الليلة السابقة للسفر، أعدت حقيبتها، وجهزت أمورها، واستعدت لرؤية الكعبة للمرة الأولى. لكن مرض صغيرتي المفاجئ منعها من السفر، حاولت التخفيف عنها حزنها وخيبة أملها، وإقناعها بأن الأعمال بالنيات، وأن الله أرحم منا جميعاً، فهو يتقبل نية العمل الحسن، حتى إن لم يتحقق، وبما أنها انتوت العمرة فالله قد احتسبها لها. لكنها أبت أن تصدقني، وطالبتني بإثبات المعلومة من غوغل. فقلت لها يا ابنتي نحتاج إلى غوغل إسلامي مختص للإجابة عن سؤالك.
لمعت الفكرة في رأسي، وقلت هذا مشروع رائع يمكنني تقديمه لصاحب محرك البحث، فربما أصبح بمصاف عباقرته، ويشتري فكرتي بـ «كم مليون» فأفيد وأستفيد. تخيلت حديثي مع مستر غوغل وانا أعرض عليه مشروعي الخارق:
– صباح الخير «مستر غوغل».
– «غود مورنينغ مام»، كيف أستطيع أن أساعدك؟
– نريد موقع غوغل اسلامياً.
– «غوغول وات»؟.. أي ماذا؟
– «كوول داون».. اهدأ أرجوك، هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الملايين من المسلمين، نريد موقعا للاستفسارات الفقهية والشرعية.
– «آر يو سيريوس؟» هل انت جادة؟ أنا أعرف أنكم يا مسلمين مليون ملة وملة، مذاهب، فرق، جماعات، أحزاب وغيره.
– لا الحال ليس بهذا السوء.. نحن كم مذهب فقط، وكل مذهب فيه كم فرقة.
– وعلى أي مذهب تحبين الغوغل الاسلامي أن يكون؟
– ممم.. لا أدري! يمكنك وضع جواب لكل سؤال متفرع منه عدة اجابات لكل مذهب.
– أنا يا عزيزتي «مستر غوغل» وأعرف ما لا تعرفين. لن يرضى هؤلاء عن اجاباتي، وان وضعتها حسب هذا المذهب سيقومون الدنيا علي، وان وضعتها حسب ذاك سيفجرونني. وسيكفّروني ويفتون بتحريم الدخول على حساباتي، وربما يهدرون دمي وينسفون الكترونياتي. وبصراحة مليارات البشر يعتمدون على خدماتي ولست مستعدا ان أضحي بحياتي من أجلكم.
– «خف علينا يا مستر»، نحن لسنا ارهابيين، ثم أنت سخرت حياتك لتسهيل الأمور على الناس، فسهل أمورنا.
– وماذا سيفعل شيوخ فضائياتكم ودعاتكم الذين يقتاتون على الفتاوى والأسئلة والاجوبة؟
– ربما ستقل أقوالهم وتزيد أفعالهم.
– لكن لديكم فتاوى تخرج عن نطاق المنطق والعلم، كفتاوى رضاع الكبير وتحريم الجلوس على الكراسي، وتحريم دخول النت على المرأة بدون محرم وغيرها؟ كيف أجد إجابات لأسئلة تتعلق بها؟
– والله «منت قليل يا مستر حتى هذه عارفها»؟ أي فتوى مشكوك فيها، غض النظر عنها ولا تضعها في برنامجك.
– «امبوسيبل».. مستحيل. لا أستطيع. خدماتي دائما كاملة شاملة، وإن كان هناك من يسأل فلابد أن أجيب. ثم انتم الورطة معكم كارثية..»ديزاستر». ان قبلت عرضكم، غدا ستغيرون اسمي وتلقبوني بـ «أبي الغوغلاء»، وتلبسونني العمامة والثوب، وتطلقون لحيتي، وربما تدعونني للجهاد، وتقنعونني أن أفجر نفسي انتحاريا. لا يا سيدتي.. «ليف مي ألون» دعوني وشأني. أريد أن اعيش وابتكر وأفيد بلا حمد منكم ولا منة.
فشل المشروع..!
d.moufti@gmail.com
كاتبة كويتية