توحي كل المؤشرات بأن هناك ضربة عسكرية امريكية غربية على النظام في الطريق للتنفيذ.
التصريحات العلنية للأمريكان واضح كما ان تسريبات الدوائر الاوربية وتصريحات قادة بريطانيا وفرنسا توحي جميعا، وبوضوح الى أن الضربة اجراء عقابي رادع وليست ذات هدف اسقاط لبشار الاسد.
ينحصر هم القائمين بأمر الضربة العسكرية في حجم المخاوف التي تولّدت بفعل الغضب من ضربات كيماوية نفذتها قوات بشار الاسد على مواقع لا تبعد كيلومترات معدودة عن مقره وتمركز قواته، دليلا على ان الرجل وسلطته ذهبا بعيدا في اللامسوؤلية السياسية والذهنية في استخدام سلاح خطير بعقلية القرصنة الشمشونية.
يبدو ان العالم يريد معاقبة بشار السد ونظامه بدل التورّط في عملية معقدة لتغييره ليست مهيأة له او غير راغب فيه في ظل الشروط القائمة بين السلطة والمعارضة المفككة.
لذا فأن كل ما تطلبه امريكا و أوربا من المعارضة هو أن تتهيأ للذهاب الى جنيف للتوقيع على تسوية تحضّر، إذاً ينحصر هدف الضربة المعلن والمنظور: اعادة خلق توازنات قوة جديدة على الارض تجبر الاسد التوقف عن الحل الأمني بإرغامه على الذهاب الى جنيف أضعف مما هو عليه ، بنزع بذور الشر التي تقيحت في العقل الاستبدادي خلال اربعين سنة.
يتضح هذا من حجم الاتصالات الدبلوماسية الموحية بتسويات في الطريق الى تدوير زواياها مع اولياء أمر النظام (روسيا وايران) وما الإشارات التي خرجت من البلدين سوى رسائل للأسد، بتركه لمصير تقرره واشنطن بما يتوافق وتفاهمات جنيف والتسوية السياسية التي “لا تقتل الذئب ولا تسمح بإفناء الغنم” بما يتوافق ومصالح القوى الاقليمية واسرائيل منها.
في ظل الاوضاع القائمة : الضربة الكيماوية المؤلمة ، الغضب الغربي الذي على ما يبدو انه تفاجأ بحجم عبثية السلطة في فقد الاحساس بالمسؤولية ، حجم النفوذ الروسي المنحسر عن تصرفات النظام الذي يعمل بقوة الانفعال الالهية المتضخمة.
كما أنه يتضح للعالم في كل منعطف، حجم تشتت وفوضى المعارضة التي عمل الاصدقاء الدوليون دون الاقليميين على تنظيمها بغير طائل دون نجاح يذكر فالوصايا التي ردّدتها كلينتون وجوبيه وكيري وفابيوس والاستقبالات العديدة من قبل مراكز القرار والتغيرات التي ادخلت في بنية “المجلس الوطني” ومن ثم “الائتلاف” لم تستطع ضخ اية جرعة تعيد تأهيل ما لا أهلية له.
لقد ذهبت ادراج الرياح كل صرخات الشعب السوري الاصدقاء، عن ضرورة ان تنظم المعارضة نفسها وان تخرج الى العالم بوحدة سياسية وميدانية وكل محاولة جديدة تذروها رياح الانقسام والفوضى.
ينشغل العالم كله: هيئات اركان جيوش وادارات خارجية ومراكز دبلوماسية ومكاتب رؤساء ومراكز بحوث منشغل بأمر الضربة العسكرية القادمة ضد مراكز قوة وارتكاز سيطرة بشار الاسد العسكرية بتحطيمها نزع انيابه الكيماوية وقص اجنحة تفوق الجوي تقابلها بهجة غير مسؤولة لممثلي “المعارضة المدجنة” يظهرون أسرى عادة الاطفال في ليلة العيد كل يمني النفس بهدية غير منظورة بل مشتهاة، تعيد للأذهان قصة انكليزية عن عريف في احدى مخافر ضواحي لندن: كان كل أيام مناوبته الليلية ينتظر حدثا خطيرا تعطيه فرصة القيام بعمل كبير تؤهله لوسام او ترفيع رتبة وفي احدى الليالي تلقى مكالمة عن حريق كبير في منزل في شارع محدد. بغير تفكير وبهيجان حلمي امتطى دراجته الهوائية باتجاه العنوان بمفرده ليقوم بعمل بطولي وحين وصوله تفاجأ ان بيته هو ما أتت النيران عليه.
التاريخ والعقل والتجربة والشبيه من الاحداث، تقول ان العالم والشعب السوري بحاجة لقيادة مؤهلة لاستثمار هذه الضربة التي لن تتوفر دائما انتظرها الشعب السوري سنتين، لمصلحة وطنية عامة شاملة تقتضي ظهور قيادة موحَّدة من خلف هدف واضح وصريح ورؤية ب”خارطة طريق” تلاقي نتائج الضربة قبل حدوثها:
يقتضي الحدث الكبير والخطير ان تتوحد مكونات المعارضة بطريقة واسماء ومكونات غير التي اعتاد الناس على شمّ روائح عجزها وهذا يوجب تقديم مجموعة من شخصيات ذات قيمة اعتبارية في اطار تأهيل ما هو قائم بالفوضى المترفة لمقتضيات الأمر الجلل (تشكيلة حكماء ونخب وطنية ذوي خبرة وعقلانية فضلا عن مرجعيات دينية واجتماعية وعسكرية) الى واجهة المشهد تبث الثقة في شعب تنازعته المهاجر والموت والتدمير والانقسامات الوطنية، هيئة مؤهلة لان تزيل الرعب من قلوب المترددين من (علويين واسماعيليين ودروز ويزيديين وكرد ومسيحيين وعلمانيين والليبيراليين) للعمل معا بوضوح من اجل سوريا الوطن وليس الانتقام.
“بيان نداء” واضح مدروس باسم هيئة مكونات وطنية حقيقية وليس مما في حقيبة تاجر المفرق، تتوجه للجميع: رؤية وخطة عمل، عن اهداف الضربة ودور المعارضة في استثمارها وطنيا لصالح سرعة التغيير من اجل وقف التدهور الحاصل لإجراء تحول بغير فوضى لإعادة بناء سلطة وطنية. وليس بيانات عبثية لأفراد عابثين في المعارضة المهشّمة ذاتيا.
اعادة تفعيل “هيئة اركان الجيش الحر” بشخصية جديدة تزيل اللّبس المتراكم عن فوضى الكتائب المسلحة والعجز المزمن لهيئة الاركان اسيرة الممولين وما اكثرهم، أركان حقيقية عسكرية تعيد الثقة الى الناس بقدراتها وسعة أفقها ونضوج قدراتها العسكرية بخرائط لمراكز ارتكاز السلطة ضرورة واهمية وايجابية ضرب المراكز التي ستلحق الهزيمة بروح السلطة الاجرامية المريضة لمنع الاجرام وليس للانتقام او التلهي بما يخطر ببال مراهق مال سياسي ينطق كمنسق سياسي واعلامي بدل جنرالات حرب.
نداء مشترك بين القيادة السياسية وهيئة الاركان الى القطعات والضباط الذين ما زال النظام يعتمد عليهم لدفعهم وتشجيعهم الى استغلال فرصة الضرب للخروج على النظام والانقلاب عليه واستغلال الفرصة في اسقاطه للدخول في شراكة وطنية جامعة.
باريس 28/08/2013
“المرصد الوطني للشفافية”