثله عند القدماء المصريين “ماعت” سيدة أو ربة الحق والعدل والإستقامة والنظام ، وهو ما تحول ليتركز فى كلمة واحدة هى الحق .

ورد فى النصوص المصرية القديمة : الله هو الحق ؛

وجاء فى التوراة : الله هو الحق ؛

ونص أحد أناجيل المعرفة على أن : الله هو الحق ؛

وفى آيات القرآن الكريم : الله هو الحق .

أهم المراجع

1- Plato , great dialogues.

2- E.A. wallis Budg , the gods of the Egyptians 2 volumes.

3- E.A. wallis Budg , the Egyptian Book of the Dead.

4- E.A. wallis Budg , osiris 2 volumes.

5- Henry frankforts , kingship and gods.

6- lsha swhwaller de sulicg , Egyptians initiate 2 volumes.

7- E.A.Wallis Budge , Egyptians Magic.

8- Peter femesurier , The great pyramid Decoded 1977.

9- الكتاب المقدس – الطبعة البروتستانتينية.

10- Peter Tompkin , secrets of the great pyramid 1973.

11- King Land , The great pyramid in Facened Theary 1932.

12- Abb M. Moreux , la sience mysterieuse des pharons , paris 1924.

13- james henri breasted , dawn of conscience.

14- encyclopedia Britannica.

15- encyclopedia Americana.

16- The nag hammadi library. General Editor Games M. Robinson

17- مؤشر بحث Google، مؤشر بحث yahoo مؤشر بحث، MSN.

وخاصة فى البحوث التالية:

Great pyramid statistics, construction stones

The pyramid of orion

Orion ( constellation )

Ptah , the universal architect god

Constellation

The mystery of the sphinx

Symbolism and coincidences of the great pyramid

Hermes Trismegistus

The deep photographic guide to the constellation

Sirius

Sirius , mystery of red color

Osiris

Sirius mythology

The great pyramid of giza

Mercury in Astrology

Apollo

Hermes ( roman mercury )

A new look at planetary symbolism

Egyptian …. Themes in Christian tradition

Pagan Christ’s

Mercury

Illuminating the Mysteries of the Great Pyramid and the Sphinx

by Jan Wicherink

saidalashmawy@hotmail.com
العقيدة الكونية 15

4 تعليقات
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
متابع لمقالات المستشار العشماوى
متابع لمقالات المستشار العشماوى
15 سنوات

العقيدة الكونية 16
الأستاذ الفاضل محمود عبد الفتاح – غريب ان تقول فى تعليقك ، وهل هذا المعلم قد ظهر ، ومن يكون ؟
ان تقول هذا لأنى أعتقد أن المعلم قد ظهر فعلاً
ومن يكون فهو المستشار العظيم محمد سعيد العشماوى
شكراً سيادة المستشار عما تعلمنا وعما تفتح به عقولنا ننتظر منك المزيد والمزيد ، وشكراً للموقع الجميل الذى يمتعنا بهذه المقالات .

أشرف عبد الحميد
أشرف عبد الحميد
15 سنوات

العقيدة الكونية 16
في علوم الفك أن عصر الدلو قد حل .
والنبوءة تقول أن هذا العصر لابد أن يبدأ بُمعلم كبير يُعيد صياغة المفهوم الديني .
فما مدى صحة ذلك ؟ وهل هذا المعلم قد ظهر ، ومن يكون ؟

أشرف عبد الحميد
أشرف عبد الحميد
15 سنوات

العقيدة الكونية 16
لقد فهمت الدين فهم صحيحاً من مقالات المستشار العشماوى . فشكراً له

أحمد جمال
أحمد جمال
15 سنوات

العقيدة الكونية 16
ما أروع هذه المقالات .
لى سؤال للمستشار العظيم صاحب المقالات :
هل هى صحف إدريس للعصر الحديث ، وعصر الدلو أو عصر الاكويرياس .

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading