أعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أنّه وجّه دعوة الى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لزيارة الرياض، مبديا استعداد السعودية “للتفاوض مع طهران”. سبق هذه الدعوة قبل ايام موقف سعودي تحدث عن وقف المفاوضات السرية بين البلدين على خلفية احداث اليمن، حيث تتّهم السعودية ايران بدعم الحوثيين وغيرهم في مواجهة مشروع الاستقرار في الحديقة الخلفية للسعودية. بين هذين الموقفين السعوديين نقلت وكالة أنباء “فارس” الايرانية في تقرير لمراسلها انه “اكتشف” من خلال وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي أنّ “أيّا من الفضائيات المتطرفة التي تحسب نفسها شيعية، ولها مكاتب في بعض المدن الايرانية، لا تملك ترخيصا بالنشاط في ايران” وأنّ “المحطات الشيعية المتطرفة”، بحسب وصف الوكالة الايرانية، التي عدّدها التقرير، تلقّت تنبيهات من الوزارة وهي معرّضة للإغلاق في حال لم تلتزم بوقف الضرر الذي تحدثه من خلال برامجها.
وكانت جريدة الشرق الاوسط السعودية قد نشرت قبل ايام تقريرا لمراسلها عن هذه المحطات، تضمّن اشارة الى ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعث رسالة الى المسؤولين الايرانيين تطلب إغلاقها… ومن المعروف ان هذه المحطات شكلت احد عناوين الخلاف السعودي – الايراني بسبب ما تبثه من برامج تزيد من الشرخ المذهبي بين المسلمين، فضلا عن التداعيات السياسية السلبية التي تندرج في اطار المسّ بالشؤون الداخلية للدولة السعودية. وهي الوجه الآخر لمحطات فضائية سلفية سنية تمارس من جهتها فعل تعميق الشرخ السني – الشيعي، وتتهم السعودية من قبل جهات ايرانية وشيعية بدعمها.
فهل ما تقدّم يكشف عن تطوّر مهم في العلاقة الايرانية – السعودية يمكن التعويل عليه، ام هي بهلوانية دبلوماسية يمارسها الايرانيون والسعوديون معا؟ خصوصا أنّ حجم الملفات الشائكة بين الدولتين لا يوحي بإمكانية حلّها في وقت قريب… هذا اذا توفرت النوايا الحسنة. وفي سورية يستمرّ الاشتباك السعودي – الايراني، وان حققت ايران تقدما في الميدان العسكري السوري. وفي العراق الاشتباك مستمرّ، من دون تفاؤل كبير بما ستحمله الانتخابات التشريعية في هذا البلد، من تغيير جوهري في معادلة الحكم وقاعدته الاميركية – الايرانية في العراق. وفي اليمن اظهرت الاحداث الأخيرة أنّ ايران قادرة على تعطيل مسار بناء السلطة اليمنية، من خلال الدعم العسكري الكمي والنوعي للحوثيين في اليمن وللحراك الجنوبي.واذا اضفنا إلى كلّ ذلك ما قاله الجنرال حميد صفوي عن أنّ حدود ايران تمتدّ الى جنوب لبنان وشواطىء المتوسط، وما تؤكده قيادة الحرس الثوري عن ان الاستراتيجية الدفاعية الايرانية هي خارج ايران.
اي أنّها تمتلك قدرة الدفاع على خوض الحروب خارج ايران ومن دون حاجة الى استخدام الجيش الايراني… فإنّ ذلك كله يجعل من الصعوبة بمكان توقع حصول تطور في العلاقة السعودية – الايرانية وحصول انفراجات في هذه الملفات المتفجرة. فإيران التي تستجمع اوراق القوة الاقليمية، تستعرض أيضا القوة الصاروخية، في موازاة تصعيد كلامي لمرشد الجمهورية علي خامنئي يظهر نوعا من التشدّد في مفاوضاتها مع الغرب حول ملفها النووي. في المقابل تشدّد القيادة السعودية أنّ مفتاح تطوّر العلاقة مع ايران هو وقف اندفاعة الحرس الثوري في العراق واليمن وسورية ولبنان، ولا شيء لدى المملكة لتقدمه غير استعدادها الانفتاح على ما يبشّر به خطاب الرئيس حسن روحاني من رغبة في العمل على اعادة ضم ايران الى الجسم العربي الاسلامي.المسار الايراني – السعودي هو اقرب الى حركة الشد والجذب، وصعود وهبوط، ومساحة اختبارات متبادلة، بمتابعة اميركية… يتوقّع بعدها ان يلبي وزير خارجية ايران دعوة نظيره السعودي.
ولأنّ الضائقة الاقتصادية في ايران هي المحرك لسياسة مدّ الجسور الايرانية مع الغرب والشرق، فإنّ نجاح هذه السياسة بات معلّقا على حسم الملف النووي الايراني على طاولة الدول الستّ، لحساب الاتفاق. وقبل ذلك لا جديد مرتقب في علاقة ايران الخارجية مع السعودية.
alyalamine@gmail.com
البلد