نقترح على قرّاء هذا الموضوع الذي أثار ضجّة إعلامية دولية، أن يقرأوا، أيضاً، المقال المرفق عن ضحايا الإغتصاب في “الجماهيرية الليبية العظمى”. المرأة ضحية في “المملكة” وفي “الجماهيرية”، وفي غيرها من الجمهوريات والملكيات العربية! لماذا؟
*
الرياض (رويترز) – دافعت السعودية يوم الثلاثاء عن قرار محكمة بمعاقبة امراة تعرضت لاغتصاب جماعي بالجلد 200 جلدة بعدما وصفت الولايات المتحدة الحكم بأنه “مدهش”.
وكانت المرأة الشيعية (19 عاما) من بلدة القطيف بالمحافظة الشرقية ورجل ليس من أقاربها قد اختطفا واغتصبا من قبل سبعة أشخاص في عام 2006.
وحسب التفسير السعودي للشريعة الاسلامية حكمت محكمة بادئ الامر على المرأة بالجلد 90 جلدة وعلى مغتصبيها بالسجن ما بين 10 أشهر وخمس سنوات. وحملت المراة مسؤولية الخلوة برجال من غير محارمها.
وزاد مجلس القضاء الاعلى الاسبوع الماضي العقوبة الى 200 جلدة وستة أشهر في الحبس وعاقب المغتصبين بالسجن ما بين عامين وتسعة أعوام.
وأثار الحكم انتقادات نادرة من جانب الولايات المتحدة التي تسعى لاقناع السعودية بحضور مؤتمر سلام للشرق الاوسط في أنابوليس بولاية ماريلاند الاسبوع المقبل.
وقال متحدث باسم الخارجية يوم الاثنين “أكثر الناس سيجد أن حدوث شئ كهذا مثير للدهشة الى حد ما.”
واتخذت المحكمة ايضا خطوة غير معتادة باتخاذ اجراءات تأديبية ضد محامي الضحية عبد الرحمن اللاحم وسحبت منه القضية لانه تحدث عنها الى وسائل الاعلام.
وقال بيان صدر يوم الثلاثاء وبثته وكالة الانباء السعودية ” وزارة العدل ترحب بالنقد الهادف …والنظام قد كفل حق الاعتراض على الحكم وطلب التمييز دون الاثارة عبر اللجوء الى الوسائل الاعلامية.”
ووبخ البيان وسائل الاعلام لانها لم تحدد أن ثلاثة قضاة وليس واحدا فقط أصدروا الحكم وكررت أن “التهم ثبتت” ضد المراة.
كما كرر هجوم القضاة على اللاحم الاسبوع الماضي قائلا انه “تطاول على مجلس القضاء وعارض الانظمة والتعليمات.”
*
بيان “هيومان رايتس ووتش” حول قضية القطيف
السعودية: عقاب ضحية الاغتصاب لأنها تكلمت علناً
الحكومة تفرض عقوبة مضاعفة على الضحية وتمنع محاميها عن القضية
(نيويورك، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2007) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن محكمة سعودية ضاعفت حكمها بالجلد على ضحية اغتصاب تكلمت علناً عن قضيتها وعن جهودها للسعي إلى العدالة. كما ضايقت المحكمة محاميها ومنعته من متابعة القضية وصادرت ترخيص مزاولة المهنة الخاص به.
وقال مسؤول بمحكمة القطيف العامة، التي أنزلت الحكم يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني إن المحكمة قد زادت من عقوبة المرأة بسبب “محاولتها التهويل والتأثير على القضاء بواسطة الإعلام”. وكانت المحكمة قد حكمت على ضحية الاغتصاب بالسجن ستة أشهر وبمائتي جلدة، أي أكثر من ضعف العقوبة المفروضة في أكتوبر/تشرين الأول 2006 بعد أن راجعت المحكمة السعودية العليا – وهي المجلس القضاء الأعلى– حكمها السابق.
ودعت هيومن رايتس ووتش الملك عبد الله إلى إلغاء الحكم فوراً وإسقاط كل التهم الموجهة لضحية الاغتصاب وأمر المحكمة بالكف عن مضايقاتها لمحاميها.
وقالت فريدة ضيف الباحثة بقسم حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: “هذه امرأة شابة شجاعة تواجه الجلد والسجن لتحدثها علناً عن جهودها للسعي لتحقيق العدالة”، وتابعت قائلة: “ولا يقتصر هذا الحكم على إرسال رسالة إلى ضحايا العنف الجنسي مفادها ألا يلجأن لتوجيه الاتهامات إلى المعتدين في المحاكم، بل أيضاً يعني توفير الحماية والإفلات من العقاب لمرتكبي هذه الجرائم”.
وقالت الشابة المتزوجة إنها قابلت رجلاً تعرفه وعدها بأن يعيد لها صورة قديمة لها. وبعد أن قابلت الرجل في سيارته بالقطيف هاجمتهما عصابة من سبعة رجال واغتصبت كلاً منهما عدة مرات. وعلى الرغم من مطالبات الادعاء بتوقيع أقصى العقوبة على المغتصبين؛ فإن محكمة القطيف حكمت على أربعة منهم بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، وعدد جلدات تراوح بين 80 إلى 1000 جلدة. وأدينوا بالاختطاف، والظاهر أن هذا لأن الادعاء لم يتمكن من إثبات وقوع الاغتصاب. وتناقلت التقارير أن القضاة تجاهلوا دليل الإثبات الخاص بتسجيل فيديو من جهاز هاتف خلوي سجل فيه المهاجمون الاعتداء.
كما أن المحكمة حكمت أيضاً في أكتوبر/تشرين الأول 2006 على كل من المرأة والرجل المغتصبين بتسعين جلدة لكل منهما جراء ما أطلقت عليه “اختلاط غير شرعى”. وهيومن رايتس ووتش قلقة على الأخص من تجريم أي اتصال بين أشخاص غير متزوجين مع الجنس الآخر في السعودية، وهو ما يعيق ضحايا الاغتصاب من السعي للعدالة. ويمكن للمحكمة أن ترى تهمة المرأة بالاغتصاب على أنها اعتراف بوجود علاقات جنسية لها خارج نطاق الزواج (أو “اختلاط غير شرعى”) ما لم تثبت بالدليل القاطع أن هذا الاتصال كان قانونياً وأن العلاقة الجنسية كانت دون موافقة منها.
وفي مقابلة في ديسمبر/كانون الأول، وصفت ضحية الاغتصاب لـ هيومن رايتس ووتش المعاملة التي تلقتها في المحكمة:
“في الجلسة الأولى قال [القضاة] لي: أي علاقة كانت تربطك بهذا الشخص؟ ولماذا غادرت بيتك؟ وهل تعرفين هؤلاء الرجال؟ وسألوني أن أصف لهم المشهد. وراحوا يصيحون في وجهي، ووجهوا لي الإهانات. ورفض القاضي السماح لزوجي بأن يدخل القاعة معي. وقال لي أحد القضاة إني كاذبة لأنني لا أذكر التاريخ على وجه التحديد. وراحوا يقولون: لماذا غادرت بيتك؟ لماذا لم تخبري زوجك [أين كنت ذاهبة]؟”
وقالت فريدة ضيف: “يواجه ضحايا العنف الجنسي في السعودية معوقات كثيرة في النظام القضائي الجنائي”. وأضافت: “والتحقيق معهم وجلسات المحكمة قد تعمق من صدمة الاعتداء الأولية أكثر من احتمال توفيرها للعدالة”.
وأثناء الجلسات الأخيرة منع القاضي المُهنا، قاضي القطيف محامي السيدة أيضاً، وهو عبد الرحمن اللاحم، من دخول المحكمة ومن أي تمثيل لها في المستقبل، دون سبب واضح. كما صادر بطاقة هوية المحامي التي تصدرها وزارة العدل. ويواجه اللاحم جلسة تأديبية في وزارة العدل في 5 ديسمبر/كانون الأول، حيث يمكن أن تتضمن العقوبات الإيقاف عن العمل لمدة ثلاثة أعوام والايقاف من مهنة المحامي.
واللاحم، وهو محامي سعودي معروف بتولي قضايا حقوق الإنسان، كان قد خطط في وقت مبكر من هذا العام لرفع قضية ضد وزارة العدل لفشلها في توفير نسخة له من نص الحكم ضد موكلته بحيث يتسنى له إعداد النقض في الحكم. وعلى الرغم من مثوله في المحكمة والوزارة مرات كثيرة، فلم يحصل على نسخة من ملف القضية أو من الحكم.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يظهر من قرار منع محامي ضحية اغتصاب من الاطلاع على القضية ضعف احترام السلطات السعودية لمهنة المحاماة وللقانون بشكل عام”.
وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول أعلن الملك عبد الله عن البدء في إصلاح قضائي، واعداً بمحاكم متخصصة جديدة وتدريب للقضاة والمحامين. ولا يوجد حالياً سيادة القانون في السعودية، التي لا يوجد بها قانون جنائي مكتوب. ولا يتبع القضاة قواعد إجرائية معينة ويصدرون الأحكام التعسفية التي تتفاوت إلى حد كبير فيما بينها. وكثيراً ما يتجاهل القضاة إصدار الأحكام كتابياً، حتى في القضايا التي يُحكم فيها بالإعدام. وأحياناً ما ينكر القضاة على الأفراد حقهم في التمثيل من قبل محامي. وفي مايو/أيار 2006 طرد قاضي في جدة محامياً من قاعته وكان يترافع في قضية مدنية، وهذا على أساس من انتمائه إلى الطائفة الإسماعيلية، وهي إحدى طوائف المذهب الشيعي. وما زالت المحاكمات ممنوعة على العامة.
*
توضيح من اللاحم حول ما جرى في قضية فتاة القطيف
عقدت في يوم الأربعاء 14/11/2007 في المحكمة العامة بالقطيف جلسة النطق بالحكم في قضية فتاة القطيف والتي كانت ضحية اغتصاب جماعي بشع تم من قبل سبعة من الجناة الذين تجردوا من كل قيم الإنسانية السوية حيث قاموا باختطافها واغتصابها بشكل جماعي تحد تهديد السلاح الأبيض وذلك بتاريخ 1/2/1427هـ حيث عُدلت الأحكام بحق الجناة من قبل مجلس القضاء الأعلى , وقد عُقدت الجلسة بحضور الهيئة القضائية كاملة , والدفاع كما حضرت الناشطة الحقوقية الأستاذه فوزية العيوني وقد حكمت الهيئة القضائية على الفتاة (الضحية) بالسجن ستة أشهر والجلد 200 جلدة بعد أن كان الحكم السابق فقط الجلد 90 جلدة وقد أبدت الفتاة عدم قناعتها بالحكم وطلبها رفعه للتمييز وسيتم تسليمها الحكم بعد عشرة أيام لتقديم اللائحة الاعتراضية عليه , كما عدلت الأحكام الخاصة بالجناة والتي كانت تتراوح قبل الاعتراض على الحكم ما بين السجن 11 شهر وخمس سنوات لتصبح بعد التعديل السجن مدد تتراوح ما بين سنتين وتسع سنوات , مع زيادة في عدد الجلدات.
وحيث أن الفتاة هي من قام بالمطالبة بإعادة النظر بالأحكام من خلال محاميها فإن زيادة الحكم والحالة هذه على الفتاة الضحية يأتي مخالفاً للقاعدة القضائية الراسخة التي تنص على أنه : ( لا يُضَارَّ طاعنٌ في طعنه) لأن الاستئناف حق مكفول للمتهم , ويعتبر من المعايير الرئيسية للمحاكمة العادلة ومتى ما أهملت تلك القاعدة القضائية فإن ذلك يبطن مصادرة ذلك الحق حيث يرهب كل من يريد الاعتراض على الحكم القضائي وخصوصاً في القضايا الجنائية , من أن يعاقب جراء ذلك وتزاد عليه عقوبته وهو ما حدث مع تلك الفتاة التي أرادت فقط العدالة من الشرع والاقتصاص من جلاديها منهم حتى لا يفلت المجرم بجرمه وجريرته .
وقد اعتمدت الهيئة بحكمها على الفتاة بهذه القسوة على أنها سبب في وقوع الجريمة وأنها كانت في خلوة غير شرعية مع شخص أخر مع أن جريمة الخطف تمت في مكان عام كما أكدته محاضر التحقيق وبالتالي فإن أركان الخلوة غير الشرعية مع الشخص الذي كان معها – والذي لم يكن ضمن عداد العصابة التي مارست الجريمة – غير متوافرة في هذه الحالة , ولا سيما وأن الفتاة كانت في حالة إكراه انعدمت فيها إرادتها حيث كانت تحت تهديد ذلك الشخص بصورة شخصية لها وكل ذلك ثابت من خلال محاضر التحقيق التي كانت بين يدي القضاة وسجلات مكالمات الهاتف الواردة لهـاتف الفـتاة من قبل ذلك الشخص , كما أن الصورة سلمت في محضر رسمي في الشرطة , وكنا نأمل أن تراعي الهيئة كل تلك الحيثيات وأن تستحضر روح الشريعة ومقاصدها الكبار في تشريع العقوبة وخصوصاً في المسائل التعزيرية فما أصاب تلك الفتاة لا يمكن مقارنته بأي عقوبة تعزيرة على فرض ثبوت تهمة الخلوة . وعلى أقل تقدير أن تكون تلك الشبه مدخلاً لدرء العقوبة عنها في ظل الجريمة ( الأكبر ) التي وقعت عليها واستحضار قرينة البراءة حيث أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته , وتفعيل قاعدة تفسير الشك لصالح المتهم ولا سيما وأن القاعدة الأصولية تنص على أن ( الدليل متى ما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال), إلا أنه و للأسف لم يحدث شيء من هذا وحكم على الضحية بهذا الحكم بالغ القسوة .
أما الادعاء بأن الفتاة كانت سبباً في الجريمة التي وقعت عليها فهو أمر مثير للغرابة ومخالف لأبسط قواعد المنطق السليم حيث أن ذلك الادعاء قد يفهم منه بأن جريمة الاغتصاب ليست مجرمة بذاتها وأنها خاضعة لاعتبارات أخرى وهو أمر أعتقد أنه مخالف لما يفترض أن تكون عليه العقوبات المقررة بالشريعة فالزنا على سبيل المثال سلوك مجرم دون أية اعتبارات أخرى حتى ولو افترض أنه برضا الطرفين فهو عمل مجرم دون أية اعتبارات أخرى فالدفع بأن المرأة كانت بمعية شخص أخر وقت حدوث الجريمة دفع غير منتج في الدعوى إطلاقاً ولا يغير من بشاعة جريمة الاغتصاب والخطف والتهديد بالسلاح التي تعتبر سلوكاً مجرماً بحد ذاتها متى ما اكتملت شروطها وأركانها , ولنا أن نتساءل في هذا الصدد : ماذا لو قام شخصٌ أو أشخاص باختطاف فتاة كانت في خلوة مع شخص آخر وقتلوها فهل نقول بناءً على منطق الهيئة القضائية مصدرة الحكم , بأنها كانت سبب في جريمة القتل وأن دمها والحالة هذه هدر ولا يقام الحد على قتلتها؟
وقد فوجئنا في بداية الجلسة وقبل أن نتكلم كلمة واحدة غير إلقاء السلام، بتلاوة قرار أصدرته الهيئة القضائية يقضي بمنعي من الترافع بالقضية وسببته بأني أمارس (اللدد بالخصومة) “ومعناها الإنسان الذي يجادل بالباطل” وكيفت الأعمال التي قمت بها من خلال القنوات الرسمية على أنها ( لدد في الخصومة) مع أنني فقط طالبت بتطبيق النص الشرعي والقانوني، وهو واجب تمليه عليً مهنتي، وكلها موثقة ومؤصلة بالنصوص القانونية السارية والتي كان لها الأثر المباشر في نقض الأحكام وكأن الهيئة القضائية كانت تنتظر منا أن نسلم ونرضخ لحكمها وإجراءاتها غير القانونية حتى نسلم من وصمة (الألد الخصم) التي وصمتنا به الهيئة القضائية ,في حالة أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها حالة من التشفي والانتقام وفقدان التوازن.
ومن المؤسف أن يحاول القضاة الالتفاف على الحقيقة , ويتجاوزوا السمت القضائي ويدعو زوراً بأنه قد صدرت مني ألفاظاً مسيئة لهم في الجلسة , الأمر الذي استدعى إبعادي عنها , وهو ما يخالف الحقيقة حيث لم تصدر مني أية ألفاظ سواءً كانت مسيئة أو غير مسيئة لأني لم أتحدث إطلاقاً إلا بإلقاء التحية عليهم ولتي لم تلق رداً منهم , وكل ما حدث كان بشهادة وحضور السيدة فوزية العيوني و ولي الفتاة و الفتاة نفسها , وهم أحياء يستطيعون أن يقولوا كلمة الحق فيما حدث , لكن وللأسف أصبح القضاة في ظل الثقافة التقليدية السائدة , فوق الشك والمساءلة وتدثروا بوشاح القداسة الذي يحصنهم حتى من المطالبة بأبسط الحقوق, ويطلق لهم العنان للتجني على الخلق دون أن يكون لهم خطام أو زمام .
كما أن منعي من الترافع في القضية في هذه المرحلة ينم عن مصادرة لحق موكلتي في الدفاع وكان يجدر بالهيئة القضائية إذا ما كانت تستحضر قيم العدالة المجردة أن ترفع الجلسة لحين تمكينها من توكيل محام آخر يحضر معها .
كما قامت الهيئة القضائية بمصادرة تصريح المحاماة الخاص بي في تنكر لأبسط القواعد القانونية الواردة في نظام المحاماة الذي نظَّم عملية التعاطي مع المخالفات التي يُزعم بأنها صدرت من المحامي حيث حددت المواد (29-إلى -27) من نظام المحاماة تلك الإجراءات على سبيل التفصيل كما أن المادة الثالثة عشرة نصت على أنه ” مع مُراعاة ما ورد في المادة الثـانية عشرة، للمُحامي أن يسلُك الطريق التي يراها نـاجِحة في الدِفاع عن موكِلُه، ولا تجوز مُساءلتُه عمَّا يورِدُه في مُرافعتِه كتابياً أو مُشافهة مما يستلزمُه حق الدِفاع.”
مما يؤكد على أن قيام الهيئة القضائية بمصادرة تصريحي من تلقاء نفسها دون التقيد بالإجراءات القانونية المتبعة في هذا الشأن يعد مخالفة جسيمة وتنكراً للقاعدة القانونية وتمرداً على الوثائق القانونية الصادرة من الدولة كما أنه سلوك ينبئ عن طريقة التعاطي السلبي من قبل بعض الذهنيات القضائية التقليدية مع مهنة المحاماة وينال من استقلاليتها .
وقد أبلغت في اليوم ذاته من قبل وزارة العدل بأن هناك دعوى تأديبية مقامة ضدي وستكون أولى جلساتها في تاريخ 25/11/1428هـ ومع التزامنا بحضور الجلسة المقررة واحترامنا للنصوص القانونية التي تحكم تعاطي وزارة العدل مع المحامين وفق القواعد والمعايير المحددة في نظام المحاماة , والتي لا تجيز مصادرة رخصة المحاماة قبل أن تتم إجراءات المحاكمة التأديبة وإلا أصبحت تلك المحاكمة صورية لأنها حكمت مسبقاً ونفذت الحكم بمصادرة التصريح قبل المحاكمة , مما يفترض الإدانة المسبقة ويخالف قرينة البراءة , و نخشى أن يكون وراء تحريك مثل تلك الدعوى هو قيامنا بالترافع في قضايا مرفوعة ضد بعض الهيئات التي اكتسبت على مرور الزمن , حصانة عن المساءلة وكذلك ترافعنا عن رموز أضمرت لها بعض التيارات الدينية عداءً بسبب أفكارها وآرائها , كما نأمل ألا تكون تلك الدعوى التأديبية بداية لإجهاض النفس الحقوقي المتنامي في السعودية والمؤسس على الثوابت الدينية والسياسية في البلد في ظل تنامي هامش حرية الرأي والتعبير والذي سمح بمجال معقول من الحركة نحو التغيير والتحديث .
ومن المؤسف أن تصدر تلك الإجراءات التعسفية ضد الدفاع مع أنه قد تعاطى مع القضية منذ توليها بعد صدور الأحكام الأولى وفق القنوات الرسمية حيث تواصلنا مع وزير العدل ورئيس هيئة حقوق الإنسان ولهيئات القضائية باختلاف درجاتها وذلك بخطابات متعددة وبينا الخطأ في الإجراءات المتبعة في إدارة القضية والإشكاليات الشرعية والقانونية في الحكم الذي أصدرته على موكلتي وعلى الجناة , وكان الهدف هو التأكد من عدم إفلات الجناة من العدالة وإنقاذ تلك الفتاة الضحية التي فاقم الحكم من حالاتها النفسية بدل أن يكون منصفاً لها من الجناة ومعيداً لكرامتها المسلوبة .
علماً أنه وبعد رفع الحكم إلى مجلس القضاء الأعلى وأعيد بعد دراسته إلى المحكمة العامة بالقطيف بتوصيات زيادة العقوبة على الجناة وعلى الفتاة الضحية وتم إبلاغي من قبل ولي الفتاة في رمضان الفائت بموعد الجلسة التي خصصتها الهيئة القضائية للنطق بالحكم بعد التعديل فسافرت في اليوم المحدد إلى القطيف ودخلت مكتب الشيخ / سعد المهنا, وأبلغني بأنه يتعين عليّ إحضار الفتاة إلى الجلسة , فذكرت له بأنني أملك وكالة شرعية تخولني سماع الحكم وتعطيني الحق في الاعتراض عليه لذا لا ضرورة لحضور الفتاة إلى المحكمة , التي ستعيدها إلى أجواء الأزمة من جديد وستفتح الجرح الذي بدأ يندمل كما أن الإصرار على إحضارها وسط أولئك الجناة الذين ساهموا بشكل مباشر في اغتيال أنوثتها والعدوان على مستقبلها سلوك يخالف المنطق والحس الإنساني فكيف تجيز المحكمة أن تجلس ( الضحية) مع جلاديها في قاعة واحدة ؟ مع أن النصوص القانونية لا توجب ذلك , وذكرت له بأن هناك تقارير طبية موثقة بهذا الشأن وتمنيت عليه أن ينظر إلى الأمر من الناحية الإنسانية البحتة قبل أي اعتبار آخر وخصوصا وأن المادة الأربعون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية تنص على أنه : ( يجب على المُتهم في الجرائم الكبيرة أن يحضُر بنفسِه أمام المحكمة، مع عدم الإخلال بحقِه في الاستِعانة بمن يُدافِع عنه. أمَّا في الجرائم الأُخرى، فيجوز لهُ أن يُنيب عنه وكيلاً أو مُحامياً لتقديم دفاعِه، وللمحكمة في كُل الأحوال أن تأمُر بحضورِه شخصياً أمامِها.) والتهمة الموجهة لموكلتي ليست من الجرائم الكبيرة بناءً قرار سمو وزير الداخلية رقم (1245) وتاريخ 23/7/1423الذي حدد الجرائم الكبيرة بأربعة عشر جريمة و ليس منها ( الخلوة غير الشرعية) إلا أن القاضي أصر على موقفه واستشهد بعجز المادة المذكورة , وأجبته بأن الجلسة إنما هي للنطق بالحكم , وبالتالي لن يتم هناك مرافعات , أو سماع بينات فيها يستلزم حضور المجني عليها , وخصوصاً وأن حالتها الصحية لا تسمح إطلاقاً بالمثول وسط الجناة أنفسهم , وبعد أن أصر القاضي على موقفه , أخبرته بأنني سأخبر وليها بالأمر , ومتى ما حُددت جلسة أخرى سأحضر برفقتها , أما بخصوص حضورها أمام الجناة ؛ فإن قيمي التي أحملها , و أؤمن بها , وقواعد مهنتي لا تسمح لي بأن أجبرها , أو حتى أسمح بتمرير هذا المسلك الذي يتعارض والحس الإنساني السليم , وسأعارض هذا الإجراء أمام الجهات القضائية العليا , وهو الموقف الذي يبدو بأن الهيئة القضائية اعتبرته ( لددٌ بالخصومة) فتمت معاقبتي وموكلتي على أساسه .
وبناءً على الإجراءات التي تمت من قبل الهيئة القضائية , والتي نعتقد أنها انحراف بالمشروعية , ومخالفة للقواعد القانونية التي تحكم الخصومة , وحيث أن ما تم في حقي لا يستند إلى نص شرعي , أو قانوني , فإني سأخاصم الهيئة القضائية مجتمعة أمام الجهات المختصة , حيث لا يمكن السكوت على تلك الانحرافات , وعلى وزارة العدل أن تبين موقفها حيال ما حدث , لأن القضاة ليسوا فوق المساءلة , بل لابد أن تفرض عليهم رقابة صارمة , من أجل ضمان تطبيق القانون , وعدم الانحراف به , أو التنكر لنصوصه وقواعده الآمره , أو أعطائهم الفرصة لتصفية حسابات شخصية على حساب وظيفتهم القضائية .
كما لا يفوتنا في هذا الصدد بأن نذكر بأن الهيئة القضائية قد أخرجت الناشطة الحقوقية الأستاذه فوزية العيوني من قاعة المحكمة مع أن الجلسة علنية حيث أنها جلسة نطق بالحكم ومحكومة بالمادة الثانية والثمانون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية والتي تنص على : (يُتْـلَى الحُكم في جلسة علنية ولو كانت الدعوى نُظِرت في جلسات سرية، وذلك بحضور أطراف الدعوى. ويجب أن يكون القُضاة الذين اشتركوا في الحُكم قد وقَّعوا عليه، ولابُد من حُضورِهم جميعاً وقت تلاوتِه ما لم يحدُث لأحدِهم مـانِع من الحضور. ويجب أن يكون الحُكم مُشتمِلاً على اسم المحكمة التي أصدرته وتاريخ إصدارِه وأسماء القُضاة، وأسماء الخصوم، والجريمة موضوع الدعوى، ومُلخص لِما قدَّمهُ الخصوم من طلبات أو دِفاع، وما اُستُنِدَ عليه من الأدلة والحُجَّج ومراحِل الدعوى، ثم أسباب الحُكم ونصُه ومُستندُه الشرعي، وهل صدر بالإجماع أو بالأغلبية.) وبالتالي لا يحق للهيئة القضائية أن تجعلها سرية , وهذا يؤكد على أن هناك استخفافاً بالوثائق القانونية التي شرعتها الدولة من أجل حماية حقوق الناس ولتحديد صلاحيات القاضي , مما يجد معه تدخلاً من الجهات المعنية في وزارة العدل , لوقف هذا التجاوزات المتكررة , والتأكيد على سيادة القانون , وأن لا أحد فوقه حتى القضاة أنفسهم .
لقد احتوت قضية فتاة القطيف معظم الإشكاليات التي يعاني منها القضاء الشرعي في السعودية حيث تتم إدارة الخصومة بشكل تقليدي ولا يتم تطبيق النصوص القانونية الخاصة بالدعاوى الجزائية أو غيرها , ولا يلتزم بالحد المقبول من معايير المحاكمة العادلة وعلى وجه الخصوص استحضار قرينة البراءة المبنية على القاعدة الشرعية الراسخة ( المتهم بريء حتى تثبت إدانته) وتغيب القيم الإنسانية , ورح العدالة , بقيمها المجردة .
إننا وفي ظل هذه الإجراءات المؤسفة ما زلنا واثقين ومتفائلين بالخطوات الإصلاحية التي ينتهجها الملك عبد الله بن عبد العزيز لإصلاح القضاء , وأن ما يحدث من ممانعة من بعض الشرائح القضائية التقليدية , ما هو إلا مخاض لانبثاق واقع قضائي جديد , ولا زلنا على قناعة تامة بأن … ثمة وطن يولد من جديد .
عبد الرحمن بن محمد اللاحم
محام (موقوف)
صدر بمدينة الرياض 17/11/2007
*
وهذا نص الخطاب الذي كان بداية الاعتراض على الحكم, ومن ثم أصبح (لدد في الخصومة) وقد أرسل لمعالي وزير العدل 27/11/1427هـ
صاحب المعالي الدكتور / عبد الله بن محــمــــــــد آل شيخ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالوكالة عن السيدة / …….. أتقدم لمعاليكم بالتماس التحرك وفق الأسس الشرعية والنظامية وضمن المعايير الحقوقية والاتفاقيات والصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وذلك بشأن قضية الخطف والاغتصاب تحت تهديد السلاح الأبيض الذي تم ضد موكلتي وتناقلتها وسائل الإعلام وعرفت بقضية ( فتاة القطيف) .
حيث كانت موكلتي ضحية اغتصاب جماعي بشع تم من قبل سبعة من الجناة الذين تجردوا من كل قيم الإنسانية السوية حيث قاموا باختطافها واغتصابها بشكل جماعي تحد تهديد السلاح الأبيض وذلك بتاريخ 1/2/1427هـ وقد قامت الأجهزة الأمنية المختصة بمباشرة التحقيق مع الجناة وملاحقة الهاربين منهم وبعد انتهاء التحقيق تم توجيه تهمة الحرابة لهم وأحيلت القضية إلى المحكمة العامة بالقطيف ونظرتها هيئة قضائية رأسها فضيلة القاضي سعد المهنا وعضوية كل من فضيلة القاضي / عقيل العقيل وفضيلة القاضي /إبراهيم السياري وأصدرت حكمها في تاريخ 9/10/1427هـ بدرء حد الحرابة والحكم على المتهمين بعقوبات تعزيرية متفاوتة من سنة إلى خمس سنوات والحكم على موكلتي ( المجني عليها ) بالجلد تسعين جلدة , وقد أبدى المدعي العام قناعته بالحكم الصادر بشأن أولئك الجناة ولم يبد اعتراضه على الحكم الذي لم يستجب لمطالبه المبينة في قرار الاتهام .
وقد صدمت موكلتي وذويها بهذا الحكم الذي لم يكن متساوياً مع الجرم البشع الذي قام بها أولئك الجناة ولا يتسق لا من قريب ولا من بعيد مع مجريات التحقيق الذي أعترف فيه الجناة بجريمتهم ومثلوها أمام رجال التحقيق ولاسيما وأننا نطبق شرع الله الذي حفظ للناس أعراضهم ووقف في وجه كل من ينتهكها أو يحاول المساس بها كما أنها لا تتفق مع السوابق القضائية المماثلة أو في قضايا العنف المشابهة، والتي كان من أخرها ما نشرته الصحف هذا اليوم (الثلاثاء 21/11/1427هـ )حيث أصدرت محكمة حائل العامة حكماً يقضي بسجن مطلق النار على مدير تعليم حائل للبنين الدكتور عثمان العامر تسعة عشر عاماً بالإضافة إلى جلده ثلاثة آلاف جلدة.
وقد تحركنا أمام هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة الشرقية للاعتراض على الإجراء الذي اتخذه المدعي العام بقبوله للحكم وأفادنا سعادة رئيس الادعاء العام بأن القضية لم تحرك من قبل الهيئة وإنما الذي قام بوظيفة الادعاء فيها شرطة محافظة القطيف وبالتالي أعددنا خطاباً مشابهاً لسعادة رئيس شرطة محافظة القطيف وأودع برقم 12084 وتاريخ 12/11/1427هـ وبينا فيه أن المدعي العام لا يملك الصلاحية القانونية التي تخوله القبول بالحكم والحيلولة دون أن يستكمل الحكم كافة إجراءات التقاضي بما فيها طلب رفعه لمحكمة التمييز .
كما أننا طلبنا وبخطاب رسمي من صاحب الفضيلة رئيس الهيئة القضائية الشيخ / سعد المهنا تزويدنا بصورة من الحكم المذكور لمعرفة حيثياته وأسبابه ومدى مطابقة الوقائع مع مجريات التحقيق والأسس الشرعية والنظامية للحكم وذلك لتمكيني من ممارسة عملي وتقديم المعونة القانونية لموكلتي بالشكل المهني المطلوب وفق ما نص عليه نظام المحاماة ونظام الإجراءات الجزائية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان , حيث أنه لا يمكن من الناحية العملية التحرك بالمطالبة بالحق الخاص دون الاطلاع على الحكم بالحق العام لارتباط الوقائع في الجريمة , إلا أن فضيلته رفض الطلب متعللا بأنه تمت القناعة بالحكم من أطرفه وبالتالي لا يمكن نظاماً تزويدنا بالحكم على حد قوله .
وحيث أن ابداء القناعة من قبل المدعي العام وقع مخالفاً للقانون وأثر بشكل مباشر بحقوق موكلتي بالاقتصاص من الجناة وردعهم وإعادة اعتبارها وحقها المسلوب من قبل أولئك الجناة وحيث أن المدعي العام يمثل المجتمع في المطالبة بإيقاع العقوبات الشرعية على الجناة الذين يرتكبون الجرائم والتي لا تقع على المجني عليه وحده وإنما تقع على المجتمع بالدرجة الأولى ومن حق المجتمع بل ومن واجبه من خلال المؤسسات النظامية أن يدافع عن نظمه وشرائعه وأمنه في مواجهة الجناة والمطالبة بإنزال العقوبات المقررة عليهم ، حيث أن هذه الإجراءات تعد من صلب وظيفة المدعي العام الذي يفترض أن يكون حريصاً على الذود عن حياض المجتمع والدفاع عن حرماته وأمنه وفق النصوص الشرعية والأنظمة المرعية .
إن وضع المدعي العام هو وضع الخصم في أي دعوى ولما كان للخصم الطعن على الأحكام التي تصدر ضده أو تلك التي لا تلبي مطالبه فإن للمدعي العام باعتباره خصماً في دعوى الحق العام أن يطعن على الأحكام التي تصدر ولا تلبي طلباته المؤسسة على المهام الأساسية لوظيفته وأصول مهنته وهي تمثيل المجتمع والدفاع عنه في مقابل من يريد النيل من أمنه واستقراره .
لذا فإن إبدء القناعة من قبل المدعي العام في هذه القضية على بشاعتها يخالف كل المبادئ السابقة ويخالف في الوقت ذاته أصول وقيم وظيفة المدعي العام التي تحتم عليه بحكم نيابته عن المجتمع أن يستنفذ كافة درجات التقاضي وفقاً للتسلسل الجنائي المعمول به في المملكة العربية السعودية .
إن السؤال الحقيقي الذي تقتضيه المبادئ القضائية الراسخة وقواعد العقل والمنطق في هذا السياق : كيف يقرر المدعي العام قناعته بالحكم وهو لم يقرأه ويتفحص أسبابه وحيثياته ومدى تطابق الوقائع وتكييفها التكييف الصحيح ومعرفة الأسانيد الشرعية والنظامية ؟ هذا إذا استحضرنا الطريقة المتبعة في المحاكم في تلاوة الحكم والتي تنحصر فقط في منطوق الحكم دون تلاوة حيثياته وأسانيده .
ولاسيما وأنه لا يوجد نص نظامي يعطي المدعي العام صلاحية ( إبداء القناعة ) في نظام هيئة التحقيق والادعاء العام أو في نظام الإجراءات الجزائية حيث نصت المادة الثالثة من نظام الهيئة في الفقرة (د) والتي تبين اختصاصات الهيئة على ” د- طلب تمييز الأحكام.” دون أي ذكر لحق المدعي بالحق العام بالتنازل عن طلب التمييز أو إبدء القناعة .
وجاء في نظام الإجراءات الجزائية المادة الثالثة والتسعون بعد المائة ما نصه :
يحق للمتهم وللمدعي العام والمدعي بالحق الخاص طلب تمييز كل حكم صادر في جريمة بالإدانة، أو بعدمها، أو بعدم الاختصاص. وعلى المحكمة إعلامهم بهذا الحق حال النطق بالحكم. كما نصت المادة الرابعة والتسعون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية على :
مدة الاعتراض بطلب التمييز ثلاثون يوماً من تاريخ تسلم صورة الحكم. وتحدد المحكمة بعد النطق بالحكم موعداً أقصاه عشرة أيام لتسلم صورة الحكم، مع إثبات ذلك في ضبط القضية وأخذ توقيع طالب التمييز على ذلك وفي حالة عدم حضوره لتسلم صورة الحكم تودع في ملف الدعوى في التاريخ نفسه، مع إثبات ذلك في ضبط القضية بأمر من القاضي ويعد الإيداع بداية لميعاد الثلاثين يوماً المقررة لطلب تمييز الحكم. وعلى الجهة المسؤولة عن السجين إحضاره لتسلم صورة الحكم خلال المدة المحددة لتسلمها، وكذلك إحضاره لتقديم اعتراضه في المدة المحددة لتقديم الاعتراض.
وجاء في المادة الثالثة عشر بعد المائة من النظام نفسه ما نصه : ” الأحكام النهائية هي الأحكام المكتسبة القطعية بقناعة المحكوم عليه أو تصديق الحكم من محكمة التمييز أو مجلس القضاء الأعلى بحسب الاختصاص. ” وهذا يدل على أن القناعة إنما هي للمحكوم عليه ولم يعط هذه الصلاحية للمدعي بالحق العام.
لذا فوكالة المدعي العام مقيدة وليست مطلقة وكان يفترض أن يلتزم بحدود صلاحياته الممنوحة له من ولي الأمر وأن يتحرك وفق الأسس والقيم التي تمليها عليه وظيفته , ولا نعلم ما هو الضير في الاعتراض على الحكم في قضية بمثل هذا الحجم والتي هزت المجتمع وأصبحت حديث الشارع ما دام أن الحكم بعد الاعتراض عليه سيعرض على مجموعة من القضاة أكثر تأهيلاً وخبرة كما أن فيه إبراءً للذمة أمام الله عز وجل .
أما فيما يخص حقنا القانوني في استلام نسخة من الحكم والذي رفضه فضيلة القاضي دون سند قانوني فإن هذا الإجراء يخالف منطوق المادة التاسعة عشر من نظام المحاماة والتي نصت على : ” على المحاكم وديوان المظالم واللجان المشار إليها في المادة ” الأولى ” من هذا النظام والدوائر الرسمية وسلطات التحقيق أن تقدم للمحامي التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه, وأن تمكنه من الاطلاع على الأوراق وحضور التحقيق, ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ مشروع.”
كما أن استلام نسخة من الحكم يعد حقاً أساسياً لموكلتي ويدخل في نطاق حقها في الدفاع لأنه لا يمكن أن تتمتع بالمعونة القانونية دون تمكينها من الاطلاع على نص الحكم كاملاً ولا يمكن مصادرة هذا الحق بأي حجة أو ذريعة ولا سيما وأنه لا يوجد نص قانوني في نظام الإجراءات الجزائية الذي يحكم الدعوى يقضي بالامتناع عن تسليم الحكم بل نصت المادة الثالثة والثمانون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية على ” كل حكم يجب أن يسجل في سجل الأحكام ثم يحفظ في ملف الدعوى خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره وتعطى صورة رسمية منه لكل من المتهم والمدعي العام والمدعي بالحق الخاص إن وجد، ويبلغ ذلك رسمياً لمن ترى المحكمة إبلاغه بعد اكتسابه صفة القطعية.”
وبعد تلك النصوص القانونية الآمرة لا نجد لامتناع صاحب الفضيلة عن تسليمنا صورة من صك الحكم المذكور أي مستند شرعي أو نظامي بل هو إعاقة لممارسة عملي وفق الأصول المهنية وتجريد موكلتي من حقها الأساسي في أخذ المعونة القانونية ولا نعلم ما هو الضير من إطلاعنا على الحكم مادام أن فضيلته يعتقد أن الحكم قد صدر وفق القواعد الشرعية والأنظمة المرعية وأن حق الاستئناف على الحكم حق أساسي لأطراف الدعوى كما أنه يعد أحد المعايير المعتبرة للمحاكمة العادلة .
صاحب المعالي
إننا ونحن نتقدم إليكم بهذا الالتماس لنستأذن معاليكم في إيراد جملة من النصوص الواردة في بعض الاتفاقيات والإعلانات الخاصة بحقوق الإنسان والتي نعتقد أن لها علاقة بهذه القضية مع قناعتنا التامة بأن شريعتنا الغراء أكدت عليها وأيدتها وحمتها وشرعت النصوص من أجل الذود عنها وحمايتها من الانتهاك .
حيث نصت المادة الثامنة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على أن : ( لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون ) وجاء في المادة الثانية عشرة ما نصه : ( لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنة أو مراسلاته ولا لحملات تمس شرفه وسمعته ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات .) .
كما نصت المادة الثانية فقرة (د) من إعلان القاهرة والذي تمت إجازته من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة العالم الإسلامي في القاهرة في 5/ اغسطس/ 1990م على :
( سلامة جسد الإنسان مصونة ولا يجوز الاعتداء عليها كما لا يجوز المساس بها بغير مسوغ شرعي وتكفل الدولة حماية ذلك .) , كما نصت الفقرة (أ) من المادة الثامنة عشرة من النظام ذاته على :
( لكل إنسان الحق في أن يعيش آمنا على نفسه ودينه وأهله وعرضه وماله .)
وجاء في المادة الثالثة والعشرين من الميثاق العربي لحقوق الإنسان والمعتمد من قبل القمة العربية السادسة عشرة والمصادق عليه من قبل المملكة العربية السعودية : ( تتعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المنصوص عليها في هذا الميثاق حتى لو صدر هذا الانتهاك من أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية ) .
صاحب المعالي
إننا إذ نشيد بالتعاطي الإيجابي من قبلكم مع وسائل الإعلام فيما يتعلق بمرفق القضاء إلا أننا نستأذن معاليكم في إيراد بعض الملاحظات على البيان الصادر من قبل الوزارة والتعليق المنسوب لمعاليكم حول القضية في بعض الصحف المحلية
حيث أجاب البيان الصادر من الوزارة عن التساؤلات المشروعة التي أطلقها البعض حول عدم اعتماد الفحص الطبي والأدلة الجنائية الحديثة إذ ارجع ذلك إلى أن زوج موكلتي قد رفض هذا وكأن الجهات المختصة بحاجة إلى الاستئذان في أدائها لمهامها وواجباتها تجاه المجتمع بل كان من واجب تلك الجهات أن تسارع إلى إحالة الضحية إلى الجهات الطبية للاحتفاظ بالأدلة قبل زوالها دون طلب من أحد لأن هذا هو صلب علمها .
كما أن البيان أشار إلى الحكم على موكلتي بالجلد تسعين جلدة دون أن يشير هل كان ذلك بناءً على طلب من المدعي العام وصاحب الصلاحية النظامية في تحريك الدعوى العام أم كان فقط من قبل القاضي الذي لا يملك صلاحية تحريك الدعوى العامة او نظرها دون أن تحال إليه من جهة الإدعاء المخولة بممارسة الادعاء والتحقيق وإذا كان الأمر على هذا النحو ولم تكن هناك دعوى جنائية ضد موكلتي فإن فضيلة القاضي قد مارس عملا مزدوجاً حيث نصّب نفسه قاض ومدع عام في الوقت ذاته الأمر الذي لا تجيزه الأنظمة وعلى وجه الخصوص نظام الإجراءات الجزائية , مع أن جريمة الخطف تمت في مكان عام كما أكدته محاضر التحقيق وبالتالي فإن أركان الخلوة غير الشرعية مع الشخص الذي كان معها غير متوافرة في هذه الحالة , ولا سيما وأن الفتاة كانت في حالة إكراه انعدمت فيها إيرادتها حيث كانت تحت تهديد ذلك الشخص بصورة شخصية لها وكل ذلك ثابت من خلال محاضر التحقيق التي كانت بين يدي القضاة وسجلات مكالمات الهاتف الواردة لهـاتف الفـتاة من قبل ذلك الشخص , كما أن الصورة سلمت في محضر رسمي في الشرطة .
كما أن البيان لم يورد السبب في عدم إعمال قرار هيئة كبار العلماء قرار رقم 85 وتاريخ 11\ 11\ 1401هـ والذي نص على : (أ- إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا ، المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة ، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض ، أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق ، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحاري والقفار ، كما هو الراجح من آراء العلماء – رحمهم الله تعالى – . )
فإذا كان أصحاب الفضيلة القضاة قد درؤوا الحد عن أولئك الجناة لماذا لم يوقعوا عليهم ذات العقوبة على وجه التعزير أو يوقعوا عقوبة تتساوى مع تلك الجرائم الشنيعة؟
وقد نسبت جريدة الحياة في أحد أعدادها الصادر في يوم زيارتكم للقطيف نسبت لمعاليكم تصريح جاء نصه : (واستغرب الوزير ممن «يساوي مرتكبي حادثة «النهضة» مع المتهمين في قضية فتاة القطيف، إذ أن الأخيرة تتحمل الجزء الأكبر من مسببات وقوع الجريمة»، في إشارة إلى أنها كانت في خلوة غير شرعية مع مرافقها.))
.
وقد يفهم من هذا التصريح المنسوب لمعاليكم بأن جريمة الاغتصاب ليست مجرمة بذاتها وأنها خاضعة لاعتبارات أخرى وهو أمر أعتقد أنه مخالف لما يفترض أن تكون عليه العقوبات المقررة بالشريعة فالزنا على سبيل المثال سلوك مجرم دون أية اعتبارات أخرى حتى ولو افترض أنه برضا الطرفين فهو عمل مجرم دون أية اعتبارات أخرى فالدفع بأن المرأة كانت بمعية شخص أخر وقت وقع الجريمة دفع غير منتج في الدعوى إطلاقاً ولا يغير من بشاعة جريمة الاغتصاب والخطف والتهديد بالسلاح التي تعتبر سلوك مجرم بحد ذاتها متى ما اكتملت شروطها وأركانها .
لذا وبناءً على ما سبق فإنني التمس منكم ونيابة عن موكلتي ……… :
• التوجيه بإحالة الحكم المذكور إلى محكمة التمييز لاستكمال الإجراءات القضائية المعتبرة
• تمكيننا من تسلم نسخة من الحكم حتى نواصل مهمتنا بالدفاع عن وموكلتي وفق الأسس المهنية المعتبرة .
ولمعاليكم وافر الشكر والتقدير
مقدمه لمعاليكم
الوكيل الشرعي عن المجني عليها المحامي / عبد الرحمن بن محمد اللاحم
مواضيع ذات صلة:
“هيومان رايتس ووتش”: وأد البنات مستمرّ في ليبيا
ضحايا “الإغتصاب” سجينات مدى الحياة وبرسم “الإقتناء” للراغبين
السعودية تردّ على “هيومان رايتش ووتش” في قضية فتاة القطيف
أشغلتمونا بقضية فتاة القطيف
وقلنا الكم إن المجتمع يعرف التفاصيل // وأن الستر واجب
ولكن للأسف ساهمتم أنتم ومن معكم من حقوقيين بهتك ستر الفتاة وإعلان الحكومة أنها ضبطت في وضع زنا !! وهو ما كانت الحكومة تتجنبه كعادتها الموضوع في مجتمع مثل المجتمع السعودي المغلق /// ولكن ضغط جماعات الحقوق والجهات الخارجية جعل هذه الحقيقة تظهر
أقول : إنكم تسببتم بمضاعفة العقوبة النفسية على الفتاة مئات المرات وليتكم سكتم .
السعودية تردّ على “هيومان رايتش ووتش” في قضية فتاة القطيف
من المهم ان تنال هذه القضية ماتستحقه وان يؤدي تناولها في الاعلام الى تسليط الضوء على قضائنا الأعرج.. واستئثار بعض المتعصبين بالقرار فيه…
واذا كانت وزارة العدل وقضاتها ابرياء فلماذا يخافون من نشر التفاصيل في الأعلام؟
ثم من هي الجهة التي يحق لها فعلا ايقاف تراخيص المحاماة..؟ ولماذا يصبح الامر تصفية حسابات شخصية او ايديولوجية ضيقة مع محامين معينين…
انها عدة قضايا في قضية واحدة
السعودية تردّ على “هيومان رايتش ووتش” في قضية فتاة القطيفقبل أن أتكلم أقول : من السهل نقد أي منظومة ثقافية بأعين منظومة ثقافية أخرى فمثلا من السهل على الثقافة الإسلامية أن تجرم اللواط ولكن الثقافة الغربية ستستنكر هذا التجريم وتعده هو الجريمة !!!!! ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: سأورد لكم بعض ما جاء في بيان وزارة العدل الذي لم تنشروه : (بتصرف واختصار ) 1 ـ أنه لم يثبت بالأدلة القطعية وجود اغتصاب ولكن المتهمين اعترفوا في التحقيق وأنكروا في القضاء ولوجود قرينة اعترافهم فقط ولقوله عليه السلام ادرؤوا الحدود بالشبهات فإن المحكمة عزرتهم . 2ـ حين حكمت المحكمة على جميع المتهمين المرة الأولى… قراءة المزيد ..
السعودية تردّ على “هيومان رايتش ووتش” في قضية فتاة القطيفبلاد تعاقب بها الضحية ومن يتنصرون لها. شيئ غريب و عجيب. غريب بقدر غرابة بعض حكايات شهرزاد (رحمها الله ألف رحمة و رحمة) و عجيب بقدر عجائب الدنيا السبعة. طبعا هؤلاء القضاة متشبعون بروح الإسلام ومتعمقون في أصول الشريعة ( أو هم يضنون!) يصولون ويجولون بلا رقابة ويعيثون في الأرض عجائبا وغرائب – مريعة – في ظل وبمباركة آل سعود. هم و ظلامييهم أفرغوا الإسلام من معناه و مفهومه و فحواه. هؤلاء لا يستحقون الكعبة الكريمة في ديارهم. ليت الكعبة ترفع عنهم الى أرض أخرى حتى تسقط عنهم كنية “خدم الحرمين… قراءة المزيد ..
السعودية تردّ على “هيومان رايتش ووتش” في قضية فتاة القطيف
أنا لا أستغرب من الحكم على الفتاة فكما صرح وزير العدل بأنها تتحمل الجزء الأكبر من سبب الجريمة
ولكني أستغرب الأحكام التي أصفها بالمخففة ضد المغتصبين لأن 10 سنوات سجنا ليست شيئا
وخطأ الفتاة لا يكون مبررا بحال من الأحوال لجريمة أخرى
أتمنى أن تصدر محمكمة التمييز حكما بقتلهم أو قتل زعمائهمم
وأن تعفو عن الفتاة باعتبار ما أصابها أكبر من أي عقوبة ممكنة
ملحوظة :
لم توردوا رد وزارة العدل كاملا وهذا مخالف لإبداء وجهات النظر !!!
السعودية تردّ على “هيومان رايتش ووتش” في قضية فتاة القطيف
القرون الوسطى الجديدة والتخلف بعينه : جلد – قطع اليد – قطع الرقاب – رجم الزانية .
علاج ذلك هو تطبيق القوانين المدنية والقضاء الحديث .